كيف بدأت استراتيجية التعاقدات في مانشستر يونايتد تتغيّر نحو الأفضل؟

النادي بقيادة راتكليف يستهدف أفضل المواهب الشابة والتحرّك بسرعة أكبر لإتمام الصفقات

المدافع الفرنسي الشاب ليني يورو... صفقة ناجحة لمانشستر يونايتد (أ.ف.ب)
المدافع الفرنسي الشاب ليني يورو... صفقة ناجحة لمانشستر يونايتد (أ.ف.ب)
TT

كيف بدأت استراتيجية التعاقدات في مانشستر يونايتد تتغيّر نحو الأفضل؟

المدافع الفرنسي الشاب ليني يورو... صفقة ناجحة لمانشستر يونايتد (أ.ف.ب)
المدافع الفرنسي الشاب ليني يورو... صفقة ناجحة لمانشستر يونايتد (أ.ف.ب)

يُعد تعاقد مانشستر يونايتد مع المدافع الفرنسي الشاب ليني يورو، البالغ من العمر 18 عاماً، مقابل 52.1 مليون جنيه إسترليني بمثابة تغيير هائل في قواعد اللعبة ومحاولات مالك حصة الأقلية بالنادي، السير جيم راتكليف، لإعادة ضبط سياسات التعاقد في النادي، والعمل على أن يجعل الحسم، وليس اليأس، هو المبدأ الرئيسي الجديد في «أولد ترافورد». ولأول مرة منذ فترة طويلة للغاية -ربما تعود إلى عام 2008، وقبل استحواذ أبوظبي على مانشستر سيتي- يتغلّب مانشستر يونايتد على أحد الأندية الكبرى فيما يتعلق بالتعاقد مع لاعب يُعد من بين أبرز المواهب الشابة في عالم كرة القدم في الوقت الحالي، حسبما يرى مارك أوغدين من شبكة «إي إس بي إن» الرياضية.

تن هاغ... صلاحياته محدودة في عقد الصفقات (إ.ب.أ)

لقد سعى كل من ريال مدريد وباريس سان جيرمان بكل قوة خلال الصيف الحالي للتعاقد مع يورو، الذي يلعب في صفوف المنتخب الفرنسي تحت 21 عاماً، من نادي ليل، لكن لم يكن أي منهما مستعداً لتقديم العرض المالي النهائي نفسه الذي تقدّم به مانشستر يونايتد لضم اللاعب الذي لم يكن يتبقى في عقده مع النادي الفرنسي سوى 12 شهراً فقط. وحتى يورو نفسه كان قد أعرب عن تفضيله الانتقال إلى ريال مدريد، من خلال الانتظار حتى ينتهي عقده والرحيل إلى النادي الملكي مقابل ما يزيد قليلاً على رسوم التعويض التي تحصل عليها الأندية (حق رعاية) عندما يغادر اللاعبون الذين تقل أعمارهم عن 24 عاماً إلى مكان آخر. لكن إصرار مانشستر يونايتد على إبرام الصفقة واستعداده لدفع هذا المقابل المادي الكبير الآن أقنع ليل بإتمام التعاقد، وأقنع يورو نفسه بأن مانشستر يونايتد والدوري الإنجليزي الممتاز سيكونان الوجهة المثالية للمرحلة التالية من مسيرته الكروية.

السير جيم راتكليف يصافح المدرب تن هاغ (رويترز)

لقد تعاقد مانشستر يونايتد مع كثير من المواهب الشابة خلال السنوات الأخيرة، لكن لم يكن أي من هؤلاء اللاعبين هدفاً للأندية الكبرى الأخرى. لقد دفع مانشستر يونايتد مبالغ باهظة للتعاقد مع جادون سانشو (73 مليون جنيه إسترليني من بوروسيا دورتموند)، وأنتوني (80.9 مليون جنيه إسترليني من أياكس)، وراسموس هويلوند (72 مليون جنيه إسترليني من أتالانتا)، على الرغم من عدم وجود منافسة واضحة من جانب أندية أخرى للتعاقد مع هؤلاء اللاعبين.

