«أولمبياد 2004»: المغربي هشام الكروج... «كامل الأوصاف» الرياضية

هشام الكروج (رويترز)
هشام الكروج (رويترز)
TT

«أولمبياد 2004»: المغربي هشام الكروج... «كامل الأوصاف» الرياضية

هشام الكروج (رويترز)
هشام الكروج (رويترز)

عندما عاد العدّاء المغربي هشام الكروج إلى دياره بعد اختتام «دورة أثينا 2004 الأولمبية»، نزع على الفور الصورة الكبيرة التي ألصقها على حائط غرفته في «مركز الإعداد الوطني لألعاب القوى» في الرباط، وهي تظهره فائزاً في سباق 1500 متر خلال «بطولة العالم عام 1999» في إشبيلية.

يومها نزع عن الحائط صورة تعثره ووقوعه خلف الجزائري نور الدين مرسلي في السباق الأولمبي عام 1996 في «أتلانتا»، في إشارة إلى أنه تخطى تلك العقبة الكبيرة مؤقتاً؛ لأن حلم الميدالية الأولمبية كان لا يزال يراوده ويؤرق مضجعه.

معاناة عاشها طيلة 8 أعوام، لكن عند العودة المظفّرة، علّق صورة احتفاله فائزاً على الاستاد الأولمبي في أثينا (الذي شهد «ولادته العالمية» في «مونديال القوى عام 1997») بميدالية الفوز أخيراً برقص «السيرتاكي» وسط صخب جماهيري كبير.

في أثينا، تغلّب الكروج (30 عاماً) على سوء الحظ التي رافقه منذ عام 1996 في «الألعاب الأولمبية»، محققاً الفوز في سباق 1500 متر، وفارضاً نفسه في سباق 5 آلاف متر.

فبعدما وضع بصماته على سباقه المفضّل 1500 متر (حامل رقمه القياسي العالمي - 3:26.00 دقيقة) ماحياً السقوط في «أتلانتا» والتراجع في «سيدني»، أضاف إليه إنجاز الفوز في 5 آلاف متر، ليعادل الإنجاز الأسطوري للفنلندي بافو نورمي الذي حقّق «الثنائية العسيرة» غير المألوفة عينها في «دورة باريس 1924»، فكان أحد عناصر مسك ختام «أثينا 2004» وبريقها.

أخيرا، تخلّص الكروج (60 كيلوغراماً - 1.76 متر) من عقدة اللقب الأولمبي الذي كان ينقص سجله، وبات «كامل الأوصاف» الرياضية...

وكانت «الثالثة ثابتة»، وجاءت بعد موسم عسير عليه بسبب ظروفه الصحية ومشكلة الحساسية المفاجأة التي عانى منها وكادت تبعده نهائياً عن المضمار والسباقات... «عشقي الكبير ونهمي الدائم، وهي حال روحية خاصة جداً».

والميدالية الذهبية في 1500 متر كانت الأولى من نوعها لعدّاء مغربي. وأمل مسؤولو الاتحاد وأركان «أمّ الألعاب» في أن تفتح الباب أمام جيل جديد على غرار المرحلة التي مهّدت لها نوال المتوكل وسعيد عويطة عام 1984 في «لوس أنجليس»، وفي ظل اقتراب تقاعد النجوم الحاليين وقتها.

في «أثينا»، وضع أركان الاتحاد المغربي، الذي كانت تقوده لجنة مؤقتة برئاسة محمد أوزال، خلافاتهم جانباً وتوحّدوا خلف الكروج. تقاطروا على تهنئته، وفي مقدمهم أوزال والمدير الفني القديم - الجديد عزيز داودة، الذي عايش الانتصارات المغربية المدوية وصنع غالبيتها منذ عام 1984.

ولا يمكن نسيان المتوكل التي قلّدته الميدالية الذهبية ووضعت على رأسه إكليل أوراق الزيتون في حفل التتويج. كانت رسالة الجيل القديم إلى الجيل المعاصر وصورة معبّرة على الجيل الجديد الاقتداء بها.

شتان ما بين الأمس واليوم؛ أي بين «دورة سيدني 2000» و«دورة أثينا 2004»؛ يعترف الكروج، وهو الذي اعتذر إلى الشعب المغربي ومحبيه قبل 4 أعوام، بأنه عامذاك «وأنا في طريقي إلى الاستاد كنت أبكي. تملّكني إحساس داخلي بأنني لن أفوز. كانت المسؤولية كبيرة على عاتقي. الآن أبكي فرحاً وكأنني طفل في الخامسة من عمره».

وتابع: «إنها لحظات لا توصف، وأشكر كل من وقف إلى جانبي ووثق بكفاءتي وقدراتي؛ وفي مقدّمهم زوجتي الحبيبة ومدرّبي عبد القادر قاده، الذي أقضي معه غالبية أوقاتي، وأراه أكثر مما أرى عائلتي. إنها مشيئة الله على كل حال. وأنا سعيد لأن طفلتي هبة ستكون فخورة بي عندما تكبر».

