باستثناء مسابقة دفع الثقل (25 كلغ) التي عاد لقبها للكندي ديمارتو، حصد الأميركيون ألقاب منافسات «أم الألعاب» كلّها في دورة سانت لويس الأولمبية عام 1904.
ولو كان المنظّمون ابتكروا ميداليات ذهبية وفضية وبرونزية تقديراً للسرعة والقوّة والرشاقة، لذهبت كلها إلى «أبناء العالم الجديد» الذين انطلقوا في المشاركة بالألعاب على أرضهم من فلسفة قوامها «قيمة الأمة العظيمة من قيمة ما يحققه أبطالها»، أي أن أي بلد عظيم ينجب أبطالاً عظماء.
وبالتالي، لم يكن مستغرباً أن يحرز الأميركيون ثلاثة أرباع ميداليات مسابقات ألعاب القوى التي أجريت على مدى 6 أيام «30 أغسطس (آب) 3 سبتمبر (أيلول)» على مضمار ملعب فرنسيس فيلد.
ومن هؤلاء النجوم تشارلز «آرشي» هان الملقب بـ«شهاب ميلووكي»، وهو أول من أحرز ثنائية 100 و200 م في دورة أولمبية، وقد عزّز هذا الإنجاز بانتصاره في سباق 60 م أيضاً. كما صنّف أول عداء يعتبر سباقات السرعة منافسة تكتيكية.
وشهدت تصفيات الـ100م خروجاً عن قواعد المسابقة، لكنها كانت بادرة تجلت فيها أسمى معاني الروح الرياضية.
فقد ارتكب العداء المجري بيلو دوميزو خطأً عند الانطلاق وأُقصي، لكن منافسيه طلبوا «مسامحته» ومنحه فرصة ثانية باعتبار أنه لم يفهم التعليمات باللغة الإنجليزية.
غير أن تلك اللفتة لم تحظَ باهتمام كبير؛ لأن المتفرجين اكتشفوا نموذجاً يحتذى به خطف الأضواء هو تشارلز (آرشي) هان القصير القامة، الآتي من دودج فيل في ويسكنسون.
وهان ابن الرابعة والعشرين حينها، كان عدّاءً مميزاً في صفوف فريق جامعته في ميشيغان، وأحرز لقب الولايات المتحدة في 100 ياردة عام 1903. ولفت الأنظار بسرعته فاحتكر المركز الأول وجعل الصراع دائماً على المراكز الأخرى.
كان هان يندفع بانطلاقة صاعقة تضمن ابتعاده في المقدمة، ثم يتهادى ويعود وينقضّ مجدداً حتى اجتيازه خط النهاية.
في سباق 60 م، عادل هان الرقم العالمي المسجل باسم مواطنه آلفن كراينزلاين المتوّج في دورة باريس قبل 4 أعوام. وسجّل رقماً قياسياً أولمبياً في سباق 100 م (11 ثانية) أمام مواطنيه نايت كارتمل ووليام هوجنسون (11.2 ث).
وفي سباق 200 م كرر إنجازه الأولمبي (21.6 ث) وبدا منافسوه وكأن أقدامهم ربطت بمرساة.
كما خاض هان «الدورة غير العادية» التي نُظّمت في أثينا عام 1906 لمناسبة مرور 10 أعوام على إحياء الألعاب الأولمبية، وفاز أيضاً في سباق 100 م.