جمال موسيالا: أنا نصف إنجليزي ونصف ألماني

مهاجم البايرن يتحدث عن رحلته الغريبة مع كرة القدم الإنجليزية قبل أن يلعب لمنتخب ألمانيا

موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»
موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»
TT

جمال موسيالا: أنا نصف إنجليزي ونصف ألماني

موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»
موسيالا يهز شباك المجر في «يورو 2024»

في أكتوبر (تشرين الأول) 2010، ذهب أب إلى ملعب «سانت ماري»، الذي يحتضن مباريات ساوثهامبتون، مع ابنه البالغ من العمر 7 سنوات. لم تكن هناك مباراة تُلعب آنذاك، لكن الأب كان يبحث فقط عن مباراة يشارك فيها ابنه الصغير! كان الأب ونجله قد وصلا للتو من ألمانيا، ولم تكن لديهما أي فكرة عن كرة القدم الإنجليزية، لذا كان من الطبيعي أن يتوجها إلى أقرب نادٍ محترف ويطلبا اللعب.

كان هذا الأب هو موسيالا، والد جمال موسيالا، الذي يعدّ أبرز موهبة في كرة القدم الألمانية في الجيل الحالي، وكانت هذه أولى خطوات رحلته الكروية التي أوصلته إلى أن يكون صانع الألعاب المبدع مع نادي بايرن ميونيخ. وفي ساوثهامبتون، كان جمال صبياً صغيراً ضعيفاً، لا يعرف أي كلمة إنجليزية، وينظر إلى والده وهو يحاول إيجاد أي طريقة تمكنه من ممارسة اللعبة التي يعشقها.

يضحك موسيالا، البالغ من العمر 21 عاماً الآن، في أثناء الحديث عن هذه الذكريات، وهو جالس بملعب تدريب بايرن ميونيخ. يقول موسيالا: «والدي شخص متفتح دائماً، وعندما ذهبنا أول مرة إلى ساوثهامبتون، لم يكن هناك أي مكان ألعب فيه كرة القدم، ولم نكن نعرف أي شيء عن المكان، لذلك ذهبنا إلى الملعب في ذلك اليوم دون أي ترتيبات ودون أن نعرف أي شيء... لم تكن هناك مباراة أو أي شيء. فقط كنا نبحث عن مكان يمكنني اللعب فيه».

ويضيف: «لا أنصح أي شخص بفعل هذا الأمر، لكن من حسن حظنا أننا التقينا شخصاً هناك في الملعب كان لديه فريق محلي. في بعض الأحيان تحتاج إلى القليل من الحظ. ذهبت إلى ذلك الفريق المحلي ولعبت له مدة قصيرة، ثم رآني مسؤولو ساوثهامبتون وخضعت لتجربة معهم». كان هذا الشخص هو عامل بنادي ساوثهامبتون يُدعى جاز بهاتي، وقد أرسل موسيالا إلى فريق الأطفال التابع لشقيقه، وهو فريق «سيتي سنترال». ويقول بهاتي إنه بعد مرور 10 دقائق فقط على رؤية موسيالا البالغ من العمر 7 سنوات وهو يلعب، اتصل شقيقه على الفور بكشافي ساوثهامبتون وطلب منهم الحضور لمشاهدة المباراة. وتفوق موسيالا على نجم «سيتي سنترال» في ذلك الوقت، وهو شاب يُدعى ليفي كولويل.

وهكذا بدأت أولى خطوات اللاعب ذي الأصول الألمانية النيجيرية في الملاعب الإنجليزية؛ أولاً مع ساوثهامبتون، ثم مع تشيلسي الذي قضى معه 8 سنوات في أكاديمية النادي للناشئين، قبل أن ينتقل إلى بايرن ميونيخ وهو في السادسة عشرة من عمره. يقول موسيالا: «كرة القدم تبني الصداقات. يعود الأمر إلى تلك السنوات عندما كنت طفلاً صغيراً أذهب إلى الحديقة، وهذه هي الطريقة التي كونت بها كثيراً من الصداقات. لقد ساعدني ذلك بالتأكيد في الانتقال من ألمانيا إلى إنجلترا. لقد تعلمت اللغة الإنجليزية بسرعة كبيرة، لكن الأمر استغرق مني بضعة أشهر حتى أستقر حقاً وأشعر كأنني في بيتي. وعلى مدار 6 أشهر في إنجلترا، لم أكن أفهم شيئاً، ولم أكن أستطيع التحدث باللغة الإنجليزية بشكل صحيح، لكن كرة القدم ساعدتني في التعرف على أصدقائي، وهو الأمر الذي جعل حياتي أسهل».

