عندما أحيا كول بالمر آمال تشيلسي مجدداً

اللاعب الشاب استغل فرصة اللعب أساسياً ليتألق في الدوري الإنجليزي ويصبح أحد هدافيه

بالمر يتألق ويهز شباك إيفرتون برباعية ويحتفظ بالكرة (أ.ب)
بالمر يتألق ويهز شباك إيفرتون برباعية ويحتفظ بالكرة (أ.ب)
TT

عندما أحيا كول بالمر آمال تشيلسي مجدداً

بالمر يتألق ويهز شباك إيفرتون برباعية ويحتفظ بالكرة (أ.ب)
بالمر يتألق ويهز شباك إيفرتون برباعية ويحتفظ بالكرة (أ.ب)

في بعض الأحيان، يكون من الممكن مشاهدة كرة القدم، وتوقُّع ما سيحدث بعد ذلك، كأن تتوقع مثلاً تفوُّق المهاجم النرويجي العملاق إيرلينغ هالاند في صراع فردي، أو تتوقع أن يرتقي المدافع الهولندي فيرجيل فان دايك فوق الجميع ليلعب الكرة برأسه. وفي أحيان أخرى تشاهد ولا تعرف ما الذي سيحدث، لكنك تأمل أن تتحقق الأشياء التي تتخيلها، ودائماً ما تكون مثل هذه اللحظات قليلة، لكنها في مجملها تكون أكثر إثارة ومتعة. ويبدو أن كول بالمر يستمتع بمثل هذه اللحظات.

وخير مثال على ذلك الهدف الرائع الذي أكمل به بالمر ثلاثيته الشخصية أمام إيفرتون، مساء الاثنين الماضي؛ فعندما نجح بالمر في قطع تمريرة جوردان بيكفورد، كان بإمكانه أن يفعل عدداً من الأشياء ليجعل حارس مرمى إيفرتون يدفع الثمن، لكنه اختار الخيار الأكثر جرأة والأجمل. فرغم وجود نيكولاس جاكسون في مساحة خالية أمامه، وكان من الممكن التمرير له، قرر بالمر بدلاً من ذلك تسديد الكرة في المرمى بشكل مباشر بقدمه اليمنى من مسافة 35 ياردة. في البداية، بدا الأمر وكأن الكرة تحلق أعلى من اللازم، لكنها بعد ذلك سقطت تحت العارضة في الوقت المناسب تماماً، وأشعلت حماس الجماهير الموجودة في المدرجات.

ويمكن أن نقول الشيء ذاته أيضاً عن الهدف الأول الذي سجّله بالمر بطريقة رائعة، عندما تسلم الكرة ببراعة وراوغ أحد لاعبي إيفرتون قبل أن يتبادلها مع أحد زملائه ثم يضعها في المرمى بتسديدة مباشرة في الزاوية اليسرى.

لقد كان كثيرون يرون أنه من الجنون أن يدفع تشيلسي 42 مليون جنيه إسترليني في اليوم الأخير من فترة الانتقالات، للتعاقد مع بالمر الذي لم يلعب سوى 1481 دقيقة فقط على مستوى الفريق الأول، وكانوا يرون أن هذه الصفقة الغريبة تمثل النموذج المثير للجدل في تشيلسي، بقيادة بوهلي وإقبالي.

لقد قرر مانشستر سيتي بيع اللاعب نظراً لأن جوسيب غوارديولا لم يتمكن من منحه الدقائق التي يريد أن يلعبها، ولم يكن غوارديولا يريد أن يخرج اللاعب على سبيل الإعارة. لقد حصل مانشستر سيتي على السعر الذي يريده لبيع اللاعب، لكن رغم أن قيمة الصفقة تبدو جيدة، فإن اللاعب يستحق أكثر من ذلك بكثير!

يلعب بالمر بقدر كبير من الخيال والإبداع والجرأة. إنه يلعب بشكل رائع بالجزء الخارجي من القدم، ولديه مجموعة من المهارات الاستثنائية الأخرى التي تمكِّنه من تجاوز المنافسين في اللحظات المناسبة (انظر إلى الكرة التي لعبها ببراعة من فوق توماس كامينسكي المتقدِّم عندما سجل أول ثنائية له مع تشيلسي أمام لوتون تاون).

