متلازمة نادرة تصيب سباحة أميركية فائزة بـ14 ميدالية أولمبية... ماذا نعرف عنها؟

السبَّاحة الأميركية كاتي ليديكي بعد فوزها بنهائي سباق 800 متر سباحة حرة للسيدات خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 (أ.ف.ب)
السبَّاحة الأميركية كاتي ليديكي بعد فوزها بنهائي سباق 800 متر سباحة حرة للسيدات خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 (أ.ف.ب)
TT

متلازمة نادرة تصيب سباحة أميركية فائزة بـ14 ميدالية أولمبية... ماذا نعرف عنها؟

السبَّاحة الأميركية كاتي ليديكي بعد فوزها بنهائي سباق 800 متر سباحة حرة للسيدات خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 (أ.ف.ب)
السبَّاحة الأميركية كاتي ليديكي بعد فوزها بنهائي سباق 800 متر سباحة حرة للسيدات خلال دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024 (أ.ف.ب)

بعد نحو عقد من الزمان من إخفاء الأمر، شاركت الحائزة على الميداليات الأولمبية كاتي ليديكي تشخيص إصابتها بمتلازمة عدم انتظام ضربات القلب الانتصابي الوضعي مع العالم.

وقالت الرياضية، التي فازت بـ14 ميدالية أولمبية في السباحة، وهو أكبر عدد من الميداليات بين أي رياضية أولمبية، كما تملك ليديكي الآن الرقم القياسي للسيدات في الولايات المتحدة بحصولها على 9 ميداليات ذهبية من 4 دورات أولمبية، إنها تعاني من متلازمة عدم انتظام ضربات القلب الانتصابي الوضعي.

في مذكراتها الجديدة «فقط أضف المياه: حياتي في السباحة»، التي نشرتها دار «سايمون وشوستر» في يونيو (حزيران)، كتبت ليديكي أن المرض يمكن أن يسبب «الدوخة والإغماء والإرهاق».

الفائزة بالميدالية الذهبية كاتي ليديكي في منافسات السباحة من الولايات المتحدة تحتفل بميداليتها (رويترز)

ما هي متلازمة ضربات القلب الانتصابي الوضعي؟

وتُعدّ متلازمة عدم انتظام ضربات القلب الانتصابي الوضعي اضطراباً في الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يتحكم في بعض الوظائف التنظيمية الطبيعية للجسم، وفقاً للدكتور بلير غروب، طبيب القلب في كلية الطب وعلوم الحياة بجامعة توليدو.

ويقول الطبيب لشبكة «فوكس نيوز»: «عندما يقف الشخص، تحاول الجاذبية إزاحة ما يقرب من 20 في المائة إلى 30 في المائة من حجم دم الجسم إلى الأسفل»، واستجابة لهذا الإزاحة، يخبر الدماغ القلب بالنبض بشكل أسرع وأكثر قوة، ويخبر الأوعية الدموية في النصف السفلي من الجسم بالتضييق أو الانقباض إلى ثلاثة أضعاف المستوى الذي كانت عليه سابقاً.

ويتابع الطبيب: «هذا يسمح بتراكم المزيد من الدم أكثر من المعتاد في النصف السفلي من الجسم، ومع إزاحة المزيد من الدم إلى الأسفل، يحصل الدماغ على كمية أقل وأقل من الأكسجين».

ناقشت ليديكي هذا التأثير في كتابها. وكتبت: «أجمع الدم في الأوعية الموجودة أسفل قلبي عندما أقف. ثم يفرز جسدي المزيد من النورادرينالين أو الأدرينالين، مما يضيف ضغوطاً إضافية على قلبي، مما يجعله ينبض بشكل أسرع».

ما الذي يسبب هذه الحالة؟

يبدو أن الأفراد الذين لديهم سمة وراثية تسمى متلازمة إهلرز دانلوس (المعروفة أيضاً باسم متلازمة فرط حركة المفاصل) أكثر عرضة للإصابة بهذه الحالة، وفقاً لغروب، ومع ذلك، غالباً ما تحدث متلازمة ضربات القلب الانتصابي الوضعي بسبب عدوى فيروسية، مثل فيروس إبشتاين بار أو «كوفيد - 19»، كما يسرد الطبيب.

