أولمبياد أمستردام 1928: مصر أول دولة عربية تدون اسمها في «السجل الذهبي»

أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)
أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)
TT

أولمبياد أمستردام 1928: مصر أول دولة عربية تدون اسمها في «السجل الذهبي»

أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)
أقيمت الدورة رغم رفض ملكة هولندا فيلهلمين (الأولمبية الدولية)

كانت أمستردام المدينة الوحيدة التي ترشّحت لاستضافة الدورة الأولمبية التاسعة عام 1928، فنالت حق التنظيم وأضافت جديداً إلى «طقوس» الألعاب تمثّل بإيقاد الشعلة للمرة الأولى.

أقيمت الدورة رغم ممانعة ملكة هولندا فيلهلمين، التي اعتبرت الدورات الأولمبية تظاهرة وثنية، لكن استفتاءً شعبياً قضى بعكس ذلك وافتتحت بغيابها.

وعادت ألمانيا إلى «العائلة» بعد تغييب استمر 16 عاماً، لكن الترحيب الهولندي بحضور بعثتها، والود الذي ظهر تجاهها قابله رفض فرنسي لدخول طابور العرض احتجاجاً على ذلك، وأيّد الأميركيون الموقف الفرنسي، وكان يرأس بعثتهم الجنرال الشهير ماك آرثر أحد أبطال الحرب العالمية الثانية لاحقاً.

وفي الترتيب النهائي للميداليات، بقيت السيطرة للولايات المتحدة فتصدرت برصيد 22 ذهبية في مقابل 10 لألمانيا وحلت فنلندا ثالثة (8).

وباتت مصر أول دولة عربية تدوّن اسمها على السجل الذهبي، حيث توج إبراهيم مصطفى بالذهب في وزن خفيف الثقيل في المصارعة اليونانية-الرومانية، وأضحى أول فائز في الدورات الأولمبية من خارج «النادي الأوروبي». ونال مواطنه سيد نصير ذهبية رفع الأثقال لوزن خفيف الثقيل أيضاً، وحصد فريد سميكة الذي تدرّب في الولايات المتحدة فضية الغطس من المنصّة الثابتة وبرونزية المنصّة المتحركة.

ورفع العداء الفنلندي بافو نورمي عدد ذهبياته إلى 9 في 3 دورات، وفرض جوني فايسمولر «طرزان» نفسه من جديد في السباحة.

ولأن الدورات الأولمبية عادة ما تكون مصحوبة بالمفارقات، راجت الأخبار ودارت حول بعض الوقائع والظواهر، ولا سيما فيما يتعلق بمشاركة السيدات، خصوصاً في ألعاب القوى، وذلك طبعاً عكس رغبة «المؤسّس» البارون الفرنسي بيار دو كوبرتان الذي أصبح هرماً، فآثر الراحة بعيداً عن الجو المشحون.

غير أن عبارته الشهيرة «إن مشاركة النساء غير عملية وغير هامة وغير صحيّة وتخلو من الناحية الجمالية» ظلّت تتردّد طويلاً في أروقة الملعب التحفة الذي صمّمه يان ويلز واعتبر لاحقاً معلماً تاريخياً على رغم الحملات لهدمه. ومنح لاحقاً الميدالية الذهبية للتصميم تقديراً لهذا «الابتكار».

ظلّ كوبرتان يطالب أن يقتصر دور الجنس اللطيف على الجانب البروتوكولي المتعلق بتوزيع الجوائز ومراسم التكريم «لأن بنيتهن لا تقوى على تحمل مشاق التدريب المضني والجهد الكبير في المسابقات».

وأثارت إقامة سباق 800 م للسيدات أسئلة كثيرة نظراً لاعتباره «كارثياً» على بعض المشاركات، فقد حذف السباق لاحقاً من البرنامج، ولم يعد إدراجه إلا في دورة عام 1960 في روما.

وترافقت تحفظات دو كوبرتان المستمرة على المشاركة النسائية مع وصية الوداع التي ناشد فيها الجميع المحافظة على المُثُل الأولمبية، وفي مقدّمها الهواية. هذه «المثالية» التي بدأت تتحول إلى كابوس بالنسبة لكثيرين، ويقع البعض ضحايا خرقها.

