أولمبياد أمستردام 1928: مصر أول دولة عربية تدون اسمها في «السجل الذهبي»

أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)
أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)
TT

أولمبياد أمستردام 1928: مصر أول دولة عربية تدون اسمها في «السجل الذهبي»

أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)
أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)

كانت أمستردام المدينة الوحيدة التي ترشّحت لاستضافة الدورة الأولمبية التاسعة عام 1928، فنالت حق التنظيم وأضافت جديداً إلى «طقوس» الألعاب تمثّل بإيقاد الشعلة للمرة الأولى.

أقيمت الدورة رغم ممانعة ملكة هولندا فيلهلمين، التي اعتبرت الدورات الأولمبية تظاهرة وثنية، لكن استفتاءً شعبياً قضى بعكس ذلك وافتتحت بغيابها.

وعادت ألمانيا إلى «العائلة» بعد تغييب استمر 16 عاماً، لكن الترحيب الهولندي بحضور بعثتها، والود الذي ظهر تجاهها قابله رفض فرنسي لدخول طابور العرض احتجاجاً على ذلك، وأيّد الأميركيون الموقف الفرنسي، وكان يرأس بعثتهم الجنرال الشهير ماك آرثر أحد أبطال الحرب العالمية الثانية لاحقاً.

وفي الترتيب النهائي للميداليات، بقيت السيطرة للولايات المتحدة فتصدرت برصيد 22 ذهبية في مقابل 10 لألمانيا وحلت فنلندا ثالثة (8).

وباتت مصر أول دولة عربية تدوّن اسمها على السجل الذهبي، حيث توج إبراهيم مصطفى بالذهب في وزن خفيف الثقيل في المصارعة اليونانية-الرومانية، وأضحى أول فائز في الدورات الأولمبية من خارج «النادي الأوروبي». ونال مواطنه سيد نصير ذهبية رفع الأثقال لوزن خفيف الثقيل أيضاً، وحصد فريد سميكة الذي تدرّب في الولايات المتحدة فضية الغطس من المنصّة الثابتة وبرونزية المنصّة المتحركة.

ورفع العداء الفنلندي بافو نورمي عدد ذهبياته إلى 9 في 3 دورات، وفرض جوني فايسمولر «طرزان» نفسه من جديد في السباحة.

ولأن الدورات الأولمبية عادة ما تكون مصحوبة بالمفارقات، راجت الأخبار ودارت حول بعض الوقائع والظواهر، ولا سيما فيما يتعلق بمشاركة السيدات، خصوصاً في ألعاب القوى، وذلك طبعاً عكس رغبة «المؤسّس» البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان الذي أصبح هرماً، فآثر الراحة بعيداً عن الجو المشحون.

غير أن عبارته الشهيرة «إن مشاركة النساء غير عملية وغير هامة وغير صحيّة وتخلو من الناحية الجمالية» ظلّت تتردّد طويلاً في أروقة الملعب التحفة الذي صمّمه يان ويلز واعتبر لاحقاً معلماً تاريخياً على رغم الحملات لهدمه. ومنح لاحقاً الميدالية الذهبية للتصميم تقديراً لهذا «الابتكار».

ظلّ كوبرتان يطالب أن يقتصر دور الجنس اللطيف على الجانب البروتوكولي المتعلق بتوزيع الجوائز ومراسم التكريم «لأن بنيتهن لا تقوى على تحمل مشاق التدريب المضني والجهد الكبير في المسابقات».

وأثارت إقامة سباق 800 م للسيدات أسئلة كثيرة نظراً لاعتباره «كارثياً» على بعض المشاركات، فقد حذف السباق لاحقاً من البرنامج، ولم يعد إدراجه إلا في دورة عام 1960 في روما.