وفي المقابل، لم تسفر محاولات التعاقد مع إيرلينغ هالاند من سالزبورغ، وجود بيلينغهام من برمنغهام سيتي، خلال موسم 2019- 2020 عن أي شيء؛ إذ لم يتمكّن مانشستر يونايتد من إقناع أي من اللاعبين بأنه خيار أفضل من بوروسيا دورتموند الذي انضم إليه اللاعبان في نهاية المطاف. لكن الوضع مختلف تماماً مع يورو؛ إذ لم يفز مانشستر يونايتد بسباق التعاقد مع اللاعب الفرنسي الشاب فحسب، بل تفاوض أيضاً على مقابل مادي واقعي ومناسب تماماً ونجح في إنهاء الصفقة قبل أن تبدأ فترة الاستعداد للموسم الجديد، بدلاً من السماح للمحادثات بالاستمرار حتى أغسطس (آب)، والتصرف بذعر وارتباك في نهاية المطاف قبل نهاية فترة الانتقالات بوقت قصير، كما كان يحدث في السابق.

إذاً، ما الذي تغيّر؟ يريد راتكليف ببساطة أن يستهدف مانشستر يونايتد أفضل المواهب الشابة، وأن يتحرك بسرعة أكبر لإتمام الصفقات. وبالتالي، يبدو أن أيام إهدار أموال طائلة على التعاقد مع لاعبين كبار في السن بمقابل مادي كبير قد ولّت بغير رجعة. من الواضح أن السبب في هذه الفلسفة الجديدة المتعلقة بالتعاقدات يعود إلى عملية التدقيق التي أجراها فريق شركة «إينيوس» التابعة لراتكليف قبل عام تقريباً بعد استحواذ راتكليف على حصة أقلية في النادي من عائلة غليزر الأميركية، والتمتع بحق إدارة عمليات كرة القدم. وكلّف راتكليف كبار المستشارين، بما في ذلك السير ديف برايلسفورد، وروب نيفين، وجان كلود بلان، بتقييم السنوات الخمس الماضية فيما يتعلق بالصفقات التي أبرمها مانشستر يونايتد. وقال أحد المصادر لـ«إي إس بي إن»، إن هذا التقييم خلص إلى وجود إفراط هائل في الإنفاق، والتصرف ببطء وتردد بما أدى إلى تضخم رسوم الانتقال بشكل مبالغ فيه، فضلاً عن وجود سياسة معيبة فيما يتعلق بتمديد عقود اللاعبين لمجرد تجنّب رحيل اللاعبين من دون مقابل بعد انتهاء عقودهم. وكان الرأي السائد هو أن هذه السياسة قد جعلت مانشستر يونايتد يتحول إلى فريق يضم عدداً كبيراً من اللاعبين الذين كان من المفترض أن يرحلوا قبل عامين أو ثلاثة أعوام.

وقد شهد هذا الصيف بالفعل تغييراً في هذه السياسة، فقد رحل كل من المدافع الفرنسي رافائيل فاران والمهاجم أنتوني مارسيال بعد نهاية عقديهما، في حين نجح النادي في جمع 40 مليون جنيه إسترليني من بيع المهاجم ميسون غرينوود إلى مارسيليا الفرنسي، والمدافعين ويلي كامبوالا (فياريال)، وألفارو فرنانديز (بنفيكا)، ولاعب خط الوسط دوني فان دي بيك (جيرونا). ومن المرجح أن يتبع ذلك رحيل عدد من اللاعبين الآخرين؛ إذ يُظهر مانشستر يونايتد حسماً شديداً كان غائباً عن النادي منذ تقاعد المدير الفني الأسطوري السير أليكس فيرغسون في عام 2013.

زيركزي صفقة يونايتد الأولى هذا الصيف (غيتي)

وأخبرت مصادر «إي إس بي إن» أن المدافعين هاري ماغواير وفيكتور ليندلوف وآرون وان بيساكا، بالإضافة إلى لاعبي خط الوسط سكوت مكتوميناي وكريستيان إريكسن -الذين ستنتهي عقودهم جميعاً في عام 2025- يمكنهم الرحيل في حال الحصول على عرض مناسب خلال الصيف الحالي، كما أن النادي منفتح على بيع لاعب خط وسط ريال مدريد السابق كاسيميرو، على الرغم من أنه يتبقى عامان في عقده. وسيجري السماح للمهاجم البرازيلي أنتوني بالرحيل على سبيل الإعارة لأي نادٍ قادر على دفع راتبه الأسبوعي البالغ 70 ألف جنيه إسترليني.

وقال مصدر لـ«إي إس بي إن»: «جويل وأفرام غليزر كانا يرغبان في التخلص من وان بيساكا أو ليندلوف، لكن عندما نظرا إلى الأرقام تساءلا عن المبلغ الذي يمكن للنادي الحصول عليه من بيعهما، وعن تكلفة التعاقد مع بديلين لهما. وعندما قيل لهما إن الاحتفاظ باللاعبين حتى نهاية عقديهما سيكلف النادي نصف المبلغ مقارنة بالتخلص منهما والتعاقد مع بديلين لهما، كان الجواب دائماً هو الإبقاء عليهما لمدة عام آخر». وأضاف المصدر: «هما يفضلان أن يدفع النادي 10 ملايين جنيه إسترليني أجوراً ورحيل اللاعب مجاناً، بدلاً من إنفاق 20 مليون جنيه إسترليني إضافية للتعاقد مع لاعب أفضل ليحل محله».

