رحيل غوارديولا قد تكون له تداعيات هائلة على مانشستر سيتي

النادي سيواجه صعوبة كبيرة في التعاقد مع مدرب قادر على سد الفراغ الذي سيتركه

غوارديولا يتحرر من التوتر العصبي بمشاهدة التنس في ويمبلدون مع أسرته (أ.ب)
غوارديولا يتحرر من التوتر العصبي بمشاهدة التنس في ويمبلدون مع أسرته (أ.ب)
TT

رحيل غوارديولا قد تكون له تداعيات هائلة على مانشستر سيتي

غوارديولا يتحرر من التوتر العصبي بمشاهدة التنس في ويمبلدون مع أسرته (أ.ب)
غوارديولا يتحرر من التوتر العصبي بمشاهدة التنس في ويمبلدون مع أسرته (أ.ب)

يُلقب جوسيب غوارديولا بـ«الزعيم»، وهو لقب مناسب تماماً لهذا المدير الفني الكاتالوني الرائع، الذي لا يزال يفكر فيما إذا كان سيرحل عن مانشستر سيتي بنهاية الموسم الحالي أم سيوقع على عقد جديد. وقاد غوارديولا «السيتيزنز» للفوز بالدوري الإنجليزي الممتاز 6 مرات، وكأس الاتحاد الإنجليزي مرتين، وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة 4 مرات، فضلاً عن الفوز بدوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبي وكأس العالم للأندية، خلال مسيرة حافلة امتدت لـ8 سنوات.

وعلاوة على ذلك، قاد غوارديولا مانشستر سيتي لتحقيق الثلاثية التاريخية الثانية في تاريخ كرة القدم الإنجليزية - بعد مانشستر يونايتد في عام 1999 - وهو ما يعني أن الإنجازات التي حققها المدير الفني الكاتالوني خلال تلك الفترة قد لا يتم تجاوزها أبداً.

لكن مسيرة غوارديولا مع سيتي قد تنتهي بحلول شهر مايو (أيار) المقبل، وهو ما يعني أننا قد لا نرى المشهد الأسبوعي لمانشستر سيتي، وهو يحاصر خصومه ويقسو عليهم. وبالطبع، تأمل الفرق المنافسة ومشجعوها في أن يحدث ذلك، على الرغم من أن غوارديولا قد يقرر تمديد عقده في نهاية المطاف. من الواضح أن مسألة الاستمرار أو الرحيل تعد معضلة مألوفة لغوارديولا، الذي بدا متردداً فيما يتعلق بالرحيل أو تمديد التعاقد، خصوصاً بعد الخسارة أمام مانشستر يونايتد في المباراة النهائية لكأس الاتحاد الإنجليزي بهدفين مقابل هدف وحيد في مايو الماضي.

يتميز غوارديولا بأنه حاسم تماماً في الأمور المتعلقة بفريقه، لكنه يبدو أقل حسماً فيما يتعلق بمستقبله، وهو ما يشير إلى وجود مشاعر متضاربة فيما يتعلق بالتوقيت المناسب للرحيل عن النادي الذي تمت إعادة بناؤه وهيكلته خصيصاً من أجله.

فمع تعيين فيران سوريانو رئيساً تنفيذياً وتكسيكي بيغيريستين مديراً لكرة القدم في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) 2012، كان رئيس مجلس الإدارة، خلدون المبارك، يبني مانشستر سيتي على غرار برشلونة استعداداً لوصول غوارديولا. وكان بيغيريستين قد شغل منصب مدير كرة القدم في نادي برشلونة أثناء الفترة الناجحة التي قضاها غوارديولا هناك بين موسمي 2008 و2012، في حين شغل سوريانو منصب الرئيس التنفيذي قبل أن يتولى غوارديولا قيادة النادي الكاتالوني.

عندما وصل غوارديولا إلى مانشستر سيتي في صيف عام 2016، كان مشروع مالكي النادي قد قاموا بالمهمة الصعبة: كان سوريانو وبيغيريستين قد استقرا في منصبيهما بالفعل، وابتعد الغريم التقليدي مانشستر يونايتد عن مكانته كأفضل فريق في المدينة، ونجح مانشستر سيتي في اجتذاب عدد من المواهب الرائعة مثل سيرخيو أغويرو وديفيد سيلفا وكيفن دي بروين، وفاز الفريق بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة كل من مانويل بيليغريني وروبرتو مانشيني.

