ريال مدريد يصطدم بدورتموند مجدداً... ومهمة سهلة تنتظر آرسنال وفيلا

يوفنتوس لمواصلة التقدم على حساب شتوتغارت وسان جيرمان للعودة إلى سكة الانتصارات في الجولة الثالثة لدوري الأبطال

لاعبو أرسنال خلال التدريبات قبل مواجهة شاختار أوروبيا (ا ف ب)
لاعبو أرسنال خلال التدريبات قبل مواجهة شاختار أوروبيا (ا ف ب)
TT

ريال مدريد يصطدم بدورتموند مجدداً... ومهمة سهلة تنتظر آرسنال وفيلا

لاعبو أرسنال خلال التدريبات قبل مواجهة شاختار أوروبيا (ا ف ب)
لاعبو أرسنال خلال التدريبات قبل مواجهة شاختار أوروبيا (ا ف ب)

يحلّ بوروسيا دورتموند الألماني ضيفاً على ريال مدريد الإسباني حامل اللقب اليوم في إعادة لنهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم الموسم الماضي، في الجولة الثالثة لدوري أبطال أوروبا التي تشهد 8 مباريات أخرى يبرز منها لقاء يوفنتوس الإيطالي ضد شتوتغارت الألماني، وآرسنال الإنجليزي مع شاختار دونيستك الأوكراني، وأستون فيلا مع بولونيا الإيطالي.

لاعبو دورتموند يتطلعون لمواجهة ثأرية أمام الريال بعد نهائي الموسم الماضي (د ب ا)

على ملعب سانتياغو برنابيو في مدريد، سيكون على دورتموند، الذي يعاني من أداء متذبذب وانتقادات متواصلة للمدرب نوري شاهين، إظهار أفضل قدراته أمام الريال الطامح لانتصار جديد في معقله.

وبعد أن كان مرشحاً للخروج من دور المجموعات العام الماضي، بلغ دورتموند نهائي المسابقة على ملعب ويمبلي في يونيو (حزيران)، بعد تطور مستواه بشكل ملحوظ مع تقدم الموسم.

وخلال النهائي هيمن دورتموند على الشوط الأول وأجزاء من الشوط الثاني، لكنه سقط أمام خبرة ريال مدريد في المناسبات الكبرى؛ حيث تلقى هدفين في آخر ربع ساعة ليخسر 2-0.

ورغم الإنجاز القاري، دفع المدرب إدين ترزيتش ثمن الموسم المحلي السيئ وأقصي من منصبه بعد الحلول خامساً، ليتسلم مساعده شاهين مكانه.

وخاض شاهين الذي بدأ مسيرته كناشئ في صفوف دورتموند، ثمّ كانت له محطات قصيرة كلاعب في ريال مدريد وليفربول الإنجليزي، عشر مباريات في جميع المسابقات.

لكنه سيواجه الآن الاختبار الأصعب منذ توليه المسؤولية؛ حيث يعاني الفريق الألماني من انعدام ثبات ولا يزال يبحث عن هوية تكتيكية.

بيلينغهام يتطلع لاستعادة بريق الموسم الماضي مع الريال (رويترز)cut out

وبعد أن استهل دورتموند الموسم بفوز على آينتراخت فرانكفورت 2-0، تعرض لاحقاً لخسارة مذلة أمام شتوتغارت 1-5، وبات يحتل حالياً المركز السابع في «البوندسليغا»، وما يشفي صدور جمهوره بعض الشيء هو تصدره لمجموعة دوري الأبطال التي يشارك فيها هذا الموسم 36 فريقاً، بعد فوزين على كلوب بروج البلجيكي وسلتيك الاسكتلندي.

وسيفتقد دورتموند خدمات العديد من عناصره الهجومية البارزة، على غرار كريم أديمي والبلجيكي جوليان دورانفيل والأميركي جيوفاني رينا والمدافع صاحب النزعة الهجومية البرازيلي يان كوتو. وانتقد شاهين المستوى الدفاعي لفريقه قائلاً: «إنها مشكلة. ليست مقبولة أبداً، يجب أن نؤدي بشكل أفضل».