والآن، لم يعد النادي يعتمد على هذه السياسة مرة أخرى. لقد عيّن راتكليف عمر برادة (الرئيس التنفيذي)، ودان أشوورث (المدير الرياضي)، وجيسون ويلكوكس (المدير التقني)، لرئاسة فرق عمليات كرة القدم في «أولد ترافورد»، ونجح هؤلاء الرجال الثلاثة في تغيير فلسفة التعاقدات في النادي بشكل سريع وسلس.

في الواقع، يُعد هذا تحولاً كبيراً في فلسفة التعاقدات بالنادي. ففي أول صيف له في منصبه، وضع تن هاغ لاعب برشلونة فرينكي دي يونع على رأس أولوياته لتدعيم صفوف مانشستر يونايتد، وأخبر مسؤولي النادي بأن لاعب خط وسط أياكس السابق أكد له أنه يريد الانتقال إلى «أولد ترافورد». لكن على الرغم من إصرار تن هاغ، قالت مصادر لـ«إي إس بي إن» إن وكلاء دي يونغ أخبروا المديرين التنفيذيين في مانشستر يونايتد قبل شهر من الموعد النهائي لفترة الانتقالات -بعد أن تحمل اللاعب ما يقرب من عامين من القيود المفروضة بسبب تفشي فيروس «كورونا» خلال فترة وجوده في برشلونة- أن اللاعب الهولندي الدولي يريد تجربة الحياة في المدينة الإسبانية في الأوقات العادية بعد انحسار الفيروس ولن ينتقل إلى مانشستر يونايتد.

أصر تن هاغ على إمكانية إبرام الصفقة، لكن بحلول الوقت الذي أصبح فيه من الواضح أن دي يونغ لن يرحل عن برشلونة، كان هناك عدد قليل من الخيارات المتاحة، وخسر مانشستر يونايتد أول مباراتين له في الموسم، وساد الذعر في أرجاء النادي، وهو ما أدى في نهاية المطاف إلى التعاقد مع كاسيميرو من ريال مدريد مقابل 70 مليون جنيه إسترليني.

من الواضح أن هذا السيناريو لن يتكرر في ظل الهيكل الجديد، وقد رأينا جميعاً كيف تحرّك النادي بسرعة للتعاقد مع يورو. وبعد أن رفض إيفرتون عرضين للتخلي عن لاعبه جاراد برانثويت، قرر أشوورث وويلكوكس رفع العرض المقدم للتعاقد مع يورو، والتعاقد مع نجم مارسيليا الفرنسي بدلاً من ذلك. قد يعود مانشستر يونايتد مرة أخرى لمحاولة التعاقد مع برانثويت أو يزيد اهتمامه بماتيس دي ليخت مدافع بايرن ميونيخ، لكنه نجح على الأقل في تدعيم أحد المراكز الرئيسية من خلال التعاقد مع يورو.

يبلغ يورو من العمر 18 عاماً وينتظره مستقبل باهر، وأشارت مصادر إلى أن مانشستر يونايتد كان يرى أنه لا يتعيّن عليه إهدار هذه الفرصة للتعاقد مع هذا اللاعب الواعد. وكانت أول صفقة يبرمها مانشستر يونايتد خلال الصيف الحالي هي التعاقد مع مهاجم بولونيا جوشوا زيركزي، البالغ من العمر 23 عاماً، مقابل 36.5 مليون جنيه إسترليني. ويُنظر إلى اللاعب الهولندي الدولي على أنه يمكنه اللعب في مراكز هجومية عدة والمساعدة في تخفيف عبء تسجيل الأهداف عن هويلوند؛ كما يناسب تماماً سياسة النادي الجديدة القائمة على التعاقد مع لاعبين صغار في السن بمقابل مادي غير مرتفع نسبياً.

هاري ماغواير وفيكتور ليندلوف يمكن الاستغناء عنهما (غيتي)

ومع بقاء أكثر من 6 أسابيع في فترة الانتقالات الصيفية الحالية، لا يزال يتعيّن على مانشستر يونايتد إبرام صفقات جديدة لتدعيم المراكز التي تعاني من ضعف واضح؛ إذ يسعى النادي للتعاقد مع محور ارتكاز، وقلب دفاع إضافي، وقد يتحرّك النادي لعقد صفقات أخرى إذا تمكّن من بيع بعض اللاعبين الكبار.