السباحة الأميركية كاتي ليديكي (د.ب.أ)

وقال الطبيب إن أحد هذه الالتهابات يمكن أن يؤدي إلى استجابة مناعية ذاتية، حيث يهاجم الجهاز المناعي للجسم نفسه وينتج أجساماً مضادة تتداخل مع قدرة الأوعية الدموية على الانقباض.

ويمكن أن تحدث المتلازمة أيضاً من تلقاء نفسها، دون أي محفزات واضحة.

أعراض متلازمة ضربات القلب الانتصابي الوضعي

يقول الخبراء إن أعراض مريض ضربات القلب الانتصابي الوضعي تعتمد على مقدار الدم المنزاح إلى الأسفل.

وفي هذا الصدد، تقول فاليري إيوفين، اختصاصية العلاج الطبيعي في فيلادلفيا، لـ«فوكس نيوز»: «يمكن أن تتنوع من الحالات الخفيفة، حيث يتسارع قلبك وتشعر بالدوار قليلاً عند الوقوف، وصولاً إلى تقديمها كحالة معوقة، مما يمنع المرضى من الوقوف بشكل مستقيم».

وعن توقيت المتلازمة، تقول إيوفين: «يمكن أن تتغير أيضاً على مدار الحياة، ولكن يمكن أن تتغير أيضاً من يوم لآخر أو من أسبوع لآخر».

وأشارت إيوفين، التي تعالج العديد من المرضى المصابين بمتلازمة عدم انتظام دقات القلب الانتصابي الوضعي، إلى أن اسم الاضطراب - متلازمة عدم انتظام دقات القلب الوضعي الانتصابي - يترجم حرفياً إلى «عندما تصبح أكثر استقامة، يتسارع قلبك». وقالت: «سيخفق القلب في محاولة لتزويد الدماغ بالأكسجين بشكل صحيح. ولكن بالإضافة إلى الدوخة والصداع والإغماء أو شبه الإغماء، لا يدرك العديد من المصابين بهذا الاضطراب أنه يمكن أن يكون سبباً لأزمات أخرى، مثل اختلال تنظيم درجة الحرارة واختلال ضغط الدم وخلل الجهاز الهضمي».

السباحة الأميركية كاتي ليديكي تحتفل بفوزها بنهائي سباق 800 متر سباحة حرة للسيدات في منافسات السباحة في دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس (إ.ب.أ)

في الحالات الأكثر تطرفاً، قد يواجه المرضى صعوبة في التفكير أو التركيز أو التذكر - التي تُسمَّى أحياناً ضباب الدماغ، وفقاً لغروب. وقد يعاني الأشخاص أيضاً من عدم وضوح الرؤية وبقع سوداء في مجال رؤيتهم ورؤية ضيقة (أي فقدان الرؤية الطرفية واحتباس الرؤية بشكل مركزي) وصداع. ويعد نزوح الدم بشكل أكبر يمكن أن يتسبب في فقدان الفرد المصاب بالمتلازمة للوعي.

العلاجات

ويقول غروب إن العلاج الأساسي لمتلازمة عدم انتظام دقات القلب الوضعي هو زيادة تناول الماء والملح، ويتابع: «من المهم أيضاً إعادة تأهيل المريض من خلال التمارين الرياضية، وبناء القوة في الأطراف السفلية».

وفقاً للطبيب المتخصص في علاج تلك المتلازمة، فإنه يمكن لبعض الأدوية، المعروفة باسم مضيقات الأوعية الدموية - أن تعمل على تضييق الأوعية الدموية وزيادة عودة الدم إلى القلب، كما تعمل أدوية أخرى على زيادة حجم السوائل المتاحة للقلب لضخها.

وفي كتابها، أشارت ليديكي إلى أن السباحة يمكن أن تكون علاجاً فعالاً لـمتلازمة ضربات القلب الانتصابي الوضعي، وكتبت أن «التمارين الهوائية، مثل السباحة، وتقوية مركز الجسم، يمكن أن توفر الراحة».

وعدت إيوفين التمارين الرياضية أفضل علاج لـمتلازمة ضربات القلب الانتصابي الوضعي. «أزعم أن الحركة هي الدواء لهؤلاء المرضى».

ووفقاً لإيوفين، فإن طلب الرعاية من طبيب القلب والمعالج الطبيعي أمر ضروري. وقالت إن طبيب القلب يمكنه المساعدة في السيطرة على العلامات الحيوية، مثل معدل ضربات القلب وضغط الدم، في حين يمكن للمعالج الطبيعي المتمرس أن يساعد في إدارة الأعراض وزيادة تحمل الوقوف.