موسيالا يتسلم جائزة هداف يورو 2024 (رويترز)

كادت إنجلترا تفوز بمعركة إقناعه باللعب للمنتخب الإنجليزي، لكنه اتجه للعب مع ألمانيا في نهاية المطاف. يقول موسيالا: «لا أعتقد أن قراري كان ليتغير، فقد كنت أعيش في ميونيخ (في السادسة عشرة من عمره، عندما اتخذ قراره باللعب لألمانيا)، وقد وُلدت هنا، وأمي من ألمانيا. لا يعني هذا التقليل من إنجلترا على الإطلاق، فهي لا تزال موطني».

ويضيف: «عندما كنت أعيش في إنجلترا، كنت ألعب للمنتخبات الوطنية الإنجليزية، وكان جميع أصدقائي هناك، لذلك كان كل شيء إنجليزياً لمدة، لكنني بدأت أرى الجانب الألماني مرة أخرى بمجرد عودتي إلى هنا. وإذا سألتني عن شعوري تجاه إنجلترا وألمانيا، فسأقول لك إنني نصف إنجليزي ونصف ألماني! ما زلت أحمل ذلك الجانب الإنجليزي، وسيظل الأمر دائماً على هذا النحو». وفي إنجلترا، لا يزال هناك كثير من الذكريات والصور مع المنتخب الإنجليزي تحت 16 عاماً، الذي كان يضم موسيالا وجود بيلينغهام وكول بالمر ومورغان روجرز. وفي تشيلسي، كان موسيالا قريباً من تينو ليفرامينتو لاعب نيوكاسل الحالي، وزميله في بايرن ميونيخ مايكل أوليس، الذي ساعده كثيراً لدى عودته إلى ألمانيا، ورافقه في المقابلات متحدثاً ومترجماً وصديقاً يساعده على تجاوز الصعوبات.

ونظراً إلى أن إنجلترا غالباً ما تُصوَّر على أنها تعتمد على طريقة 4 - 4 - 2 والكرات الطولية، فمن المثير للاهتمام أن نسمع موسيالا وهو يقول إن هذا لم يكن ما تعمله في إنجلترا. يقول النجم الألماني الشاب: «من ناحية كرة القدم، ما ساعدني كثيراً في إنجلترا هو اللعب بقدر كبير من الحرية. عندما كنت ألعب مع المنتخب الإنجليزي، كان هذا هو الهدف الأكبر للاعبين الشباب، بمعنى أن تلعب بحرية وأن تظهر قدراتك وإمكاناتك. لقد ساعدني ذلك على تطوير مهاراتي في المراوغة والتعامل مع المواقف الصعبة في المساحات الضيقة، والاستمرار في اللعب حتى لو ارتكبت بعض الأخطاء. في بعض الأحيان يكون كل ما تحتاج إليه بصفتك لاعباً شاباً هو اللعب بحرية».

ويضيف: «لقد تعرفت على بعض الأصدقاء المقربين في منتخب إنجلترا تحت 16 عاماً، وكانت لديهم الفكرة نفسها؛ اللعب بحرية. ولا يزال هذا الأمر في ذهني حتى الآن. عندما تكون في الخامسة عشرة من عمرك، فإنك لا تفكر في شيء سوى المراوغة. وبمجرد أن تجيد ذلك، فيمكنك بعد ذلك تعلم الأشياء الأخرى. يتعين عليك أن تستمتع بكرة القدم؛ كما هي الحال في أي شيء تفعله بالحياة».