هل رحيل غوارديولا قد يدفع أيضاً هالاند إلى الرحيل (غيتي)

وبعد أول موسم من دون ألقاب، بدأت هيمنة غوارديولا على كرة القدم الإنجليزية بفوز مانشستر سيتي بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد الحصول على عدد قياسي من النقاط بلغ 100 نقطة، وقاد الفريق للفوز بلقب كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة للمرة الأولى. وحينئذ كان السؤال الذي يردده الجميع يتعلق بالفترة التي سيبقى فيها غوارديولا على رأس القيادة الفنية لـ«السيتيزنز».

كانت الدائرة المقربة من غوارديولا تعتقد في البداية أنه لن يستمر بعد نهاية عقده الممتد لـ3 سنوات. لكن في مايو 2018، وقع غوارديولا على عقد جديد يستمر بموجبه حتى عام 2021. وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، مدد عقده للمرة الثانية حتى عام 2023. وفي ذلك الوقت، كان أصدقاء غوارديولا يرون أن هذه ستكون الولاية الأخيرة له. لكن في نوفمبر من العام الذي فاز فيه فريقه بالثلاثية التاريخية (موسم 2022 - 2023) وافق على البقاء حتى عام 2025.

الآن، تشير الأنباء إلى أن غوارديولا سيتخذ قراره النهائي خلال الفترة بين ديسمبر (كانون الأول) وفبراير (شباط). وكانت حيلة المبارك في المرة الأخيرة لإقناع غوارديولا بالبقاء تتمثل في التحدث معه بلطف خلال فترة الاستراحة أثناء إقامة كأس العالم 2022 في قطر. وإذا كرر المبارك ذلك فقد ينجح الأمر مرة أخرى، أو ربما سيتخذ غوارديولا قراره بناء على موقف الفريق، وما إذا كان سيحصل على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الخامسة على التوالي أم لا!

وإذا قرر غوارديولا الرحيل، فهل سيؤدي ذلك إلى نزوح جماعي عن النادي؟ فهل سيرحل بيغيريستين وسوريانو خلف غوارديولا؟ وعلاوة على ذلك، ينتهي عقد دي بروين أيضاً في الصيف المقبل، بعد أيام من بلوغه عامه الرابع والثلاثين. ويمتد عقد كايل ووكر، البالغ من العمر 34 عاماً، لعامين آخرين، لكن المدير الفني الجديد قد يريد تطبيق أفكار جديدة، بينما لا يريد المساعدون الموثوقون، خصوصاً أولئك الذين عملوا مع غوارديولا، في العمل بالطريقة نفسها.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن لبيرناردو سيلفا أن يرى أن هذا هو الوقت المناسب للرحيل إذا شعر بأن غوارديولا سيرحل، وكانت هناك أندية ترغب في التعاقد معه من خلال دفع الشرط الجزائي الموجود في عقده، والذي يصل إلى 50 مليون جنيه إسترليني.

أما فيما يتعلق باللعب، فتتمثل الحقيقة في أنه لا يوجد شيء آخر يمكن الفوز به في النادي ولا يوجد سوى القليل لتحقيقه - ما لم يكن الحافز هو تحقيق الثلاثية التاريخية للمرة الثانية، أو الفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الخامسة أو السادسة على التوالي. وبالتالي، فإن رحيل غوارديولا قد يدفع أيضاً إيرلينغ هالاند إلى التفكير في مستقبله، خصوصاً أنه يحظى باهتمام كبير من جانب ريال مدريد.

وفي حال رحيل غوارديولا، فمن المؤكد أن كرة القدم الإنجليزية ستفتقد خططه التكتيكية الصارمة، ولعبه الهجومي الممتع والجميل، ورؤيته الثاقبة فيما يتعلق بالصفقات الجديدة، وتصريحاته الإعلامية البليغة، ورغبته المتواصلة في تحقيق الفوز، واحتفالاته المميزة عند الصعود لمنصات التتويج. وستحدث فجوة في نسيج كرة القدم المحلية التي عرفناها خلال السنوات الأخيرة.

ويرى البعض أن ما تقدمه الفرق التي تلعب تحت قيادة غوارديولا طبيعي في ضوء التدعيمات القوية، لكن غوارديولا يؤكد دائماً أن الأمر ليس بهذه السهولة (وهو محق تماماً في ذلك). وإذا وضعنا في الاعتبار أن هناك أكثر من 100 اتهام توجهها رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لمانشستر سيتي بسبب مخالفات مالية مزعومة - والتي ينفيها النادي ومن المقرر أن يتم الاستماع إليها في الخريف المقبل على الرغم من أن القرار النهائي قد لا يُتخذ قريباً - فإن هناك شعوراً مزداداً بأنه سيحدث تغيير كبير في مانشستر سيتي.