وتمثّلت حالات الرفض الشديدة لأفكار دو كوبرتان الخاصة بمشاركة المرأة بحركة رائدة في فرنسا عام 1920 بطلتها تيريز بروليه، يومها كانت رياضة «الجنس اللطيف»، كناية عن رقص إيقاعي أو جمباز إيقاعي في مدرسة أيرين بوبار.

وفي الماراثون، فاجأ العداء الفرنسي الجزائري الأصل أحمد بوقرة الوافي العامل في مصانع «رينو» الجميع، وسجل زمناً ممتازاً مقداره 2:32.57 س، خاطفاً اللقب من صاحب الأفضلية الأول الفنلندي مارثي مارتيلين والفرنسي غيوم تل، الذي اكتفى بالمركز الـ29. والمفارقة أن الفوز الفرنسي تجدد بعد 28 عاماً من إحراز ميشال ثياتو لقب السباق في دورة باريس عام 1900... وتكرر بعد انتظار 28 عاماً آخر، بفضل إنجاز ألن ميمون - الجزائري الأصل أيضاً في دورة ملبورن عام 1956.

وأصبح أمير السويد أولاف الخامس أوّل بطل من عائلة مالكة عندما أحرز ميدالية في سباق اليخوت... ودشّنت الهند أول ألقابها الستة المتتالية في الهوكي على العشب بفوزها أمام 50 ألف متفرج... ومهدت أوروغواي للقبها المونديالي الأول في كرة القدم عام 1930 على أرضها، بالذهبية الأولمبية في أمستردام.

واستعراض وقائع دورة أمستردام 1928، لا يكتمل من دون التطرق إلى ظاهرة الفنلندي نورمي مجدداً، والنموذج الفرنسي حول لادوميغ... ونهايتها الدراماتيكية، فضلاً عن إيلاء التغذية المدروسة الاهتمام للمرة الأولى، وقد حملت باخرة الرئاسة الأميركية لـ250 رياضية ورياضياً من الولايات المتحدة وجبات عدة وكمية كبيرة من المثلجات و580 شريحة لحم تحتوي على الفيتامينات الكاملة!

صحيحٌ أن نورمي قطف ذهبية الأولمبية التاسعة لهذه الدورة من خلال فوزه في سباق 10 آلف متر وتسجيله رقماً قياسياً جديداً أمام مواطنه فيلهو ريتولا الذي ثأر منه في سباق 5 آلاف متر، لكنه ظّل ذلك «التمثال الجامد» الذي يتجنب الآخرين والإدلاء بتصريحات أو حتى الابتسام حين تلتقط له الصور.

نورمي «انتهى» منبوذاً بعد الدورة وأوقف دولياً بعدما اتهم بنيله 25 ألف دولار لقاء المشاركة في عدد من السباقات، فاستبعد من الساحة العالمية... ولاحق المصير التراجيدي ذاته لادوميغ حتى قضى عليه.

كان لادوميغ الملقب بـ«جيلو» المرشح القوي لنيل سياق 1500م، ونافسه على الطليعة الفنلنديان بوريي وهاري لارفا ابن بلدة توركو مسقط نورمي... ويومها كان الفنلنديون مسيطرين على مجمل المسافات المتوسطة والطويلة وتحديداً منذ دورة أنتورب 1920.

وأطلق «جيلو» العنان لخطواته المطاطية الواسعة جداً، بعد محاشرته للارفا وتجاوزه، فهلل الفرنسيون في الاستاد ظناً منهم أن لا أحداً بإمكانه بعد الآن تجاوز عدائهم، لكن لارفا تدارك الموقف وتقدم على لادوميغ بفارق مترين فقط عند خط النهاية ملحقاً به خسارة غير متوقعة بقيت وانتصار البريطاني إيليس عليه عام 1927، الوحيدان في سجله.

وعلى غرار «الشائعات» التي روّجت حول نورمي، ذكر أن لادوميغ قبض مبالغ طائلة حينذاك ليخوض سباقات في السويد، فأقصي عن الساحة ومُنع مثل نورمي من المشاركة في الأولمبياد في لوس أنجليس عام 1932.

وقد ورد في تحقيقات وتقارير صحافية في فرنسا تحديداً، أن عدداً من عدائي الطليعة أمثال سيرا مارتن وجان كيلر لم يتضامنوا مع لادوميغ (26 عاماً) الذي كان في أوج عطائه. وأصاب إقصاؤه ألعاب القوى الفرنسية في مقتل طوال عشرة أعوام. فمع أفول نجمه عن المضمار، برز جيل جديد ضم الأميركي ورد روف والنيوزيلندي لوف لوك.

