جائزة بلجيكا الكبرى: فيرستابن للعودة إلى سكة الانتصارات

ماكس فيرستابن (أ.ب)
ماكس فيرستابن (أ.ب)
TT

جائزة بلجيكا الكبرى: فيرستابن للعودة إلى سكة الانتصارات

ماكس فيرستابن (أ.ب)
ماكس فيرستابن (أ.ب)

يأمل الهولندي ماكس فيرستابن بطل العالم ثلاث مرات في وضع حد لإخفاقاته في السباقات الثلاثة الماضية والعودة إلى سكة الانتصارات بمواجهة تهديد ماكلارين المتفوق في الفترة الأخيرة، حين يخوض نهاية الأسبوع جائزة بلجيكا الكبرى، الجولة الرابعة عشرة من بطولة العالم للفورمولا 1 على حلبة سبا فرنكورشان.

غادر «ماد ماكس»، متصدر الترتيب العام، جائزة المجر الكبرى غاضباً بعدما اجتاز العلم المرقّط في المركز الخامس، بسبب شعوره بالإحباط، فتلفّظ بكلماتٍ نابية عبر الراديو وفي المقابلات عقب السباق.

حصل ذلك بعدما اصطدم به سائق مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون خلال محاولة تجاوزه وحال دون تقدمه للمركز الثالث، وبعدما ذهب إلى النوم في الثالثة صباحاً قبل انطلاق السباق بسبب استخدامه لجهاز المحاكاة حتى وقتٍ متأخّر، الأمر الذي دفع فريقه إلى تحذيره من تكرار ذلك.

يمرّ فيرستابن وفريقه ريد بول بفترة عجاف، حيث لم يتمكنا من الصعود إلى أعلى عتبة على منصة التتويج في السباقات الثلاثة الماضية، حيث فاز سائقا مرسيدس البريطاني جورج راسل وهاميلتون في النمسا وبريطانيا والأسترالي أوسكار بياستري (ماكلارين) في المجر.

ويُدرك الهولندي الذي يعود فوزه الأخير هذا العام إلى جائزة إسبانيا الكبرى في 23 يونيو (حزيران)، جيداً أنه يحتاج إلى تقديم أداء أكثر تماسكاً على حلبته المفضلة الأحد، لتجنّب تمديد سلسلة عدم الفوز إلى أربعة وذلك للمرة الأولى منذ 2020.

قال السائق البالغ 26 عاماً: «كان سباق المجر صعباً ونهاية أسبوع يجب نسيانها والمضي قدماً. لقد عملنا على تطوير أدائنا وإخراج أفضل ما يمكن من السيارة».

وأضاف: «سبا كانت دائماً حلبة مفضّلة لدي بسبب المنعطفات السريعة والفرص الكثيرة للتجاوز. كما أن الجماهير رائعة ونتلقى منها الكثير من الدعم».

يبحث فيرستابن، المتوّج على الحلبة البلجيكية في الأعوام الثلاثة الماضية، عن استعادة مستواه بفوز رابع توالياً ما سيقربه أكثر من حامل الرقم القياسي لعدد الانتصارات في بلجيكا الأسطورة الألماني شوماخر (6)، لكنه قد يضطر للبدء من المراكز المتأخرة عند خط الانطلاق في حال جهّز ريد بول سيارته بوحدة طاقة (محرك) خامسة جديدة هذا العام.

وفي حال حصل ذلك، سيتخطى ريد بول الحد الأقصى المسموح به لكل موسم (4)، لكن الهولندي أثبت سابقاً أنه قادر على تجاوز العقوبات وتحقيق الفوز رغم انطلاقه من مراكز متأخرة.

ويحظى فيرستابن الذي وُلد في بلجيكا لأمٍ بلجيكية ونشأ في هولندا، بدعمٍ جماهيري محلي كبير، وقد يحتاج إلى هذا الدعم في محاولته توسيع الفارق مع مطارده المباشر سائق ماكلارين البريطاني لاندو نوريس بعدما تقلّص الفارق بينهما إلى 76 نقطة (265 مقابل 189).