غوارديولا يتطلع للفوز بلقب الدوري الإنجليزي للمرة الخامسة على التوالي (د.ب.أ)

وإذا رحل غوارديولا في الصيف المقبل، فستواجه الإدارة صعوبة كبيرة في التعاقد مع المدير الفني القادر على سد هذا الفراغ الكبير. وتتمثل فلسفة النادي، التي صاغها المبارك، في أن غوارديولا لا يمكن أن يكون الشخص الأكثر أهمية في النادي لأنه بصفته المدير الفني، فإنه يدعم طريقة اللعب وقيم مانشستر سيتي، لكنه لا يحددها.

قد يكون هذا صحيحاً، لكن غوارديولا، باعتباره أبرز مدير فني في تاريخ كرة القدم الإنجليزية الحديث، يقوم بعمل يجعل من شبه المستحيل على أي مدير فني قادم أن يواصل تحقيق الإنجازات نفسها. وقد يفكر مانشستر سيتي في مايكل أرتيتا، وربما فنسنت كومباني، في حال رحيل غوارديولا. ويأمل مسؤولو حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في ألا يضطروا إلى القيام بذلك في الموسم المقبل، وأن يوقع غوارديولا على عقد جديد مرة أخرى. لكن في الوقت الحالي، يتعين علينا أن ننتظر حتى يتخذ «الزعيم» الكاتالوني القرار النهائي!


مقالات ذات صلة

هاو بعد تداول اسمه لتدريب إنجلترا: أنا ملتزم مع نيوكاسل

رياضة عالمية ساوثغيت أوقع الاتحاد الإنجليزي في حيرة البحث عن بديل (أ.ب)

هاو بعد تداول اسمه لتدريب إنجلترا: أنا ملتزم مع نيوكاسل

أكد المدرب إدي هاو التزامه التام بفريقه نيوكاسل طالما أنه يحظى بدعم إدارته، وذلك بعدما تم تداول اسمه كأحد أبرز المرشحين لتولي منصب مدرب المنتخب الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية 
أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام (إ.ب.أ)

بوستيكوغلو يؤكد أن ربط اسمه بتدريب المنتخب الانجليزي «إشاعات»

أصرّ الأسترالي أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام (الخميس) على أنه لا يملك أي فكرة عن التقارير التي رشحّته لتولي تدريب منتخب «الأسود الثلاثة» عقب استقالة غاريث

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية تخطي سيتي والفوز بكأس إنجلترا كان عاملاً أساسياً في بقاء تن هاغ بمنصبه (أ.ب)

هل يتخلى مانشستر يونايتد عن تن هاغ؟

منذ تقاعد أليكس فيرغسون كانت الصفقات التي أبرمها النادي في فترات الانتقالات الصيفية هزيلة في معظمها

رياضة عالمية نيكيتا باريس في لحظة فرح مع لاعبات فريقها (رويترز)

مانشستر يونايتد للسيدات يمدد عقد نيكيتا باريس

قام نادي مانشستر يونايتد بتفعيل خيار تمديد عقد نيكيتا باريس لمدة عام واحد حتى عام 2025.

ذا أتلتيك الرياضي (مانشستر)
رياضة عالمية نيكولا ميلينكوفيتش (نادي نوتنغهام فوريست)

نوتنغهام يعزّز دفاعه بالصربي ميلينكوفيتش

عزّز نوتنغهام فوريست دفاعه بالتعاقد الخميس مع الصربي نيكولا ميلينكوفيتش، قادماً من فيورنتينا الإيطالي في صفقة بلغت قيمتها 15 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أولمبياد روما 1960: خيبة فرنسية… والتلفزيون ينقل الافتتاح لـ20 دولة

كاسيوس كلاي (محمد علي لاحقاً) يحصد ذهبية الملاكمة في أولمبياد روما 1960 (اللجنة الأولمبية الدولية)
كاسيوس كلاي (محمد علي لاحقاً) يحصد ذهبية الملاكمة في أولمبياد روما 1960 (اللجنة الأولمبية الدولية)
TT

أولمبياد روما 1960: خيبة فرنسية… والتلفزيون ينقل الافتتاح لـ20 دولة

كاسيوس كلاي (محمد علي لاحقاً) يحصد ذهبية الملاكمة في أولمبياد روما 1960 (اللجنة الأولمبية الدولية)
كاسيوس كلاي (محمد علي لاحقاً) يحصد ذهبية الملاكمة في أولمبياد روما 1960 (اللجنة الأولمبية الدولية)

لم تجمع دورة أولمبية سابقة من اللاعبين والدول كما جمعت دورة روما عام 1960، وعرفت نجاحاً كبيراً، لا سيما من خلال النقل التلفزيوني المباشر أو المسجّل ورائدته شركة «أوروفيزيون» التي نقلت وقائع حفل الافتتاح مباشرة إلى 20 دولة أوروبية.

