متى يمكن لمدير فني أميركي أن يكسب الاحترام في إنجلترا؟

شكَّك كثيرون في قدرات جيسي مارش وبوب برادلي لكنَّهما لم يكونا يستحقان هذه الكراهية

قدم مارش أوراق اعتماده في ريد بول سالزبورغ وأثبت أنه مدير فني جيد (غيتي)
قدم مارش أوراق اعتماده في ريد بول سالزبورغ وأثبت أنه مدير فني جيد (غيتي)
TT

متى يمكن لمدير فني أميركي أن يكسب الاحترام في إنجلترا؟

قدم مارش أوراق اعتماده في ريد بول سالزبورغ وأثبت أنه مدير فني جيد (غيتي)
قدم مارش أوراق اعتماده في ريد بول سالزبورغ وأثبت أنه مدير فني جيد (غيتي)

كانت فكرة أن يقود مدرب أسترالي أحد الأندية الكبرى في إنجلترا تبدو غير محتملة إلى أن جاء بوستيكوغلو كان لدى المدير الفني الأميركي جيسي مارش رسالة يريد أن يوجهها، وقد فعل ذلك بشكل جيد ومطول. فعندما أتيحت له فرصة أن يكون ناقداً في برنامج «كرة القدم مساء الاثنين» على شاشة قناة «سكاي سبورتس» الشهر الماضي، تجول مارش حول لوحة اللمس الموجودة في الاستوديو بنفس الحماس الذي يتوقعه من اللاعبين الذين يمارسون الضغط العالي على المنافسين. لقد بدا مارش، الذي كان يرتدي الجينز وحذاء رياضيا أبيض، وكأنه يقدم عرضا يهدف من خلاله أن يقول للجميع إنه مستعد للعمل مرة أخرى في الدوري الإنجليزي الممتاز، بل ويسعى لإقناع مسؤولي وملاك الأندية بالتعاقد معه.

وقال مارش: «أنا أحب الدوري الإنجليزي الممتاز، وأحب قوة ما يعنيه الدوري عالمياً، لكن بصراحة الإجابة الحقيقية هي أنني أريد أن أجد أشخاصاً يشبهونني في التفكير وملتزمين بتطوير الأشخاص والعلاقات وبناء شيء ما». وخلال هذا البرنامج، الذي استمر لمدة 45 دقيقة وقدمه جيمي كاراغر، كان من الواضح تماما أن مارش على دراية كاملة بكل التفاصيل ولديه فهم حقيقي لكرة القدم الحديثة.

بوستيكوغلو أثبت قدراته رغم سخرية البعض من لهجته الإنجليزية (رويترز)

لا تزال هناك مقاومة - بل وسخرية - لمصطلحات كرة القدم الأميركية، على الرغم من أن كثيرا من مُلاك أندية الدوري الإنجليزي الممتاز من الولايات المتحدة (هناك استثمارات أميركية أيضا في دوري الدرجة الأولى). لكن المدير الفني لنوريتش سيتي، ديفيد فاغنر - وهو لاعب دولي سابق في المنتخب الأميركي لكرة القدم يتحدث بلغة كرة القدم الأوروبية بسبب نشأته الألمانية - لم يواجه مثل هذه الانتقادات التي يتعرض لها المديرون الفنيون الأميركيون في الملاعب الإنجليزية. ومع ذلك، فإن كرة القدم الإنجليزية ربما تنتظر فقط مديرا فنيا أميركيا تساعده جودته وجاذبيته وإنجازاته على أن يكون مرشحاً قوياً لتولي القيادة الفنية لأحد الأندية الكبرى.

ففي نهاية المطاف، كانت فكرة أن يقود مدير فني أسترالي أحد الأندية الستة الكبرى في الدوري الإنجليزي الممتاز تبدو غير محتملة إلى أن جاء أنغي بوستيكوغلو، الذي تبددت جميع الشكوك حول قدراته ومؤهلاته، على الرغم من سخرية البعض من لهجته وصياغته للجمل باللغة الإنجليزية. ووصل الأمر لدرجة أن بعض التقارير تشير إلى أنه مرشح لتولي القيادة الفنية لنادي ليفربول. وحتى الآن، لم يتمكن المديران الفنيان الأميركيان اللذان نشآ في الولايات المتحدة وقادا فريقين في الدوري الإنجليزي الممتاز - مارش في ليدز يونايتد، وبوب برادلي مع سوانزي سيتي لفترة قصيرة مؤلمة في عام 2016 - من الحصول على نفس القدر من الاحترام.