وعلى غرار فيرستابن، وُلد نوريس لأمٍ بلجيكية، وبدوره سُلّطت عليه الأضواء على حلبة هنغارورينغ المجرية الأسبوع الماضي حين طلب منه فريقه التخلي عن المركز الأوّل لصالح زميله الأسترالي أوسكار بياستري. بداية رفض البريطاني الانصياع لأوامر ماكلارين قبل أن يشرّع مرغماً الباب لزميله لتجاوزه قبل 3 لفات من انتهاء السباق (70).

حذّر البريطاني كريستيان هورنر مدير ريد بول، من التهديد الذي يشكّله ماكلارين الذي يملك أسرع سيارة، إضافة إلى التطور الهائل لدى مرسيدس والملحوظ عند فيراري، حيث بإمكان هذا الثلاثي أن يقف حجر عثرة في طريق الحظيرة النمساوية التي يتوجب عليها الرد سريعاً أمام الإخفاقات الأخيرة.

قال هورنر: «سنواصل تطوير أسرع سيارة بقدر ما يمكننا فعل ذلك، وهذا ما سنستمر في القيام به».

وتابع: «في بطولة السائقين، يتصدّر ماكس بفارقٍ جيّد، ولكن هذا يمكن أن يتقلص بسرعة كبيرة، لذلك لا يمكن عدّ أي شيء أمراً مسلّماً به».

بدوره، قال مستشار الفريق النمساوي هيلموت ماركو لموقع «سبيد ويك» تعقيباً على ما قام به فيرستابن قبل سباق المجر: «اتفقنا على أنه لن يفعل ذلك مجدداً وتشغيل جهاز المحاكاة في وقت متأخر من الليل».

ينصب التركيز الأكبر على السائقين ضمن دائرة المنافسة على اللقب العالمي، إلاّ أن ذلك قد يكون في مصلحة بياستري الذي يقف في الظل وأظهر قدراته القيادية بعدما حقق باكورة انتصاراته في الفئة الأولى في المجر الأحد الماضي.

قال الأسترالي البالغ 23 عاماً: «(حلبة) سبا لم تكن أفضل مكان لتحقيق الانتصارات بالنسبة لنا في السنوات الماضية، لكنني واثق أننا سنقدّم أداء قوياً».

وأردف: «لدينا سيارة باتت متكاملة، لذا أشعر بثقة كبيرة، وأعتقد أن الفريق يشعر بذلك أيضاً».

وبعد ثنائية المجر، انتزع فريق ماكلارين المركز الثاني من فيراري في ترتيب الصانعين (338 نقطة مقابل 322)، حيث لم يعد يتأخر سوى بفارق 51 نقطة عن ريد بول المتصدر.

في المقابل، سيكون سائق مرسيدس البريطاني لويس هاميلتون، بطل العالم سبع مرات، والذي حلّ ثالثاً في المجر، منافساً على حلبة توّج عليها 4 مرات آخرها عام 2020، في حين لا يمكن وضع سائق فيراري شارل لوكلير من موناكو الذي وصل رابعاً في هنغارورينغ، خارج الحسابات في بلجيكا، حيث سجل أسرع توقيت في التجارب التأهيلية العام الماضي وفاز باللقب عام 2019.


مقالات ذات صلة

الدوري الإيطالي يسعى للحصول على تعويضات بـ1.8 مليار يورو

رياضة عالمية هذا النزاع القضائي يأتي في أعقاب حكم إيطالي يتعلق بمكافحة الاحتكار (الشرق الأوسط)

الدوري الإيطالي يسعى للحصول على تعويضات بـ1.8 مليار يورو

كشفت وثيقة قضائية ومصادر قانونية مطلعة أن أندية كبرى لكرة القدم في إيطاليا تسعى للحصول على تعويضات بمليارات الدولارات من 3 وكالات إعلامية.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية نادال خلال التدريبات (د.ب.أ)

«أولمبياد باريس»: نادال يعود إلى التدريبات

تمكّن أسطورة كرة المضرب الإسباني رافايل نادال إلى التدريبات الجمعة خلافاً للخميس عندما غاب عن التمرينات بسبب مشكلة بدنية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية روبنسون أحد المرشحين للفوز بالميدالية الذهبية أُصيب بجرح في قدمه (أ.ب)

«أولمبياد باريس»: إصابة رياضي الألواح الشراعية روبنسون خلال تدريب

أُصيب الرياضي الأسترالي جاك روبنسون، المتخصص في منافسات الألواح الشراعية، بجرح في قدمه خلال التدريب في تاهيتي؛ ما استلزم 5 غرز للعلاج.

