«كأس أوروبا»: سويسرا... مرشحةً أولى أمام إنجلترا أو سلوفاكيا

مراد ياكين يحاصره المصورون بعد قيادته سويسرا لربع النهائي (رويترز)
مراد ياكين يحاصره المصورون بعد قيادته سويسرا لربع النهائي (رويترز)
TT

«كأس أوروبا»: سويسرا... مرشحةً أولى أمام إنجلترا أو سلوفاكيا

مراد ياكين يحاصره المصورون بعد قيادته سويسرا لربع النهائي (رويترز)
مراد ياكين يحاصره المصورون بعد قيادته سويسرا لربع النهائي (رويترز)

لا يُفترض بسويسرا أن تفعل أشياء كهذه... لقد اكتسب المنتخب السويسري سمعة بأنه يمثل بالنسبة إلى «البطولة الأوروبية» ما تمثله المكسيك بالنسبة إلى «كأس العالم»، فهم يتأهلون دائماً من دور المجموعات، لكنهم لم يتأهلوا مطلقاً إلى ما بعد الدور الأول من الأدوار الإقصائية، باستثناء عندما تخطوا فرنسا بعد ركلات الترجيح قبل 3 سنوات.

لكن هذه المباراة كانت مختلفة. هنا؛ تفوقت سويسرا على حامل اللقب، إيطاليا، واستحقت تماماً الفوز 2 - 0. قال مديرهم مراد ياكين: «لم يكن الأمر مجرد أننا فزنا؛ لقد كان (الطريقة) التي فزنا بها. كان ذلك مجزياً للغاية».

حصار سويسري على لاعب إيطالي واحد (رويترز)

كانت الشكوك التي سبقت البطولة في سويسرا هي أن هذه البطولة قد تكون النسخة التي قد ينتهي فيها رقمهم القياسي في التأهل إلى مرحلة خروج المغلوب (5 مرات متتالية في كأس العالم وكأس الأمم الأوروبية)، وهو أمر لا يمكن أن تضاهيها فيه سوى فرنسا.

وبدلاً من ذلك، ربما يدحضون الجزء الآخر من سمعتهم، وهو شعورهم بأنهم لا يتركون مطلقاً انطباعاً دائماً في البطولة. هذا الفوز في حد ذاته يعدّ بالتأكيد أفضل نتيجة لهم في القرن الحادي والعشرين، أمام جمهور في برلين سيطرت عليه القمصان السويسرية الحمراء.

فرحة سويسرية كبرى بعد الوصول إلى دور الثمانية (أ.ف.ب)

بدت إيطاليا غير مستعدة لتحدي مواجهة سويسرا، وهو ما كان مفاجئاً للغاية؛ فقد لعب فريق ياكين تقريباً كما فعلوا طوال دور المجموعات. على وجه الخصوص؛ كان هناك تشابه كبير مع الطريقة التي هزموا بها المجر في المباراة الأولى بالمجموعة، مع كثير من المداورة في الجانب الأيسر.

كانت الخطورة السويسرية في الجهة اليسرى (أ.ب)

وأشار ياكين إلى أنه أراد بالفعل أن ينوّع فريقه من خطورته الهجومية. وقال: «أردت أن يتجه لعبنا إلى اليمين أكثر قليلاً... أن نلعب أكثر في كلا الجانبين، وليس فقط في الجهة اليسرى. هذا يجعل خطة لعبنا غير متوقعة أكثر».

لكن من الخارج، بدا الأمر كله متعلقاً بالجهة اليسرى.

على الورق، تعتمد سويسرا على 3 لاعبين في الدفاع، وهو النظام الذي تحول إليه ياكين بشكل مفاجئ بعد مشوار مخيب للآمال في التصفيات، مما أثار الشكوك حول أمان وظيفته. لكن الدفاع المكون من 3 لاعبين على الورق يصبح شيئاً مختلفاً.