في الاستاد الأولمبي، كان الجميع يتمنّى أن يفوز الكروج، حتى أشد منافسيه؛ لأنهم يحترمون مسيرته وسجله، ويقدرون عطاءاته، فلا عجب أن يبادر «البطل الذهبي» و«أمير القلوب» الذي كان يعلّق على قميصه إشارة محاربة تعاطي المنشطات، إلى مصافحة منافسيه وأخطرهم الكيني برنار لاغات، وأن يتعانق العداءان عند خط النهاية بعد صراع حاد.

وهو حلّل السباق من الناحية التكتيكية بقوله: «حاول الكينيون فرض منهجهم وإيقاعهم، وتوقعوا أن يقوم (المغربي) عادل الكوش بدور أرنب السباق على غرار ما فعله في بطولة العالم في إشبيلية عام 1999، لكن الجهاز الفني في الاتحاد المغربي فضّل أن ينافس الكوش لنفسه. لم أكن أعرف طريق الكيني، وقررت أن أرصد خطوات لاغات وألا أدعه ينفذ أمامي في الـ800 متر الأخيرة».

وتابع: «أدركت بعد اللفة الأولى أن الإيقاع بطيء؛ لذا سعيت إلى فرض إيقاعي والسرعة التي أريدها. ولاح الانتصار أمامي في الـ200 متر الأخيرة. كنت أتابع لاغات، خشيت أن يتقدّم مثل إعصار، وأنا أدرك مزايا سرعته النهائية. بذلت ما في وسعي، وهذا ما أمّن فوزي».

يومها حقق الكروج انتصاراً طال انتظاره ومهّد للظفر بـ«الثنائية» الاستثنائية... لكن الأمر عادي ما دام البطل استثنائياً.


مقالات ذات صلة

توماس باخ: نتوقع دورة ألعاب مذهلة رغم حالة الانقسام العالمي

رياضة عالمية توماس باخ (أ.ف.ب)

توماس باخ: نتوقع دورة ألعاب مذهلة رغم حالة الانقسام العالمي

أوضح توماس باخ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية أن «ألعاب باريس» ستكون حدثا مذهلا في وقت يشهد فيه العالم اضطرابات تاريخية والمزيد من الانقسام.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية بيار-إميل هويبيرغ لحظة التوقيع (مرسيليا الفرنسي)

مرسيليا يضم الدنماركي هويبيرغ بـ13 مليون يورو

تعاقد مرسيليا مع لاعب الوسط الدنماركي الدولي بيار-إميل هويبيرغ من توتنهام الإنجليزي على سبيل الإعارة.

«الشرق الأوسط» (مرسيليا )
رياضة سعودية تبقى للهلال 3 مباريات تجريبية في معسكره الخارجي بالنمسا (نادي الهلال)

الهلال السعودي يكسب العربي القطري في ثاني تحضيراته «الأوروبية»

كسب فريق الهلال السعودي ثاني مبارياته التجريبية ضمن معسكره الاستعدادي الحالي في مدينة باد إيرلاخ شرقي النمسا، وذلك بتغلبه على فريق العربي القطري بنتيجة 2-0.

هيثم الزاحم (الرياض)
رياضة عالمية حصدت أستراليا أكثر من 40 في المائة من إجمالي ميدالياتها الأولمبية من السباحة (رويترز)

زعامة السباحة بين أميركا وأستراليا في «أولمبياد باريس»

فلتحذر رياضة السباحة الأميركية لأن أستراليا قادمة للتتويج في أولمبياد باريس.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية كافنديش قال إن الوقت حان الآن للتوقف (أ.ب)

البريطاني كافنديش: سباق فرنسا للدراجات الأخير لي

أكد المتسابق البريطاني مارك كافنديش أنه شارك في آخر نسخة له من سباق فرنسا للدراجات.

«الشرق الأوسط» (نيس)

البريطاني كو مرشح لخلافة باخ في رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية

البريطاني كو رئيس الاتحاد الدولي للقوى (ا ف ب)
البريطاني كو رئيس الاتحاد الدولي للقوى (ا ف ب)
TT

البريطاني كو مرشح لخلافة باخ في رئاسة اللجنة الأولمبية الدولية

البريطاني كو رئيس الاتحاد الدولي للقوى (ا ف ب)
البريطاني كو رئيس الاتحاد الدولي للقوى (ا ف ب)

بدأ طرح اسم البريطاني سيباستيان كو ليكون خليفة محتملاً لرئيس اللجنة الأولمبية الدولية توماس باخ بعد أن تنتهي ولاية الألماني الذي من المُقرّر أن يتنحّى عن منصبه العام المقبل بعد قضائه ولايتين، وهو الحدّ الأقصى المسموح به، منذ انتخابه عام 2013.

