الكرة الصينية... سفينة تائهة في بحر الأزمات

رحلتها نحو التطور شابها كثير من المصاعب والظروف المعقدة

الكرة الصينية لم تجد بعد مكانها بين كبار القارة الآسيوية (الشرق الأوسط)
الكرة الصينية لم تجد بعد مكانها بين كبار القارة الآسيوية (الشرق الأوسط)
TT

الكرة الصينية... سفينة تائهة في بحر الأزمات

الكرة الصينية لم تجد بعد مكانها بين كبار القارة الآسيوية (الشرق الأوسط)
الكرة الصينية لم تجد بعد مكانها بين كبار القارة الآسيوية (الشرق الأوسط)

مرت كرة القدم الصينية بكثير من الظروف المعقدة والقاسية عبر تاريخها؛ فما بين بيروقراطية حكومية صرفة، وظروف اقتصادية متدهورة، شقت اللعبة طريقها وسط أمواج متلاطمة، وأخفقت في الوصول إلى مستوى الدوريات والمنتخبات الكروية الكبرى أمثال السعودية واليابان وكوريا الجنوبية.

و«الشرق الأوسط» رصدت مراحل صعود وهبوط الكرة الصينية تاريخياً، وذلك بمناسبة المواجهة الآسيوية التي ستجمع الأخضر السعودي والتنين الصيني الثلاثاء في التصفيات المؤهلة لكأس العالم.

عقب «الجولة الجنوبية» الشهيرة التي قادها الزعيم السابق دينغ شياو بينغ في عام 1992، والتي أعادت تنشيط أجندة الإصلاح الاقتصادي في الصين، قرر «الاتحاد الصيني لكرة القدم» الانفصال عن «اللجنة الرياضية الوطنية» والتوجه إلى التخصيص العام.

وقبل ذلك التاريخ، كانت كرة القدم الصينية تعمل تحت ما يسمى «نظام الأمة بأكملها»، فقد كانت تعتمد على الحكومة في تخصيص الأموال للفرق؛ بما في ذلك تدريب الرياضيين وتمويلهم. ورغم أن رواتب اللاعبين لم تكن مرتفعة، فإن النظام قد ساعد في إنتاج ما يسمى «الجيل الذهبي» من نجوم كرة القدم الصينية، وجعل الصين منافساً رئيسياً في آسيا.

التنين الصيني غائب عن المشهد الكروي منذ سنوات (أ.ف.ب)

أدى إنشاء «الدوري الصيني لكرة القدم الاحترافية» في عام 1994، بعد بيع كل الأندية، إلى انفصال اتحادات وفرق كرة القدم المحلية عن الإدارة الحكومية المركزية، والحصول على تمويلها الخاص.

وقد أشعل هذا بدوره حماسة مشجعي كرة القدم الصينيين، الذين احتشدوا خلف الأندية المحلية بعد الاستثمارات التي جرت، وأصبح لاعبو كرة القدم من المشاهير بين عشية وضحاها.

وقد أدت الاستثمارات السخية والرعاية من القطاع الخاص إلى زيادة كبيرة في دخل اللاعبين، وبحلول عام 1998، كان لاعبو الدرجة الأولى يكسبون دخلاً سنوياً لا يقل عن 18 ألف دولار، وهو ما يزيد بنحو 20 ضعفاً على متوسط دخل المواطن العادي في الصين، وفقاً لموقع «تشاينا بوست»؛ بل إن بعض اللاعبين النجوم كسبوا أكثر من 180 ألف دولار.

وفي ظل هذه البيئة المزدهرة، ارتفع عدد لاعبي كرة القدم الشباب المسجلين في الصين إلى أكثر من 600 ألف لاعب بين عامي 1996 و2000، وفقاً لصحيفة «لياوشين إيفينينغ نيوز»، وكان المشجعون الصينيون يعتقدون أن المشهد الكروي المحلي الديناميكي من شأنه أن يدفع فريقهم الوطني إلى مستويات أعلى على المستوى الدولي.

ولكن تحت السطح كانت العلاقة بين رأس المال والأندية غير صحية، فقد أصبحت الفرق تعتمد بشكل كبير على التمويل من الشركات الأم فقط، وهذا مهد الطريق لانهيار كرة القدم الاحترافية الصينية في نهاية المطاف.

وأدى التركيز على المكاسب قصيرة الأجل إلى سوء الإدارة والقرارات المتسرعة بجانب انتشار الفساد، وبحلول أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، واجهت بطولة الدوري الممتاز قضايا، مثل التلاعب في نتائج المباريات، والتحكيم المتحيز من بعض الحكام بعد حصولهم على رشوة، وتراجع الاهتمام العام باللعبة، وإعادة ترتيب ملكية الأندية باستمرار؛ وقد دفع هذا بعض الأندية إلى حافة التفكك وترك اللاعبين يتصارعون مع البطالة.

