فُتح باب الانتقالات منذ 40 يوماً، لكن جماهير ليفربول لا تزال تنتظر أول تعاقد في عهد آرني سلوت.
ليفربول، الذي يعدّ، إلى جانب فولهام، النادي الوحيد الآخر في الدوري الإنجليزي الممتاز الذي لم يضم لاعباً واحداً على الأقل هذا الصيف، يتحين الوقت في سعيه للتعاقد مع لاعبين جدد في الفريق الذي فشل في المنافسة على اللقب الموسم الماضي.
فما الذي يقف وراء استراتيجية الانتدابات التي يتبعها ملاك النادي في مجموعة «فينواي» الرياضية، وهل من المحتمل أن يتغير أي شيء قريباً؟
وفق شبكة «The Athletic»، الإجابة المختصرة هي: نعم. من النادر أن يصل أي نادٍ كبير إلى نهاية شهر يوليو (تموز) تقريباً دون تدعيم صفوف فريقه، خصوصاً عندما يكون هناك تغيير في المدرب في ذلك الصيف. كانت المرة الأخيرة التي وصل فيها ليفربول إلى هذه المرحلة من مراحل ما قبل الموسم دون أي صفقات جديدة، في عام 2019، بعد فوزه بدوري أبطال أوروبا في مدريد، مما يعني أن موسمه لم ينته حتى 1 يونيو (حزيران).
كان هارفي إليوت أول صفقة في تلك النافذة، عندما تم تأكيد انتقاله من فولهام في 28 يوليو. وكان الوافدان الوحيدان الآخران هما أدريان وزميله الحارس الاحتياطي الإسباني أندي لونيرجان. في يونيو التالي، تُوِّج ليفربول بطلاً للدوري الإنجليزي الممتاز، وهو أول لقب له منذ 30 عاماً؛ وهو تذكير بأن «الفوز في سوق الانتقالات» لا يرتبط دائماً بالنتائج على أرض الملعب. عندما تتعمق أكثر في الأمر، فستجد أن خمول ليفربول في السوق هذا الصيف أكثر قابلية للفهم.
بدايةً؛ أراد سلوت وقتاً كافياً لتقييم المواهب التي ورثها من يورغن كلوب قبل اتخاذ قرارات بشأن مستقبل اللاعبين. في حفل الكشف الرسمي عن المدرب الهولندي في وقت سابق من هذا الشهر، تحدث المدير الرياضي ريتشارد هيوز، وهو جديد أيضاً، عن تأثير بطولتي «أوروبا» و«كوبا أميركا»، اللتين انتهتا قبل 10 أيام، وكيف أنه توقع أن تنجز الأعمال في وقت متأخر في هذه النافذة أطول مما يحدث عادةً. قال هيوز: «عندما يبدأ شهر أغسطس (آب) ويكون لدى المدربين مزيد من الوقت للعمل مع اللاعبين، فأعتقد أن الآراء ستكون أكثر تحديداً في الأندية، وقد ترى أن هناك بعض العجلة في إنجاز الأمور. أرى أن شهر يوليو سيكون هادئاً، وربما تتصاعد الأمور في شهر أغسطس». العامل الآخر هو أن ليفربول ليست لديه أي ثغرات كبيرة لسدها بعد مغادرة اللاعبين في الصيف.
استُبدل بجويل ماتيب فعلياً جاريل كوانساه في النصف الثاني من الموسم الماضي بعد إصابة خطرة في الركبة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يلعب تياغو سوى 5 دقائق فقط من موسم النادي الذي خاض فيه 58 مباراة؛ بسبب مشكلاته البدنية، بينما استُبدل بأدريان بالفعل بصفته حارس مرمى ثالثاً فيتزسلاف ياروس البالغ من العمر 23 عاماً والذي قضى النصف الثاني من موسم 2023 - 2024 على سبيل الإعارة في شتورم غراتس النمساوي. يمكن أن تكون هناك حجة قوية لحاجة ليفربول إلى شراء لاعب خط وسط من النخبة، وقلب دفاع آخر، ومهاجم صريح، لتوفير خيارات أكبر، لكن سلوت ملتزم أيضاً بتطوير مجموعة مثيرة من اللاعبين الشباب في الأكاديمية وضمان وجود مسار من إعداد الشباب في النادي للفريق الأول.
