جدل «التمييز» يخترق أجواء الأولمبياد بعد منع عداءة من ارتداء الحجاب

عداءات خلال إحدى سباقات الجري في الأولمبياد (أ.ب)
عداءات خلال إحدى سباقات الجري في الأولمبياد (أ.ب)
TT

جدل «التمييز» يخترق أجواء الأولمبياد بعد منع عداءة من ارتداء الحجاب

عداءات خلال إحدى سباقات الجري في الأولمبياد (أ.ب)
عداءات خلال إحدى سباقات الجري في الأولمبياد (أ.ب)

قبل أيام قليلة من انطلاق دورة الألعاب الأولمبية في باريس، دخلت العداءة الفرنسية سونكامبا سيلا في جدال مع حكومة بلادها فيما يتعلق بحقها في ارتداء الحجاب خلال حفل الافتتاح.

ولكن بعد التوصل إلى حل وسط يتمثل في ارتدائها قبعة بيسبول زرقاء داكنة تم شراؤها على عجل من متجر كبير، ظهرت العداءة البالغة من العمر 26 عاما في نهر السين مبتسمة مع زملائها الرياضيين في المنتخب الوطني الفرنسي.

ورغم التزام الرياضيات الفرنسيات بقوانين علمانية تمنعهن من ارتداء الحجاب، يرى مدافعون عن حقوق الإنسان أن قضية سيلا تؤدي إلى ترسيخ التمييز ضد المسلمين بينما قال البعض إن هذه القضية تمثل تخفيفا من موقف السلطات على الأقل.

وقال تيموثي جوتييرو، وهو مدرب كرة سلة يعارض حظر الحجاب "من المفترض أن يكون الفريق الفرنسي ممثلا عن فرنسا، وهناك مسلمون في فرنسا. لقد توصلوا إلى حل وسط لإخفاء الحجاب - ولكن لماذا يخفونه؟".

ونشرت سيلا صورا لها وهي تبدو سعيدة بارتدائها القبعة في حفل الافتتاح الأسبوع الماضي، والذي سلط الضوء على قضيتي التسامح والاندماج، لكنها لم تدل بأي تصريحات علنية.

وقال المحامي الفرنسي سليم بن عاشور، الذي يمثل نساء يحظر عليهن ارتداء الحجاب خارج وظائف القطاع العام، إن الإجراء المتخذ بالنسبة لسيلا هو خطوة إلى الأمام لكنه لا يزال ينتهك الحق الأساسي في الحرية الدينية.

وترفض المؤسسات الفرنسية عادة الملابس التي تعتبر بديلا للحجاب.

وقال بن عاشور "تظهر هذه المناقشات أن (حظر الحجاب) ليس مبدأ مقدسا يجب احترامه دوما. (قضية سيلا) هي فرصة وهذا لأن العالم في باريس. لا يمكن لفرنسا أن ترسل رسالة قد تُفسر على أنها سلوك عنصري".

وتحظر القوانين الفرنسية على موظفي الدولة والتلاميذ في المدارس ارتداء الرموز والملابس الدينية في المؤسسات العامة.

وقالت الحكومة إن هذا القرار ينطبق على الرياضيين الأولمبيين الفرنسيين على أساس أنهم في "مهمة خدمة عامة".

وتقول جماعات حقوقية إن هذا الموقف نموذج لسياسة التمييز ضد الرياضيين المسلمين على جميع المستويات.

وقالت آنا بلوس، الباحثة في شؤون حقوق المرأة بمنظمة العفو الدولية "إذا أرادت فرنسا أن تظهر أنها تحتضن الجميع، فإن الطريق السهل للغاية المتوافق مع حقوق الإنسان هو إنهاء هذا النوع من الحظر".

واتفقت السلطات الرياضية الفرنسية مع سيلا على ارتداء القبعة بعد مناقشات ضمت أيضا مسؤولين من علامة بيرلوتي التجارية التابعة لشركة إل.في.إم.إتش العالمية والتي صممت ملابس حفل الافتتاح للرياضيين الفرنسيين. وشركة إل.في.إم.إتش هي إحدى الشركات الراعية لأولمبياد باريس 2024.

