«أولمبياد باريس»: مارشان من «الصبي المتحفّظ» إلى عملاق السباحة

ليون مارشان (أ.ف.ب)
ليون مارشان (أ.ف.ب)
TT

«أولمبياد باريس»: مارشان من «الصبي المتحفّظ» إلى عملاق السباحة

ليون مارشان (أ.ف.ب)
ليون مارشان (أ.ف.ب)

تحوّل الفرنسي ليون مارشان من «الصبي الصغير المتحفّظ» إلى عملاق في أحواض السباحة بعدما فرض نفسه من أبرز نجوم أولمبياد بلاده إن لم يكن أبرزهم، أقله حتى الآن، بإحرازه ثلاث ذهبيات، والأهم أنه بات أول سبّاح في تاريخ الألعاب يتوج بسباقي 200 متر فراشة و200 متر صدراً.

وما يزيد من أهمية حجم الإنجاز الذي حققه ابن الـ22 عاماً مساء الأربعاء في باريس، أنه أحرز ذهبيتي 200 متر فراشة و200 متر صدراً في غضون ساعتين فقط، إضافة إلى فوزه بذهبية سباق 400 متر متنوعة بفارق كبير عن أقرب منافسيه.

الوجود في الأضواء ليس بالشيء الذي يناسب شخصية مارشان الذي كان هذا «الصبي الصغير المتحفظ» خلال بداية المشوار في مسقط رأسه تولوز حيث اعتاد ركوب الدراجة على مسافة بضع مئات من الأمتار للوصول من منزل العائلة إلى المجمع المائي.

تحيط الألواح الخشبية بحوض السباحة الصغير في مجمع ألفريد نقاش الذي تم إغلاقه منذ أشهر بسبب مشاكل التأكّل. مثل العديد من أطفال المدينة الوردية، تعلم مارشان السباحة هناك، بين الجدران القديمة لمبنى مصنف كنصب تاريخي.

كان بين السادسة والسابعة من عمره حين بدأ السباحة مع نادي «تي أو آي سي دوفان» في مسار طبيعي بالنسبة للعائلة؛ إذ كان والده كزافييه وصيف بطل العالم في سباق 200 متر متنوعة عام 1998.

كما شاركت والدته سيلين بونيه، وهي سباحة من المستوى العالمي، في أولمبياد برشلونة عام 1992 الذي وُجد فيه أيضاً عمه كريستوف مارشان.

رغم كل هذا المحيط، لم يشعر ليون دائماً أنه في المكان الذي يريده لدرجة أنه ترك السباحة لفترة وجيزة من أجل اختبار الجودو والرغبي الذي يعتبر أكثر رياضة شعبيةً في منطقته.

تراجع الصبي الأشقر عن قراره وكأنه كان يشعر بما يخبئ له المستقبل، ومن دون أي ضغط على الإطلاق من والديه، بل على العكس؛ فهما خفّفا من حماسته، إدراكاً منهما بالمتطلبات الانضباطية التي تحتاجها السباحة.

مارشان أحرز ذهبيتي 200 متر فراشة و200 متر صدراً في غضون ساعتين فقط (أ.ف.ب)

«قائد بالفطرة»

يتذكّر نيكولا كاستيل «صبياً صغيراً متحفظاً» عندما بدأ تدريبه وهو في الثامنة من عمره، مضيفاً: «من حيث التحرّك في الماء، كان جيّداً لكنه لم يكن استثنائياً»، مشيراً إلى أنه لم يكن أيضاً صاحب بنية جسدية قوية.

ويضيف مدربه السابق: «كان سعيداً بشكل خاص لوجوده بين أصدقائه. هذا هو القاسم المشترك في مسيرته حتى الآن، كان قادراً أينما حل على تكوين مجموعة من الأصدقاء الذين يخوض معهم المغامرة ويشاركهم الأوقات الجيدة».

وريمي لاكور أحدهم وأيضاً يتذكر ليون الذي كان «ضعيف النمو» جسدياً في بداياته، و«كان يزن على الأرجح 40 كلغ في الصف السادس، كان في الحقيقة ربياناً»، لكنه كان مجتهداً جداً.

واستطرد بشأن الصبي الذي بات بطل العالم في سباقين خلال مونديال 2022 وخمسة في مونديال 2023 إضافة إلى ذهبياته الأولمبية الثلاث، قائلاً إنه «قائد بالفطرة».

وتابع صديقه وزميل مقاعد الدراسة في مدرسة «بيرتيلو» في تولوز: «لم يكن بالضرورة الشخص الذي يتحدث بصوت أعلى أو كان لديه أقوى رأي. كان جيداً في كل ما يفعله، واتفقنا في الصف الثالث على انتخابه ممثلاً للفصل، وقد حدث ذلك من دون أن يترشح».