لقد ساعدت هذه القدرات الخارقة بالمر على أن يكون هداف الدوري الإنجليزي الممتاز حتى الآن (بالتساوي مع هالاند) برصيد 20 هدفاً، وهو ما يُعدّ نجاحاً مذهلاً لهذا اللاعب الشاب.

بالمر حظي بدعم كبير من جانب المدير الفني بوكيتينو (أ.ف.ب)

يروي اللاعب البالغ من العمر 21 عاماً كيف تمكَّن من تسجيل هدفه الأول مع تشيلسي بفضل رحيم ستيرلنغ، الذي سمح له بأن يسدد ركلة الجزاء أمام بيرنلي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ربما ندم سترلينغ على هذا القرار، لأن بالمر سجَّل هدفاً، وبحلول المرة التالية التي احتسبت فيها ركلة الجزاء لتشيلسي، التي كانت أمام آرسنال، أراد أن يسدد ركلة الجزء أيضاً. لقد طلب بالمر من ستيرلنغ أن يسدد ركلة الجزاء مرة أخرى، واستجاب سترلينغ، واستمر بالمر في تنفيذ جميع ركلات الجزاء التي يحصل عليها فريقه في أي مباراة يشارك فيها اللاعب الشاب منذ ذلك الحين.

لقد حصل تشيلسي على 9 ركلات جزاء منذ ذلك الحين، ونجح بالمر في تسجيلها جميعاً، ويُعد فرانك لامبارد اللاعب الوحيد الذي سجل عدداً أكبر من ركلات الجزاء لتشيلسي في موسم واحد (10 ركلات جزاء).

وتتمثل المفارقة هنا في أن نوني مادويكي ونيكولاس جاكسون حاولا تنفيذ ركلات الجزاء ليتم رفض ذلك، وإخبارهما بأن المسؤول الأول عن تنفيذ ركلات الجزاء بالفريق هو بالمر. لكن القلق الكبير الذي ظهر على لاعبي تشيلسي أمام مرمى المنافسين أثناء سعيهم لتسجيل الأهداف كان هو السبب الرئيسي في تعزيز فرص بالمر بتسديد ركلات الجزاء في المقام الأول.

ومن المؤكد أيضا أن بالمر حظي بدعم كبير من جانب المدير الفني الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو، الذي وجد نفسه مضطراً للبحث بشكل أعمق في قاموسه التدريبي للعثور على كلمات مناسبة للإشادة بلاعبه الشاب، دون أن يؤثر ذلك بالسلب على باقي لاعبي الفريق.

لقد تفوق بالمر على زملائه وعلى لاعبي الفريق المنافس على حد سواء، مساء الاثنين الماضي، بما في ذلك مدافع إيفرتون الموهوب جاراد برانثويت البالغ من العمر 21 عاماً، الذي تشير تقارير إلى رغبة ريال مدريد في التعاقد معه. وفي حين كان الجدل يدور في السابق حول ما إذا كان برانثويت وبالمر سينضمان لقائمة المنتخب الإنجليزي هذا الصيف أم لا، فربما يتعلق السؤال الأساسي الآن بكيفية قيام المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، بالبحث عن أفضل الطرق الممكنة لإقحام بالمر في التشكيلة الأساسية لمنتخب الأسود الثلاثة.

لقد اصطدمت الركلة الحرة التي نفَّذها بالمر بكورتيس جونز لاعب ليفربول لتدخل الشباك، ويكون هذا هو هدف فوز المنتخب الإنجليزي تحت 21 عاماً بالمباراة النهائية لكأس الأمم الأوروبية، الصيف الماضي، وهي اللحظة الأكثر أهمية بمسيرته الكروية في تلك المرحلة. وبعد 9 أشهر فقط، أصبح بالمر أحد أبرز اللاعبين في الدوري الإنجليزي الممتاز.