تعاقد مانشستر سيتي مع الجناح سافينيو من نادي تروا الفرنسي في صفقة تصل قيمتها إلى 33.7 مليون جنيه إسترليني (43.7 مليون دولار)، كما أن هناك اهتماماً من نادي الاتحاد السعودي بضم الحارس الأول إيدرسون، وقد يمثل ذلك مشكلة بالنسبة إلى بيب غوارديولا. ويرغب آرسنال في التعاقد مع قلب دفاع بولونيا ريكاردو كالافيوري في أولى صفقاته هذا الصيف، وهو ما يعدّ تعبيراً عن نيات النادي الذي يواصل تعزيز صفوفه في جميع المجالات، كما أنه مهتم أيضاً بلاعب وسط ريال سوسيداد ميكيل ميرينو. كما كان آستون فيلا مشغول أيضاً، حيث استقدم أمادو أونانا، وإيان ماتسن، وروس باركلي، وصامويل إيلينغ جونيور، وإنزو بارينيتشا، ولويس دوبين، وجادن فيلوجين، وكاميرون آرتشر، كما ضم أيضاً دوغلاس لويز، وتيم إيرويجبونام، وأوماري كليمان، ومن المقرر أن يتبعهم موسى ديابي قريباً. ومع هذه التغييرات الكثيرة، من الصعب التنبؤ بما إذا كان فيلا سيكون أفضل استعداداً هذا الموسم في الدوري الإنجليزي الممتاز، حيث سيكون التأقلم مع متطلبات دوري أبطال أوروبا لأول مرة عاملاً آخر بالنسبة إليهم.
ويبدو أن مانشستر يونايتد يقوم بخطوات ذكية. ويعدّ ليني يورو، البالغ من العمر 18 عاماً، والذي يعدّ أحد أفضل لاعبي قلب الدفاع في سنه في أوروبا والذي كان ليفربول مهتماً به أيضاً، هو أبرز الوافدين. عزز انتقال المهاجم جوشوا زركزي من بولونيا وعودة جادون سانشو من الإعارة هجوم يونايتد، لكن ليفربول أنهى الموسم الماضي متقدماً بفارق 22 نقطة عن غريمه اللدود. هذه فجوة أكبر من أن تعوض دفعة واحدة.
لم يتعاقد توتنهام هوتسبير حتى الآن مع أي لاعب مميز، لكن عينه على المستقبل بضم آرتشي غراي البالغ من العمر 18 عاماً من ليدز يونايتد، كما أن تشيلسي كان مشغولاً مرة أخرى في السوق، حيث جلب توسين أدارابيويو وكيرنان ديسبري هول إلى جانب بعض اللاعبين الشباب.
ويتمتع ليفربول بمكانة جيدة فيما يتعلق بقواعد الربح والاستدامة في الدوري الإنجليزي الممتاز، وقد كان كذلك منذ سنوات بسبب أدائه القوي، على المستويين المحلي والأوروبي. على الرغم من عدم وجود «دوري أبطال أوروبا» في الموسم الماضي، فإن الإيرادات التجارية للنادي ارتفعت بشكل كبير إلى 272 مليون جنيه إسترليني خلال الفترة المحاسبية الأخيرة المكتملة في 2022 - 2023 لتعويض الخسارة في إيرادات وسائل الإعلام وإيرادات المباريات. وبصفته أحد أقوى أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، فإن الجاذبية التجارية لليفربول تساعد بشكل كبير وتسمح بإنفاق أكبر على الانتقالات وأجور اللاعبين.