ليون مارشان (أ.ف.ب)

توقف معظم رفاق الدرب عن السباحة مع مرور الأعوام واختيارات الحياة، لكن ليون واصل شق طريقه التقدمي من مرحلة إلى أخرى، من المنافسة على مستوى الشاب إلى المنافسة على مستوى فرنسا، وصولاً إلى أولمبياد طوكيو في صيف 2021 ورحيله إلى الولايات المتحدة للتدرب مع بوب بومان، المرشد السابق لمايكل فيلبس.

يقول كاستيل: «لم تكن هناك لحظة قلنا فيها لأنفسنا: حسناً، لقد وصلنا، هذا هو مايكل فيلبس المستقبلي»، مضيفاً: «حدث ذلك تدريجياً، وفي كل مرة وضعنا فيها أهدافاً لأنفسنا؛ حققناها».

كشف المدرب الشاب الموشوم الذراعين مع قرط في كل من أذنيه، أن والدي ليون لم يتدخلا في عمله، مضيفاً: «كزافييه وسيلين فهما سريعاً أن لا ضرورة لتضارب التوجيهات من الأهل والمدرب. وهذا خلق أيضاً قوة حول ليون، لقد شعر بالارتياح والحماية».

ورداً على سؤال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فَضَّل السباح السابق كزافييه مارشان الذي أصبح صحافياً مصوراً في قناة «فرنس 3 أوكسيتاني»، إبقاء نفسه خارج دائرة الأضواء: «إنها قصته، وليست قصتي».


مقالات ذات صلة

أولمبياد باريس: فرسان الأخضر يتعثرون وينقلون آمالهم إلى «الفردي»

رياضة عالمية اللكمة التي أدت إلى انسحاب الإيطالية انجيلا من أمام منافساتها الجزائرية إيمان (أ.ف.ب)

أولمبياد باريس: فرسان الأخضر يتعثرون وينقلون آمالهم إلى «الفردي»

في مشهد غير مألوف، ودّع المنتخب السعودي للفروسية منافسات قفز الحواجز للفرق المختلطة الخميس، بأولمبياد باريس 2024، ضمن التصفيات المؤهلة للدور النهائي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية فريق السباحة الأميركي لدى تتويجه بذهبية التتابع (أ.ف.ب)

عمالقة السباحة الأميركية «تائهون» في المياه الأولمبية

عند الساعة الـ 10:22 من مساء الأربعاء الماضي، عُزفت المقاطع الأولى من نشيد «ذا ستار سبانغليد - بانار»، حيث رفرف العلم الأميركي

ذا أثلتيك (نانتير - فرنسا)
رياضة عالمية راشفورد سجل هدفا ثم سقط مصابا خلال فوز يونايتد على بيتيس وديا بمعسكر الإعداد الاميركي (اب)

الإصابات المتلاحقة أزمة تهدّد مانشستر يونايتد قبل انطلاق الموسم الجديد

بات هاجس الإصابات المتلاحقة بمثابة أزمة تهدّد مانشستر يونايتد، بعد أن اضطر الثنائي ماركوس راشفورد والبرازيلي أنتوني إلى الخروج من المباراة الودية التي فاز بها

«الشرق الأوسط» (لندن - واشنطن)
رياضة عالمية ما هو مستقبل أوسيمين... وهل سيكون لوكاكو بديلاً له في نابولي؟

ما هو مستقبل أوسيمين... وهل سيكون لوكاكو بديلاً له في نابولي؟

من المفهوم أن يرغب لوكاكو في اللعب مرة أخرى تحت قيادة كونتي... حيث قدم أفضل مستوياته.

رياضة عالمية ماير قال إنه لن يشارك في منافسات العشاري (رويترز)

انسحاب ماير حامل الرقم القياسي العالمي في العشاري من الأولمبياد

أعلنت اللجنة الأولمبية الفرنسية، الخميس، انسحاب كيفن ماير، حامل الرقم القياسي العالمي في العشاري، من الأولمبياد بسبب إصابة في الفخذ.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«أولمبياد باريس-جمباز»: بايلز تعزز أسطوريتها بالذهبية السادسة

الأميركية سيمون بايلز محاصرة بكميرات الإعلاميين عقب تتويجها بذهبية الجمباز الكاملة للفردي (أ.ب)
الأميركية سيمون بايلز محاصرة بكميرات الإعلاميين عقب تتويجها بذهبية الجمباز الكاملة للفردي (أ.ب)
TT

«أولمبياد باريس-جمباز»: بايلز تعزز أسطوريتها بالذهبية السادسة

الأميركية سيمون بايلز محاصرة بكميرات الإعلاميين عقب تتويجها بذهبية الجمباز الكاملة للفردي (أ.ب)
الأميركية سيمون بايلز محاصرة بكميرات الإعلاميين عقب تتويجها بذهبية الجمباز الكاملة للفردي (أ.ب)

رفعت الأسطورة الأميركية سيمون بايلز، رصيدها الأولمبي إلى ست ذهبيات، وذلك بإحرازها لقب المسابقة الكاملة للفردي في الجمباز الخميس في أولمبياد باريس، مؤكدة بذلك أنها وضعت خلفها خيبة طوكيو قبل ثلاثة أعوام حين انسحبت من معظم المسابقات بعد معاناتها مما يُعرف بالالتواءات (تويستيز).