وجاء كلام شاهين بعد الفوز بشق الأنفس لدورتموند على سانت باولي الصاعد حديثاً بفضل هدف الغيني سيرهو غيراسي في الدقيقة الـ83. وأضاف شاهين: «لقد تلقينا هدفاً مماثلاً أمام سلتيك عندما لم ندافع بشكل جيد، كما تلقينا هدفاً آخر كذلك أمام أونيون برلين، والآن حدث ذلك مرة أخرى».

ومن حظ دورتموند السيئ أنّ ريال سيكون في أعلى درجات تركيزه لتعويض خسارته المفاجئة أمام ليل الفرنسي بهدف وحيد في الجولة السابقة. ويبدو أنّ الريال قد بلغ ذروة مستواه عقب بداية بطيئة للموسم بقيادة نجمه الجديد الفرنسي كيليان مبابي الذي نجح في التسجيل في 5 من آخر 6 مباريات له في الدوري.

ومع أنّ مبابي لم يكن موجوداً في نهائي دوري الأبطال الموسم الماضي، لكنّ دورتموند يملك تجربة كبيرة بمواجهة الفرنسي. وسبق أن تواجها عندما كان مبابي لاعباً في صفوف باريس سان جيرمان الفرنسي 4 مرات الموسم الماضي، ونجح دورتموند في الحدّ من خطورة المهاجم الفرنسي الدولي الذي لم يسجل سوى هدف واحد فقط جاء من ركلة جزاء.

وبعدما ضرب لاعب الوسط الدولي الإنجليزي جود بيلينغهام بقوة في موسمه الأول في صفوف ريال مدريد بتسجيله الكثير من الأهداف ومساهمته في إحراز فريقه ثنائية الدوري المحلي ودوري أبطال أوروبا، بيد أن موسمه الثاني لم يقنع حتى الآن.

بدأ بيلينغهام، الذي انضم للريال في صفقة ضخمة بلغت 112 مليون دولار، الموسم الماضي بتسجيله 10 أهداف في 10 مباريات في الدوري المحلي ودوري الأبطال، في المقابل، وبعد خوضه 9 مباريات هذا الموسم في مختلف المسابقات لم يزر الشباك إطلاقاً. وسيكون على بيلينغهام مواجهة فريقه السابق دورتموند في إعادة للنهائي القاري الماضي.

وأظهر ابن الـ21 بعض الإحباط في بداية الموسم الحالي حيث أوكل إليه مدرب الفريق الإيطالي كارل أنشيلوتي مهام أكثر دفاعية في وسط الملعب، لا سيما بعد قدوم مبابي، وأحياناً على الجهة اليسرى من خط الوسط كما حدث خلال الفوز على سلتا فيغو 2-1، السبت، وهو مركز جديد له. وبدا لاعب خط الوسط مرهقاً في الأشهر الأخيرة من الموسم وعانى من مشاكل في الكتف والكاحل ولم يظهر بيلينغهام في أفضل مستوياته مع إنجلترا في كأس أوروبا 2024 على الرغم من بلوغ «الأسود الثلاثة» النهائي، باستثناء هدفه الرائع من ركلة مقصية ضد سلوفاكيا في الدور ثمن النهائي.

وفي 15 مواجهة بين الريال ودورتموند في المسابقة القارية المرموقة، فاز الملكي الإسباني، المتوج باللقب 15 مرة قياسية في 7، وتعادل في 5، وانتصر دورتموند في 3.