وهذه هي الصفة التي يحبها كثيرون في موسيالا، والتي جعلته ينضم إلى التشكيلة المثالية لـ«كأس الأمم الأوروبية 2024»، بعد أن أحرز 3 أهداف وفاز بلقب هداف البطولة بالتساوي مع النجم الإنجليزي هاري كين. لكن لاعب ليفربول السابق ديدي هامان، وهو محلل ألماني بارز، انتقد موسيالا مؤخراً، وقال إن اللعب بقدر كبير من الحرية يعدّ نقطة سلبية في أدائه، واصفاً موسيالا بأنه «فنان فردي».

فهل كانت هذه الانتقادات مؤلمة لموسيالا؟ يقول النجم الألماني الشاب ضاحكاً: «مؤلمة! لا، على الإطلاق! أنا شخص ينتقد نفسه باستمرار، ويتعين عليّ أن أتقبل آراء النقاد. لا أنظر كثيراً إلى وسائل التواصل الاجتماعي، وما يقال عني. سترى كثيراً من التعليقات الجيدة، لكن التعليق السيئ سيبقى في ذهنك دائماً. لذلك أحاول بالفعل الابتعاد عن ذلك. والأهم من ذلك هو ردود الفعل التي أتلقاها من المدربين واللاعبين وأعضاء الفريق من حولي، ومن أمي وأبي. هذه هي الأشياء التي أتعامل معها بجدية أكبر».

حصل موسيالا على جائزة أفضل لاعب في المباراة مرات عديدة (غيتي)

ويضيف: «لكل شخص وجهة نظره الخاصة. وأنا أحاول فقط أن أفعل كل ما هو جيد للفريق، ولن أفعل أي شيء غير ضروري. لا أرغب مطلقاً في أن أكون ذلك اللاعب الذي يراوغ فقط حتى يجري إعداد مقطع فيديو مميز له على (إنستغرام) أو أي شيء من هذا القبيل. فأنا لست من هذه النوعية من اللاعبين. في بعض المباريات أمرر الكرة أكثر، وربما أراوغ مرة واحدة فقط، وفي بعض المباريات يحتاج الفريق مني إلى المراوغة أكثر، والمجازفة أكثر، وربما أفقد الكرة كثيراً. لكن إذا كان هذا ما تحتاجه المباراة، فسأفعل ذلك؛ لأن كل مباراة لها متطلبات مختلفة عن الأخرى».

ونظراً إلى الأداء الرائع الذي قدمه في نهائيات «كأس الأمم الأوروبية 2024»، فمن الغريب حقاً أنه لم ينضم إلى القائمة المختصرة لأفضل 30 لاعباً في العالم، التي سيُختار منها خلال الشهر المقبل أفضل لاعب في العالم. يقول موسيالا: «سأكون كاذباً إذا قلت إن الجوائز الفردية لا تهمني. أعتقد أن كل شخص يكبر يريد أن يفوز بجائزة فردية من نوع ما. لكن الشيء الأكبر أهمية هو أننا مررنا بموسم أخير صعب، ويتعين علينا أن نقدم مستويات أفضل هذا الموسم. ينصب تركيزي الأساسي على الفوز بالبطولات والألقاب، وكل شيء آخر سيأتي عندما يحين الوقت المناسب لذلك».

لم يحصل بايرن ميونيخ على أي بطولة الموسم الماضي، وهو ما يعدّ فضيحة في بافاريا. يقول موسيالا: «من المتوقع دائماً أن يفوز بايرن ميونيخ بالبطولات، وهو ما يضع ضغطاً كبيراً على الفريق». وقال موسيالا عن المنافسة على اللقب هذا الموسم وفوز باير ليفركوزن به الموسم الماضي: «هناك منافسة جيدة في الدوري، ونحن بحاجة فقط إلى التركيز على أنفسنا الآن، وأن نفعل الأشياء الصحيحة التي ربما لم نفعلها في الموسم الماضي».

موسيالا منفتح على اللعب في الدوري الإنجليزي (إ.ب.أ)

وإذا استعاد بايرن ميونيخ قدرته على الفوز بالبطولات والألقاب، فمن المؤكد أن بعض الفضل سيعود إلى إنجلترا أيضاً؛ نظراً إلى أن العملاق البافاري يضم بين صفوفه هاري كين وإيريك داير وموسيالا (نصف إنجليزي ونصف ألماني، كما قال). يقول موسيالا: «أصبحت اللغة الإنجليزية تتردد كثيراً في غرفة خلع الملابس الآن». وعندما سئل موسيالا عن اللاعب الإنجليزي الأفضل في التحدث باللغة الألمانية الآن، رد قائلاً: «لا أعتقد أنه هاري كين؛ الذي يستطيع أن يقول بضع كلمات! ربما يكون إيريك داير».