ونصحت إيوفين قائلة: «يمكن أن تساعد أشياء، مثل الترطيب المناسب، والقدرة على البقاء هادئاً أيضاً في إدارة الأعراض». وقالت: «ستؤدي الحرارة إلى تمدُّد الأوعية الدموية، مما يجعل من الصعب رفع الدم إلى الرأس ضد الجاذبية».

كيف تؤثر المتلازمة على الرياضيين؟

قالت إيوفين: «يمكن أن تكون متلازمة ضربات القلب الانتصابي الوضعي تحدياً لأي شخص من الأشخاص الذين يعانون من حالات معقدة موجودة مسبقاً، وصولاً إلى الرياضيين الكبار، مثل كاتي ليديكي».

يمكن أن يسبب المرض غالباً شعوراً يشبه الإنفلونزا بعد التمرين، وهو ما يسمى بالضيق بعد المجهود أو تفاقم الأعراض بعد المجهود، وتفسر الطبيبة: «هذا هو الوقت الذي يمكن فيه للجهاز العصبي اللاإرادي أن يتفاعل انعكاسياً مع الإجهاد أو التمرين، مما يجعل الأعراض الموجودة أسوأ أو يخلق مجموعة جديدة من المشكلات».

وتابعت: «يمكن أن تشكل المتلازمة مشكلة بمعنى التمرين الشاق للرياضي الأولمبي - أو في حالات أخرى، قد يكون الجهد البسيط أيضاً صعباً، مثل الخروج من السرير والمشي إلى المطبخ». وأردفت: «في يوم من الأيام، قد يُسمح لك بالسباحة مثل الرياضي الأولمبي، وفي أيام أخرى، ستجعل المتلازمة صاحبها عالقاً في السرير أو حتى على كرسي متحرك».

السباحة الأميركية كاتي ليديكي (إ.ب.أ)

وأضاف غروب أن المتلازمة تشكل تحدياً خاصاً في الأنشطة الرياضية التي تنطوي على أنشطة «البدء والتوقف» المتكررة، مثل كرة السلة والكرة الطائرة وكرة القدم والهوكي.

وتابع: «الأشخاص الذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة في السابق يصابون بقيود وإعاقات شديدة، والمصابون بهذه المتلازمة قد يعانون من التعب الشديد، وعدم تحمل التمارين الرياضية، وعدم تحمل الحرارة، وخفقان القلب، والدوار، والدوار، والإغماء، وضباب الدماغ».

وعدت إيوفين أنه بسبب «عدم ظهور» المرض إلى جانب معدل ضربات القلب المرتفع وتنوع الأعراض، غالباً ما يتم تجاهله باعتباره وظيفة للصحة العقلية. وقالت: «غالباً ما يتم رفض الرعاية المناسبة للمرضى، وإقناعهم بأن الأمر كله في رؤوسهم». واستطردت إيوفي قائلة: «إن متلازمة ضربات القلب الانتصابي الوضعي مرض حقيقي، والخبر السار هو أن هناك استراتيجيات إدارة حقيقية جداً أيضاً».

وبينما لا يوجد علاج للمتلازمة، فإن العديد من المرضى قادرون على إدارة أعراضهم والعودة إلى أنشطتهم اليومية.


مقالات ذات صلة

«أولمبياد 2024»: العداؤون الأميركيون يتوهجون في باريس بعد خيبة طوكيو

رياضة عالمية أولمبياد طوكيو كانت المرة الأولى التي خرج فيها الرجال الأميركيون دون الحصول على ميدالية (أ.ف.ب)

«أولمبياد 2024»: العداؤون الأميركيون يتوهجون في باريس بعد خيبة طوكيو

تعافى رجال الولايات المتحدة من أسوأ أداء لهم على الإطلاق في الألعاب الأولمبية على المضمار، ليقدموا أحد أفضل المستويات لهم في الآونة الأخيرة، وفازوا بست ميداليات

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية منافسات الملاكمة انتهت في أولمبياد باريس (رويترز)

مستقبل أولمبي «كارثي» للملاكمة بعد جدل الهوية الجنسية

انتهت منافسات الملاكمة في أولمبياد باريس داخل الحلبات، لكن النزال الحقيقي خارجها بدأ الآن، وسط شكوك من إدراج رياضة «الفن النبيل» في «ألعاب لوس أنجليس 2028».