على الورق... تعتمد سويسرا على 3 لاعبين في الدفاع (أ.ف.ب)

ريكاردو رودريغيز؛ الظهير الأيسر السابق المعروف بقدرته على التمرير العرضي، لا يبقى «قلب دفاع على الجانب الأيسر»؛ بل يقوم بانطلاقات متداخلة مفاجئة. ويسمح ذلك لميشيل آيبيشسر، الذي فرض نفسه بوصفه أحد النجوم البارزين في البطولة، في سن الـ27، بالانتقال إلى الداخل من مركز الظهير الجناح، ليصبح اللاعب رقم 10 الإضافي. وتعني هذه الحركة أن روبن فارغاس؛ المهاجم الأيسر، يمكنه البقاء على الجانب الأيسر أو الاندفاع إلى الداخل بالتناوب، ودائماً ما يفاجئ الخصم بتحركاته. بالنسبة إلى جيوفاني دي لورينزو، الظهير الأيمن لإيطاليا، ربما أصعب مباراة لعبها في مسيرته كانت الخسارة 1 - 0 أمام إسبانيا في دور المجموعات، حيث خدعته تحركات جناح إسبانيا نيكو ويليامز. لم تكن هذه التجربة أفضل بكثير، حيث كان هناك كثير من اللاعبين الذين تحلقوا حوله... لاحظوا رودريغيز وآيبيشسر وفارغاس في المساحة التي كان من المفترض أن يدافع فيها.

بدت إيطاليا غير مستعدة لتحدي مواجهة سويسرا (رويترز)

لم يكن رودريغيز وحده الذي قدم تداخلاً مفاجئاً في الجهة اليسرى. كانت هذه هي الخطورة السويسرية في هذا الجانب، فقد جاء الهدف الأول عندما ظهر دان ندويي؛ الجناح الأيمن لسويسرا، فجأة إلى اليسار ليندمج مع فارغاس. شتت هذا التمرير انتباه دي لورينزو وزميله الدفاعي أليساندرو باستوني، مما فتح ممراً من فارغاس إلى ريمو فريولر الذي انطلق داخل منطقة الجزاء وسدد الكرة بعد كرة مرتدة.

سجل فارغاس الهدف الثاني، الذي بدا كأنه حسم المباراة، بعد 27 ثانية فقط من بداية الشوط الثاني. مرة أخرى جاء الهدف من هجمة على الجانب الأيسر، هذه المرة مع وجود آيبيشسر في مركزه المعتاد في الخارج، وتوغل غرانيت تشاكا إلى الأمام، وأكمل فارغاس المثلث بحركة في الجهة اليسرى من الداخل. كانت تسديدته الرائعة في الزاوية البعيدة نموذجية... «قبل بداية الشوط الثاني، قال لي غرانيت: (روبن، أرجوك سجل هدفاً. عندما حصلت على الكرة، تذكرت ذلك».

لم تقدم إيطاليا الكثير. كانت هذه رابع مباراة لهم في البطولة (استقبلت شباكهم الهدف الأول في جميع المباريات). لقد أصبحوا من أكثر الفرق المحيرة في كرة القدم الدولية. كان من الغريب أنهم فازوا بـ«يورو 2020» وفشلوا في التأهل إلى نهائيات كأس العالم في كلتا البطولتين. الآن يفتقر فريقهم ببساطة إلى الجودة الفردية. أربعة لاعبين أساسيين فقط بعد نجاحهم في «بطولة أوروبا» قبل 3 سنوات لعبوا دوراً رئيسياً هنا. كان حارس المرمى جيجي دوناروما ممتازاً مرة أخرى. عانى دي لورينزو من بطولة صعبة. لاعب خط الوسط نيكو باريلا يلعب الآن دوراً مختلفاً وأعمق بكثير، بينما لم يعد الجناح فيديريكو تشيزا كما كان منذ غيابه لمدة عام بسبب إصابة خطرة في الركبة. تنظر إلى هذه التشكيلة وتتساءل: أين هي جودة النجوم؛ خصوصاً في الهجوم؟

سويسرا ستواجه إنجلترا أو سلوفاكيا (أ.ف.ب)