وبعد فوزه اللافت على باريس سان جيرمان 2-0، يبحث آرسنال عن مواصلة عروضه القارية القوية بمواجهة شاختار الأوكراني. ويتطلع آرسنال لتعويض عثرته المحلية بعدما تلقى فريق شمال لندن خسارة صادمة أمام بورنموث 0-2 في المرحلة الثامنة من الدوري الإنجليزي، ما أبعده بفارق 4 نقاط عن ليفربول متصدر الترتيب وثلاث عن مانشستر سيتي الثاني.

وأكد الإسباني ميكل أرتيتا، مدرب آرسنال، على أن الهزيمة أمام بورنموث التي كانت الأولى للفريق محلياً هذا الموسم ستكون حافزاً للرد بقوة عندما يستقبل شاختار. وكان آرسنال تعادل دون أهداف في مباراته الأولى أمام أتلانتا الإيطالي، ثم حقق الفوز 2-0 على ضيفه باريس سان جيرمان ليحتل المركز الـ13 برصيد 4 نقاط من مباراتين في نظام دوري الأبطال الجديد.

وقال أرتيتا: «دعونا نرد بقوة بعد الهزيمة المحلية... علينا أن نمضي قدماً ونستغل الألم الذي نعانيه في مواجهة شاختار، عانينا في مباراة بورنموث بسبب طرد مدافعنا ساليبا، نريد حل أزمة البطاقات الحمراء، الأمر واضح، يتعين علينا التركيز». ولم يحقق شاختار أي فوز في مشواره بدوري أبطال أوروبا بعد تعادله دون أهداف أمام بولونيا وهزيمته 3-0 أمام أتلانتا الإيطالي.

ويبدو أستون فيلا مرشحاً قوياً للفوز على ضيفه بولونيا الإيطالي، خصوصاً بعد أن نجح الفريق الإنجليزي في انتزاع فوز تاريخي على العملاق الألماني بايرن ميونيخ 1- صفر بالجولة الثانية.

ويتطلع يوفنتوس الإيطالي إلى فوز ثالث، عندما يستقبل شتوتغارت الألماني. ومتسلحاً بفوزه على لاتسيو 1-0 في الدوري المحلي، يأمل فريق «السيدة العجوز» في مواصلة بدايته الجيدة بالمسابقة القارية، في حين يأمل شتوتغارت، وصيف «البوندسليغا» الموسم الماضي، بنفض غبار الخسارة القاسية أمام بايرن ميونيخ 0-4، السبت، في الدوري.

ويتطلع ميلان الإيطالي إلى تحقيق فوزه الأول بعد خسارتين، عندما يستضيف كلوب بروج البلجيكي. واستهل ميلان الفائز باللقب القاري 7 مرات، المسابقة بخسارتين، آخرهما على أرض باير ليفركوزن بطل ألمانيا 1-0.

ورغم الخسارة، أشار مدربه الجديد البرتغالي باولو فونسيكا إلى أن الفريق خرج بإيجابيات عدّة وقال: «هذه هي المباراة التي أحببتها أكثر من أي شيء آخر منذ وصولي. في الشوط الثاني، لعبنا مباراة رائعة. صنعنا الكثير من الفرص لكننا لم نستطع التسجيل. نشعر بالحزن وخيبة الأمل للنتيجة، لكنني راضٍ عن أدائنا».

ويسعى سان جيرمان للعودة إلى سكة الانتصارات قارياً بعد الخسارة أمام آرسنال في الجولة السابقة عندما يخوض على ملعبه بارك دي برانس مواجهة تبدو في متناوله أمام آيندهوفن الهولندي؛ حيث تغيب جماهير الفريق الزائر لتفادي أعمال شغب.