وكان مجرد إعلان مشاركة لادوميغ الذي حقق أرقاماً عالمية على المسافات من 1000 إلى 3000م فضلاً عن سباقات الميل والميلين وغيرها من القياسات الإنجليزية، يؤمن حشوداً من المتفرجين... لكنه مضى بعد الخيبة ليسابق الخيول في السيرك أو يجري استعراضياً فوق بساط آلي على مسرح «ميوزيك هول» بباريس... وإزاء الموقف الرسمي منه، كانت اللفتة الشعبية المعنوية إذ استقبله نحو 400 ألف شخص يحييونه وهو يجري من «بورت مايو» إلى ساحة «لا كونكورد» في العاصمة الفرنسية.

قصة لادوميغ هي القدر الساخر من الساعي إلى الفوز لينتقم إلى الأبد من طفولته المعذبة، إذ توفي والده قبل ثلاثة أشهر من ولادته... ولما حملته أمه طفلاً عمره 17 يوماً إلى جده المقعد، تعثرت قرب المدخنة واشتعلت النار بثوبها الطويل، فحمت الرضيع بما تبقى منه... وتوفيت لاحقاً متأثرة بحروقها... لكن نار المجتمع حرقت مستقبل «جيلو».


مقالات ذات صلة

سافيتش ومالكوم ينضمّان لبعثة الهلال في النمسا

رياضة سعودية حصل الصربي سافيتش على إجازة إضافية (نادي الهلال)

سافيتش ومالكوم ينضمّان لبعثة الهلال في النمسا

انضمّ الأربعاء الثنائي الصربي سيرغي سافيتش، والبرازيلي فيليب مالكوم، لاعبا الهلال، لمعسكر فريقهما التدريبي المقام في مدينة باد إيرلاخ، شرق النمسا.

هيثم الزاحم (الرياض)
رياضة سعودية تهدف البطولة إلى اكتشاف مزيد من المواهب (الشرق الأوسط)

الطائف تحتضن بطولة المنتخبات الإقليمية بمشاركة 14 فريقاً

تنطلق الخميس بطولة المنتخبات الإقليمية تحت 13 عاماً، التي تستضيفها محافظة الطائف خلال الفترة من 18 حتى 30 يوليو الحالي، وينظمها الاتحاد السعودي لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (الطائف)
رياضة عالمية جوشوا زيركزي (روبترز)

زيركزي مهاجم يونايتد الجديد: أنا لاعب لا يمكن التنبؤ بتصرفاته

قال جوشوا زيركزي المنضم حديثاً إلى مانشستر يونايتد المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم إن جماهير الفريق يمكنها أن تتوقع مشاهدة لاعب مبدع.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية هذه المرة الأولى التي يُحقق فيها كاراباس فوزاً في مرحلة من طواف فرنسا (أ.ب)

«طواف فرنسا»: فوز أوّل لكاراباس... وبوغاتشار يحافظ على الصدارة

فاز الإكوادوري ريتشارد كاراباس بالمرحلة الأولى من طواف فرنسا للدراجات الهوائية، في سانت بول تروا شاتو (177.8 كلم) الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية احتاج زفيريف إلى ساعة و18 دقيقة فقط لتخطّي منافسه (د.ب.أ)

«دورة هامبورغ»: زفيريف يبلغ ثمن النهائي

تأهل الألماني ألكسندر زفيريف المصنف رابعاً عالمياً وحامل اللقب، إلى ثمن نهائي دورة هامبورغ الألمانية الدولية لكرة المضرب، بفوزه على الهولندي يسبر دي يونغ.

«الشرق الأوسط» (هامبورغ )

شفيونتيك... هل تعاني المصنفة الأولى عالمياً من مشكلة في الملاعب العشبية؟

شفيونتيك خلال بطولة ويمبلدون الأخيرة حيث خرجت مبكراً (أ.ف.ب)
شفيونتيك خلال بطولة ويمبلدون الأخيرة حيث خرجت مبكراً (أ.ف.ب)
TT

شفيونتيك... هل تعاني المصنفة الأولى عالمياً من مشكلة في الملاعب العشبية؟

شفيونتيك خلال بطولة ويمبلدون الأخيرة حيث خرجت مبكراً (أ.ف.ب)
شفيونتيك خلال بطولة ويمبلدون الأخيرة حيث خرجت مبكراً (أ.ف.ب)

سجل خروج واحد من بطولة ويمبلدون: الدور الأول؛ الدور الرابع؛ الدور الثالث؛ الدور ربع النهائي؛ الدور الثالث.