وترافقت تحفظات دو كوبرتان المستمرة على المشاركة النسائية مع وصية الوداع التي ناشد فيها الجميع المحافظة على المُثُل الأولمبية، وفي مقدّمها الهواية. هذه «المثالية» التي بدأت تتحول إلى كابوس بالنسبة لكثيرين، ويقع البعض ضحايا خرقها.

وتمثّلت حالات الرفض الشديدة لأفكار دو كوبرتان الخاصة بمشاركة المرأة بحركة رائدة في فرنسا عام 1920 بطلتها تيريز بروليه، يومها كانت رياضة «الجنس اللطيف»، كناية عن رقص إيقاعي أو جمباز إيقاعي في مدرسة أيرين بوبار.

وفي الماراثون، فاجأ العداء الفرنسي الجزائري الأصل أحمد بوقرة الوافي العامل في مصانع «رينو» الجميع، وسجل زمناً ممتازاً مقداره 2:32.57 س، خاطفاً اللقب من صاحب الأفضلية الأول الفنلندي مارثي مارتيلين والفرنسي غيوم تل، الذي اكتفى بالمركز الـ29. والمفارقة أن الفوز الفرنسي تجدد بعد 28 عاماً من إحراز ميشال ثياتو لقب السباق في دورة باريس عام 1900... وتكرر بعد انتظار 28 عاماً آخر، بفضل إنجاز ألن ميمون - الجزائري الأصل أيضاً في دورة ملبورن عام 1956.

وأصبح أمير السويد أولاف الخامس أوّل بطل من عائلة مالكة عندما أحرز ميدالية في سباق اليخوت... ودشّنت الهند أول ألقابها الستة المتتالية في الهوكي على العشب بفوزها أمام 50 ألف متفرج... ومهدت أوروغواي للقبها المونديالي الأول في كرة القدم عام 1930 على أرضها، بالذهبية الأولمبية في أمستردام.

واستعراض وقائع دورة أمستردام 1928، لا يكتمل من دون التطرق إلى ظاهرة الفنلندي نورمي مجدداً، والنموذج الفرنسي حول لادوميغ... ونهايتها الدراماتيكية، فضلاً عن إيلاء التغذية المدروسة الاهتمام للمرة الأولى، وقد حملت باخرة الرئاسة الأميركية لـ250 رياضية ورياضياً من الولايات المتحدة وجبات عدة وكمية كبيرة من المثلجات و580 شريحة لحم تحتوي على الفيتامينات الكاملة!

صحيحٌ أن نورمي قطف ذهبية الأولمبية التاسعة لهذه الدورة من خلال فوزه في سباق 10 آلف متر وتسجيله رقماً قياسياً جديداً أمام مواطنه فيلهو ريتولا الذي ثأر منه في سباق 5 آلاف متر، لكنه ظّل ذلك «التمثال الجامد» الذي يتجنب الآخرين والإدلاء بتصريحات أو حتى الابتسام حين تلتقط له الصور.

نورمي «انتهى» منبوذاً بعد الدورة وأوقف دولياً بعدما اتهم بنيله 25 ألف دولار لقاء المشاركة في عدد من السباقات، فاستبعد من الساحة العالمية... ولاحق المصير التراجيدي ذاته لادوميغ حتى قضى عليه.

كان لادوميغ الملقب بـ«جيلو» المرشح القوي لنيل سياق 1500م، ونافسه على الطليعة الفنلنديان بوريي وهاري لارفا ابن بلدة توركو مسقط نورمي... ويومها كان الفنلنديون مسيطرين على مجمل المسافات المتوسطة والطويلة وتحديداً منذ دورة أنتورب 1920.

وأطلق «جيلو» العنان لخطواته المطاطية الواسعة جداً، بعد محاشرته للارفا وتجاوزه، فهلل الفرنسيون في الاستاد ظناً منهم أن لا أحداً بإمكانه بعد الآن تجاوز عدائهم، لكن لارفا تدارك الموقف وتقدم على لادوميغ بفارق مترين فقط عند خط النهاية ملحقاً به خسارة غير متوقعة بقيت وانتصار البريطاني إيليس عليه عام 1927، الوحيدان في سجله.