«الشرق الأوسط» (تياهوبو (تاهيتي))
لمسات الموضة الأزياء التي صمّمتها دار «كنزو» لفريق الجودو الفرنسي (كنزو)

أولمبياد باريس: الصراع على الذهبية بين المجموعات الضخمة والمصممين المستقلين

كل الأنظار ستتوجه اليوم نحو باريس. فالكل موعود بمشهد لا مثيل له. يقال إنه سيتضمن موكباً لأكثر من 160 قارباً، يحمل 10500 رياضي على طول نهر السين يتألقون بأزياء…

جميلة حلفيشي (لندن)
رياضة عالمية كوكو غوف (إ.ب.أ)

«أولمبياد باريس»: غوف قلقة بشأن فارق الطول مع ليبرون جيمس

عبّرت لاعبة كرة المضرب الأميركية كوكو غوف مازحة عن قلقها بشأن فارق الطول بينها وبين مواطنها نجم كرة السلة «الملك» ليبرون جيمس، قبل حفل افتتاح غير مسبوق وتاريخي.

«الشرق الأوسط» (باريس)

بعد 100 عام من الانتظار... «أولمبياد باريس» يستضيف قادة العالم في حفل استثنائي

تعزيزات أمنية حول استاد «بارك دي برنس» الأربعاء (أ.ب)
تعزيزات أمنية حول استاد «بارك دي برنس» الأربعاء (أ.ب)
TT

بعد 100 عام من الانتظار... «أولمبياد باريس» يستضيف قادة العالم في حفل استثنائي

تعزيزات أمنية حول استاد «بارك دي برنس» الأربعاء (أ.ب)
تعزيزات أمنية حول استاد «بارك دي برنس» الأربعاء (أ.ب)

أخيراً، ستحلّ، عصر الجمعة، ساعة الصفر لانطلاق حفل الافتتاح الضخم لأولمبياد باريس الذي تنتظره العاصمة الفرنسية منذ 100 عام، وهو تاريخ آخر ألعاب أولمبية صيفية استضافتها فرنسا، التي كانت في شهر يوليو (تموز) من عام 1924. ولأن الاستحقاق تاريخي، ولأن باريس تتحضر له منذ أكثر من 4 أعوام، فإن الدولة عازمة على تقديم أفضل صورة لـ«عاصمة الأنوار»، بينما ستكون أنظار العالم مركّزة عليها طيلة أسبوعي الأولمبياد الذي تنطلق ألعابه، السبت، وتتواصل حتى 11 أغسطس (آب). تلي ذلك، نهاية شهر أغسطس حتى 8 سبتمبر (أيلول) الألعاب الرديفة المسماة «بارا - أولمبية» المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، التي تريد الحكومة الفرنسية ومعها اللجنة الأولمبية إيلاءها الاهتمام اللازم.

فريق جنوب أفريقيا للرغبي سباعي اللاعبين قبل مباراته مع فريق اليابان الخميس في الملعب الكبير في ضاحية سان دوني شمال باريس (أ.ف.ب)

حفل افتتاح «استثنائي»

ليس من المبالغة في شيء تأكيد أن نظرة فرنسا للأولمبياد تتخطى بأشواط جوانبها الرياضية؛ إذ إنها تريد أن تكون مرآة تعكس حضورها في العالم على كافة المستويات. وقال جيرالد دارمانان، وزير الداخلية، متحدثاً عن حفل الافتتاح: «إنه لأمر استثنائي أن يتمكن بلد ما من القيام به وإنجاحه، ولم يسبق لنا تنظيم حفل يشبهه خارج الملعب المغلق وفي السياق الجيوسياسي والإرهابي الذي نعرفه. إنه بالفعل تحدٍّ كبير للغاية. إنه رمز لفرنسا التي نظّمت نفسها بنفسها، وهو أمر لا يعرف أي شخص آخر في العالم كيف يفعل ذلك».