لم يكن من الممكن أن يحدث هذا التحول السريع لو استمر اللاعب في مانشستر سيتي (على الأقل ليس خلال هذا الموسم، وإنما كان الأمر سيستغرق بعض الوقت كما حدث مع فيل فودين). لكن السؤال الأكثر إثارة للاهتمام هو ما إذا كان من الممكن أن يحدث ذلك في أي مكان آخر غير تشيلسي.

وبانتقاله إلى ملعب «ستامفورد بريدج»، تمكَّن بالمر من ضمان ما يريده، وهو اللعب بشكل أساسي في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكنه، في الوقت ذاته، تمكن من اللعب في نادٍ كبير من الفئة الأولى دون الضغوط التي دائماً ما تكون مصاحبة للتوقعات الكبيرة من اللاعبين الجدد.

لقد كان تشيلسي فريقاً يمر بمرحلة انتقالية قبل بداية الموسم، ثم ساءت الأمور منذ ذلك الحين. لقد فشل عدد كبير من اللاعبين الجدد المنضمين بمبالغ مالية كبيرة في تقديم المستويات المتوقعة منهم، في حين تمكن بالمر من إحداث الفارق، رغم أنه لم تكن هناك ضجة كبيرة عند انضمامه للبلوز.

لقد ساعده هذا التألق على ضمان مكانه في التشكيلة الأساسية للفريق، ثم منحه السلطة التي مكَّنته من تسديد ركلات الجزاء على حساب لاعبين آخرين بارزين، والآن إثارة الشعور المتمثل في أن هذا اللاعب الشاب مصدر كل شيء جيد في الفريق، وأنه يمثل مستقبل هذا النادي.

لا يزال بإمكان تشيلسي الحصول على بطولة هذا الموسم والتأهل للمسابقات الأوروبية، الموسم المقبل، لكن بغض النظر عما سيحدث، فمن المؤكد أن سقف التوقعات سيرتفع مرة أخرى في الموسم المقبل، وسيكون بالمر مطالَباً بتقديم المزيد. إن الشعور بأن بالمر بإمكانه القيام بأشياء لا يمكن لنا إلا أن نتخيلها قد لا يدوم، لكن، في الوقت الحالي، لا يسعنا إلا أن نستمتع بما يقدمه هذا اللاعب الرائع داخل المستطيل الأخضر.

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

رياضة عالمية صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري

ديفيد سيغال (لندن)
رياضة عالمية بوستيكوغلو مدرب توتنهام (رويترز)

بوستيكوغلو: غوارديولا في طريقه لأن يصبح أحد عظماء التدريب

قال أنجي بوستيكوغلو مدرب توتنهام هوتسبير إن بيب غوارديولا رفع سقف المنافسة مع مدربي الدوري الإنجليزي الممتاز.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غوارديولا (أ.ف.ب)

غوارديولا بعد تجديد عقده: لم يحن وقت الرحيل

قال المدرب الإسباني بيب غوارديولا الخميس عقب تمديد عقده مع مانشستر سيتي بطل إنجلترا لعامين اضافيين حتى العام 2027 إنّه «لم يستطع الرحيل الآن».

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد عقده لعامين مقبلين (أ.ف.ب)

ماذا يعني بقاء بيب غوارديولا لمانشستر سيتي؟

في وقت تسود فيه حالة كبيرة من عدم اليقين حول مانشستر سيتي والدوري الإنجليزي الممتاز، فإن العقد الجديد لبيب غوارديولا يمثل دفعة كبيرة للنادي.

The Athletic (مانشستر)
رياضة عالمية غوارديولا مدد تعاقده مع سيتي معلنا التحدي بإعادة الفريق للقمة سريعا (رويترز)

غوارديولا أكد قدرته على التحدي بقرار تمديد عقده مع مانشستر سيتي

يُظهر توقيع جوسيب غوارديولا على عقد جديد لمدة عام واحد مع مانشستر سيتي أن المدير الفني الإسباني لديه رغبة كبيرة في التغلب على التحديات الكثيرة التي تواجه فريقه

جيمي جاكسون (لندن)

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
TT

صلاح يحطم الأرقام وتجديد عقده «ضرورة حتمية» في ليفربول

صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)
صلاح سجل هدفه الشخصي رقم 165 في الدوري الإنجليزي (د.ب.أ)

أصبحت جملة «محمد صلاح هو الوحيد الذي...» شائعةً للغاية خلال السنوات الأخيرة عند الحديث عن أي بيانات أو إحصاءات هجومية في عالم كرة القدم. ويقدم النجم المصري مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول عام 2017، إذ سجل وصنع أهدافاً قادت الريدز إلى منصات التتويج المحلية والعالمية.