لطالما اشتهرت إيطاليا منذ نحو قرن من الزمان بالكرة الدفاعية، لكن المفارقة أنها لطالما أنتجت مهاجمين من الطراز الرفيع، لكن ما يثير السخرية هو أن إيطاليا لم تستفد منهم على أكمل وجه. الآن تحولت إيطاليا تدريجاً إلى أسلوب هجومي أكثر، لكن هل أنتجوا مهاجماً من الطراز العالمي منذ الجيل الذي فاز بكأس العالم في 2006؟

عقد المدير الفني لوتشيانو سباليتي مؤتمراً صحافياً مطولاً ومليئاً بالتشاؤم عندما اعترف بأن فريقه لم يكن جيداً بما فيه الكفاية، لكنه ركز بشكل مفاجئ على افتقار فريقه إلى اللياقة البدنية في أكثر أيام البطولة حرارة. وقال: «نحن بحاجة إلى لاعبين يتمتعون بمزيد من اللياقة البدنية». وأضاف: «عندما تعتقد أنك تستطيع اللعب بجودة عالية، ولكنك تفقد هذا الإيقاع ولا تستطيع الحفاظ عليه لمدة 90 دقيقة، فمن الطبيعي أن تحتاج بعد ذلك إلى خلط الأمور وإضفاء مزيد من القوة البدنية... لقد رأينا في تلك الالتحامات الثنائية (واحد ضد واحد) أننا عانينا، وهذا يجعل من الصعب استعادة الكرة».

جماهير سويسرا احتفلت بالفوز الكبير وبلوغ ربع النهائي (إ.ب.أ)

دائماً ما تكون العناصر البدنية جزءاً رئيسياً من المباريات، ولطالما عانت إيطاليا من عقدة افتقارها الواضح إلى الاندفاع البدني، وغالباً ما يُشار إلى ذلك بوصفه سبباً لتفضيلهم اللعب بطريقة دفاعية، لمنع تعرضهم للثنائيات الفردية. لكن سويسرا كانت متفوقة من حيث الجودة الفنية والخيال واللعب الجماعي في الثلث الأخير... «كل المدربين الآخرين خاضوا 20 مباراة، وبعضهم أكثر من ذلك، وأنا خضت 10 مباريات فقط»؛ احتج سباليتي، مع بعض المبررات.

سيواجهون إنجلترا أو سلوفاكيا في الدور التالي، وعلى أساس الأداء حتى الآن، ستكون سويسرا مستعدة لمواجهة أي منهما.


مقالات ذات صلة

إنجلترا تنهي مغامرة سويسرا وتتأهل للمربع الذهبي

رياضة عالمية إنجلترا تنهي مغامرة سويسرا وتتأهل للمربع الذهبي

إنجلترا تنهي مغامرة سويسرا وتتأهل للمربع الذهبي

كرَّست إنجلترا، وصيفة بطلة النسخة الأخيرة، عقدة سويسرا في الدور ربع النهائي للبطولات الكبرى عندما تغلبت عليها 5 - 3 بركلات الترجيح (الوقتان الأصلي والإضافي

«الشرق الأوسط» ( لندن)
رياضة عالمية لاعبو المنتخب الألماني وأحزان توديع البطولة الأوروبية (د.ب.أ)

ألمانيا بين الأمل في مستقبل أفضل وخيبة الخروج من دور الثمانية

يمكن القول من دون تردد إن المدرب يوليان ناغلسمان أعاد للمنتخب الألماني شيئاً من بريق الماضي أن يخرج منتخب بالحجم التاريخي لـ«الماكينات الألمانية»، الفائز بكأس

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية رونالدو يغادر الملعب بعد الهزيمة (أ.ف.ب)

هل ما زالت البرتغال بحاجة إلى رونالدو؟

بعد خروج البرتغال من بطولة أوروبا لكرة القدم 2024 من دور الثمانية، بات المنتخب يواجه السؤال الصعب حول ما إذا كان لا يزال بحاجة إلى كريستيانو رونالدو، أم لا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية  جاكبو محتفلا بالفوز على تركيا (رويترز)

جاكبو... طوق نجاة هولندا ومفتاح الأبواب المغلقة

كانت هولندا في حاجة ماسة للقدرات الهجومية التي يتمتع بها كودي جاكبو لتهزم تركيا في ربع نهائي كأس أمم أوروبا.

