مشاركة جورجيا وألبانيا في «يورو 2024» مؤشر على تطور منتخبات شرق أوروبا

وجود 11 منتخباً من أصل 24 في البطولة يؤكد استعادة الجزء الشرقي للقارة العجوز قوته وعافيته كروياً

جاسر أسيان وسيفيري نجمان من البانيا يتطلعان للتوهج في كأس اوروبا (رويترز)
cut out
جاسر أسيان وسيفيري نجمان من البانيا يتطلعان للتوهج في كأس اوروبا (رويترز) cut out
TT

مشاركة جورجيا وألبانيا في «يورو 2024» مؤشر على تطور منتخبات شرق أوروبا

جاسر أسيان وسيفيري نجمان من البانيا يتطلعان للتوهج في كأس اوروبا (رويترز)
cut out
جاسر أسيان وسيفيري نجمان من البانيا يتطلعان للتوهج في كأس اوروبا (رويترز) cut out

في 14 يوليو (تموز)، سيصعد الفائز ببطولة كأس الأمم الأوروبية إلى منصة التتويج في برلين. لا أحد بالطبع يتوقع أن تفوز دولة شيوعية سابقة باللقب في المدينة التي كان تقسيمها يرمز ذات يوم إلى الحرب الباردة، لكن أخيراً وبعد مرور 35 عاماً على سقوط جدار برلين، بدأ الجزء الشرقي من القارة يستعيد قوته وعافيته من منظور كرة القدم.

وبعيدا عن ألمانيا (اثنان من لاعبيها في القائمة الأولية ولدا في الشرق)، سيكون 11 منتخبا من أصل 24 منتخبا في بطولة كأس الأمم الأوروبية من الكتلة السوفياتية السابقة، مقابل ثمانية منتخبات في نسختي 2020 و2016. وحتى مع إضافة البلدين المضيفين، بولندا وأوكرانيا، فإن خمسة منتخبات فقط من أصل 16 منتخبا كانت من الشرق في بطولة عام 2012، مقابل خمسة منتخبات في بطولات 2008 و2004 و1996 وأربعة منتخبات في بطولة 2000.

وقدمت بعض هذه المنتخبات أداء مثيرا للإعجاب - جمهورية التشيك في عام 1996 وربما أفضل من ذلك في عام 2004، وروسيا في 2008، وكرواتيا أكثر من مرة - لكن هذه هي المرة الأولى منذ ذروة كأس أوروبا الوسطى (كأس ميتروبا) التي تشكل فيها بلدان الكتلة السوفياتية ما يقرب من نصف عدد الدول المشاركة في أي بطولة كبرى.

ربما يعود السبب في ذلك جزئيا إلى زيادة عدد الدول المشاركة في البطولة إلى 24 فريقا - لا يغيب عن البطولة عدد كبير من دول أوروبا الغربية. وعلاوة على ذلك، تقدم بطولة دوري الأمم الأوروبية طريقاً مختصراً لأي منتخب يمر بطفرة سريعة ويقدم مستويات جيدة ويسعى للتأهل لبطولة اليورو، بدلا من الاضطرار إلى التحسن والتطور ببطء، والتقدم من دور إلى آخر قبل أن يصطدم بفريق قوي في القرعة ويفشل في الوصول إلى كأس الأمم الأوروبية.

وقد جاء ذلك في مصلحة البلدان الأصغر (لكن ليس الدول الصغيرة تماماً) التي لديها تاريخ كروي وتنتمي في الغالب إلى كيان أكبر، لكن من دون تعداد سكاني يسمح لها بتحقيق النجاح باستمرار، وهو ما ينطبق على مقدونيا الشمالية في المرة الأخيرة، والآن على جورجيا.

ومهما كان تأثير التغييرات التي حدثت في نظام البطولة، فإن ارتفاع عدد منتخبات الكتلة الشرقية بأكثر من الثلث عما كان عليه قبل أربع سنوات ليس بالأمر الهين على الإطلاق. لكن حتى الحديث عن دول ما بعد الحقبة الشيوعية ككتلة واحدة هذه الأيام يبدو أمراً عفا عليه الزمن. وحتى لو كان الوضع في بولندا أو رومانيا في السابق به الكثير من القواسم المشتركة مع الوضع في سلوفينيا أو أوكرانيا، وهو الأمر الذي أصبح محلاً للجدال والنقاش، فإن الأمر لم يعد كذلك الآن.