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الجندي يطمح إلى إحراز ميدالية جديدة (رويترز)

أولمبياد باريس: المصري الجندي... «جندي» متكامل تخيّله دو كوبرتان

كانت الخماسي الحديث من بنات أفكار بيار دو كوبرتان مؤسّس الحركة الأولمبية الحديثة؛ إذ أراد مسابقة تحاكي تجربة جندي في القرن التاسع عشر خلف خطوط العدو.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية ميشيل غولياس (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس-خماسي»: المجرية غولياس تُتوج بالذهبية

أحرزت المجرية ميشيل غولياس ذهبية مسابقة الخماسي الحديث للسيدات مع رقم قياسي عالمي جديد الأحد في اليوم الأخير من أولمبياد باريس 2024 مسجلة 1461 نقطة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الملاكمة الجزائرية إيمان خليف تقبل ميداليتها الذهبية (أ.ف.ب)

حصاد أولمبياد باريس... ذهبيات «تاريخية» للعرب وأرقام قياسية جديدة

شهدت منافسات أولمبياد باريس الذي يقام حفله الختامي الأحد تحقيق نتائج تاريخية للعرب بحصولهم على 7 ميداليات ذهبية هي الأكبر في تاريخ مشاركاتهم بالألعاب.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أولمبياد 2024»: العداؤون الأميركيون يتوهجون في باريس بعد خيبة طوكيو

أولمبياد طوكيو كانت المرة الأولى التي خرج فيها الرجال الأميركيون دون الحصول على ميدالية (أ.ف.ب)
أولمبياد طوكيو كانت المرة الأولى التي خرج فيها الرجال الأميركيون دون الحصول على ميدالية (أ.ف.ب)
TT

«أولمبياد 2024»: العداؤون الأميركيون يتوهجون في باريس بعد خيبة طوكيو

أولمبياد طوكيو كانت المرة الأولى التي خرج فيها الرجال الأميركيون دون الحصول على ميدالية (أ.ف.ب)
أولمبياد طوكيو كانت المرة الأولى التي خرج فيها الرجال الأميركيون دون الحصول على ميدالية (أ.ف.ب)

تعافى رجال الولايات المتحدة من أسوأ أداء لهم على الإطلاق في الألعاب الأولمبية على المضمار، ليقدموا أحد أفضل المستويات لهم في الآونة الأخيرة، وفازوا بست ميداليات ذهبية في باريس، بعد مغادرة طوكيو دون أي ميدالية تقريباً.

وكانت أولمبياد طوكيو هي المرة الأولى التي يخرج فيها الرجال الأميركيون من الألعاب دون الحصول على ميدالية واحدة في سباقات المضمار، على المستوى الفردي، وهي نتيجة صادمة لبلد هيمنت بشكل معتاد على الساحة الأولمبية.

لكن كانت القصة مختلفة تماماً على مضمار «استاد دو فرنس».

وكان نواه لايلز أول من فاز بعدما حسم أكثر نهائي أولمبي تنافسي على الإطلاق في سباق 100 متر للرجال، وحصل على الميدالية الذهبية بفارق 0.005 ثانية عن أقرب منافسيه. وحصل مواطنه فريد كيرلي على الميدالية البرونزية.

وكانت هذه هي المرة الأولى منذ 20 عاماً التي يتصدر فيها الأميركيون منصة التتويج في هذا الحدث المهم.

وحقق كوينسي هول فوزاً مثيراً في سباق 400 متر، عندما تفوق على البريطاني ماثيو هودسون- سميث، قبل خط النهاية.

وحل كيني بيدناريك ولايلز في المركزين الثاني والثالث خلف ليتسيلي تيبوغو من بوتسوانا، في سباق 200 متر.

كما صعد الأميركيون على منصات تتويج في أحداث لم يُتوَّجوا بها من قبل.

وعبر كول هوكر خط النهاية أولاً في سباق 1500 متر، محققاً واحدة من أكبر المفاجآت في الأولمبياد.

ومع حصول يارد نغوس على الميدالية البرونزية، كانت هذه هي المرة الأولى منذ 112 عاماً التي يقف فيها رجلان أميركيان على منصة التتويج في هذا الحدث.