وقال مدرب الإسباني لويس إنريكي، مدرب سان جيرمان، بعد الخسارة الأخيرة أمام آرسنال: «كنا نعلم أنها ستكون مباراة صعبة، في ظل الضغط الشديد من جانب المنافس. لقد فشلنا في التعامل مع هذا الضغط، لكننا نتعلم وسنعوض في المباريات المقبلة». وفي بقية مباريات اليوم، يلتقي موناكو الفرنسي مع سرفينا زفيداد الصربي، وشتورم غراتس النمساوي مع سبورتينغ لشبونة البرتغالي، وجيرونا الإسباني مع سلوفان براتيسلافا السلوفاكي. دورتموند يعاني محلياً لكنه يسير بخطى ثابتة قارياً ويتطلع للثأر لخسارة النهائي السابق أمام الريال


مقالات ذات صلة

«لا ليغا»: أتليتكو يتلقى هزيمته الأولى بنيران صديقة

رياضة عالمية دييغو سيميوني حزيناً بعد الهزيمة الأولى لأتليتكو في الليغا (رويترز)

«لا ليغا»: أتليتكو يتلقى هزيمته الأولى بنيران صديقة

مُني أتليتكو مدريد بهزيمة ثانية في غضون 5 أيام وأولى في الدوري الإسباني لكرة القدم هذا الموسم.

«الشرق الأوسط» (إشبيلية)
رياضة عالمية فالنسيا فشل في الفوز على خيتافي واستمر بمؤخرة الجدول (إ.ب.أ)

«لاليغا»: فالنسيا يفرّط بالفوز... ويستقر في القاع

فرّط فالنسيا بفوزه الثاني هذا الموسم، واكتفى بالتعادل مع مضيفه خيتافي 1 - 1، الأحد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية جدل واسع حول إساءات عنصرية تعرض لها لامين يامال في «الكلاسيكو» (أ.ب)

الحكومة الإسبانية تنضم إلى تحقيق في إساءات عنصرية خلال «الكلاسيكو»

أدانت الحكومة الإسبانية ورابطة الدوري الإسباني لكرة القدم ونادي ريال مدريد بشدة، الأحد، إساءات عنصرية مزعومة ضد لاعبي برشلونة خلال مباراة «الكلاسيكو».

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية لامين يامال تألّق في مواجهة الكلاسيكو ضد ريال مدريد (أ.ب)

يامال: برشلونة أفضل فريق في العالم

يعتقد لامين يامال أن برشلونة هو «أفضل فريق في العالم» بعد فوزه في الكلاسيكو 4-0 على غريمه ريال مدريد.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية أنشيلوتي كان عاجزاً عن تقديم المساعدة الحقيقية للاعبيه (أ.ب)

​بعد رباعية برشلونة المذلة... ما المشاكل التي يعاني منها ريال مدريد؟

إن أفضل طريقة لفهم مدى الضرر الذي لحق باللوس بلانكوس بعد الهزيمة برباعية نظيفة على يد غريمه التقليدي برشلونة هي رؤية رد فعل الفريق في الوقت بدل الضائع

The Athletic (مدريد)

جون دوران... قصة صعود سريع وخيالي لمهاجم كولومبيا الواعد

دوران على الأرض (يسار) يسجل ثاني أهداف أستون فيلا في مرمى بولونيا الإيطالي بدوري الأبطال (إ.ب.أ)
دوران على الأرض (يسار) يسجل ثاني أهداف أستون فيلا في مرمى بولونيا الإيطالي بدوري الأبطال (إ.ب.أ)
TT

جون دوران... قصة صعود سريع وخيالي لمهاجم كولومبيا الواعد

دوران على الأرض (يسار) يسجل ثاني أهداف أستون فيلا في مرمى بولونيا الإيطالي بدوري الأبطال (إ.ب.أ)
دوران على الأرض (يسار) يسجل ثاني أهداف أستون فيلا في مرمى بولونيا الإيطالي بدوري الأبطال (إ.ب.أ)