وللدلالة على أهمية الحدث، تكفي الإشارة إلى أن 120 رئيس دولة وحكومة سيحضرون حفل الافتتاح الذي سيحصل على مجرى نهر السين، الذي يقسم باريس إلى قسمين، وسيحضره 320 ألف متفرج موزّعين على ضفتي النهر. ولم يسبق إطلاقاً أن جرى حفل افتتاح في فضاء خارجي وفي مجرى نهر كنهر السين، حيث سيتجمهر 8500، من أصل 10500، مُشارك على 94 مركباً تمخر عباب المياه بطول ستة كم انطلاقاً من جسر «أوسترليتز» الواقع شرق العاصمة وحتى جسر إيينا «في شقها الغربي». ولأن اليونان هو مهد الألعاب الأولمبية، فإن شرف تقدم كافة البعثات يعود للبعثة اليونانية، فيما مركب الاختتام سيعود لفرنسا، الدولة المضيفة.

وطيلة نحو 4 ساعات، سيكون ما لا يقل عن مليار مشاهد عبر العالم مسمّرين أمام أجهزة التلفزة لمتابعة الحدث الباريسي، الذي تمّ تصميمه ليعكس تاريخ العاصمة وإرثها الثقافي والفني والمعماري، خصوصاً أن باريس التاريخية نشأت ملاصقة لمجرى النهر. وستمر المراكب إلى جانب «كاتدرائية نوتردام» وجزيرتي «سان لويس» و«لا سيتيه» و«جسر الفنون» «لو بون دي زار»، ومتحف «اللوفر»، وقصر «التويليري»، ومبنى الجمعية الوطنية، وقصر كي دورسيه (وزارة الخارجية)، فضلاً عن «متحف أورسي»، وبرج إيفل، ولينتهي المسار تحت أقدام «ساحة تروكاديرو» الشهيرة وحديقتها المطلة مباشرة على نهر السين.

وطيلة المسار، ستواكب الحفل لوحات من الرقص والغناء والموسيقى، وثمة مفاجآت لم يكشف عنها، ومما يهمس به أن راقصين وراقصات سيطلون من أسطح الأبنية المطلة على السين أو من شرفات بعض المعالم الشهيرة لتقديم لوحات استثنائية، فيما تدور تساؤلات عن مشاركة المغنية الكندية «سيلين ديون» في الحفل الغنائي، وربما مع المغنية الأميركية «ليدي غاغا»، وكلتاهما وصلت إلى باريس. ويقال إنهما ستغنيان معاً أغنية «إديث بياف» الشهيرة المسماة «نشيد للحب».

وسبق أن جرى جدل واسع في فرنسا حول مشاركة المغنية آيا ناكامورا، مزدوجة الجنسية الفرنسية - المالية لتكون نجمة الحفل الغنائي، ووجّه اليمين المتطرف سهامه ضدها، معتبراً أنها لا تمثل فرنسا ولا تغني حقيقة بالفرنسية.

وطيلة المسار، ستنتقل الشعلة الأولمبية بين أيدي مجموعة مختارة من الشخصيات الفرنسية الرياضية التي برزت بقوة في السنوات الأخيرة، فيما الحفل الرسمي سيجرى في ساحة «إسبلاناد تروكاديرو»، بمشاركة كبار المدعوين والبعثات الأولمبية الـ205 التي حضرت إلى فرنسا.

ولا يمكن لحفل كهذا أن يكتمل من غير مشاركة الطائرات الاستعراضية الفرنسية التي تطير على ارتفاعات منخفضة للغاية، وينتظر أن ترسم قلباً باللون الأحمر فوق نهر السين. ولأن الآلاف يرغبون بالمشاركة عن قرب بالاحتفالات، فإنه تم نصب 80 شاشة عملاقة في ساحات قادرة على استيعاب آلاف المشاهدين.