ربما يؤدي تأثير هؤلاء اللاعبين الإنجليز بمرور الوقت إلى تفكير موسيالا في اللعب بالدوري الإنجليزي الممتاز يوماً ما، رغم أنه يركز حالياً على مساعدة بايرن ميونيخ في استعادة الألقاب. يقول اللاعب الألماني الشاب: «ليست لدي خطة أو أي شيء حقاً في هذا الصدد. لا أحاول التفكير في المستقبل البعيد بشأن المكان الذي أريد أن أكون فيه؛ لأن المواقف يمكن أن تتغير دائماً في غضون عام أو حتى في غضون شهر واحد». واختتم حديثه قائلاً: «عندما كنت في السادسة من عمري لم أفكر في الوجود بإنجلترا وأنا في السابعة! لا أعرف ما الذي سيحدث في المستقبل. أنا منفتح على كل شيء، لكنني سعيد جداً بالمكان الذي أنا فيه الآن».

* خدمة الـ«غارديان»


مقالات ذات صلة

الكرواتي فوسكوفيتش يستأنف قرار إيقافه بسبب المنشطات

رياضة عالمية ماريو فوسكوفيتش (د.ب.أ)

الكرواتي فوسكوفيتش يستأنف قرار إيقافه بسبب المنشطات

ذكرت وسائل إعلام ألمانية أن لاعب كرة القدم الكرواتي ماريو فوسكوفيتش قدّم للمحكمة الفيدرالية السويسرية استئنافاً ضد قرار إيقافه لمدة 4 سنوات بسبب المنشطات.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ)
رياضة عالمية زفن أولريش حارس مرمى بايرن ميونيخ (د.ب.أ)

إيقاف أولريش حارس مرمى البايرن مباراة للتفوه بألفاظ نابية

عوقب زفن أولريش حارس مرمى بايرن ميونيخ البديل بالإيقاف مباراة واحدة للتفوه بألفاظ نابية ضد سيمون رولفز المدير الرياضي لباير ليفركوزن خلال مباراة الفريقين.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ)
رياضة عالمية دينو توبمولر مدرّب فرانكفورت (رويترز)

مدرّب فرانكفورت: بشكتاش مخضرم... علينا الثقة بأننا فريق كبير

يفتقد نادي آينتراخت فرانكفورت الألماني جهود توتا مدافع الفريق خلال مواجهة بشكتاش التركي في الدوري الأوروبي لكرة القدم، الخميس.

«الشرق الأوسط» (إسطنبول)
رياضة عالمية كريم أديمي تعرض لإصابة بعد تسجيل هاتريك في شباك نادي سلتيك (د.ب.أ)

أديمي: أتمنى أن تكون الإصابة خفيفة... سعيد بالهاتريك

يأمل كريم أديمي، مهاجم فريق بوروسيا دورتموند الألماني، ألا تكون الإصابة التي أجبرته على الخروج من المباراة التي فاز فيها فريقه على سلتيك الأسكوتلندي، خطيرة.

«الشرق الأوسط» (دورتموند)
رياضة عالمية هاري كين (أ.ب)

كين يشارك في تدريبات بايرن قبل مواجهة أستون فيلا

شارك هاري كين، هداف فريق بايرن ميونيخ الألماني الثلاثاء، في مران الفريق الأخير استعداداً لمواجهة فريق أستون فيلا الإنجليزي الأربعاء بدوري أبطال أوروبا.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ )

أنشيلوتي يعترف بتراجع أداء الريال... وسيميوني تحت صدمة هزيمة أتلتيكو القاسية

لاعبو ليل يحتفلون بإنتصارهم التاريخي على ريال مدريد (ا ف ب)
لاعبو ليل يحتفلون بإنتصارهم التاريخي على ريال مدريد (ا ف ب)
TT