وتفوقت بايلز الخميس على البرازيلية ريبيكا أندرادي ومواطنتها حاملة اللقب سونيسا لي، لتتقدم في لائحة الأكثر إحرازاً للذهب في جمباز السيدات إلى المركز الخامس على حساب الرومانية ناديا كومانتشي (5)، على أمل أن تصل في باريس إلى الرقم القياسي المسجل باسم السوفياتية لاريسا لاتينيا (9 بين 1956 و1964).

وسبق لابنة الـ27 عاماً أن أحرزت في باريس 2024 ذهبية المسابقة الكاملة للفرق الثلاثاء بصحبة لي وجوردان تشايلز وغايد كاري.

وباتت بايلز أول لاعبة جمباز على الإطلاق تستعيد لقب المسابقة الكاملة في الألعاب الأولمبية بعدما أحرزته في ريو 2016 قبل أن تتنازل عنه في طوكيو التي وصلت إليها واضعةً النجومية والتاريخ نصب عينيها، لكنها انسحبت من معظم المسابقات بعد معاناتها من صدمة ذهنية مربكة و"مرعبة".

لم تعد بايلز إلى المنافسة إلا بعد عامين من مشاركتها المخيبة في طوكيو، في صيف 2023 في الولايات المتحدة، وفي الخريف التالي على الساحة الدولية، بفوز مذهل برباعية في بطولة العالم في أنتويرب (بلجيكا).

ورفعت الأميركية رصيدها الأولمبي الإجمالي إلى تسع ميداليات (6 ذهبيات وواحدة فضية وبرونزيتان)، إضافة إلى ألقابها العالمية الـ23، معززة الرقم القياسي الذي حققته الثلاثاء كلاعبة الجمباز الأكثر إحرازاً للميداليات الأولمبية في تاريخ بلادها، متفوقة بفارق ميداليتين على شانون ميلر التي نالت سبعاً في برشلونة 1992 وأتلانتا 1996، بينها ذهبيتان فقط.

كما باتت ثالث لاعبة فقط تحرز المسابقة الكاملة للفردي مرتين بعد لاتينيا (1956 و1960) والتشيكوسلوفاكية فيرا تشاسلافسكا (1964 و1968).

وترتدي بايلز قلادة على شكل ماعز في إشارة إلى كلمة "goat" والتي تعني الأعظم على مر التاريخ، وهي علقت على ذلك "بالنسبة لقلادتي، البعض يحبها والبعض الآخر يكرهها".

واستطردت "من الجنون أن أكون ضمن قائمة أعظم الرياضيين على الإطلاق لأني سيمون بايلز من سبرينغ في تكساس. قبل ثلاثة أعوام لم أكن أتخيل أبداً أني سأخطو قاعة الجمباز مرّة أخرى، لكني عملت بجد، ذهنيا وبدنياً، حتى أني رأيت معالجي (النفسي) هذا الصباح، فقط للتأكد من أني بصحة ذهنية جيدة".

وجمعت بايلز 59.131 نقطة، فيما حصلت أندرادي على 57.932 ولي على 56.465 نقطة أمام حشد متحمس من الجمهور في "بيرسي أرينا" وبحضور الكثير من المشاهير كالعادة، على غرار نجم منتخب السلة الأميركي كيفن دورانت, ولاعب سان أنتونيو سبيرز السابق الفرنسي توني باركر, وبطل مونديال 1998 لكرة القدم مع البلد المضيف زين الدين زيدان أو عارضة الأزياء الأميركية كندال جينير.

وهذه المرّة الأولى في تاريخ المسابقة الكاملة في الألعاب الأولمبية التي تتواجه فيها لاعبتان متوجتان بلقبي النسختين السابقتين بشخص لي وبايلز، وكانت الولايات المتحدة في نهاية الأمر المستفيدة بإحرازها المسابقة للمرة السادسة توالياً وسابعة قياسية بالمجمل.

وبإمكان بايلز أن تضيف ثلاث ذهبيات أخرى في باريس عبر حصان القفز، عارضة التوازن والحركات الأرضية.

ويقام نهائي حصان القفز السبت ثم يليه نهائيي الحركات الأرضية وعارضة التوازن الاثنين.