أثنى الأرجنتيني نيستور لورينزو، المدير الفني لمنتخب كولومبيا، على أداء لاعبيه بعد تأهل الفريق للمباراة النهائية في بطولة كأس أميركا الجنوبية لكرة القدم (كوبا أميركا 2024). وتأهل منتخب كولومبيا لنهائي المسابقة للمرة الثالثة في تاريخه بعد نسختي 1975 و2001 عقب فوزه 1 - صفر على منتخب أوروغواي، مساء (الأربعاء) بالتوقيت المحلي (صباح الخميس بتوقيت غرينيتش) على ملعب (بنك أوف أميركا) بمدينة تشارلوت، في الدور قبل النهائي للبطولة المقامة حالياً في الولايات المتحدة.
ورغم النقص العددي الذي عانى منه منتخب كولومبيا في الشوط الثاني عقب طرد لاعبه دانييل مونوز في الدقيقة الأولى من الوقت المحتسب بدلا من الضائع للشوط الأول، أظهر الفريق الصلابة ورباطة الجأش أمام المحاولات الهجومية لفريق المدرب الأرجنتيني مارسيلو بيلسا.
وقال لورينزو في المؤتمر الصحافي عقب المباراة: «إذا لم تتغلب على نقاط ضعفك فلن تتمكن من التطور. وعندما تتغلب على هذه العراقيل، فإن بإمكانك التحسن والنمو». ومدد منتخب كولومبيا سجله الخالي من الهزائم في مختلف المسابقات للمباراة الـ28 على التوالي، وهو الأمر الذي يحدث للمرة الأولى في تاريخ المنتخب، الذي تخطى رقمه القياسي السابق في سلسلة عدم الخسارة المتتالية، والذي حققه ما بين عامي 1992 و1994. وفي هذا الصدد، تحدّث لورينزو عن منتخبه قائلا: «إنهم متعطشون للغاية ومتحمسون للغاية، ويضيفون كثيراً من العناصر إلى أي مباراة بما يتجاوز الجانب التكتيكي».
وكان يمكن لكولومبيا مضاعفة تقدمها قرب النهاية عندما أهدر ماتيوس أوريبي فرصتين، لكن لورينزو شعر بالارتياح بعد تفوقه على بيلسا مدرب أوروغواي. وأضاف: «أعتقد أنه لكي تهزم بيلسا، عليك أن تبذل قصارى جهدك. إنه مدرب كبير ويعجبني حقاً. لقد حان دورنا لنفوز، هذا كل شيء». ورفض لورينزو أيضاً انتقاد مونوز الذي حصل على الإنذار الثاني بعدما ضرب بمرفقه لاعب أوروغواي مانويل أوغارتي.
وقال: «دانييل يشعر بالحزن بعض الشيء لأنه مثل الأسد في الملعب. لقد عانقته وأخبرته أننا من دونه ما كنا نصل إلى ما نحن فيه الآن، لذلك عليه أن يبقي رأسه مرفوعاً». وضرب منتخب كولومبيا، الذي توج باللقب مرة وحيدة قبل 23 عاماً، موعداً في المباراة النهائية مساء الأحد المقبل بالتوقيت المحلي (صباح الاثنين المقبل بتوقيت غرينيتش) مع منتخب الأرجنتين (حامل اللقب). وتلتقي أوروغواي مع كندا في مباراة تحديد المركز الثالث السبت في شارلوت.
في المقابل، قال بيلسا مدرب أوروغواي المخضرم إن فريقه يملك كثيراً من المواهب في صفوفه أكثر من كولومبيا، ولذلك يتحمل هو مسؤولية الهزيمة في قبل نهائي «كوبا أميركا». وسجل جيفرسون ليرما هدف الانتصار ليقود عشرة لاعبين من كولومبيا للفوز على أوروغواي. وكانت أوروغواي، الفائزة باللقب 15 مرة، أحد المرشحين للفوز باللقب قبل البطولة، وتغلبت على الولايات المتحدة صاحبة الأرض والبرازيل بطلة العالم خمس مرات في طريقها إلى قبل النهائي.
وقال بيلسا للصحافيين عقب المباراة: «أوروغواي كانت في وضع جيد للفوز بهذه المباراة إذا قيمت المواهب الفردية في كل فريق. أدرب الفريق، الذي في رأيي، يتمتع بمواهب فردية أقوى في مواجهة المنافس، ولم نتمكن من إحداث الفارق الذي اعتقدت أننا سنحققه إذا قارنت التشكيلين. شخصياً أنا مسؤول عن عدم تحقيق النتيجة، رغم وجود هؤلاء اللاعبين القادرين على التفوق على المنافس. لم نتمكن من استغلال الزيادة العددية، وعندما يفوز فريق وهو منقوص أحد لاعبيه، فمن المنطقي أن يُظهر مدرب الفريق الأضعف أنه متفوق على المدرب الذي يملك أفضل اللاعبين».