أنشيلوتي يعترف بتراجع أداء الريال... وسيميوني تحت صدمة هزيمة أتلتيكو القاسية

لاعبو ليل يحتفلون بإنتصارهم التاريخي على ريال مدريد (ا ف ب)
لاعبو ليل يحتفلون بإنتصارهم التاريخي على ريال مدريد (ا ف ب)

أقرّ المدرب الإيطالي لنادي ريال مدريد الإسباني كارلو أنشيلوتي، بأحقية الانتقادات الموجَّهة إلى حامل اللقب وصاحب أكبر عدد من الألقاب في دوري أبطال أوروبا لكرة القدم (15)، بعد انتهاء سلسلته الخالية من الهزائم أمام ليل الفرنسي بخسارته أمامه 0 - 1، الأربعاء، في الجولة الثانية، التي شهدت انتصاراً تاريخياً لأستون فيلا الإنجليزي على بايرن ميونيخ الألماني بهدف نظيف.

صلاح يحتفل بعد أن تألق وسجل وصنع لليفربول أمام بولونيا (ا ف ب)

وقال أنشيلوتي بعد ركلة الجزاء التي نفَّذها المهاجم الكندي جوناثان ديفيد، قبل نهاية الشوط الأول، مانحاً ليل الفوز الذي يستحقه: «أنا صادق للغاية. الانتقادات الموجَّهة إلينا بسبب خسارة هذه المباراة عادلة وصحيحة وعلينا أن نقبلها. لم نلعب بشكل جيد».

وتلقى النادي الملكي على ملعب «بيار موروا» خسارته الأولى في 37 مباراة في جميع المسابقات منذ يناير (كانون الثاني) والأولى في دوري أبطال أوروبا منذ سقوطه أمام مانشستر سيتي الإنجليزي في نصف النهائي في مايو (أيار) 2023، في طريق الأخير لإحراز اللقب الأول في تاريخه.

وأضاف أنشيلوتي الذي قاد ريال للقبه الخامس عشر بفوزه على بوروسيا دورتموند الألماني 2 - 0 في نهائي الموسم الماضي: « كل شيء كان سيئاً للغاية. لعبنا الكرة بشكل سيئ، ورغم أن الفريق كان متماسكاً للغاية في الشوط الأول، كان من الصعب علينا استعادة الكرة. يجب أن ننظر إلى الأمور بعقلانية، وألا نهدر كل شيء. لكننا بالطبع يجب أن نتحسن».

وأكد: «استحق ليل الفوز رغم تحسن أداء ريال مدريد في الشوط الثاني. كان من الصعب علينا العودة في المباراة لأننا لم نضغط بالشكل المثالي، ولم نفرض قوتنا على مستوى المواجهات الثنائية، أو على مستوى أسلوب اللعب. كان من الممكن أن تنتهي المباراة بالتعادل لكن لم نكن نستحق ذلك... علينا أن نتعلم، كما حدث في المرة الأخيرة التي خسرنا فيها مباراة، علينا تعلم ما يفترض علينا تحسينه، وهو أمر واضح للغاية. أعتقد أن الأمر ليس معقداً بشكل كبير».

وتجاهل أنشيلوتي البالغ 65 عاماً المخاوف بشأن العواقب المحتملة للهزيمة في النظام الجديد للمسابقة القارية الأم التي باتت تضم 36 فريقاً في مجموعة واحدة، وأوضح: «أعتقد أن الحزن يأتي من مشاعر الفريق. يمكنك أن تخسر مباريات لأن هذه هي الرياضة، لكنَّ المشاعر التي أحسسنا بها لم تكن جيدة».

ورغم فوز ريال على شتوتغارت الألماني 3 - 1 في مباراته الافتتاحية قبل أسبوعين، فإن أداءه لم يكن مقنعاً، وقد انضم إلى أمثال برشلونة الإسباني وباريس سان جيرمان الفرنسي وبايرن ميونيخ الألماني وجاره اللدود أتلتيكو في خسارة واحدة من أول مباراتين.

وتتأهل أفضل ثمانية فرق في الترتيب النهائي إلى دور الـ16، في حين ستتقدم الفرق الـ16 التالية إلى جولة فاصلة يتأهل منها 8 فرق أخرى. وستخرج الأندية الباقية من دون الانتقال إلى مسابقة الدوري الأوروبي «يوروبا ليغ»، خلافاً لما كان يحصل سابقاً.