سجل خروج آخر من ويمبلدون: الدور الرابع؛ الدور الرابع؛ الدور الثالث؛ الدور الأول؛ الدور الرابع.

بحسب شبكة The Athletic، وُصفت اللاعبة الأولى بأنها غير قادرة على الانسجام مع العشب... ووُصفت الثانية بأنها «منافس لا يمكن إنكاره» على اللقب في نادي عموم إنجلترا. واللاعبة الأولى هنا هي إيغا شفيونتيك، المصنفة الأولى عالمياً وبطلة البطولات الأربع الكبرى خمس مرات؛ والثانية هي كوكو غوف، المصنفة الثانية عالمياً وحاملة لقب بطولة أميركا المفتوحة.

هناك عوامل معقدة للمناقشات حولهما: قرعة غوف لعام 2024 وانسحاب المصنفة رقم 3 عالمياً آرينا سابالينكا سهلت طريقها، وكانت ويمبلدون هي البطولة التي حققت فيها إنجازاً كبيراً عندما تغلبت على فينوس ويليامز في طريقها إلى الدور الرابع في 2019.

شفيونتيك هي المصنفة الأولى عالمياً ومن المتوقع أن تبلي بلاءً حسناً أينما ذهبت. وخسرت غوف أمام مواطنتها إيما نافارو في الدور الرابع، بعد ثلاثة عروض مهيبة. وبعد هزيمة شفيونتيك بثلاث مجموعات أمام يوليا بوتينتسيفا في الدور الثالث، قالت النجمة البولندية: «لقد عدت إلى العمل حرفياً - ليس من ناحية التنس، ولكن من ناحية الأمور خارج الملعب - ولم يكن ينبغي أن أفعل ذلك. ربما سآخذ إجازة في العام المقبل ولن أفعل شيئاً أبدا».

وُصفت اللاعبة الأولى بأنها غير قادرة على الانسجام مع العشب (رويترز)

تضيف قائلة: «أنا لا أتدرب أكثر على الملاعب العشبية، وكذلك فعاليات الإحماء - بما في ذلك بطولة اتحاد لاعبات التنس المحترفات 500 القادمة في كوينز في جنوب غرب لندن - سأرتاح».

كان هناك قدر كبير من الاستياء والغضب من خروج شفيونتيك، لأنها لم تتوصل بعد إلى طريقة للعب على العشب.

بعد فوزها بلقبها الرابع في بطولة فرنسا المفتوحة في يونيو (حزيران)، كشفت أنها فكرت في خريف 2023 في التدرب على العشب خلال فترة التوقف، على الرغم من أن بطولة ويمبلدون كانت على بعد عام تقريباً.

وفي المرة الأخيرة التي لعبت فيها مباراة تحضيرية على الملاعب العشبية، في عام 2023 أيضاً، وصلت إلى الدور نصف النهائي في باد هومبورغ قبل أن تنسحب بسبب المرض.

هذه ليست تلك الأفكار المرتبطة بلاعبة تفكر في البطولة الأكثر شهرة في التنس على أنها أفضل استعداد لها من خلال أخذ استراحة من هذه الرياضة. وبعد فوزها في بطولة فرنسا المفتوحة أيضاً، قدمت شفيونتيك رثاءً من النوع الذي لا يمكن أن تفعله سوى لاعبة في مثل مستواها.

تقول: «إذا كنت سأخسر هنا في وقت مبكر، ربما كنت سأتمكن من اللعب أسبوعين آخرين على الملاعب العشبية، ومن ثم أكون لاعبة أفضل على الملاعب العشبية». إنها تبلغ من العمر 23 عاماً، وهي بطلة خمس مرات في البطولات الأربع الكبرى على أرضيتين مختلفتين، وهي المصنفة الأولى عالمياً لأكثر من 100 أسبوع، وتحمل حالياً سبعة من آخر 11 لقباً في البطولات الأربع الكبرى والماسترز 1000.