ومهما حدث بعد الآن، فمن الواضح تماماً أنه قد تم الضغط بقوة على زر إعادة الضبط في مانشستر يونايتد من قبل راتكليف وفريقه! ومن الواضح أيضاً أن مانشستر يونايتد يتحرك بسرعة أكبر، وبحسم أقوى، وينفق أموالاً أقل، ويتحلّى بفاعلية أكبر فيما يتعلق بالصفقات الجديدة. لقد انتهى ذلك الشعور بالذعر وعدم الكفاءة، لكن في نهاية المطاف لا يمكن الحكم على نجاح الفلسفة الجديدة إلا بناءً على ما سيحدث على أرض الملعب. وللمرة الأولى منذ سنوات طويلة، تبدو المؤشرات واعدة للغاية في مانشستر يونايتد!


مقالات ذات صلة

تن هاغ يشيد بقيادة يونايتد بسبب التعاقدات المبكرة

رياضة عالمية تن هاغ (د.ب.أ)

تن هاغ يشيد بقيادة يونايتد بسبب التعاقدات المبكرة

قال إريك تن هاغ مدرب مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي إن التعاقد مع ليني يورو وجوشوا زيركزي تحقق بسبب سرعة قيادة النادي في اتخاذ قرارات سريعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية المدافع الفرنسي الشاب ليني يورو... صفقة ناجحة لمانشستر يونايتد (أ.ف.ب)

كيف بدأت استراتيجية التعاقدات في مانشستر يونايتد تتغير نحو الأفضل؟

يُعد تعاقد مانشستر يونايتد مع المدافع الفرنسي الشاب ليني يورو، البالغ من العمر 18 عاماً، مقابل 52.1 مليون جنيه إسترليني بمثابة تغيير هائل في قواعد اللعبة

«الشرق الأوسط» (لندن: )
رياضة عالمية أربلاستر لاعب شيفيلد يونايتد (يمين) في صراع على الكرة مع ماينو لاعب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)

لاعبون هبطوا من «الممتاز» قد يعودون للأضواء مرة أخرى

هبطت أندية لوتون تاون وبيرنلي وشيفيلد يونايتد إلى دوري الدرجة الأولى، لكن بعض لاعبيها يستحقون البقاء وباتوا محط اهتمام فرق أخرى بالدوري الإنجليزي الممتاز

بن ماكالير (لندن:)
رياضة عالمية مينغي مدافع لوتون تاون ... هل تسرع مانشستر يونايتد عندما أستغنى عنه (غيتي)

لاعبون هبطوا من «الممتاز» قد يعودون للأضواء مرة أخرى

قد يعتقد البعض أنه لا يمكن الإشادة بالمدافع سوزا الذي اهتزت شباك فريقه 104 مرات هذا الموسم

رياضة عالمية ساوثغيت أوقع الاتحاد الإنجليزي في حيرة البحث عن بديل (أ.ب)

هاو بعد تداول اسمه لتدريب إنجلترا: أنا ملتزم مع نيوكاسل

أكد المدرب إدي هاو التزامه التام بفريقه نيوكاسل طالما أنه يحظى بدعم إدارته، وذلك بعدما تم تداول اسمه كأحد أبرز المرشحين لتولي منصب مدرب المنتخب الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«أولمبياد باريس»: إينغبريغتسن جاهز لـ«نزهة في الحديقة»... رغم انهيار عائلته

ياكوب إينغبريغتسن (أ.ف.ب)
ياكوب إينغبريغتسن (أ.ف.ب)
TT

«أولمبياد باريس»: إينغبريغتسن جاهز لـ«نزهة في الحديقة»... رغم انهيار عائلته

ياكوب إينغبريغتسن (أ.ف.ب)
ياكوب إينغبريغتسن (أ.ف.ب)

بشيءٍ من الثقة الجريئة كالعادة، يقول إينغبريغتسن إن الألعاب الأولمبية التي تستضيفها العاصمة باريس من المفترض أن تكون «نزهة في الحديقة».

لكن على النرويجي أن يُغلق أولاً باب الخلافات مع عائلته التي كانت توثِّق في برنامج تلفزيون الواقع أنها وحدة متماسكة تأكل وتتدرب معاً.

يخضع والد ياكوب، يارت، الذي كان يُدرّبه وإخوته، للتحقيق في قضية عنفٍ منزلي.