دوران مهاجم فيلا يحتفله بهدفه في مرمى البايرن (رويترز)

ويتحضر ريال لاستحقاقه القارّي الثالث الصعب في غضون ثلاثة أسابيع (22 أكتوبر «تشرين الأول») على أرضه أمام دورتموند في تكرارٍ لنهائي الموسم الماضي، ولاحقاً يواجه ميلان الإيطالي وليفربول الإنجليزي وأتالانتا الإيطالي. لكن قبل ذلك سيكون على الريال خوض لقاء صعب في الدوري المحلي أمام ضيفه فياريال، يوم السبت، من أجل ملاحقة غريمه برشلونة، المتصدر بفارق 3 نقاط.

في المقابل، أعرب مدرب ليل، برونو جينيزيو، عن سعادته بتحقيق هذا الفوز الذي يعد أفضل نتائج النادي على الإطلاق في المسابقات الأوروبية. وسبق لجينيزيو أن حقق فوزاً مماثلاً عندما تغلب على مانشستر سيتي بقيادة مدربه الإسباني جوسيب غوارديولا، عندما كان يقود فريق ليون في عام 2018. وقال المدرب الفرنسي: «إنه أداء رائع من الجميع ومكافأة جميلة للنادي وجماهيرنا. هذا يُظهر ما بإمكاننا فعله، ولكننا الآن بحاجة إلى البناء على هذا الفوز». وتابع: «هذا يُظهر أنه على مدار 90 دقيقة يمكننا التسبب في مشاكلات لأفضل الفرق في أوروبا»، مع العلم أن المباراتين المقبلتين لليل في المسابقة القارية ستكونان أمام أتلتيكو مدريد، خارج أرضه، ثم على ملعبه أمام يوفنتوس الإيطالي.

وعلى ملعب «فيلا بارك» في برمنغهام، حقق أستون فيلا انتصاراً لافتاً آخر على حساب عملاق بافاريا بايرن ميونيخ، بهدف البديل الكولومبي جون دوران، في الدقيقة 79. ولم يُظهر البايرن المستوى الذي قدمه خلال الجولة الأولى حين اكتسح دينامو زغرب الكرواتي 9 - 2 بفوزٍ قياسي في النسخة الجديدة. كما فشل عملاق بافاريا في الثأر من خسارة تعود إلى 26 مايو 1982 في نهائي كأس أبطال الدوري (دوري الأبطال حالياً) أمام أستون فيلا بالذات 0 - 1.

وخاض أستون فيلا، الفائز على يونغ بويز السويسري 3 - 0 في الجولة الأولى، اللقاء متسلحاً بعدم تعرضه إلا لهزيمة يتيمة محلياً كانت أمام آرسنال 0 - 2، ومذّاك حقق 5 انتصارات توالياً في مختلف المسابقات هذا الموسم، قبل تعادله مع إبسويتش تاون 2 - 2 الأحد الماضي.

وأكد أوناي إيمري، مدرب أستون فيلا، أن الهدف الذي سجله دوران من فوق مانويل نويل، حارس البايرن، جاء تنفيذاً لخطة معدَّة سلفاً. وأوضح: «النقاشات التي سبقت المباراة والتحليل الذي أجريناه، كنا نتحدث كثيراً بشأن تمركز نوير، الذي يتقدم كثيراً للأمام، كان هذا حاضراً في ذهن دوران عندما سجل الهدف». وأثار اللاعب الكولومبي البالغ عمره 20 عاماً، احتفالات هائلة في ملعب فيلا بارك عندما تلقى تمريرة طويلة فسيطر على الكرة رغم مزاحمة المدافعين وأرسلها من فوق نوير الذي كان خارج منطقة مرماه».

وأثنى إيمري على مهاجمه الذي دفع به في الثلث الأخير من اللقاء وقال: «دوران لاعب يافع، يتمتع بقدرات هائلة، يجب أن أسمح له باللعب، أضعه في الملعب لأنه موهوب وقادر على مساعدتنا».

