بالنسبة لفريق أصبح عنصراً دائماً في البطولات الكبرى لكرة القدم، تغادر سويسرا بطولة أوروبا 2024 وهي تشعر بالحزن لما حدث، لكن مع أجواء مفعمة بالثقة بشأن ما يخبئه المستقبل.
وفيما تعثرت بعض المنتخبات الكبرى خلال البطولة، كان المنتخب السويسري، الذي لم يمنحه أحد ما يستحقه، بين مجموعة قليلة من الفرق التي كانت في أفضل حالاتها حقاً في بطولة أوروبا 2024، وخرج المنتخب السويسري بركلات الترجيح أمام المنتخب الإنجليزي الذي كان من الممكن أن يهزمه، وتم حرمانه مرة أخرى من تأهل تاريخي لقبل النهائي.
وفي تطور غير منصف لمصير المنتخب، كان مانويل أكانجي، الذي يمكن الاعتماد عليه دائماً، هو الذي كلف السويسريين خسارة ركلات الترجيح، لكن لم يكن هناك أي لوم على قلب دفاع مانشستر سيتي الذي كانت قيادته ورباطة جأشه وتأثيره الهادئ محورياً في مسيرة منتخب سويسرا للتأهل لدور الثمانية للمرة الثانية على التوالي.
ودخلت سويسرا البطولة في ظل قدر كبير من عدم اليقين، بعد أن تأهلت من أسهل المجموعات بعد مسيرة عشوائية في التصفيات، شابها إهدار النقاط بسبب استقبال أهداف في وقت متأخر من المباريات أمام منافسين أضعف.
وتحمل المدرب مراد ياكين العبء الأكبر من الغضب وسط قلق الجماهير من بقائه في منصبه بعد مسيرة سيئة.
لكن قرار الإبقاء عليه أتى بثماره، إذ تمت الإشادة بياكين بسبب خططه الذكية وتبديلاته الملهمة، وزرع الثقة في لاعبيه لمواجهة الأسماء الكبيرة، وإزعاج بعض المنتخبات الكبرى في البطولة.
وفي مواجهة عدائية في فرنكفورت أمام صاحب الأرض، تقدمت سويسرا مبكراً ضد ألمانيا، وأوقفتها حتى الثواني الأخيرة من المباراة لتحرمها من تحقيق سجل مثالي في دور المجموعات.
وتفوقت سويسرا بعد ذلك على إيطاليا البائسة في دور الستة عشر بفضل هجوم مبكر وهدف في كل شوط، مما ترك حامل اللقب في حالة ذهول وغير قادر على الرد.
أثبت القائد غرانيت تشاكا مكانته ودوره الفعال بالنسبة للسويسريين كما كان في فوز باير ليفركوزن بالدوري الألماني، عندما فاز بجائزة أفضل لاعب مرتين، وأخفى الإصابة بأداء رائع بصفته صانع ألعاب محوريا في كل هجمة سويسرية.
وعاد المهاجم بريل إمبولو بعد غياب طويل بسبب الإصابة ليسجل هدفين مهمين قرب النهاية، في حين أتت مقامرة ياكين المفاجئة على المهاجم المجهول دان ندوي بثمارها، إذ كان الوافد الجديد القوي مفعماً بالطاقة والخطورة في كل مباراة.
وسجلت سويسرا ثمانية أهداف في المجمل عبر سبعة لاعبين مختلفين، مما يؤكد أنها منتخب متماسك أكبر بكثير من مجموع أفراد.
وقالت صحيفة «تريبون دو جنيف» الناطقة بالفرنسية: «سويسرا عملاقة ولكن مهزومة وتغادر بطولة أوروبا»، في حين قال تحليل لصحيفة «كورييري ديل تيتشينو» «اقتربنا مرة أخرى: ومع ذلك نبكي مرة أخرى».
وقالت صحيفة «نويه تسوريشر تسايتونغ» في عنوانها الرئيسي: «سويسرا تهدر هدفها في بطولة أوروبا، لكن بسعادة».
وفاز المنتخب السويسري بقلوب الجماهير في بلاده، وأعرب المدرب ياكين عن فخره العميق بأداء وعقلية الفريق الشجاع الذي قال إنه لعب بشكل جماعي ولديه الكثير ليتطلع إليه.
وقال ياكين: «القيمة السوقية لفريقنا مقارنة بالآخرين ضعيفة. في نهاية المطاف ودعنا البطولة وهذا أمر مؤلم. يمكننا أن نكون فخورين جداً بأدائنا في البطولة... منذ الدقيقة الأولى حتى النهاية وقفنا بوصفنا فريقاً واحداً... وسعيد بالفرحة التي قدمناها للأمة».