وبعد عام 1989، فقدت أكاديميات الناشئين التي كانت تديرها الدولة وكانت تنتج لاعبين بارزين، مصدر تمويلها. وكانت منتخبات رومانيا وبلغاريا في عام 1994، وكرواتيا عامي 1996 و1998، وحتى فريق دينامو كييف الذي وصل إلى نصف نهائي دوري أبطال أوروبا عام 1999، تعتمد على مؤسسات الدولة، حيث كانت تتمحور بشكل أساسي حول آخر اللاعبين الذين تلقوا تدريباتهم في الأكاديميات التي كانت تديرها الدولة. وبعد ذلك حدث تراجع هائل، لكن الآن بدأت دول الكتلة الشرقية تظهر مرة أخرى، وإن كان بمعدل بطيء.

ربما كان صعود المجر هو الأكثر دراماتيكية، حتى لو لم يكن السبب وراء ذلك أنها صعدت من أدنى مستوى لها. وكان العصر الذهبي للمجر عندما وصلت إلى المباراة النهائية لكأس العالم مرتين في عامي 1938 و1954 قد انهار منذ فترة طويلة بسبب الهجمات على اثنين من المصادر العظيمة للثقافة التي ساهمت في إنتاج ذلك: أغلقت الحكومة اليمينية المتطرفة نادي إم تي كيه بودابست في عام 1940 لأنه كان يُنظر إليه على أنه نادٍ يهودي، وقام الشيوعيون، بعد تأميم كرة القدم في عام 1949، بتخفيض مستوى نادي فيرينكفاروس عمداً، لأنه كان يُنظر إليه على أنه نادي الطبقات العاملة الألمانية العرقية.

وعندما انشق فيرينك بوشكاش، وساندور كوتسيس، وزولتان تشيبور، بالإضافة إلى جميع لاعبي منتخب تحت 21 عاماً، نتيجة للقمع السوفياتي الوحشي للانتفاضة في عام 1956، لم يكن هناك من يحل محلهم.

ومن خلال الإعفاءات الضريبية إلى حد كبير، شجع رئيس الوزراء الاستبدادي، فيكتور أوربان، الاستثمار في كرة القدم وأنشأ أكاديمية في قريته فيلكسوت. ومنذ عودته إلى السلطة في عام 2010، تم بناء أو تجديد أكثر من 40 ملعباً، بما في ذلك ملعب بوشكاش الذي يتسع لـ 65 ألف متفرج والذي سيستضيف المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا في عام 2026، في حين تم إنشاء 1590 ملعباً جديداً وتجديد 2800 ملعب آخر.

وكانت النتيجة حدوث تحسن ملحوظ. ففي عام 2016، وصلت المجر إلى أول بطولة كبرى لها منذ 30 عاماً، وتأهلت لبطولتي كأس الأمم الأوروبية اللتين أقيمتا منذ ذلك الحين، كما ارتقى الدوري المجري من المركز 32 إلى المركز 24 في تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا).

لاعبو المنتخب الجورجي يتطلعون لإثبات تواجدهم بين كبار القاره في يورو 2024 (ا ف ب)

ولا يختلف الوضع في صربيا كثيراً عن ذلك. فقد حصل الناديان الكبيران في بلغراد، رد ستار وبارتيزان، على دعم كبير من الدولة خلال السنوات الأخيرة. واستفاد رد ستار أيضاً من صفقة الرعاية المربحة مع شركة «غازبروم»، وركز الناديان على أكاديميات الناشئين.

وكانت النتيجة أنه في عام 2021، صنف المركز الدولي للدراسات الرياضية (سي آي إي إس) صربيا في المرتبة السادسة عالمياً من حيث إنتاج اللاعبين، على الرغم من تراجعها قليلاً منذ ذلك الحين. لكن الدوري الصربي الممتاز يحتل المركز التاسع عشر في تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. ومع ذلك، لا يزال معظم اللاعبين المميزين في صربيا ينتقلون للاحتراف في الخارج.