ورفضت وزارة الرياضة الفرنسية التعليق، كما لم يتسن لرويترز حتى الآن التواصل مع ممثلي علامة بيرلوتي لتوضيح كيف توصلوا إلى حل وسط مع سيلا.

وبعيدا عن الألعاب الأولمبية، تحظر اتحادات كرة القدم وكرة السلة والجودو في فرنسا حجاب الرأس في مسابقاتها، بينما تسمح بذلك اتحادات الرجبي وكرة اليد وألعاب القوى.

وبالنسبة لسعاد نوبلي التي تركت دراستها في مجال التربية الرياضة لأنها لن تتمكن من ارتداء الحجاب خلال عملها، فإن مطالبة السلطات لسيلا بارتداء قبعة هو أمر غير عادل.

وقالت نوبلي، وهي امرأة من مدينة نانتير تبلغ من العمر 42 عاما وتعمل في مجال الرسوم المتحركة "لنكف عن القول إن هذا في صالحها. (فالسلطات) لم تحترم اختيارها وحقوقها".

وسلطت دورة الألعاب الأولمبية الحالية الضوء على خلافات عديدة حول مكانة الدين والرموز الدينية في الأماكن العامة في فرنسا، موطن أكبر أقلية مسلمة في أوروبا.

وقالت العداءة التونسية لسباق الموانع مروى بوزياني، التي تتنافس بالحجاب الرياضي، إنها لا تستوعب هذا الحظر وإن الرياضيات يجب أن يكون بمقدورهن اختيار ما يرتدينه.

وأضافت مروى (27 عاما) لرويترز خلال جلسة تدريبية "لماذا عليها أن ترتدي القبعة؟ ما الفرق؟ هل تعتقد حكومتها أن الحجاب متخلف؟...(القبعة) يمكن أن تزعجك، فهي ليست مريحة، يمكن للرياح أن تطيح بها، إنها ليست مثل الجري مع ارتداء الحجاب".

وعندما سُئلت معصومة علي زاده، رئيسة بعثة الفريق الأولمبي للاجئين وراكبة دراجات، عن رأيها في ارتداء القبعة بوصفه حلا وسطا، قالت إنه سؤال صعب.

ومُنحت معصومة حق اللجوء في فرنسا بعد فرارها من أفغانستان وهي الآن ترتدي الحجاب.

وقالت لرويترز "أنا سعيدة حقا بوجودي في الفريق الأولمبي للاجئين وهم يحترمونني كما أنا".


مقالات ذات صلة

باخ: الملاكمة في أولمبياد لوس أنجليس ستخضع لشروط كثيرة

رياضة عالمية توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية (رويترز)

باخ: الملاكمة في أولمبياد لوس أنجليس ستخضع لشروط كثيرة

قال رئيس اللجنة الأولمبية الألماني توماس باخ، السبت، إنه يجب إدراج الملاكمة في الألعاب المقبلة في لوس أنجليس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الفارس المصري نائل نصار لن يشارك في الأولمبياد (اللجنة الأولمبية المصرية)

«أولمبياد باريس - فروسية»: المصري نائل صهر بيل غيتس ينسحب بسبب إصابة جواده

انسحب نائل نصار صهر الملياردير الأمريكي بيل غيتس، وهو الفارس الوحيد الذي يمثل مصر في أولمبياد باريس وثار جدل كبير حول مشاركته، من منافسات قفز الحواجز.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الملاكمة التايوانية يو تينغ لين (رويترز)

«أولمبياد باريس - ملاكمة»: التايوانيون يتضامنون مع لين بعد جدل حول جنسها

ضجّت حانة رياضية في تايبيه بتصفيق الجمهور بعد إعلان فوز الملاكمة التايوانية يو تينغ لين في مباراتها الافتتاحية ضمن أولمبياد باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية الهولندية كارولين فلورين تحرز ذهبية التجديف للقارب الفردي للسيدات (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس - تجديف»: فلورين تمنح هولندا ميدالية ذهبية

تُوجت الهولندية كارولين فلورين بالميدالية الذهبية في مسابقة التجديف للقارب الفردي للسيدات في أولمبياد باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية السباح الأسترالي كاميرون ماكيفوي (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس - سباحة»: ماكيفوي يتجاوز نتائج طوكيو وينطلق نحو الذهب

توج السباح الأسترالي (30 عاما) الجمعة بأول ميدالية ذهبية لبلاده في سباق 50 مترا حرة في دورة الألعاب الأولمبية الرابعة التي يشارك فيها بعد الفوز بالسباق.