ولا يزال صلاح يواصل العطاء بشكل مثير للإعجاب. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أحرز هدفاً في المباراة التي فاز فيها الريدز على برايتون بهدفين مقابل هدف وحيد، وكان ذلك هو هدفه رقم 164 في الدوري الإنجليزي الممتاز، وهو ما يعني تجاوزه أسطورة ليفربول السابق روبي فاولر ووصوله إلى المركز الثامن في قائمة أفضل هدافي الدوري الإنجليزي الممتاز عبر تاريخه.

وبعد ذلك، وبفضل تمريرته الحاسمة وهدفه رقم 165 في المباراة التي فاز فيها ليفربول على أستون فيلا بهدفين دون رد، أصبح صلاح أول لاعب في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا هذا الموسم يسجل ويصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات، إذ سجل عشرة أهداف وصنع مثلها في 17 مباراة فقط هذا الموسم.

وكان الوحيد الذي انضم إليه في هذا الإنجاز مواطنه ونجم آينتراخت فرانكفورت عمر مرموش، وهو ما جعل الناس يقولون مرة أخرى: «محمد صلاح هو الوحيد أيضاً الذي سجل وصنع عشرة أهداف أو أكثر في جميع المسابقات هذا الموسم».

صلاح وصل هذا الموسم إلى أفضل معدل في صناعة الأهداف (أ.ف.ب)

بدأ ليفربول مسيرته بعد رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب بشكل رائع، إذ حقق أرني سلوت الفوز في 9 من أول 11 مباراة له في الدوري الإنجليزي الممتاز، كما تأهل ليفربول إلى الدور ربع النهائي لكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة، ويتصدر مجموعته في دوري أبطال أوروبا باعتباره الفريق الوحيد الذي حقق أربعة انتصارات من أربع مباريات.

ولم يكن من الغريب أن يكون صلاح المساهم الرئيسي في وصول الفريق إلى صدارة جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بعد فوزه على أستون فيلا. والآن، يتوقع الكمبيوتر العملاق التابع لشركة «أوبتا» للإحصاءات أن يفوز الريدز باللقب. وكان موسم 2019-20، عندما فاز بلقب الدوري، الموسم الوحيد الذي جمع فيه ليفربول عدداً أكبر من النقاط بعد مرور 11 جولة من الموسم (كان قد حقق الفوز في عشر مباريات وتعادل في مباراة واحدة في أول 11 جولة من الموسم).

وأمام أستون فيلا بقيادة مديره الفني أوناي إيمري، لم تكن تمريرة صلاح الحاسمة في الهدف الذي سجله داروين نونيز متعمدة، حيث كان النجم المصري يحاول الركض نحو المرمى بنفسه قبل أن يسقطه ليون بايلي، ثم اندفع نونيز نحو الكرة المرتدة ووضعها في الشباك، لكن السبب الرئيسي وراء هذا الهدف هو صلاح أيضاً، لأنه انطلق بسرعة فائقة في هجمة مرتدة سريعة بعد قطع الكرة من ركلة ركنية لأستون فيلا.

وأحرز صلاح الهدف الثاني بطريقته المعتادة، فبعد قطع الكرة من دييغو كارلوس في منتصف الملعب، اندفع النجم المصري نحو المرمى بسرعة هائلة وسدد الكرة في مرمى الحارس الأرجنتيني إيميليانو مارتينيز المتوج مؤخراً بجائزة أفضل حارس مرمى في العالم. وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن صلاح سجل وصنع في مباراة واحدة بالدوري الإنجليزي الممتاز للمرة 35، ولا يتفوق عليه في هذا الأمر سوى واين روني (36 مرة)، وبالتالي فإن صلاح بحاجة إلى التسجيل والصناعة في مباراة واحدة أخرى ليصبح أكثر من فعل ذلك في تاريخ المسابقة.

