بعد إحرازه جائزة أفضل لاعب 3 مرات، ولقب دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين «إن بي إيه»، يبحث الصربي العملاق نيكولا يوكيتش عن ميدالية ذهبية في أولمبياد باريس، ونقل المجد إلى بلاده المهووسة بكرة السلة.
عودة يوكيتش إلى المسابقات الدولية تأتي بعد عام من غيابه عن كأس العالم في الفلبين، عندما حلّت صربيا وصيفة لألمانيا بفارق 6 نقاط: 77- 83.
أثار غيابه عن كأس العالم غضباً عارماً في صربيا، بعد أشهر قليلة من تعاطف جارف للجماهير، إثر قيادته دنفر ناغتس إلى إحراز لقب «إن بي إيه» للمرّة الأولى في تاريخه.
لجأ المشجعون إلى وسائل التواصل الاجتماعي، لانتقاد ابن التاسعة والعشرين، ووصف البعض لاعب الارتكاز العملاق بـ«الخائن».
وقال الصحافي الرياضي فلاديمير زيفانوفيتش للوكالة الفرنسية: «الشعور الوطني مبرّر بأن تمثيله المنتخب الوطني هو مجرّد هواية له، وليس عملاً وطنياً ورغبة حقيقية».
لطالما شكّلت كرة السلة هوساً في صربيا. وتلعب بعض الأندية أمام مدرّجات ممتلئة بـ18 ألف متفرّج، في قاعة «ستارك أرينا» في بلغراد.
يُعرف عن المشجعين استيقاظهم الباكر لمشاهدة مباريات دوري «إن بي إيه»، بموازاة تنافسهم المحلي في واحدة من أكثر ساحات كرة السلة سخونة في العالم.
ستكون مشاركة منتخب كرة السلة الصربي في باريس، واحدة من أكثر الأحداث الرياضية مشاهدة في البلاد.
بدأ مشوار يوكيتش الدولي واعداً، مع إحرازه فضية ألعاب ريو 2016. لكن منذ ذلك الوقت، أخفق في إحراز أي لقب مع صربيا، وهو يأمل في إنهاء هذه السلسلة في باريس.
قال مدرّب منتخب صربيا، سفيتسيلاف بيشيتش، إن يوكيتش هو نواة للفريق الذي سيخوض المنافسات الأولمبية «مشاركة يوكيتش مهمة بالطبع، سواء من منظور النوعية، أو شخصيته».
مسقط الرأس والأحصنة
لطالما فضّل اللاعب الخجول تمضية وقت نوعي بعيداً عن الصخب وعن كرة السلة، وعبّر عن ذلك خلال مقابلاته الصحافية.
قال في مقابلة على أرض الملعب، بعد لحظات من إحراز لقب «إن بي إيه»: «لقد أُنجزت المهمة، يمكننا الذهاب إلى المنزل الآن».
خارج الملعب، يعود يوكيتش بانتظام إلى مسقط رأسه سومبور، المدينة الشمالية الهادئة، بالقرب من الحدود الكرواتية المجرية.
يفضّل الابتعاد عن الأضواء هناك، ويتجنّب المقابلات، بينما يمضي وقته مع مع عائلته، وينغمس في شغفه الآخر: الأحصنة.
عندما يكون بعيداً عن مضمار السباقات، يزور يوكيتش مدرسته القديمة في سومبور، للتحدّث مع لاعبين شبان في ملعب صغير.
أظهرته مقاطع فيديو على مرّ السنين وهو يرقص على موسيقى شعبية مع أصدقائه، أو يتفوّق على رواد الملاهي الليلة الشهيرة.
«إم في بي»
بالعودة إلى الملعب، يذكّر أسلوبه بالصيغة المطوّرة في يوغوسلافيا السابقة، والتي سُمّيت «جاز باسكتبول». تعتمد على الإبداع الفردي أكثر من السرعة والقوّة المطلقة.
في عام 2014، لم يكن دنفر ناغتس ذاته يدرك مدى أهمية الموهبة التي ضمّها مع وصول الصربي إلى الدوري.
جاء في المركز الـ41 في «الدرافت» ولم تتمكن حتى الجماهير من الاستماع إلى اسمه على شاشة التلفاز؛ إذ أعلن عن قدومه خلال صفحة إعلانية تروّج لمنتجات سلسلة مطاعم الوجبات السريعة.
يُعرف يوكيتش بتبسيط الأمور على الملعب، من خلال الدمج بين الحركة الخفيفة ومتابعة الكرات السهلة؛ لكن بدقة متناهية؛ خصوصاً لناحية تمرير الكرات، ما جعله ثاني أفضل ممرّر في الموسم الماضي.
يملك نظرة خارقة وتحرّكات غير تقليدية للاعب ارتكاز. وقد شبّهه غريغ بوبوفيتش، المدرّب التاريخي لسان أنتونيو سبيرز، بلاري بيرد أسطورة بوسطن سلتيكس، مؤكداً أنه يتمتع «بمعدل ذكاء في كرة السلة» عالٍ جداً، يتمناه كل مدير فني.
في مايو (أيار)، اختير «الجوكر» أفضل لاعب في الدوري للمرة الثالثة، في 4 مواسم فقط.
بلغ معدله 26.4 نقطة، و12.4 متابعة، و9 تمريرات حاسمة، متقدّماً على الكندي شاي غيلجيوس- ألكسندر، نجم أوكلاهوما سيتي ثاندر، والسلوفيني لوكا دونتشيتش، نجم دالاس مافريكس الذي حلّ وصيفاً وراء بوسطن سلتيكس.
لكن ضمان جائزة أفضل لاعب في الدوري (إم في بي) لحقته خسارة مخيبة في نصف نهائي المنطقة الغربية أمام مينيسوتا تمبروولفز.
الخروج المبكر سمح للاعب البالغ طوله 2.11 م بالخلود إلى الراحة قبل الألعاب الأولمبية التي تُعدّ صربيا من أبرز المرشّحين لخطف ميدالية في منافساتها لدى الرجال.
انطلقت اللعبة أوّلاً عبر أميركي مبعوث من «الصليب الأحمر» قبل قرن من الزمن، ثم استثمرت الحكومة اليوغوسلافية بسخاء على هذه الرياضة، فبُنيت ملاعب كرة السلة في كل حي تقريباً.
لا تزال دول البلقان أرضاً خصبة للمواهب، ويُعدّ يوكيتش من أبرز ثمارها.
ينتظر منه أبناء بلده نقل نجاحات ما وراء الأطلسي إلى الساحة الأولمبية. يضيف زيفانوفيتش: «تشير التوقعات إلى الرغبة في تعويض تلك السنوات المهدرة، وأن يكون أفضل لاعب في المنتخب».
تابع: «عدا عن ذلك سيُطرح موضوع مشاركته المستقبلية مجدّداً».