وأتيحت لأوروغواي عدة فرص للتسجيل في الشوط الأول، لكنها عانت في صناعة الفرص بعد طرد مونوز لاعب كولومبيا قبل نهاية الشوط الأول. وأضاف بيلسا: «الشوط الأول، حتى إذا لم نستحوذ على الكرة، فإنه كان متكافئاً للغاية، وكان يجب أن نصنع الفارق. مع النقص العددي لكولومبيا في الشوط الثاني توقفت المباراة تماماً. كانت (المباراة) تبدأ وتتوقف باستمرار. كان ينبغي علينا صنع مزيد من الفرص والإضرار بالمنافس. في الدقائق الأخيرة كان بإمكانهم التسجيل لأنه سنحت لهم عدة فرص واضحة. لكننا حاولنا بكل طريقة ممكنة». وقال بيلسا: «كنت أفضل تجنب طرد لاعب كولومبيا. ما حدث في الشوط الثاني بالنظر للطريقة التي اضطرت كولومبيا أن تلعب بها للحفاظ على النتيجة في ظل النقص العددي، صنعت تحديات أكبر من تلك التي كنا سنواجهها إذا كانوا 11 لاعبا».
وجاءت تصريحات لورينزو وبيلسا في الوقت الذي واصل فيه النجم الكولومبي خاميس رودريغيز توهجه في النسخة الحالية لبطولة «كوبا أميركا»، بعدما قاد بلاده للصعود لنهائي البطولة على حساب منتخب أوروغواي. وصنع خاميس هدف منتخب كولومبيا الوحيد الذي أحرزه زميله ليرما في مرمى أوروغواي خلال اللقاء. وانفرد رودريغيز بالرقم القياسي لأكثر اللاعبين صناعة للأهداف في نسخة واحدة بالمسابقة منذ عام 2011، بعدما صنع 6 تمريرات حاسمة في النسخة الحالية، متفوقاً على الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي صنع 5 أهداف لزملائه خلال النسخة الماضية (كوبا أميركا 2021)، وفقا للموقع الإلكتروني الرسمي للبطولة.
وكان رودريغيز صنع هدفين خلال فوز كولومبيا 2 - 1 على باراغواي، وهدفا في فوز الفريق 3 - صفر على كوستاريكا بمرحلة المجموعات في كوبا أميركا 2024، قبل أن يقدم تمريرتين حاسمتين أثناء فوز فريق المدرب الأرجنتيني لورينزو الكاسح 5 - صفر على بنما في دور الثمانية. وما زالت الفرصة مواتية أمام رودريغيز، الذي يلعب في صفوف ساو باولو البرازيلي، لتعزيز رقمه القياسي، حال قيامه بأي تمريرات حاسمة أخرى خلال المباراة النهائية للبطولة بين كولومبيا والأرجنتين.
وفي الوقت الذي كان فيه معظم الجماهير البالغ عددها أكثر من 70 ألف متفرج تساند كولومبيا من البداية، سجل ليرما هدف الفوز بعدما أهدر داروين نونيز مهاجم أوروغواي ثلاث فرص جيدة لوضع فريقه في المقدمة. وأتيحت لمهاجم ليفربول فرصة رائعة داخل منطقة الجزاء في الدقيقة 17 لكنه سدد إلى جوار المرمى قبل أن يفشل في التسديدة بقوة وبعدها أرسل تسديدة متقنة فشلت في هز الشباك ليجلس القرفصاء مستغرباً كيف أهدر هذه الفرصة.
ودفعت أوروغواي ثمن الفرص الضائعة عندما ارتقى ليرما فوق الدفاع ليحول تمريرة عرضية من ركلة ركنية إلى مرمى الحارس سيرخيو روشيت في الدقيقة 39 ليحقق رودريغيز، الحاصل على جائزة أفضل لاعب في المباراة للمرة الرابعة في خمس مباريات، تمريرته الحاسمة السادسة في البطولة. وقال رودريغيز: «لقد قدمنا مباراة ممتازة. الحكم لم يكن جيداً. المباراة كانت معقدة للغاية أمام منافس قوي جدا. لكننا تأهلنا للنهائي بجدارة. أنا هنا منذ 13 عاماً تقريباً وأريد هذا اللقب. نحن سعداء».
وكانت المباراة قد أخذت منعطفاً جديداً في الوقت المحتسب بدل الضائع للشوط الأول عندما ضرب الظهير مونوز لاعب أوروغواي أوغارتي بالمرفق في صدره عند توقف اللعب ليحصل على الإنذار الثاني ومن ثم البطاقة الحمراء. ومع استحواذ أوروغواي على الكرة في الشوط الثاني دفع المدرب بيلسا بالمهاجم المخضرم لويس سواريز في الدقيقة 67 وكاد أن يسجل بعد لحظات، إذ ارتطمت تسديدة المهاجم البالغ عمره 37 عاما بالقائم ليسقط على ركبتيه محبطاً.
وأتيحت لكولومبيا فرصة ذهبية لحسم الفوز في الدقيقة 88 عندما استحوذت على الكرة داخل منطقة جزاء أوروغواي لكن ماتيوس أوريبي أرسل تسديدة أرضية منخفضة إلى جوار القائم.
ولم تصدق جماهير كولومبيا نفسها وهي تشاهد أوريبي يطلق تسديدة أخرى هائلة من داخل المنطقة أيضاً اصطدمت بالحارس روشيت والعارضة في الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدل الضائع. وحافظت كولومبيا، التي مددت مسيرتها الخالية من الهزائم إلى 28 مباراة، على فوزها الثمين لتبلغ أول نهائي منذ 2001 عندما فازت بلقبها الوحيد.