أظهرت المجموعة الأخيرة من حساباته خسارة 9 ملايين جنيه إسترليني قبل خصم الضرائب، وارتفاع الدين الخارجي إلى 123 مليون جنيه إسترليني، لكن نسبة فاتورة الأجور إلى الدخل بلغت 62 في المائة، وهو أمر لا يدعو للقلق. تقليدياً؛ سُمح للأندية بخسارة 105 ملايين جنيه إسترليني على مدى 3 سنوات محاسبية في ظل نظام «بي إس آر»، والآن؛ سيتعين على أي نادٍ ينافس في إحدى المسابقات الأوروبية الثلاث الالتزام بقواعد تحد من الإنفاق على أجور اللاعبين والانتقالات المطفأة ورسوم الوكلاء إلى 70 في المائة من إجمالي الإيرادات بحلول 2025 - 2026.
بدأ التحرك نحو هذا المعيار مع تحديد الحد الأقصى بنسبة 90 في المائة للموسم الماضي، و80 في المائة في 2024 - 2025، لكن ليفربول لا يزال غير معرض لخطر التجاوز. ستُظهر المجموعة التالية من حسابات ليفربول كيف كان أداء النادي في موسم من دون دوري أبطال أوروبا، ولكن لا توجد مشكلات متوقعة. ستُظهر الدفاتر تأثير الافتتاح المتأخر لمدرج «آنفيلد رود» الموسع على إيرادات يوم المباراة، وكذلك الزيادة في مبيعات التذاكر عندما بدأ تشغيله أخيراً في فبراير (شباط). ستكون الأرقام الأكثر إثارة للاهتمام عن تداول اللاعبين وفاتورة الأجور الإجمالية. قام ليفربول مؤخراً ببيع وتسريح كثير من اللاعبين ذوي الدخل المرتفع، مثل تياغو وماتيب وجوردان هندرسون وروبرتو فيرمينو وفابينيو ونابي كيتا وأليكس أوكسليد تشامبرلين وجيمس ميلنر. وسيوفر رحيلهم للنادي ما يزيد على مليون جنيه إسترليني أسبوعياً من الأجور. وفي حين أُنفقت رسوم كبيرة على التعاقد مع أليكسيس ماك أليستر (35 مليون جنيه إسترليني) وريان غرافنبيرش (34 مليون جنيه إسترليني) ودومينيك زوبوسزلاي (60 مليون جنيه إسترليني) وواتارو إندو (16.2 مليون جنيه إسترليني)، إلا إن أجورهم ليست بالمستوى نفسه لأجور تياغو وهندرسون وفيرمينو. كما سيؤخذ كثير من تمديدات العقود في الحسبان، بالإضافة إلى المكافآت المرتبطة بالأداء والمرتبطة بالعودة إلى دوري أبطال أوروبا للموسم المقبل. ستكون هذه بالتأكيد حجة كثير من المشجعين، لكن مجموعة «فينوي» تحاول دائماً إدارة ليفربول بوصفها شركة مستدامة، لذلك لن تتغير الاستراتيجية.