«الشرق الأوسط» (باريس)

السباح الفرنسي مارشان: مقارنتي بفيلبس «جنون»

السباح الفرنسي ليون مارشان (رويترز)
السباح الفرنسي ليون مارشان (رويترز)
TT

السباح الفرنسي مارشان: مقارنتي بفيلبس «جنون»

السباح الفرنسي ليون مارشان (رويترز)
السباح الفرنسي ليون مارشان (رويترز)

بلغ الفرنسي ليون مارشان أربعة نهائيات أحرز فيها أربع ميداليات ذهبية وحقق أربعة أرقام قياسية أولمبية في ألعاب باريس الصيفية الحالية، وباتت براعته في حوض السباحة حدثاً استثنائياً لدرجة أن بعض مواطني بلاده ربما يتوقعون منه المشي فوق الماء مثلما يسبح فيه.

ويبذل البطل المحلي الذي يتردد اسمه في جميع الأرجاء قصارى جهده للحفاظ على واقعيته.

وبات الآن يتقاسم المكانة نفسها مع الأسطورتين الأميركيين مايكل فيلبس ومارك سبيتز الرجلين الآخرين الوحيدين اللذين فازا بأربع ميداليات ذهبية في منافسات السباحة الفردية في دورة ألعاب واحدة، ولم يصدق مارشان هذه المقارنة.

وقال السباح الشاب الذي عمل مدربه بوب بومان مع فيلبس أيضاً: «هذا جنون. هؤلاء الرجال أساطير. أساطير في رياضتهم الخاصة. من الجنون مقارنتي بهؤلاء الأشخاص. لا أعتقد أني سأدرك ذلك في الوقت الراهن. ربما سأفعل في غضون أيام قليلة».

وبدأ مارشان الألعاب الأولمبية باعتباره رمزاً لأحلام وطموحات الدولة المضيفة لكنه كان بطلاً لم يتوج بأي ميدالية. ولم ينتظر طويلاً.

أحرز الميدالية الذهبية في السباق الأول وهو 400 متر فردي متنوع، ثم حقق السباح الفرنسي إنجازاً غير مسبوق في سباقي 200 متر فراشة وصدراً في اليوم ذاته. وأضاف الجمعة ميدالية 200 فردي متنوع.

وقال مارشان للصحافيين: «استيقظت هذا الصباح وأنا مفعم بالطاقة. لا أعتقد أن أي شيء سار بطريقة خاطئة هذا الأسبوع. كان الأمر مثالياً».

وأضاف: «لم أعتقد أن بإمكاني إحراز أربع ميداليات ذهبية. كنت أحاول الفوز بواحدة في البداية. كانت لدي أربع فرص للقيام بذلك. بالتأكيد، أنا الآن بحاجة إلى هذا الوقت للتفكير فيما فعلته للتو. لذا أنا بحاجة إلى عطلة».

وقال بومان إن المقارنات مع فيلبس مبررة.

وأضاف المدرب: «ثبت إلى حد ما أن ليون ينضم إلى مايكل في هذه الفئة النادرة جداً من الناس الذين يقدمون أداءً أفضل عندما يكون الضغط كبيراً. لذا فإن أداءه يرتفع إلى مستوى الضغط. كان هناك الكثير من السباحين العظماء. إنه بالتأكيد أحد العظماء».

ويتفق مع هذا الرأي دنكان سكوت الحائز على الميدالية الفضية، الذي يعد أيضاً أحد عظماء بريطانيا بعد تحقيقه رقماً قياسياً لبلاده بإحراز الميدالية الثامنة.

وقال السباح الأسكوتلندي: «أصبح نجماً عالمياً الآن».