وهذا الهدف الخامس الذي يسجله دوران وهو لاعب بديل هذا الموسم. وأضاف المدرب الإسباني: «نعمل معه. عقليته هي الأهم. إنه متاح لخوض المباراة بأكملها أو 60 دقيقة أو 30 دقيقة. تركيزه منصبٌّ على كل دقيقة يلعبها. هذا أمر رائع بالنسبة له وللفريق». كما أثنى إيمري على حارس مرماه إيميليانو مارتينيز الذي تصدى لأكثر من فرصة خطيرة، بينها ضربة رأس لعبها هاري كين في اللحظات الأخيرة.

وفي أبرز نتائج هذه الجولة الفوز الذي حققه ليفربول على بولونيا الإيطالي 2 - صفر ليعزز بدايته المثالية في دوري الأبطال بعد أن تغلب على ميلان الإيطالي 3 - 1 في مباراته الافتتاحية.

وتألق المصري محمد صلاح، إذ صنع الهدف الأول لأليكسيس ماك أليستر في الدقيقة 11 ثم سجل بنفسه الثاني بتسديدة متقنة في الدقيقة 75، ليرفع رصيده إلى 49 هدفاً في دوري الأبطال في صدارة ترتيب الهدافين التاريخيين الأفارقة في البطولة العريقة، متفوقاً بفارق هدف على الإيفواري المعتزل ديدييه دروغبا، نجم تشيلسي السابق. وأثنى الهولندي أرنه سلوت، مدرب ليفربول، على صلاح قائلاً: «ما الذي يمكنني قوله عن مو؟ ما رأيتموه هو ما تحصلون عليه. إذا وضعته في مثل هذه المواقف كثيراً، سيكون بإمكانه التسجيل. كما قدم تمريرة حاسمة رائعة». وأضاف: «إذا رأيتم الطريقة التي سجل بها هدفه، يمكنني أن أفهم سبب حديث الجميع عن إنهاء الهجمة لأنه سجل بشكل رائع. وكان قريباً من زيادة رصيده». وأردف: «غاب عن التهديف في 3 مباريات ثم هز الشباك في كأس الرابطة الأسبوع الماضي أمام وستهام... في كرة القدم، هذه الأمور واردة؛ ولاعب مثل صلاح تتوقع منه التسجيل في أي لحظة».

وأصبح الهولندي (46 عاماً)، الذي تولى المسؤولية خلفاً ليورغن كلوب هذا الصيف، أول مدرب يقود ليفربول لثمانية انتصارات في أول 9 مباريات في كل المسابقات.

وكان انهيار فريق أتلتيكو مدريد بخسارة ثقيلة برباعية نظيفة أمام مضيفه بنفيكا البرتغالي من أبرز مفاجآت الجولة الثانية أيضاً. وأعرب الأرجنتيني دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو، عن حسرته للخسارة الثقيلة، لكنه أكد عزمه ولاعبيه على التعلم منها، وقال: «دائماً ما أحب التفكير الإيجابي وأعتقد أن هذه فرصة جيدة لمواصلة التطور. كنا نُبلي بلاءً حسناً لكن أمام بنفيكا لم نقدم الأداء المتوقع، لعبنا بصورة سيئة، ولم تمنحنا التبديلات الشرارة كما حدث في مناسبات سابقة، وعلينا أن نتقبل ذلك».

ولم يكن لأتلتيكو، الذي أنفق بسخاء في فترة الانتقالات الصيفية لإبرام صفقات كبرى لضم أمثال جوليان ألفاريز وكونور غالاغير، أي محاولة على المرمى طوال المباراة.

وفي أبرز النتائج الأخرى عاد يوفنتوس الإيطالي بفوز ثمين بعشرة لاعبين من أرض مضيفه لايبزيغ الألماني 3 - 2. وهو الفوز الثاني توالياً ليوفنتوس بعد الأول على ضيفه أيندهوفن الهولندي 3 - 1، فيما مُني لايبزيغ بخسارته الثانية توالياً بعد الأولى أمام مضيفه أتلتيكو مدريد 1 - 2 في الجولة الأولى. وقلب موناكو الفرنسي تخلفه أمام مضيفه دينامو زغرب بهدفين إلى تعادل 2 - 2.