وعلى غرار «الشائعات» التي روّجت حول نورمي، ذكر أن لادوميغ قبض مبالغ طائلة حينذاك ليخوض سباقات في السويد، فأقصي عن الساحة ومُنع مثل نورمي من المشاركة في الأولمبياد في لوس أنجليس عام 1932.

وقد ورد في تحقيقات وتقارير صحافية في فرنسا تحديداً، أن عدداً من عدائي الطليعة أمثال سيرا مارتن وجان كيلر لم يتضامنوا مع لادوميغ (26 عاماً) الذي كان في أوج عطائه. وأصاب إقصاؤه ألعاب القوى الفرنسية في مقتل طوال عشرة أعوام. فمع أفول نجمه عن المضمار، برز جيل جديد ضم الأميركي ورد روف والنيوزيلندي لوف لوك.

وكان مجرد إعلان مشاركة لادوميغ الذي حقق أرقاماً عالمية على المسافات من 1000 إلى 3000م فضلاً عن سباقات الميل والميلين وغيرها من القياسات الإنجليزية، يؤمن حشوداً من المتفرجين... لكنه مضى بعد الخيبة ليسابق الخيول في السيرك أو يجري استعراضياً فوق بساط آلي على مسرح «ميوزيك هول» بباريس... وإزاء الموقف الرسمي منه، كانت اللفتة الشعبية المعنوية إذ استقبله نحو 400 ألف شخص يحييونه وهو يجري من «بورت مايو» إلى ساحة «لا كونكورد» في العاصمة الفرنسية.

قصة لادوميغ هي القدر الساخر من الساعي إلى الفوز لينتقم إلى الأبد من طفولته المعذبة، إذ توفي والده قبل ثلاثة أشهر من ولادته... ولما حملته أمه طفلاً عمره 17 يوماً إلى جده المقعد، تعثرت قرب المدخنة واشتعلت النار بثوبها الطويل، فحمت الرضيع بما تبقى منه... وتوفيت لاحقاً متأثرة بحروقها... لكن نار المجتمع حرقت مستقبل «جيلو».


مقالات ذات صلة

ماريسكا: أداء تشيلسي فاق التوقعات

رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (إ.ب.أ)

ماريسكا: أداء تشيلسي فاق التوقعات

يحتل تشيلسي المركز الثاني في ترتيب الدوري الإنجليزي، لكن مدربه إنزو ماريسكا قلل من أهمية الحديث عن ضغوط المنافسة على اللقب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية لاعب وسط كريستال بالاس آدم وارتون (رويترز)

الإصابة تغيب آدم وارتون عن كريستال بالاس لأسابيع

من المتوقع أن يغيب لاعب وسط كريستال بالاس، آدم وارتون، عن الملاعب لمدة تصل إلى 4 أسابيع.

The Athletic (لندن)
رياضة عربية العيسى قال إنهم يتطلعون لتحقيق الانتصار الذي طال انتظاره لليمنيين (خليجي 26)

رئيس الاتحاد اليمني لـ«الشرق الأوسط»: طموحنا في كأس الخليج «بسيط»

أبدى أحمد العيسى رئيس الاتحاد اليمني لكرة القدم رضاه عن أداء منتخب بلاده في المواجهة أمام العراق بالجولة الأولى من كأس الخليج رغم الخسارة.

علي القطان (الكويت )
رياضة عالمية غوارديولا دافع عن هالاند الذي سجل 108 أهداف منذ انضمامه إلى النادي عام 2022 (رويترز)

غوارديولا: سيتي لا يركض ولا يقاتل... هالاند ليس السبب

أكّد الإسباني بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي، أن المهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند ليس المسؤول الوحيد عن الانهيار الدراماتيكي الذي يتعرض له حامل اللقب.