وسيدافع ياكوب (23 عاماً) عن لقبه في سباق 1500 متر بعد فوزه في طوكيو، كما يستهدف الفوز في 5 آلاف متر حيث سبق أن تُوّج باللقب العالمي مرتين.

قال لـ«بودكاست ذي إيغنايت» المتخصص بألعاب القوى الأوروبية: «في حال لم أتعرض لإصابة أو مرض، أعتقد أن الأمر سيكون بمثابة نزهة في الحديقة».

وتبدو ثقة النرويجي كبيرة بنفسه، رغم أنه خسر آخر لقبين عالميين في سباق 1500 متر.

أثبت ذلك بفوزه في سباقي 1500 متر و5 آلاف متر للمرة الثالثة توالياً في بطولة أوروبا، في يونيو (حزيران) الماضي بروما.

تابع في مقابلته: «لا أذهب إلى أي سباق وأنا أفكر بالأمور التي فعلتها سابقاً».

وأضاف: «الفوز شيء سأبقى ألاحقه دائماً. إنه شعور رائع دائماً أن أعبر خط النهاية أولاً، خاصة في سباق شديد المنافسة مع منافسين رائعين».

هذا الفوز في روما جاء كعلاجٍ مثالي بعد إصابته في وتر أخيل بالشتاء.

عائلة منقسمة: كانت هناك أيضاً مسألة النزاع العائلي الذي ترك أثره في النرويج.

قطع ياكوب وشقيقاه هنريك وفيليب، وهما أيضاً بطلان أوروبيان في سباقي 1500 متر في 2012 و2016 توالياً، علاقتهما مع والدهما يارت في 2022.

اتهم الثلاثي والدهم بالعنف المنزلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي؛ ما أدى إلى خضة في النرويج.

كتب الشقيقان في جريدة «فيردينز غانغ» المحلية: «نشأنا مع والد عدواني ومستبد، يستخدم العنف الجسدي والتهديدات كجزء من تربيته».

وتابعا: «لا يزال يتملكنا الشعور بالانزعاج والخوف الذي شعرنا به منذ الطفولة».

فتحت الشرطة تحقيقاً في الادعاءات بالإساءة وقررت النيابة اتهام يارت (58 عاماً) بالعنف المنزلي ضد أحد أولاده.

وفقاً لمصدر مقرب من القضية، فإن الأفعال المشار إليها لا تتعلق بالثلاثي من الرياضيين المعروفين ولكن بولدٍ آخر أصغر منهم.

على مدى أربعة أعوام (من 2018 إلى 2022) زُعم أن يارت تعامل مع الطفل بخشونة وأهانه وهدده وضربه على وجهه بيده أو باستخدام منشفة.

هكذا، انتهى «فريق إينغبريغتسن»، اسم سلسلة الوثائقيات التي رافقت حياة العائلة بين 2016 و2020.

في البرنامج، أجبر يارت أولاده على الجري حتى 170 كلم أسبوعياً، ومنع فيليب من السفر في عطلة مع حبيبته.

قال يارت للكاميرا: «لا أريد أن أكون رجلاً غاضباً. أريد أن أكون والداً».

وأضاف: «لكن إذا كنا بحاجة إلى رجل غاضب لمساعدتهم على تحقيق أحلامهم، فأنا جاهزٌ للعب هذا الدور».

لكن بأي ثمن؟ حين عقد ياكوب قرانه في سبتمبر (أيلول) الماضي، لم يدعُ والده إلى الحفل.

يُجدد هذا الخلاف ذكريات الآباء الذين كانوا يدربون أطفالهم وظهروا في كثير من الأحيان كأشخاص عنيفين أو مُعتدين، من لاعبة المضرب الفرنسية ماري بيرس إلى لاعب الغولف الأميركي تايغر وودز، من دون أن ننسى الشقيقتين ويليامز في كرة المضرب.

بعد انفصاله عن أولاده، صدم يارت الشارع الرياضي النرويجي بتدريبه رياضياً آخر، هو نارفي نورداس.

وأعلنت اللجنة الأولمبية النرويجية عدم إعطاء يارت تصريحاً للمشاركة في «أولمبياد باريس»، كما حال العام الماضي في المونديال.

في المقابل، يستمر ياكوب في التمرن مع شقيقيه فيما وصفه بـ«نظام فريد».

قال: «نحن الثلاثة مسؤولون عن تمريننا الشخصي. يُمكنك أن تقول إننا نُمرن أنفسنا. في الوقت عينه يمرن بعضنا بعضاً».

وأردف: «إنها شبكة أمان كبيرة مع خبرة لا يمكن أن تكون أفضل من ذلك».