وهي المرأة الوحيدة باستثناء سيرينا ويليامز التي فازت بخمسة ألقاب على هذين المستويين في موسم واحد في آخر 20 عاماً (في عامي 2022 و2024). من المرجح أن تفوز بكثير من ألقاب بطولة فرنسا المفتوحة، ما يعني أنها إذا فازت ببطولة ويمبلدون، فمن المحتمل أن تحقق ما يسمى بالثنائية: أي ثنائية رولان غاروس وويمبلدون في نفس العام.

لم تنجح سوى سبع لاعبات فقط في تحقيقها على صعيد السيدات، وهن مارغريت كورت، وإيفون غولاغونغ، وبيلي جين كينغ، وكريس إيفرت، ومارتينا نافراتيلوفا، وشتيفي غراف، وسيرينا ويليامز.

أصبح كارلوس ألكاراس سادس رجل فقط يحقق ذلك عندما تغلب على نوفاك ديوكوفيتش في نهائي الرجال يوم الأحد في ويمبلدون. كما لم يتمكن رافاييل نادال، بطل فرنسا المفتوحة 14 مرة والذي يعدّ أيضاً «نجم شفيونتيك المفضل»، من إضافة لقب ويمبلدون مرتين فقط بعد أسابيع قليلة.

ومنذ عام 2011 فصاعداً، لم يصل حتى إلى نهائي ويمبلدون، حيث بلغ عدد مرات خروجه من الدور الثاني أو الأول عدد مرات ظهوره في الدور نصف النهائي (ثلاث مرات). فيما حقق فيدرر الثنائية مرة واحدة فقط، في العام الذي أُزيح فيه نادال من طريقه. وقد فعلها ديوكوفيتش نفسه مرتين.

شفيونتيك توصف بأنها ملكة الملاعب الرملية (رويترز)

إن استحضار هذه الأسماء هو تذكير بمدى تأثير «الثلاثة الكبار» وويليامز الأصغر سناً في تغيير الأهداف من حيث ما هو ممكن وواقعي في تنس النخبة. فالكثير من أفضل اللاعبين على مر العصور لم يحققوا ثنائية فرنسا المفتوحة وويمبلدون في نفس العام؛ فإيفان ليندل، الفائز بثماني مرات في البطولات الأربع الكبرى، لم يستطع الفوز بلقب ويمبلدون حتى عندما بدأ في تخطي بطولة رولان غاروس في نهاية مسيرته، في محاولة منه للفوز بالبطولة الكبرى الوحيدة التي استعصت عليه. إنه ليس أمراً طبيعياً - حتى بالنسبة لشخص في مثل قدراتها. كما أن الشعور بالهبوط بعد الفوز ببطولة رولان غاروس أمر طبيعي تماماً ومتوقع. قال دومينيك تيم، الذي حلّ وصيفاً في بطولة فرنسا المفتوحة مرتين، لشبكة The Athletic مؤخراً أنه كان ينظر بذهول إلى قدرة ديوكوفيتش وفيدرير ونادال على تحقيق نتائج عميقة في باريس ثم بعد أسابيع قليلة في ويمبلدون.

النجمة البولندية تحتفي بلقبها في أستراليا المفتوحة (رويترز)

في حالته، أعقب كلا نهائيي رولان غاروس بالخروج من الدور الأول في جنوب غرب لندن، أحدهما بالانسحاب. وقال: «كانت الطاقة فارغة». رددت شفيونتيك هذه الكلمات بعد الخسارة من بوتينتسيفا. قالت: «كانت طاقتي فارغة فجأة». على الرغم من أنه ليس الجميع يشعر بهذه الطريقة. بعد وصولها إلى نهائي بطولة فرنسا المفتوحة، قالت الإيطالية ياسمين باوليني إن العشب جرحها كثيراً لدرجة «أنني أتذكر في بعض السنوات كنت أبكي كل يوم تقريباً، وإذا لم أكن أبكي كنت حزينة جداً». إن الظروف الشاملة ليست هي الشيء الوحيد الذي يجب مراعاته في ما يجعل رواية التنس دقيقة أو غير دقيقة أو في حالة شفيونتيك والعشب، في مكان ما بينهما. أظهرت جميع هزائمها الثلاث الأخيرة في ويمبلدون اثنتين من أكبر نقاط ضعفها في لعبها: وفرة الأخطاء الأمامية غير السهلة عند التسرع، خاصة على العشب الأسرع والأقل ارتداداً، والتحفظ في تغيير خطة لعبها وإدخال التنوع في مواجهة الأمور التي تسوء - خاصة ضد اللاعبات القادرات على ضربها خارج الملعب (والأهم من ذلك، بدأن في ممارسة هذه القدرة).