وستكون جورجيا المنتخب الأقل تصنيفا في بطولة كأس الأمم الأوروبية بألمانيا، وحتى لو أنهت مجموعتها في التصفيات خلف إسبانيا وأسكوتلندا والنرويج، فإنه لا ينبغي التقليل على الإطلاق من تأهلها من خلال دوري الأمم الأوروبية.

وكجزء من التركيز العام على تنمية وتطوير اللاعبين الشباب، استضافت جورجيا بطولتي كأس الأمم الأوروبية تحت 19 عاماً وتحت 21 عاماً خلال السنوات السبع الماضية. وقد زاد عدد اللاعبين الذين يمارسون اللعبة بمقدار 2.5 مرة خلال تلك الفترة (كما زاد عدد اللاعبات بمقدار 10 مرات)، حيث أدى الاستثمار، الذي جاء بعضه في صورة منح من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، إلى تحسين المرافق والمنشآت الرياضية. ومع ذلك، يحتل الدوري الجورجي الممتاز المرتبة 46 من بين 55 دورياً في أوروبا، وهو ما يشير إلى أنه لا يزال هناك طريق طويل يجب قطعه في هذا الصدد.

وإذا كان صعود المجر، وبدرجة أقل صربيا وجورجيا، يبدو مستداماً لأنه يقوم على أسس متينة، فإن صعود ألبانيا لا يبدو كذلك، حيث لم تحقق سوى انتصار وحيد في 11 مباراة لعبتها في عام 2022، لكنها تستمد مصدر إلهامها من مديرها الفني، الظهير السابق لآرسنال سيلفينيو، الذي قام بتصعيد عدد من اللاعبين الذين لم يكونوا معروفين في السابق، وقاد ألبانيا لخوض ثماني مباريات من دون هزيمة لتحتل صدارة مجموعتها في التصفيات.

يأتي الدوري الألباني الممتاز في المركز الـ 47 في تصنيف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. إن أعظم شهادة على مدى التقدم الذي أحرزته كتلة ما بعد الشيوعية هي كيفية تنوع حالات هذه الدول بشكل ملحوظ، رغم أنها كانت تواجه مشكلات مماثلة قبل ثلاثين عاما.

لقد انتهى النموذج القديم المتمثل في سيطرة الدولة على النواحي الرياضية، وبينما عادت أشكال استثمار الدولة في بعض المجالات، فقد تم إيجاد طرق جديدة للتمويل. لكن مع تراجع شبح السيطرة السوفياتية إلى الماضي، فإن الجانب الأكثر إثارة للدهشة في التصفيات الـ 11 في حقبة ما بعد الشيوعية هو مدى قلة القواسم المشتركة بينها!


مقالات ذات صلة

منح رومانيا نقاط كوسوفو بعد الانسحاب في «دوري الأمم»

رياضة عالمية مباراة رومانيا وكوسوفو توقفت عند الوقت بدل الضائع يوم الجمعة بعدما غادر لاعبو الأخير أرض الملعب (إ.ب.أ)

منح رومانيا نقاط كوسوفو بعد الانسحاب في «دوري الأمم»

قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا)، اليوم (الأربعاء)، إنه قرر فوز رومانيا (3 - صفر) على كوسوفو، بعد انسحاب الأخيرة من مباراة أُقيمَت في بوخارست.

«الشرق الأوسط» (بوخارست )
رياضة عالمية مدرب منتخب هولندا قال إنه اتخذ هذا القرار لأسباب طبية مع مراعاة مصلحة اللاعبين (إ.ب.أ)

غياب دي يونغ وفان دايك عن مباراة البوسنة والهرسك

قال رونالد كومان، مدرب هولندا، إنه سيُريح القائد فيرجيل فان دايك، ولاعب الوسط فرينكي دي يونغ، ولن يكونا مع الفريق في رحلته عندما يلتقي البوسنة والهرسك.