بات دوران التهديد الأكبر لإزاحة واتكينز هداف أستون فيلا من التشكيلة الأساسية بمجرد أن تتحدث إلى أشخاص لعبوا دوراً أساسياً في مسيرة مهاجم أستون فيلا الشاب جون دوران، ستظهر على الفور بعض الصفات المشتركة -لاعب موهوب للغاية، ويمتلك قدرات فنية وبدنية هائلة، ويقدِّر الحياة العائلية، ويحتاج إلى النصح والتوجيه. قبل ثلاثة أسابيع استمتع المهاجم الكولومبي البالغ من العمر 20 عاماً بأفضل لحظة في مسيرته الكروية مع أستون فيلا عندما أحرز هدف الفوز المذهل من على بُعد 25 ياردة في دوري أبطال أوروبا في مرمى عملاق ألمانيا بايرن ميونيخ، كان هذا هو الهدف السادس لدوران، وخامس هدف يمنح أستون فيلا الفوز رغم مشاركته في دقائق قليلة بديلاً هذا الموسم. وعاد النجم الكولومبي الشاب ليؤكد أنه يستحق اللعب وقتاً أطول عندما سجل الهدف الثاني لفيلا في مرمى بولونيا الإيطالي الثلاثاء الماضي، في الجولة الثالثة لدوري الأبطال، ليمنح فريقه أفضل بداية في أول مشاركة بدوري الأبطال منذ 41 عاماً بتحقيق ثلاثة انتصارات شارك بها متصدري الترتيب بتسع نقاط دون أن تتلقى شباكه أي أهداف.

جماهير فيلا وقعت في عشق دوران سريعاً وهو ردَّ لها الجميل بهدف الفوز التاريخي على عملاق ألمانيا (إ.ب.أ)

براعة دوران المبكرة جعلت منه أصغر لاعب أجنبي على الإطلاق يحترف في الدوري الأميركي لكرة القدم، قبل أن يخطفه أستون فيلا في سباق مع أندية أوروبية كبرى.

في الحقيقة، يُعد هذا صعوداً سريعاً للغاية لأحد أصغر الهدافين في تاريخ كرة القدم الكولومبية.

يقول مدرب الشباب ويلبيرث بيريا مينا، الذي التقى دوران لأول مرة عندما كان يبلغ من العمر 14 عاماً في ناديه الأول إنفيغادو، لـ«بي بي سي»: «قلنا له آنذاك إنه اليوم هنا في ملاعب إل دورادو، لكنه غداً قد يلعب في أفضل الملاعب في العالم ويواجه أفضل اللاعبين في العالم. لقد ضحك عندما أخبرتُه بذلك، لكنني أعتقد أن هذا الحلم قد تحول إلى حقيقة».

اكتشفه سيباستيان بيلزر، المدير الفني لفريق شيكاغو فاير الأمريكي، بالصدفة تقريباً في أثناء متابعة زميل آخر له في الفريق، وقال إنه أدرك على الفور أن دوران يمكن أن يصبح نجماً في الدوري الإنجليزي الممتاز.

يُذكر أن إنفيغادو هو نادٍ كولومبي يفتخر كثيراً بأكاديميته للناشئين التي تزخر بكثير من المواهب الشابة الرائعة. ومنذ تأسيس النادي في عام 1989، لم يفز بأي بطولة كبرى حتى الآن، لكنه أنتج كثيراً من اللاعبين الدوليين الذين لعبوا في دوري أبطال أوروبا مثل خاميس رودريغيز، وخوان فرناندو كوينتيرو، وماتيوس أوريبي، وفريدي غوارين، وياسر أسبريا.

دوران يحتفل مع لاعبي فيلا بعدما سجل أهم هدف خلال مسيرته في مرمى البايرن (رويترز)

وفي وقت سابق من هذا العام، قال المركز الدولي للدراسات الرياضية إن إنفيغادو يحتل المرتبة الثانية بعد أتلتيك بلباو الإسباني في العالم من حيث منح أكبر عدد من الفرص للاعبين الشباب. لذا، كان هذا هو النادي المثالي لجون جادر دوران -كما يُعرف في وطنه- للانضمام إليه في سن الحادية عشرة، رغم اضطراره إلى ترك منزل عائلته في مدينة ميديلين، ثاني أكبر مدينة في كولومبيا، لتحقيق هذا الحلم.