وتابع وقائع المسابقات مواطنو 100 دولة، بينها اليابان والولايات المتحدة وكندا. وبات نشيد «ساماراس وبالاماس» نشيداً ثابتاً للألعاب في الدولة التي استوحت التقاليد والرموز الرومانية في كل شيء.

حضر الألمان ضمن بعثة موحدة، وحلّ الاتحاد السوفياتي في المركز الأول برصيد 43 ذهبية، مقابل 34 للولايات المتحدة و13 لإيطاليا.

وتأقلم العالم مع القوّتين العظمتين الطاغيتين، وصادفت الألعاب بزوغ نجم الزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشوف وتحضير الرئيس الأميركي جون كيندي حملته الانتخابية.

وإلى العظمة الإيطالية في الافتتاح والتنظيم والاحتفالات، حيث عاش الجميع مشاهد وكأنهم يمثلون في أفلام فيديريكو فيلليني، فإن جانب المنافسات والأسماء الكبيرة يبقى الأبرز في «الأولمبياد». فعلى رغم تفوق لي كالهون ورالف بوسطن ودون براغ في سباق 110م حواجز والوثب الطويل والقفز بالزانة، فإن ألعاب القوى الأميركية تراجعت.

تألق الإثيوبي الحافي القدمين أبيبي بيكيلا ففاز في الماراثون وأهدى أفريقيا لقبها الكبير الأول في سباق عريق لأم الألعاب.

وتألقت الأميركية ويلما رودولف «الغزالة السمراء»، ففازت بثلاث ذهبيات في المسافات القصيرة. وتعرف الناس على وجه جديد في الملاكمة هو الأميركي كاسيوس كلاي (محمد علي لاحقاً).

ولم يسبق أن حقق الإيطاليون إنجازات فوق العادة في الدورات السابقة، لكنهم أرادوا أن يكونوا متألقين على أرضهم. هكذا تميّز العداء ليفيو بيروتي وحطم الرقم العالمي في سباق 200م (20.5 ثانية)، رقم اعتبر وقتذاك إعجازياً. إنه عداء «جيغولو» ينافس مرتدياً نظارة سوداء ويتفوّق على الأميركي ليستر كارني والفرنسي عبدولاي سيي.

والنجم الإيطالي الآخر كان الملاكم نينو بينفينوتي الذي استقطب الأضواء على الرغم من أنها دورة كاسيوس كلاي، وجسّد قصّة ابن مدينة تريستي الشجاع الذي فاز بذهبية وزن «67 كلغ»، في إطار سيطرته الأوروبية المطلقة التي استمرت عشرة أعوام.

ومن أبرز «الخائبين» في دورة روما البعثة الفرنسية الكبيرة (237 شخصاً) والتي لم تحصل إلا على فضيتين وثلاث برونزيات، ما جعل صحيفة «فيغارو» تنشر «كاريكاتوراً» تهكمياً يظهر الجنرال شارل ديغول غاضباً موجّهاً لومه إلى مسؤولي الرياضة، قائلاً لهم: «حتى في الرياضة علي أن أشمّر عن ساعدي وأنزل إلى الميدان».

الملاحظ أن السيطرة الأميركية على سباقات الجري وألعاب القوى عموماً اهتزت لكنها لم تتدحرج، وهذا ما أكده رالف بوسطن من خلال فوزه في الوثب الطويل 8.12م، محطّماً رقماً «عجوزاً» لمواطنه جيسي أوينز وتحت أنظاره، صمد 24 عاماً، أي منذ دورة برلين 1936.

لكن المجد الأميركي اختصر بـ«الغزالة السمراء» ويلما رودولف ابنة الـ20 ربيعاً، ورسّخته في ذاكرة الأجيال من خلال فوزها بذهبيات 100م (11 ث) وهو رقم عالمي جديد لم يعتمد نظراً لسرعة الرياح، و200م (24 ث)، والتتابع 4 مرات 100م (44.5).

ومن يصدّق أن رودولف كانت مصابةً بالشلل في صغرها، وأمضت 7 أعوام في العلاج، وهي أم لطفلة من غير زواج، وهذا ما أخفته عن وسائل الإعلام.