لقد كان أداءً استثنائياً مرة أخرى من اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً، بعد أن صنع هدفين يوم الثلاثاء الماضي ليقود الريدز للفوز برباعية نظيفة على بطل ألمانيا باير ليفركوزن في دوري أبطال أوروبا.

وعلاوة على ذلك، فإن وصوله إلى 10 أهداف و10 تمريرات حاسمة في 17 مباراة فقط يجعله أسرع لاعب يفعل ذلك مع ليفربول في آخر 40 موسماً. ويأتي النجم الأورغوياني لويس سواريز في المركز الثاني، إذ فعل ذلك في 23 مباراة في موسم 2013-14.

بقاء صلاح في ليفربول بات ضرورة حتمية بالنسبة لمسؤولي وجماهير النادي (الشرق الأوسط)

دعونا نتوقف قليلاً عن استخدام عبارة «محمد صلاح هو الوحيد...»، ونقول هذه المرة إن اللاعبين الوحيدين الذين ساهموا في أهداف أكثر من صلاح هذا الموسم في جميع المسابقات في الدوريات الخمس الكبرى هم هاري كين (24 هدفاً)، ومرموش (24 هدفاً) وروبرت ليفاندوفسكي (21 هدفاً).

وهذا هو الموسم الرابع على التوالي الذي يتجاوز فيه صلاح الرقم 10 في كل من تسجيل وصناعة الأهداف، كما أنه الآن في أفضل معدل له على الإطلاق من حيث المساهمة في الأهداف لكل 90 دقيقة منذ وصوله إلى ملعب «آنفيلد» قبل أكثر من سبع سنوات. لقد ساهم صلاح في 20 هدفاً في 1347 دقيقة فقط هذا الموسم، وهو ما يعني تسجيل أو صناعة هدف كل 67.5 دقيقة في جميع المسابقات هذا الموسم. وخلال موسمه الأول المذهل مع النادي في 2017-18، الذي سجل فيه 44 هدفاً وصنع 14 هدفاً، وصل متوسط مساهماته في الأهداف إلى هدف كل 71 دقيقة.

لقد عودنا صلاح دائماً على تسجيل الأهداف، كما يخلق الفرص لزملائه بطريقة استثنائية. لقد تمكن من صناعة 10 أهداف أو أكثر في كل موسم من المواسم التي قضاها في ليفربول، باستثناء موسم 2020-21 عندما صنع 6 أهداف. ومع ذلك، يبدو صلاح في طريقه لأن ينهي الموسم الحالي بأعلى حصيلة له مع الريدز في موسم واحد، حيث لا يحتاج إلا لصناعة 7 أهداف أخرى ليتجاوز أكبر عدد من التمريرات الحاسمة له في موسم واحد، الذي وصل إلى 16 تمريرة حاسمة في موسم 2022-23. ويعد صلاح ومواطنه مرموش اللاعبين الوحيدين اللذين صنعا 10 أهداف أو أكثر في الدوريات الخمس الكبرى في أوروبا في جميع المسابقات هذا الموسم، في حين أن 7 لاعبين فقط في هذه الدوريات صنعوا فرصاً من اللعب المفتوح أكثر من صلاح (30 فرصة).

صلاح لاعب رئيسي في وصول الفريق إلى صدارة الدوري (أ.ف.ب)

في الحقيقة، يعد صلاح أهم لاعب في ليفربول مرة أخرى هذا الموسم. وبالمقارنة مع زملائه في الفريق، فإن مساهمات صلاح في الأهداف تتجاوز تقريباً ضعف مساهمات أي لاعب آخر (لويس دياز 11 مساهمة تهديفية)، كما صنع النجم المصري فرصاً من اللعب المفتوح تزيد عن أي لاعب آخر بما لا يقل عن تسع فرص (كودي غاكبو 21 فرصة). وعلاوة على ذلك، فإن صلاح، الذي صنع 30 فرصة من اللعب المفتوح، قد تجاوز صانع اللعب الأبرز في ليفربول ترينت ألكسندر أرنولد بفارق 12 فرصة، حيث صنع النجم الإنجليزي الدولي 18 فرصة من اللعب المفتوح هذا الموسم.