«الشرق الأوسط» (برلين)
رياضة عالمية ساوثغيت محتفلا مع لاعبيه عقب نهاية المباراة أمام سويسرا (أ.ب)

ساوثغيت... عانى من عقدة «الترجيح» لاعباً وحطمها كمدرب

 لطالما انفطر قلب منتخب إنجلترا بسبب ركلات الترجيح، لكنه حافظ على رباطة جأشه ليحسم تأهله إلى الدور قبل النهائي ببطولة أوروبا لكرة القدم 2024.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف)

هل ما زالت البرتغال بحاجة إلى رونالدو؟

رونالدو يغادر الملعب بعد الهزيمة (أ.ف.ب)
رونالدو يغادر الملعب بعد الهزيمة (أ.ف.ب)
TT

هل ما زالت البرتغال بحاجة إلى رونالدو؟

رونالدو يغادر الملعب بعد الهزيمة (أ.ف.ب)
رونالدو يغادر الملعب بعد الهزيمة (أ.ف.ب)

بعد خروج البرتغال من بطولة أوروبا لكرة القدم 2024 من دور الثمانية، بات المنتخب يواجه السؤال الصعب حول ما إذا كان لا يزال بحاجة إلى كريستيانو رونالدو، أم لا. وجاءت الخسارة 5 - 3، الجمعة، أمام فرنسا بركلات الترجيح بعد نهاية المباراة بالتعادل السلبي، لتنهي مشوار البرتغال المخيب للآمال في البطولة والذي شهد إهدار كثير من الفرص وإخفاق رونالدو في التسجيل من غير ركلات الترجيح.

والآن، بات رونالدو (39 عاماً) يفتقد السرعة والرشاقة المعهودتين وأهدر الفرص واحدة تلو الأخرى رغم الدعم المتواصل له من قبل زملائه، وهو ما أثر سلباً على إيقاع لعب الفريق.

وبدا مستقبل البرتغال في السنوات الأخيرة مشرقاً في ظل وجود جيل جيد من المواهب، بما في ذلك عدد من اللاعبين الذين حققوا بدايات متميزة، أمثال برونو فرنانديز وبرناردو سيلفا ورافائيل لياو وفيتينيا.

وكان فرناندو سانتوس مدرب البرتغال السابق قد حاول تجاوز رونالدو، إذ أبقى اللاعب المخضرم على مقاعد البدلاء خلال كأس العالم 2022 في قطر، بعد أن فشل في إحداث الفارق في أداء الفريق ببداية المشوار بالبطولة. لكن بعد هزيمتهم الصادمة أمام المغرب في دور الثمانية، وبكاء رونالدو لدى خروجه من الملعب، تقرر الاستغناء عن المدرب بعد فترة طويلة من توليه المسؤولية والتمسك باستمرار رونالدو الفائز بجائزة الكرة الذهبية 5 مرات.

وبعد تعيينه مدرباً للفريق، أبدى روبرتو مارتينيز ثقة في رونالدو بمنحه شارة قيادة فريق مدجج بالمواهب الشابة إلى جانب بعض المهام القيادية، وحصل رونالدو على فرصة أخرى لتحقيق المجد في بطولة أمم أوروبا 2024. لكن الأمل تحول إلى خيبة أمل مجدداً وأخفق رونالدو في تحقيق الإنجاز المأمول. ورغم أنه يعد نموذجاً للاستمرارية، عبر مسيرة متميزة استمرت لأكثر من عقدين وشهدت تحطيم كثير من الأرقام القياسية وانضمامه لعدد من أكبر الأندية بالعالم، لم يظهر رونالدو بالشكل المعهود خلال البطولة الحالية.

وخاض رونالدو البطولة الأوروبية للمرة السادسة على أمل إثبات أنه لا يزال قادراً على صنع الفارق على أعلى مستوى من المنافسة، لكنه أخفق في ذلك ولم ينجح في تسجيل هدف كان سيجعله أكبر لاعب سناً يسجل في البطولة الأوروبية عبر تاريخها. وللمرة الثانية على التوالي في البطولات الكبرى، سيتم تذكر مشاركة رونالدو عبر الدموع التي انهمرت من عينيه.