كان تراجع المستوى في نهاية الموسم الماضي بسبب عاصفة كبيرة من الإصابات التي لحقت بالعناصر الأساسيين، واللاعبين العائدين من فترات غيابهم عن الملاعب، وعدم اعتياد آخرين على متطلبات المنافسة على اللقب. ولكن، على الصعيد الداخلي، فإن الاعتقاد السائد هو أن هذا الفريق مليء بالإمكانات، واستخراج ذلك أمر بالغ الأهمية. ما زلنا في الأيام الأولى من فترة الانتقالات التي لن تغلق حتى 30 أغسطس. مع انتهاء بطولتي «كأس الأمم الأوروبية» و«كوبا أميركا» للتو، حتى لدى سلوت، فإن عدد اللاعبين الذين سيعمل معهم لم يكتمل؛ لأن كثيراً من اللاعبين لا يزالون في عطلة بسبب تلك الالتزامات الدولية. وضمت البعثة المكونة من 28 لاعباً التي توجهت الآن إلى الولايات المتحدة كثيراً من اللاعبين الشباب الذين من غير المرجح أن يكونوا أساسيين في الفريق الأول في الموسم المقبل. ومع ذلك، سيكون من غير المعتاد أن يصل مدرب جديد إلى النادي دون أن يكون لديه أي من صفقاته الخاصة للعمل معها. يبدو أن تجديد خط الهجوم هو الخيار الأكثر وضوحاً. فابيو كارفاليو (21 عاماً) وبن دواك (18 عاماً) كلاهما موهوب، لكن الاعتماد عليهما سيكون مخاطرة كبيرة مع عودة ليفربول إلى دوري أبطال أوروبا وسعيه إلى المنافسة على اللقب مرة أخرى. تزداد الحاجة إلى لاعب آخر في مركز قلب الدفاع أو مدافع أيمن بعد خروج ماتيب، على الرغم من أن ليفربول لا يزال يتعين عليه اتخاذ قرار بشأن سيب فان دين بيرغ. وقد استمتع اللاعب الهولندي بفترة إعارة ناجحة في الدوري الألماني مع ماينز الموسم الماضي، وهو حريص على لعب كرة القدم مع الفريق الأول، لكن ليفربول يريد 20 مليون جنيه إسترليني إذا أراد الرحيل. إنهم ليسوا في عجلة من أمرهم للتعاقد مع اللاعب من أجل ذلك. مايكل إدواردز، مديرهم الرياضي السابق الذي عاد إلى الفريق بعد عامين من الغياب بمنصب جديد رئيساً تنفيذياً لكرة القدم في المجموعة المالكة لليفربول، يؤمن دائماً بأهمية تجاهل الضوضاء الخارجية وجلب اللاعبين فقط عندما يشعر النادي أنهم يستطيعون إضافة قيمة كبيرة. هذا الموقف ثابت هذا الصيف أيضاً. لا يوجد شعور بالذعر أو الإحباط.
عندما أتيحت له الفرصة، كان سلوت حريصاً على الحديث عن الفريق الذي يرثه. قال سلوت في أول مقابلة له: «أعتقد أن لدينا كثيراً من الجودة، والطريقة التي لعبوا بها الموسم الماضي كانت رائعة بالفعل، لذلك سنبني من هناك». هناك إحساس بأنه يمكن استخلاص مزيد من اللاعبين الموجودين تحت تصرفه وأن النتائج الفضلى يمكن أن تتبعه بطبيعة الحال إذا تجنب اللاعبون الكبار مثل ترينت ألكسندر آرنولد ومحمد صلاح وكورتيس جونز وزوبوسزلاي الإصابات التي عكرت صفو موسمهم في 2023 - 2024. الأمل هو أن يتمكن سلوت من حل لغز داروين نونيز، واستخراج أفضل ما لدى الآخرين. على الرغم من دوره مدرباً رئيسياً وليس مديراً فنياً، فإن سلوت لا يزال له دور مهم في عملية التوظيف. إنه نهج تعاوني، وهو على اتصال مع هيوز يومياً. المدير الرياضي يتولى المفاوضات والتعاقدات، مما يسمح لسلوت بالتركيز على التدريب وتطوير اللاعبين... نعم... يعود ليفربول من هذه الجولة، التي تضم 3 مباريات، في 4 أغسطس المقبل، وعندما يتجمع الفريق بملعب التدريب في «كيركبي»، فمن المفترض أن يكون سلوت قد اجتمع بكامل فريقه لأول مرة. يجب أن يكون الأمر أكثر وضوحاً بحلول ذلك الوقت: بالضبط ما هو مطلوب للموسم المقبل، ومن المتاح، وبأي سعر. سيبدأ العمل قبل ذلك الوقت إذا سنحت الفرصة المناسبة وتوفر المال. لم يكن هذا الصيف صيفاً محموماً بالنسبة إلى ليفربول، فالمطلوب هو الضبط وليس إعادة البناء. الانتظار لإعلان النيات في سوق الانتقالات مستمر، ولكن الوقت المناسب للحكم على هذه النافذة هو عندما تنتهي في نهاية أغسطس المقبل وليس الآن.