ومع ذلك، تحسنت الأمور عندما أحضر النادي عائلته لتعيش معه في الشقة. قال بيريا: «لحُسن الحظ أنه تمكن من إحضار عائلته لتعيش بالقرب منه. إنها عائلة متواضعة للغاية ومجتهدة وصادقة، وجميع أفرادها طيبون للغاية. قد يبدو دوران متقلب المزاج في المباريات، لكنه شخص قريب جداً من عائلته. في كثير من الأحيان قد لا نرى ذلك على أرض الملعب، لكنَّ جون شخص نبيل وهادئ، وإذا اقتربت منه ستدرك على الفور أنه شخص رائع من الداخل».

كان بيريا هو المدرب الذي قرر تغيير مركز دوران من الجناح إلى المهاجم، وكان دائماً ما يُريه مقاطع فيديو لأفضل الهدافين -بما في ذلك أسطورة أستون فيلا ومنتخب كولومبيا خوان بابلو أنخيل. يقول بيريا: «كان جون شخصية صعبة، بل معقدة في بعض الأحيان، لكنني كنت أعرف كيف أتعامل معه. بالنسبة لي، من المهم للغاية أن أفهم طبيعة الشخص أولاً، ثم أفهمه كلاعب كرة قدم. كانت هذه التفاصيل مهمة للغاية، لأن طفولته لم تكن سهلة على الإطلاق».

دوران يحتفل بهدفه في مرمى بولونيا (إ.ب.أ)

انضم دوران إلى الفريق الأول لنادي إنفيغادو في سن الخامسة عشرة -وأصبح ثاني أصغر لاعب يسجل هدفاً في الدوري الكولومبي الممتاز بعد فترة وجيزة. يقول بيريا: «كنت أعلم أنه سيكون لاعباً رائعاً، لأنه كان يؤمن بقدراته، كان يعلم أنه قادر على فعل أشياء عظيمة. لقد نجح في استغلال موهبته، لأننا كنا نعلم أنه قادر على تقديم المزيد والمزيد. إنني أشعر بسعادة غامرة لأنه حقق أشياء عظيمة. ونحمد لله الذي أعطانا الحكمة الكافية لتوجيه هذا اللاعب الممتاز». بعد أشهر، لفت دوران انتباه الألماني بيلزر، مدافع بلاكبيرن الإنجليزي سابقاً والمدير التقني لفريق شيكاغو فاير، ونجح في ضمه إلى الدوري الأميركي.

يقول بيلزر: «في ذلك الوقت ذهبت لمشاهدة لاعب كنا نسعى للتعاقد معه من البداية وهو كارلوس تيران. شارك جون بديلاً في وقت لاحق من المباراة، وكان من السهل أن ترى مدى براعته. لقد كان موهوباً للغاية، كان سريعاً بشكل لا يصدَّق، ويخلق الكثير من المشكلات للمدافعين في الألعاب الهوائية. وبفضل تجربتي في إنجلترا، أدركت على الفور أنه يمكنه اللعب يوماً ما في الدوري الإنجليزي الممتاز».

لكن نقطة التحول الكبرى حدثت عندما نشرت صحيفة «الغارديان» مقالاً بعنوان «الجيل القادم 2020: 60 من أفضل المواهب الشابة في كرة القدم العالمية»، وهي القائمة التي ضمت دوران. يقول بيلزر عن ذلك: «بعد بضعة أسابيع، نشرت صحيفة (الغارديان) القائمة، وبدأ السباق على التعاقد مع اللاعب، كان الوقت يمضي بسرعة، وكان هناك كثير من الفرق الأخرى التي تطارده ونجحنا في ضمه إلى شيكاغو. مرة أخرى، لعبت الجذور العائلية لدوران دوراً كبيراً في المفاوضات... خلال فترة تفشي فيروس كورونا، كان يتعين علينا أن نكون مبدعين، فكان يتعين علينا أن نتواصل مع العائلة، لكنَّ ذلك لم يكن سهلاً على الإطلاق. نجحنا في فعل ذلك أخيراً، وأظهرنا لعائلته كيف يمكن أن يتطور معنا. لقد أجرينا كثيراً من المحادثات مع عائلته، وهو الأمر الذي ساعدنا كثيراً في تلك اللحظة».