إيغا سعيدة بألقابها الكبرى (رويترز)

كما ظهرت أيضاً أليز كورنيه - التي صنعت مسيرتها المهنية من خلال إغضاب أفضل 10 لاعبات في بطولات الغراند سلام، بما في ذلك سيرينا ويليامز - وإيلينا سفيتولينا 2023، التي كانت في حالة لا يمكن كبتها وركبت موجة لا يمكن تكرارها من الدعم الجماهيري؛ ونسخة في ذروتها من يوليا بوتينتسيفا التي ارتكبت خطأين غير مقصودين في 13 مباراة بعد أن حققت 7-0 على الملاعب العشبية لعام 2024.

لا علاقة لأي من هذه الأمور بشفيونتيك والعشبية في الحقيقة - وفي الجولتين الأولى والثانية، بدت شفيونتيك في حالة جيدة وسيطرت أمام صوفيا كينين الخطرة والكرواتية بترا مارتيتش. كما أن عدم التنوع ليس أمراً جوهرياً في لعبها. في فوزها في بطولة فرنسا المفتوحة 2020، كانت الضربات المنخفضة والتقدم للأمام جزءاً أساسياً من استراتيجيتها، والتي تم تبسيطها منذ ذلك الحين تحت قيادة المدرب توماش ويكتوروفسكي وحققت نتائج لا جدال فيها - ولكن ربما يتم استخدامها مرة أخرى في محاولة للفوز في ويمبلدون.

النجمة الشابة رغم مأزق الملاعب العشبية فإنها في المقدمة دائماً (رويترز)

كما أنها ليست أول لاعبة من النخبة في الآونة الأخيرة التي تستغرق بعض الوقت لاكتشاف مستوى واحد. اللقب الآخر لشفيونتيك هو لقب بطولة أميركا المفتوحة، وفي آخر 52 أسبوعاً لديها سجل 48-7 على الملاعب الصلبة، بما في ذلك ألقاب في قطر وإنديان ويلز وفي نهائيات اتحاد لاعبات التنس المحترفات.

لم يفز ديوكوفيتش، بطل ويمبلدون سبع مرات، بأول ألقابه، أو حتى وصل إلى المباراة النهائية، حتى بلغ 24 عاماً - ولدى شفيونتيك الكثير من الوقت في صالحها.

كل تلك الانتصارات على الملاعب الصلبة، إلى جانب هيمنتها على الملاعب الرملية، قطعت شوطاً طويلاً في الحصول على 11285 نقطة في التصنيف العالمي الذي تمتلكه شفيونتيك حالياً، أي أكثر بـ 3000 نقطة من غوف المصنفة الثانية عالمياً.

المستقبل لا يزال متاحاً أمام شفيونتيك للفوز بويمبلدون (رويترز)

ومنذ تغيير نظام نقاط تصنيف اتحاد لاعبات التنس المحترفات في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لم تتجاوز سوى سيرينا ويليامز وسوياتك حاجز الـ11000 نقطة. وخلال الشهرين المقبلين، ستحظى شفيونتيك بفرصة لإثبات قدرتها على جميع الملاعب، حيث ستشارك في أولمبياد باريس على الملاعب الرملية المحببة لها، ثم على الملاعب الصلبة في بطولة أميركا المفتوحة، حيث يمكنها الانضمام إلى ناومي أوساكا باعتبارها اللاعبة الوحيدة التي حققت عدة ألقاب في فلاشينغ ميدوز. يعود جزء كبير من رد الفعل على خروج شفيونتيك من بطولة ويمبلدون إلى الاستغراب من خروج المصنفة الأولى عالمياً من إحدى البطولات الأربع الكبرى في وقت مبكر جداً.

شفيونتيك هي المصنفة الأولى عالمياً (أ.ب)

ولكن من المهم أيضاً عدم السماح بتشويه التوقعات، أو تحريف الحقائق الأولية، من خلال إنجازات أفضل اللاعبات في الحقبة الأخيرة من التنس في كامل مسيرتهن. فشفيونتيك التي بلغت 23 عاما وهي الفائزة بخمسة ألقاب في البطولات الأربع الكبرى والحاصلة على ربع نهائي بطولة ويمبلدون، في الحقيقة تبلي بلاءً حسناً.