لقد شارك صلاح في 100 هجمة من اللعب المفتوح في جميع المسابقات، وهو ما يزيد بنحو 24 هجمة على الأقل عن أي لاعب آخر في ليفربول. ورغم كل ما يقال، فمن الواضح أن صلاح لا يزال في قمة مسيرته الكروية، أو قريباً منها، وهو الأمر الذي يجعل انتهاء عقده بنهاية الموسم الحالي يخلق الكثير من القلق بين عشاق الريدز.

ربما يكون من المفهوم أن النادي لم يكن في عجلة من أمره لتقديم عرض ضخم لصلاح هذا الصيف، نظراً لأن أداء صلاح كان مخيباً للآمال، مثل أي لاعب آخر بالفريق، بعدما تبخرت آمال ليفربول للفوز باللقب في موسم 2023-24.

النجم المصري قدم مستويات استثنائية منذ انضمامه لليفربول (أ.ب)

وكان صلاح قد لعب مباراة واحدة فقط في الدوري الإنجليزي الممتاز خلال الفترة بين يوم رأس السنة الجديدة والمباراة التي خاضها الفريق على ملعبه أمام مانشستر سيتي في 10 مارس (آذار). وخلال الفترة من عودته للمشاركة في المباريات وحتى نهاية الموسم، سجل صلاح 3 أهداف فقط في 11 مباراة بالدوري، من بينها ركلة جزاء في المباراة التي انتهت بالتعادل مع مانشستر يونايتد بهدفين لكل فريق، وهدف وتمريرة حاسمة في الفوز بأربعة أهداف مقابل هدفين على توتنهام، بعد انتهت آمال الفريق تماماً في المنافسة على لقب الدوري.

لكن لو كانت هناك أي شكوك حول مستوى صلاح، وكيف سيتأقلم مع طريقة اللعب تحت قيادة المدير الفني الجديد أرني سلوت، وما إذا كان لا يزال يستحق الأموال الكبيرة التي سيحصل عليها في حال تمديد عقده، فمن المؤكد أن كل هذه الشكوك قد تلاشت تماماً الآن. خلال الموسم الماضي، تعرض صلاح لانتقادات في بعض الأحيان بسبب بقائه كثيراً بجوار خط التماس وعدم الدخول إلى عمق الملعب، لكن الخريطة الحرارية لتحركاته داخل الملعب خلال الموسمين الماضي والحالي تُظهر أنه يتحرك في عمق الملعب بشكل أقل الآن تحت قيادة سلوت، إذ يتحرك في تلك المساحة على الجانب الأيمن من منطقة الجزاء في كثير من الأحيان، وهذا هو المكان الذي يقدم فيه أفضل مستوياته، كما تُظهر خريطة مشاركته في الأهداف.

تشير التقارير إلى أن ليفربول فتح محادثات بالفعل مع صلاح، إلى جانب فيرجيل فان دايك وألكسندر أرنولد، اللذين تنتهي عقودهما أيضاً في الصيف المقبل. من المؤكد أن قوة النجم المصري في التفاوض قد زادت كثيراً بعد المستويات الرائعة التي قدمها في الأسابيع الأخيرة، وهو ما دفع أحد المشجعين إلى رفع لافتة في مباراة ليفربول يوم السبت الماضي كتب عليها: «إنه يُطلق السهام، جددوا تعاقد محمد الآن»، في إشارة إلى احتفاله الشهير بالقوس والسهم عند إحراز الأهداف. يحقق صلاح أرقاماً مذهلة منذ وصوله إلى ليفربول، فقد سجل 221 هدفاً وصنع 97 هدفاً في 366 مباراة مع النادي، ولم يسجل أقل من 23 هدفاً في موسم واحد. لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: إلى متى يُمكن للنجم المصري الاستمرار في تقديم هذه المستويات؟ من الصعب الإجابة على هذا السؤال، لكن مشجعي ليفربول يأملون بالتأكيد أن يستمر الملك المصري في ملعب «آنفيلد» لفترة طويلة مقبلة.

* خدمة «الغارديان»