وتلفت رودولف إلى أن الفرنسيين أطلقوا عليها لقب «الغزالة السمراء»، «فالأميركيون البيض كانوا ينادونني بالغزالة فقط حين تمثل الولايات المتحدة في الخارج. أما تسمية الغزالة الزنجية فناداني بها أميركيون كثر في الداخل لأن التمييز العنصري كان قوياً وسائداً وقتذاك».

وتتذكّر رودولف أنها تعثّرت خلال التدريب وسقطت أرضاً «فشاركت في السباقات وساقي مربوطة، كان سباق 100م رائعاً، أسفت لعدم اعتماد الرقم عالمياً، ولا أزال متأثرة بسباق التتابع. تدرّبت من أجله مع العداءات الثلاثة الأخريات طيلة خمسة أعوام كنا في جامعة واحدة، وجاء الفوز بمثابة مكافأة كبيرة».

والفرادة الأسترالية فعلت فعلها مجدداً في السباحة، إذ حصدت دون فرايز لقب 100م حرة. وإضافة إلى تتويج ديفيت في سباق الرجال، فاز موري روز في 400م وديفيد تهايل في 100م ظهراً، و«الفتى الرائع» جون كونراد (18 عاماً)، الذي عانى بدوره من الشلل في طفولته، في 1500م.

وكان رقم كونراد ابن العائلة اللاجئة من ليتوانيا مثالياً في ذلك الحين (6:19.17 د)، وهو على غرار أقرانه لا يجد في ما يحققه غريباً «زاولنا التدريب لتمضية أوقات الفراغ، كنا نخرج من المدرسة عند الثالثة بعد الظهر، وكانت السباحة تسليتنا الوحيدة. كنت أقيم مع عائلتي في مخيم للاجئين يبعد 500 كلم عن الشاطئ، والطقس الحار هناك ملائم جداً للنزول في مياه حوض السباحة. وجد الأستراليون في هذه الرياضة ضالتهم الكبرى للتقدم والبروز عالمياً، أعدوا برنامج التدريب والتطوّر التنافسي منذ سن العاشرة، وهو أسلوب اتبعه الأميركيون لاحقاً».

وفي الأمسية الأخيرة لنزالات الملاكمة، قطف الأميركيون 3 ذهبيات إذ فاز ويلبرت ماكلور في وزن 71 كلغ، وادوارد كروك (75 كلغ) وكاسيوس كلاي (81 كلغ)، إلا أن الأخير (18 عاماً) كانت له السطوة على الأضواء، وهو لفت الأنظار إليه منذ بدء الألعاب، إذ كان يختلط بالجميع يحادثهم ويقدم لهم «دبابيس تذكارية».

وفي غرفة تغيير الملابس لا يكف من المزاح والقفز، وفق ما كان يعتمده على الحلقة، وتوّج «مسيرته» بإسقاطه في النهائي البولندي زبيغنييف بيترشيكوفسكي بطل أوروبا 3 مرات وثالث دورة ملبورن 1956، وهو عوّض في الجولة الثالثة الحاسمة تعثّره في الأوليين فمضى نحو الذهب من خلال لكماته اليمينية التي أسالت الدماء على وجه منافسه العسراوي المتفوّق، فخسر بالضربة القاضية، والاستسلام.

وكانت البداية المشرقة والنزاع مع المحيط والحكومة لفتى اتجه إلى الملاكمة صدفة وهو في الثالثة عشرة من عمره حين فوجئ بسرقة دراجته في حديقة لويفيل، وفي إطار بحثه عنها وتوجهه غاضباً لإبلاغ ضابط الشرطة في المنطقة، ولم يكن سوى المدرب جو مارتن الذي أرشده إلى «الفن النبيل».

والنهاية الأولمبية كانت بسباق الماراثون الذي اخترق في «العشية» في اليوم الأخير من الألعاب شوارع العاصمة الإيطالية. إنها فرصة لـ«السائح» الإثيوبي أبيبي بيكيلا ليكتشف روما القديمة ويحصد الانتصار ويحطم الرقم القياسي الذي حققه التشيكوسلوفاكي أميل زاتوبيك في دورة هلسنكي 1952 (2:23:03.2 ساعة).

خرج بيكيلا (28 عاماً) الجندي في الحرس الإمبراطوري الإثيوبي من بين الصفوف، واخترق الطليعة ليبلغ خط النهاية حافي القدمين، فالأحذية الرياضية لا تريحه، والجري من دونها أسهل، وسجل 2:15:16.2 ساعة مقابل 2:15:41.6 ساعة للمغربي عبد السلام الراضي.