وفي يناير (كانون الثاني) 2021، أصبح دوران البالغ من العمر 17 عاماً أصغر لاعب دولي يوقِّع لنادٍ في الدوري الأميركي لكرة القدم -مقابل 2.5 مليون دولار (1.8 مليون جنيه إسترليني). لكنه لم يتمكن من الذهاب إلى هناك إلا بعدما بلغ 18 عاماً -لذلك أمضى العام التالي على سبيل الإعارة مع إنفيغادو. بالإضافة إلى اللعب والتدريب مع ناديه الكولومبي، كان يحضر جلسات تدريبية فردية أسبوعياً مع فريق شيكاغو فاير.

يقول بيلزر: «كان من المهم بالنسبة لنا أن يستعد بشكل جيد، وقد عملنا على تدريبه وتطويره في كثير من الأشياء، مثل السرعة والجوانب الخططية، وكثير من تدريبات القفز. وكنا نلاحظ أن أرقامه تتحسن كل أسبوع ويسير بالفعل في الاتجاه الذي يجعلك تؤمن بأنه سيصل إلى مستويات جيدة».

يقول بيلزر: «بالنسبة إلى صبي صغير قادم من أميركا الجنوبية إلى بلد مثل الولايات المتحدة، كان الأمر مختلفاً تماماً، فالمدينة ضخمة للغاية مقارنةً بالمكان الذي أتى منه، وكان يتعين عليه بالطبع أن يتكيف مع ذلك. لقد كان على طبيعته تماماً، أظهر الكثير من الأشياء المشجعة في أول ظهور له مع الفريق. وكان ذلك مثيراً للإعجاب للغاية. إنه يمتلك موهبة كبيرة، وعندما انضم إلينا كان الأمر يتعلق بمحاولة استغلال كل إمكاناته ومساعدته على التركيز على عمله. لقد كنا ندرك تماماً أنه سيصل إلى مستويات مبهرة لو ركز على عمله وبذل قصارى جهده».

سجل دوران هدفاً واحداً في النصف الأول من الموسم، لكنه سجَّل سبعة أهداف أخرى في النصف الثاني من الموسم وانتهى به الأمر أفضل هداف للفريق بثمانية أهداف في 28 مباراة. ثم جاء مسؤولو أستون فيلا وتعاقدوا معه رغم المنافسة من أندية أخرى. يقول بيلزر: «كان أستون فيلا هو الذي تقدم بأفضل عرض مالي لإتمام التعاقد معه، كانوا أيضاً جادّين للغاية في المفاوضات وبذلوا كل الجهود لإتمام الصفقة».

وفي يناير (كانون الثاني) 2023، جعل الإسباني أوناي إيمري، المدير الفني لأستون فيلا، دوران الصفقة الثانية للفريق بمقابل 14.75 مليون جنيه إسترليني، بالإضافة إلى مكافآت مالية أخرى بقيمة 3.3 مليون جنيه إسترليني. يقول بيلزر: «لم نكن ساذجين لنعتقد أنه سيبقى هنا مع شيكاغو فاير إلى الأبد. إنه الطموح الذي يجب أن يمتلكه اللاعب عندما نحاول التعاقد معه، ومن المهم أن يرغب في المضي قدماً في مرحلة معينة لأن ذلك يُظهر شخصيته وقدرته التنافسية، وهذا هو ما أظهره دوران بالفعل».