وما زالت هناك دعوات من بعض أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية تطالب باخ بالترشّح لولاية ثالثة، ولو أن ذلك يتطلّب تعديلاً في الميثاق الأولمبي.

الحدّ الأقصى لفترتين كان أحد إصلاحات مكافحة الفساد التي فُرضت في أعقاب فضيحة سولت ليك سيتي في التسعينات. ويُنسب لكو، البالغ من العمر 67 عاماً والأصغر من باخ بثلاثة أعوام، الفضل في تغيير صورة الرياضة منذ انتخابه رئيساً للاتحاد الدولي لألعاب القوى عام 2015.

وقال كو، في مقابلة أجراها الشهر الحالي مع الصحافة الفرنسية، عندما سُئل إن كان سيترشّح لرئاسة اللجنة الأولمبية الدولية: «أعتقد أن هناك قدراً كبيراً من عدم اليقين بشأن ما يحدث في لوزان (موقع مقرّ اللجنة الأولمبية الدولية)... أعتقد أنه من الأفضل توجيه هذا النوع من الأسئلة إلى أشخاص آخرين»، في إشارة إلى بعض أعضاء اللجنة الأولمبية الذين يريدون تمديد مدة الرئيس.

وتخلّى البريطاني الذي تنتهي ولايته الثالثة والأخيرة على رأس الاتحاد الدولي لألعاب القوى في 2027 عن مسؤولياته الوظيفية الأخرى عندما تولّى رئاسة الاتحاد. وكان سلفه السنغالي لامين دياك متورطاً في التستّر على قضايا المنشطات الروسية مقابل رشى، وحكمت عليه محكمة فرنسية بالسجن أربعة أعوام، اثنان منها مع وقف التنفيذ، وغُرِّم 500 ألف يورو (544 ألف دولار).

وقال كو الذي كان نائباً عن حزب المحافظين بين عامي 1992 و1997 إن صديقه ويليام هيغ وزير الخارجية البريطانية الأسبق أخبره أن رئاسة الاتحاد الدولي لألعاب القوى الواقع في موناكو تُعتبر «أجواؤها أكثر هدوءاً» مقارنة بغيرها من الوظائف.

وأضاف: «ذكّرته، ليس منذ مدة طويلة على مائدة العشاء، بأن تلك الفترة الهادئة انتهت بي جالساً في مركز للشرطة في موناكو لمدة خمس ساعات؛ حيث ذهب أسلافي واعتُقلوا بعد ذلك».

وألحّ على أنه لم يترشّح لرئاسة اتحاد ألعاب القوى لأنه كان متأكداً من حصوله على المنصب. وأوضح: «لم أفعل أشياء قطّ لأنني متيقّنٌ من النتيجة. كنت أميل إلى القيام بأشياء كنت أجدها مثيرة أو هناك حاجة للقيام بها».

نال كو الذي فاز باللقب الأولمبي مرتين في سباق 1500 م في 1980 و1984 إشادة على اتخاذ موقف صارم بحظر الرياضيين الروس والبيلاروس ردّاً على غزو أوكرانيا عام 2022.

وبالمثل، فقد نال نصيبه من الانتقادات من طرف بعض زملائه رؤساء الاتحادات، لاتخاذه خطوة ثورية بالقول إن الفائزين بميداليات ذهبية أولمبية في منافسات ألعاب القوى سيُمنحون جائزة مالية قدرها 50 ألف دولار. ومع ذلك، يقول كو إن قرارات كهذه تستند إلى «بوصلته الأخلاقية»، إلا أنها لا تُتخذ بتفرُّد.

وتابع: «ليسوا أفراداً يركضون مسافات طويلة من أجل الأمل. كما تعلمون، لدي مجلس. هناك شيء واحد في رياضتنا هو أنها تُدار على نحوٍ لائقٍ. ربما تكون مُدارة بشكل أفضل من أي رياضة أخرى، القراران اللذان اتخذناهما حظيا بتأييد بالإجماع وشارك في صياغتهما جزئياً مجلسٌ نشطٌ جداً».

وأردف كو قائلاً إن أعضاء مجلسه، الفخور بتوزّعهم بالتساوي بين الجنسين بواقع 13 لكل منهما، مؤهّلون للغاية، سواء من حيث ألعاب القوى وكذلك في خدمة بلدانهم في مجالات أخرى.

وواصل: «جزء كبير من المجلس مؤلف من أبطال أولمبيين، أبطال عالم وحاملي أرقام قياسية عالمية. لذا، فهم ليسوا عبارة عن بذلات فارغة تجلس في قاعة المجلس. يفهمون حقاً طبيعة الرياضة».