حضور دولي واسع

كثيرة التحديات التي تواجه فرنسا: سياسية؛ لأن البلاد تجتاز مرحلة انتقالية بعد الانتخابات البرلمانية واستقالة الحكومة وعدم تكليف شخصية لتشكيل حكومة جديدة، وتنظيمية، ولوجيستية، وسيبرانية. لكن التحدي الأكبر أمني بامتياز، ما يفرضه وجود أكثر من مائة رئيس دولة وحكومة في فضاء مفتوح، فيما المسؤولون الفرنسيون دأبوا على التحذير من المخاطر الأمنية مختلفة الأشكال والأبعاد التي تهدد الأولمبياد الذي يجري في ظل حربين: الحرب الأوكرانية، والحرب الإسرائيلية على غزة.

وبخصوص الأولى، فإنها تمظهرت بوجود بعثة روسية ضئيلة العدد ستمنع من المشاركة في الاحتفال الرسمي ومن رفع علم بلادها خلال المباريات الرياضية، فيما الرئيس فلاديمير بوتين سيكون الغائب الأكبر؛ لأنه لم يدع أساساً للحضور. وحرب غزة انتقلت إلى فرنسا بعد مطالبات متعددة بمنع مشاركة الرياضيين الإسرائيليين، نظراً للمجازر التي ترتكب في القطاع، وهو ما رفضه المسؤولون الفرنسيون، وأيضاً اللجنة الأولمبية المنظمة.

ويمثل الرئيس إسحاق هرتسوغ إسرائيل، فيما تحظى البعثة الإسرائيلية، وفق وزير الداخلية، بحماية أمنية خاصة. وثمة غائبان رئيسيان إضافيان: الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي سيمثله نائبه هان زينغ، والرئيس الأميركي جو بايدن الذي ستمثله قرينته السيدة الأميركية الأولى جيل.

يراهن ماكرون على الأولمبياد لدفع شعبيته وإعادة تركيز وضعه السياسي بعد الانتخابات البرلمانية (أ.ب)

ولم يتأكد حضور الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، فيما سيشارك الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن بعد بكلمة مسجلة يدعو فيها إلى «إسكات صوت السلاح» خلال الأولمبياد.

وسيكون الحضور الرسمي الأوروبي طاغياً، ويبرز خصوصاً حضور رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الساعي لتحسين علاقات بلاده بفرنسا وبدول الاتحاد الأوروبي بشكل عام. كذلك ستحضر الأميرة آن، ممثلة عن ملك بريطانيا تشارلز الثالث.

التحديات الأمنية

ولأن الهم الأمني أساسي، فإن وزارة الداخلية عمدت إلى تعبئة ما لا يقل عن 90 ألف رجل للمحافظة على سلامة الحفل الافتتاحي، منهم 45 ألف رجل شرطة ودرك، و18 ألف عسكري، و15 إلى 20 ألف رجل أمن خاص. كذلك، ثمة عدة آلاف من المتطوعين الذي يشاركون في تنظيم ورعاية الحفل لتسير الأمور بانتظام. وطلبت باريس المساعدة من ستين دولة والتي أرسلت بعثات أمنية، بعضها متخصّص.

وعُلم أن نحو ألفي رجل أمن أجنبي يشاركون، إلى جانب نظرائهم الفرنسيين، في السهر على سلامة الاحتفال والألعاب التي بدأت، الخميس. وكتب وزير الداخلية جيرالد دارمانان، في مذكرة بخط اليد موجهة إلى عشرات الآلاف من ضباط الشرطة ورجال الإطفاء وخبراء تفكيك القنابل وعناصر أجهزة الاستخبارات وأفراد الأمن الخاص، إن «أكبر حدث عالمي يمكن أن تنظمه دولة»، قد وصل «أخيراً» بعد أربع سنوات من التحضير، مُنبّهاً إلى وجود «تحديات أمنية غير مسبوقة».

وقال دارمانان، في رسالة نُشرت على منصة «إكس»: «لن تكون مهمتكم سهلة». وقبل الاحتفال وانطلاق الألعاب، عمدت القوى الأمنية لتشديد قبضتها، بإبعاد من تحوم حوله شبهات أمنية، وبفرض الإقامة الجبرية على العشرات، وإلى تحويل باريس إلى مدينة يصعب التعرف إليها بسبب الحواجز التي أقيمت في ساحاتها، وعلى الجسور الرابطة بين شطريها، والبوابات الحديدية المؤقتة التي يتطلّب اجتيازها تصريحات خاصة.