«الشرق الأوسط» (أمستردام)
رياضة عالمية رابيو وديني يحتفلان بفوز فرنسا أمس (أ.ف.ب)

رابيو وديني يحتفلان بمباراتهما الخمسين مع فرنسا

تعاون أدريان رابيو ولوكاس ديني بشكل مثالي ليحتفلا بمباراتهما الدولية رقم 50 ويقودا فرنسا للفوز 3-1 خارج أرضها على إيطاليا في المباراة الحاسمة بالمجموعة الثانية.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية توماس توخيل كما يبدو في كاميرا أحد المصورين خلال المؤتمر الصحافي لتقديمه رسمياً (أ.ب)

لماذا لا يشرف توماس توخيل على مباريات إنجلترا في دوري الأمم؟

بينما يقاتل منتخب إنجلترا من أجل الصعود إلى دوري الأمم هذا الأسبوع، لن يشرف الرجل الذي تم تعيينه مديراً فنياً جديد لمنتخب بلاده على المباريات على أرض الملعب.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية متظاهرون في احتجاج نظمته جمعيات مؤيدة للفلسطينيين وأحزاب يسارية قبيل مباراة فرنسا وإسرائيل (إ.ب.أ)

ماكرون يحضر مباراة فرنسا وإسرائيل لإظهار التضامن…. ودعوات لمقاطعتها

عززت السلطات الفرنسية الإجراءات الأمنية في العاصمة باريس قبل مباراة كرة قدم بين فرنسا وإسرائيل الخميس.

«الشرق الأوسط» (باريس)

ميسي يشيد بدور فليك في تطوير شباب برشلونة

النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يشيد بدور فليك مع برشلونة (د.ب.أ)
النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يشيد بدور فليك مع برشلونة (د.ب.أ)
TT

ميسي يشيد بدور فليك في تطوير شباب برشلونة

النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يشيد بدور فليك مع برشلونة (د.ب.أ)
النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي يشيد بدور فليك مع برشلونة (د.ب.أ)

أكد النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، أفضل لاعب في تاريخ نادي برشلونة الإسباني، أنه لاحظ التطور الكبير الذي قدمه المدرب الألماني الحالي للفريق هانسي فليك.

وأشاد ميسي بإصرار فليك على منح اللاعبين الشباب في برشلونة فرصة اللعب، وقد ظهرت مزايا ذلك من خلال طريقة اللعب الرائعة التي يقدمها برشلونة، والذي بدوره يظهر بأفضل شكل له منذ خروج ميسي من النادي منذ 3 أعوام.

وقال ميسي في تصريحات لقناة «كتالونيا تي في 3»: «الطريقة التي يؤدي بها الفريق الآن تجعلني فخوراً... برشلونة مذهل».

وكان ميسي إلى جانب زملاء آخرين ضمن جيل عظيم في برشلونة مثل أندرياس إنيستا وتشافي هيرنانديز، وهم من اللاعبين الذين تخرجوا في الأكاديمية الشهيرة للنادي، بينما يقود حاليا لامين يامال مجموعة جديدة من لاعبي أكاديمية «لاماسيا».

وأضاف ميسي: «هذا حدث حينما وصلت إلى النادي في سن 13 عاماً، أعتقد أنه من الرائع أن يحظى هؤلاء اللاعبون الشباب بفرصة في الأعوام الماضية، حينما تمنحهم الفرصة وتعطيهم الثقة، سيردون بتلك الطريقة لأنهم يعلمون أن النادي أهم من أي شخص، ويفهمون الطريقة التي يرغب النادي في اللعب بها، هناك أمور جيدة تحدث حالياً مثلما حدثت مع الجيل السابق».

وكان تشافي، المدرب السابق لبرشلونة قبل وصول فليك والذي تمت إقالته الموسم الماضي، أول من منح الفرصة لبناء فريق من الموهوبين، حينما منح لامين يامال الفرصة وهو في عمر 15 عاماً فقط، كما فتح تشافي الباب للمدافع باو كوبارسي ولاعب الوسط فيرمين لوبيز للانضمام إلى الفريق الأول.

وواصل فليك العمل بالطريقة نفسها، وذلك رغم أنه وافد جديد على النادي.

وقال فليك عن تصريحات ميسي: «إنه لشرف كبير أن يتحدث أفضل لاعب في برشلونة وفي التاريخ بتلك الطريقة، وأن يتابع الفريق وطريقة تطور اللاعبين الشباب، ترى أن قلبه مع الفريق، وهذا يعني لنا الكثير كفريق».

ويحل برشلونة ضيفاً على سيلتا فيغو، السبت، وهو يتصدر ترتيب الدوري الإسباني بفارق 6 نقاط عن ريال مدريد.