وبعد 38 دقيقة فقط من مسيرته مع أستون فيلا، سدد كرة رائعة على الطائر اصطدمت بالعارضة في مباراة فريقه أمام مانشستر سيتي. ومع ذلك، لم يشارك دوران إلا في 12 مباراة في ذلك الموسم -كلها شارك فيها بديلاً- بمعدل 10 دقائق فقط في المباراة الواحدة، دون أن يسجل أي هدف. وخلال الموسم الماضي، تطور مستوى دوران بشكل كبير وبدأ يجذب الأنظار إليه، على الرغم من أنه لم يستطع الدخول في التشكيلة الأساسية للفريق بشكل منتظم بسبب المستويات الرائعة التي يقدمها المهاجم الإنجليزي الدولي أولي واتكينز.

سجل دوران ثلاثة أهداف في الدوري الأوروبي بما في ذلك التصفيات، وخمسة أهداف أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز -بما في ذلك هدفان في آخر خمس دقائق من المباراة التي انتهت بالتعادل مع ليفربول بثلاثة أهداف لكل فريق في مايو (أيار) الماضي. وخلال فترة الانتقالات الصيفية الماضية، أثار دوران حالة من الجدل بعدما أشارت تقارير إلى أنه وافق على الشروط الشخصية للانتقال إلى وست هام. ولو كانت هذه الخطوة قد اكتملت، لكان هذا ثالث انتقال للاعب الكولومبي الشاب قبل بلوغه 21 عاماً، لكن أستون فيلا لم يوافق على رحيله. وقال لاعب خط وسط أستون فيلا السابق توماس هيتزلسبيرغر: «يعود الفضل في الإبقاء على خدمات دوران إلى المدرب إيمري. عندما يكون لديك لاعب يريد الرحيل، فعادةً ما يدعه المدير الفني يرحل. لكنَّ إيمري وضع ذراعه حوله وأخبره بأنه سيحصل على فرصته وأن الفريق بحاجة إليه. وما يحدث الآن يعد أفضل دليل على صدق إيمري، الذي أحدث تطوراً هائلاً في مستوى اللاعب، وبات يشركه لدقائق أكثر ولو بديلاً».

بدأ دوران هذا الموسم بشكل مذهل، حيث سجل سبعة أهداف في 400 دقيقة شارك فيها مع فيلا، من بينها هدفه الرائع والحاسم في مرمى بايرن ميونيخ. وقبل ذلك كان قد سجل هدف الفوز الرائع أيضاً وبنفس الطريقة من مسافة بعيدة في مرمى إيفرتون.

لكن هدفه في البايرن ربما يكون اللحظة الأبرز في مسيرته الكروية عندما سدد من فوق الحارس المخضرم مانويل نوير، ليقود أستون فيلا لتحقيق فوز تاريخي يُلهب حماس الجماهير المحتشدة في ملعب «فيلا بارك».

وقال زميله في أستون فيلا، مورغان روجرز، على قناة «تي إن تي» بعد مباراة بايرن ميونيخ: «عندما جاء دوران إلى النادي لم أكن أعلم أنه يبلغ من العمر 20 عاماً فقط. الطريقة التي يلعب بها تجعله كابوساً للمدافعين. وعندما يشارك في المباراة بكل هذه الطاقة، فهو يعرف أنه سيحصل على هذه الفرصة ويحفز نفسه بنسبة 100 في المائة. إنه فتى رائع. إنه يلعب كل مباراة بنفس القوة والحماس. إنه أكثر شخص هادئ قابلته على الإطلاق، لكنه داخل الملعب يتحول إلى شخص شرس للغاية». فهل ينتقل دوران من بديل خارق إلى لاعب أساسي، في خطوة هي الأحدث في مسيرته الكروية التي يبدو أنها تتطور بشكل مذهل؟ هذا هو ما سنراه خلال الفترة المقبلة!