حركة الطيران

في زمن المسيّرات، يبدو تحدي أمن الأجواء طاغياً. لذا، عمد سلاح الجو إلى تنظيم «مظلّة واقية» فوق باريس، وفوق المواقع التي ستشهد مباريات رياضية، فضلاً عن القرية الأولمبية والمواقع الأساسية الأخرى. وبالطبع، ووفق وزارة الدفاع، فإن الوسائل المعبأة تشمل الطوافات والطائرات القتالية والرادارات والمسيرات، وذلك في إطار خُطّة متكاملة مع إدارة الطيران المدني.

وفي هذا السياق، فإنه سيتمّ إغلاق الأجواء في دائرة قُطرها 150 كلم، ما يشمل كافة المطارات الرئيسية التابعة لباريس، بدءاً من الساعة السادسة والنصف وحتى منتصف الليل.

وعملياً، يعني القرار أن كافة الطائرات التجارية والسياحية ستبقى على مدرجاتها في مطارات رواسي؛ شارل ديغول وأورلي وبوفيه ولوبورجيه. ويمس القرار 500 عملية إقلاع وهبوط في المطارات الأربعة. أما الرحلات الواصلة إليها بعد الساعة السادسة والنصف، فسيتم تحويلها إلى مطارات أخرى في فرنسا. وأفادت مصادر أمنية بأن الطوافات ستحلق في سماء العاصمة طيلة فترة الحفل الافتتاحي.

درء خطر المسيرات

فريق جنوب أفريقيا للرغبي سباعي اللاعبين قبل مباراته مع فريق اليابان الخميس في الملعب الكبير في ضاحية سان دوني شمال باريس (أ.ف.ب)

أما بالنسبة للمسيرات، فقد تم إيجاد مركز تنسيق لمواجهتها في قاعدة «فيلاكوبليه» الجوية الواقعة جنوب العاصمة، ومهمته القضاء، بكل الوسائل المتاحة، على أي تهديد يمكن أن تشكله أي مسيرة؛ أكانت مثلاً حاملة لعلم من الأعلام أو أن تكون مفخخة. وعُلم أن مجموعة كبيرة من القناصة الذين تقوم مهمتهم على إسقاط هذه المسيرات، سيتم نشرهم إلى جانب وسائل الدفاع الجوي التقليدية.

وسيكون هناك أيضاً نظام مضاد للطائرات دون طيار، حيث سيتم نشر مدافع تشويش يصل مداها إلى عدة كيلومترات. وأفادت معلومات دفاعية بأن باريس كانت تراهن على استخدام النظام المتقدم الذي تنتجه شركة «طاليس»، بالاشتراك مع شركة «سوبرا ستيريا». إلا أن التأخير الذي ألمّ به دفعها إلى اللجوء إلى نظام قديم يسمى «ميلاد»، وإلى استئجار أو استعارة أنظمة أخرى من طراز «باسالت» من إنتاج بريطاني.

كذلك، ستكون مهمة الجيش مراقبة ومنع اللجوء إلى «المسيرات النهرية»، انطلاقاً من المراقبة الجوية والأرضية، من خلال عناصر منتشرة بموازاة نهر السين.

كذلك سيستعين الجيش بغواصي الفرقة الهندسية الثالثة المتخصصة بعمليات التدخل، فضلاً عن اللجوء إلى الكلاب البوليسية لتفتيش المراكب قبل انطلاقها في الحفل الاستعراضي. ومنذ بداية بعد ظهر الجمعة، سيتم تطويق جميع المناطق المصنّفة «حمراء»، أي اللصيقة بنهر السين، ولن يُسمح لغير مركبات الشرطة وخدمات الطوارئ والمنظمين بالتجول داخل هذا المحيط. وكتب دارمانان على منصة «إكس» متوجهاً لأفراد القوى الأمنية: «إنني أعتمد على كل واحد منكم لتقديم أجمل وجه لفرنسا، حيث الرعاية والود والاحترافية». وأضاف: «ستتجه أنظار العالم إليكم».