«الشرق الأوسط» (مانشستر (إنجلترا))
رياضة عالمية براين باري ميرفي سيساعد نيستلروي في تدريب ليستر (رويترز)

ميرفي ينضم إلى طاقم نيستلروي في ليستر

أكد رود فان نيستلروي أن براين باري ميرفي سيتولّى منصب المدرب المساعد له في ليستر سيتي.

The Athletic (ليستر)

مدرب إيفرتون يحذر لاعبيه من انتفاضة مانشستر سيتي

شون ديتش (رويترز)
شون ديتش (رويترز)
TT

مدرب إيفرتون يحذر لاعبيه من انتفاضة مانشستر سيتي

شون ديتش (رويترز)
شون ديتش (رويترز)

يرفض شون ديتش، مدرب فريق إيفرتون، التقليل من شأن فريق مانشستر سيتي، الذي يعاني من تراجع نتائجه بشكل حاد في الفترة الأخيرة، على الرغم من الثقة المتزايدة التي يتمتع بها فريقه حالياً.

ورغم خسارة إيفرتون مبارياته الأربع الأولى في البطولة خلال الموسم الحالي، فإنه سرعان ما استعاد اتزانه سريعاً، بعدما تلقى خسارتين فقط في مبارياته الـ12 الأخيرة بالمسابقة، وهو ما يكشف قدرة ديتش على إعادة الاستقرار للفريق، الذي عانى من عدم لياقة عدد من لاعبيه بشكل كامل بعد فترة ما قبل الموسم المتقطعة، وفقاً للمدير الفني البريطاني.

في المقابل، يسعى مانشستر سيتي للخروج من النفق المظلم الذي دخله منذ فترة ليست بالقصيرة، بعدما تلقى 9 هزائم في مبارياته الـ12 الأخيرة بمختلف المسابقات.

وحذر ديتش لاعبيه من انتفاضة محتملة لمانشستر سيتي، حينما يحل فريقه ضيفاً على ملعب «الاتحاد»، الخميس، في المرحلة الـ18 لبطولة الدوري الإنجليزي الممتاز.

وتحدث مدرب إيفرتون عن لاعبي سيتي قائلاً: «لقد حققوا نجاحاً كبيراً تحت قيادة غوسيب (غوارديولا) على مر السنين لدرجة أن الجميع يبدو تحت هذا الانطباع بأن الأمر يتعلق بـ متى، وليس هل يعود الفريق لمستواه ونتائجه الطبيعية أو لا».

أضاف ديتش في تصريحاته، التي نقلتها وكالة الأنباء البريطانية (بي إيه ميديا): «لا أعرف كل تاريخ بيب، لكني أعتقد أنه من غير المرجح أن يكون قد مر بفترات مثل هذه».

وتابع: «ربما تعتقد أن هذا يحدث في مرحلة ما، حتى لأفضل المدربين، وهو دون شك أحد أفضل المدربين على الإطلاق، لكن بالنسبة له، فإن المرور بفترة فراغ يظهر مدى صعوبة اللعبة حتى بالنسبة لأفضل الفرق».

أكد ديتش: «لم يصبحوا جميعاً لاعبين سيئين بين عشية وضحاها. إنه بالتأكيد ليس مديراً فنياً سيئاً. يجب أن تكون حذراً، ولكن ينبغي أيضاً أن نؤمن بنفس القدر بما نقوم به وبقوة أدائنا».

ويفتقد ديتش خدمات أحد أبرز لاعبيه هذا الموسم بسبب الإيقاف، حيث يتعلق الأمر بآشلي يونغ، وذلك بعد حصوله على البطاقة الصفراء الخامسة.

يُذْكر أن إيفرتون يحتل المركز الخامس عشر برصيد 16 نقطة، وما زال يمتلك مباراة مؤجلة أمام ضيفه ليفربول، في حين يوجد مانشستر سيتي في المركز السابع برصيد 27 نقطة.