وقد كانت العواقب سريعة؛ إذ انخفض عدد لاعبي كرة القدم الشباب المسجلين في الصين إلى 180 ألف لاعب فقط في عام 2005، ثم وصل إلى 7 آلاف لاعب فقط بحلول عام 2010، وفقاً لمعلومات صحيفة «لياوشين إيفينينغ نيوز».

بعد أن استحوذت «مجموعة إيفرغراند»، وهي شركة عقارية ضخمة، على نادي غوانغتشو لكرة القدم في عام 2010، دخل كثير من الشركات سوق كرة القدم الصينية من جديد، وأنفقت بسخاء على لاعبين مشهورين دولياً.

ويُعتقد أن هذا الحماس المتجدد كان مدفوعاً بحرص الحكومات المحلية والشركات على التوافق مع الاهتمام الشخصي للرئيس شي جينبينغ بالرياضة وتطلعاته إلى تقدم كرة القدم الصينية.

ففي عام 2015، وافقت لجنة رئيسية لتحديد الأجندة في «الحزب الشيوعي» على خطة إصلاح مركزية لتعزيز تطوير كرة القدم في الصين، وقد أكد هذا التصديق على الاعتقاد بأن «الحلم الصيني» المتمثل في تحقيق التجديد العظيم للأمة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بتطوير كرة القدم.

وقد شجع هذا الاهتمام الحكومي الجديد بكرة القدم الاستثمار المالي مرة أخرى لتنشيط صناعة كرة القدم الصينية، مما أدى إلى زيادة كبيرة في رواتب ومزايا اللاعبين.

ووفقاً لبيانات صحيفة «لياوشين إيفينينغ نيوز» في عام 2018، فقد بلغ متوسط الدخل السنوي للاعبي كرة القدم الرجال أكثر من 1.5 مليون دولار أسترالي، وهو ما يتجاوز متوسط الرواتب في الصين بأكثر من 160 مرة.

ورغم أن إحياء الدوري الاحترافي لم يرفع من أداء المنتخب الوطني للرجال على الفور، فإنه أدى إلى تحسين تصور الآباء عن هذه الرياضة، ففي عام 2016 ارتفع عدد اللاعبين الشباب المسجلين في اتحاد كرة القدم الصيني إلى أكثر من 40 ألف لاعب، وحددت الحكومة الصينية هدف الوصول إلى مليون لاعب شاب بحلول عام 2020.

ومع ذلك، ثبت أن هذا الازدهار؛ الذي ينبع من الانتهازية السياسية، هشّ وغير مستدام. فقد أدى الركود الاقتصادي في الصين، وفرض سقف وضريبة على الانتقالات، وجائحة «كوفيد19»، وقرار «الاتحاد الصيني لكرة القدم» إزالة الإشارات المؤسسية من أسماء الأندية، إلى إضعاف حماس المستثمرين لكرة القدم بشكل كبير.

ونتيجة لذلك واجه الدوري الصيني للمحترفين مرة أخرى عقبات مستعصية. فمنذ عام 2020، كانت الأندية المحترفة تتفكك سنوياً وتعلن إفلاسها، مع سحب المستثمرين تمويلهم.

وقد اتُّهم الرئيس السابق لـ«الاتحاد الصيني لكرة القدم»، تشين شيويوان، بالرشوة، بينما اعترف مدرب المنتخب الوطني السابق، لي تي، بدفع رشى والتلاعب بنتائج المباريات.

إن كل هذا لن يؤدي إلا إلى تقويض ثقة الجمهور بكرة القدم الصينية مرة أخرى، وأن يتساءل الآباء مرة أخرى عما إذا كان ينبغي لهم تشجيع أبنائهم على ممارسة هذه الرياضة بدلاً من رياضات شعبية أخرى في الصين تحصل على اهتمام أكبر، فهناك كثير من الدلائل التي تشير إلى أن مشاركة الشباب في كرة القدم تراجعت بشكل حاد على مدى السنوات الثلاث الماضية.

ويتعين على السلطات الكروية الصينية أن تدرك الآن ما الذي لم ينجح، فقد فشلت محاولات تسويق كرة القدم والاستثمار المالي الجامح الذي تحركه الانتهازية السياسية، كما فشلت محاولات إغراق الدوري بالنجوم الأجانب.



دوري الأمم الأوروبية: رونالدو المتألق يهدي البرتغال فوزاً صعباً على اسكتلندا

رونالدو محتفلا بهدفه الثمين في مرمى أسكوتلندا (رويترز)
رونالدو محتفلا بهدفه الثمين في مرمى أسكوتلندا (رويترز)
TT

دوري الأمم الأوروبية: رونالدو المتألق يهدي البرتغال فوزاً صعباً على اسكتلندا

رونالدو محتفلا بهدفه الثمين في مرمى أسكوتلندا (رويترز)
رونالدو محتفلا بهدفه الثمين في مرمى أسكوتلندا (رويترز)

منح النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو منتخب بلاده فوزا متأخرا على اسكتلندا 2-1 في دوري الأمم الأوروبية، في حين حققت إسبانيا بطلة أوروبا التي لعبت بعشرة لاعبين طوال 70 دقيقة، فوزا ساحقا على سويسرا 4-1

ووبعد بداية مخيبة في هذه المسابقة اسفرت عن تعادلها سلبا مع صربيا في الجولة الاولى، حققت اسبانيا فوزا لافتا على سويسرا في جنيف.

وعاد الى صفوف منتخب اسبانيا لاعب وسطها المؤثر رودري بعد غيابه عن المباراة الاولى الاربعاء بداعي الايقاف وحمل شارة القائد في غياب الفارو موراتا المصاب. كما غاب ايضا داني اولمو الذي تعرض لاصابة طفيفة ضد صربيا.

بدأت اسبانيا المباراة بقوة وبعد مجهود فردي رائع لجناحها لامين جمال احد نجوم كأس أوروبا الأخيرة، مرر كرة عرضية تابعها خوسيلو مهاجم الغرافة القطري برأسه داخل الشباك رغم تدخل الحارس السويسري غريغور كوبل (4).

ردت سويسرا بهدف لمدافعها بشير اوميراغيت لكنه لم يحتسب لأن زميله ريمو فرويلر لمس الكرة (9).

وأضافت إسبانيا الهدف الثاني عندما سدد الجناح الآخر نيكو وليامس كرة قوية لم يتمكن كوبل من السيطرة عليها لتتهيأ أمام فابيان رويس، فتابعها داخل الشباك (13).

بيد ان إسبانيا تلقت ضربة قوية بطرد قلب دفاعها روبان لو نورمان اثر ارتكابه خطأ على المهاجم بريل امبولو (20)، ليكمل فريقه المباراة بعشرة لاعبين.

وكادت سويسرا تقلص الفارق عندما سدد محمد زكي أمدوني كرة قوية من ركلة حرة مباشرة تصدت لها العارضة (25).

لكن امدوني تمكن بعدها من تقليص الفارق قبل نهاية الشوط الأول بأربع دقائق.

الإسباني كارفاخال في صراع هوائي على الكرة مع لاعب سويسرا ريناتو ستيفن (رويترز)

وضغط المنتخب السويسري في الشوط الثاني من دون أن يتمكن من ادراك التعادل، قبل أن يسقطه ضيفه بالضربة القاضية بهدفين متتاليين، الأول عن طريق رويس مستغلا كرة عرضية (77) والثاني عبر فيران توريس الذي انفرد بالحارس اثر تمرير امامية من خوسيلو وسجل في شباكه (80).

وفي المجموعة ذاتها، حققت الدنمارك فوزها الثاني تواليا إثر تغلبها على صربيا 2-0.

وتصدر المنتخب الدنماركي المجموعة بالعلامة الكاملة مقابل 4 لإسبانيا.

وضمن المجموعة الاولى من المستوى الاول، انقذ نجم النصر السعودي رونالدو الذي نزل بديلا مطلع الشوط الثاني، بلاده من التعادل بتسجيله هدف الفوز 2-1 في مرمى اسكوتلندا قبل نهاية المباراة بدقيقتين.

وارتأى مدرب البرتغال الاسباني روبرتو مارتينيس عدم اشراك النجم رونالدو اساسيا فزج بمهاجم ليفربول الإنجليزي ديوغو جوتا في مركز رأس الحربة وعاونه في خط المقدمة جناح ميلان رافايل لياو على الجهة اليسرى وبرناردو سيلفا من مانشستر سيتي الإنجليزي على اليمنى.

وفاجأ المنتخب الاسكوتلندي اصحاب الارض بهدف السبق عبر لاعب وسط نابولي الجديد سكوت ماكتوميناي الذي استغل ركلة حرة فانسل من وراء الدفاع واودع الكرة داخل الشاك بعد مرور 7 دقائق.

شارك رونالدو مطلع الشوط الثاني بدلا من بيدرو نيتو وسرعان ما نجحت البرتغال في ادراك التعادل عندما سار لياو بالكرة ومررها باتجاه برونو فرنانديش الذي تابعها في الشباك (51)، مسجلا هدفه الرابع والعشرين في 73 مباراة دولية.

واحتفل فرنانديش بافضل طريقة ممكنة بعيد ميلاده الثلاثين الذي يصادف اليوم، علما أنه كان يخوض مباراته الرقم 600 منذ بدء مسيرته مع الاندية ومنتخب بلاده.

ونجح رونالدو في تسجيل هدف الفوز عندما تلقى كرة من نونو منديش فتابعها داخل الشباك (88).

ورفع رونالدو رصيده الى 132 هدفا على الصعيد الدولي في 212 مباراة.

وفي المجموعة ذاتها، تغلبت كرواتيا على بولندا بهدف وحيد سجله لاعب وسطها الرمز لوكا مودريتش 52.

ويتأهل إلى ربع النهائي متصدر ووصيف كل من المجموعات الأربع، فيما يخوض أصحاب المركز الثالث ملحقا مع أصحاب المركز الثاني في مجموعات المستوى الثاني، على أن يهبط أصحاب المركز الأخير إلى المستوى الثاني.