وكان من المرجح منذ فترة طويلة أن ينتقل مارش للعمل في الدوري الإنجليزي الممتاز، خاصة أن كرة القدم الإنجليزية اعتادت على جذب المواهب من الأندية الألمانية. لقد قدم مارش أوراق اعتماده في ريد بول سالزبورغ، وأثبت أنه مدير فني جيد. وتحظى مؤسسة «ريد بول» المالكة لأكثر من ناد، والتي تمتلك أندية نيويورك وريد بول سالزبورغ وآر بي لايبزيغ، بالإعجاب باعتبارها مصنعاً للمواهب، حيث تعمل جميع الأندية التابعة لها بنفس فلسفة التدريب. وبالنسبة لمارش، تبين أن ليدز يونايتد لم يكن هو الخيار المناسب. لقد خلف مارسيلو بيلسا، الذي يحظى بشعبية طاغية في ليدز والذي يعد المدير الفني الأكثر شعبية في النادي منذ دون ريفي - بما في ذلك هوارد ويلكنسون، الذي قاد النادي للحصول على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز في عام 1992. وكما حدث مع المدير الفني الأرجنتيني الذي كان يعتمد على الضغط العالي والمتواصل على الخصم، فإن اللعب بهذه الطريقة شديدة الخطورة قد أدى إلى إضعاف الفريق في نهاية المطاف.

وتبين أيضاً أن هناك طرقا مختلفة للضغط العالي على المنافسين. لقد قام مارش بتضييق المساحات بين لاعبي الفريق، الذي كان يعتمد في السابق على فتح مساحات الملعب على الأطراف، لكنه لم ينجح في معالجة مشكلتي العقم التهديفي والضعف الدفاعي. وعلاوة على ذلك، لم يكن مارش محظوظا على الإطلاق، لأنه بعد أن أنقذ ليدز يونايتد من الهبوط، خسر جهود أفضل لاعبين، وهما كالفين فيليبس ورافينيا، اللذان تم بيعهما في الصيف التالي.

وقال مارش بعد الفوز على برينتفورد الذي أبقى ليدز يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز: «لا أريد أن تهتف الجماهير باسمي، بل أريد أن تتغنى بمن نحن. الأمر لا يتعلق بشخص واحد، وبالتأكيد لا يتعلق بي». لكن في نهاية المطاف، كان هو من تعرض لكل الانتقادات واللوم. من الممكن أن يكون ليدز يونايتد نادياً ضيق الأفق أو محدود التفكير، على الرغم من أن المشجعين كانوا قد قبلوا في السابق مديراً فنياً أرجنتينياً وعدوه واحداً منهم. لقد وجد مارش صعوبة كبيرة في الحصول على تقدير في نفس المكان الذي كان فيه أميركي آخر، إدي لويس، بطلاً ومعشوقاً للجماهير في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وعلى الرغم من أن النادي كان يضم لاعبين أميركيين مثل بريندن آرونسون وتايلر آدامز وويستون ماكيني، فإن ذلك لم يمنع إقالة مارش من منصبه في فبراير (شباط) 2023.

برادلي رحل كغريب عن الدوري الذي ظل طويلاً يطمح للعمل به (غيتي)

لقد كان مارش مرشحاً حقيقياً لتولي القيادة الفنية لليستر سيتي وساوثهامبتون في وقت لاحق من ذلك الموسم، وهو ما يشير إلى أن مجالس الإدارة لا تزال تؤمن بقدرته على تحقيق النجاح. لكن مارش نفسه قال في ديسمبر (كانون الأول) الماضي: «لم أكن مستعداً للعودة مرة أخرى». ربما يكون مارش قد أضاع فرصة العودة للعمل في الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن حملته الدعائية الأخيرة على شاشة «سكاي سبورتس» تشير إلى أنه يريد الحصول على الفرصة الثانية التي لم تأت أبداً لبرادلي، الذي تُعد الفترة التي قضاها في الدوري الإنجليزي الممتاز مع سوانزي سيتي بمثابة مغامرة مؤسفة.

لقد وصل برادلي، الذي ربطته تقارير في السابق بالعمل في وست بروميتش ألبيون وهال سيتي وسندرلاند، إلى سوانزي سيتي بينما كان النادي يمر بظروف صعبة للغاية. ومرة أخرى، لعب المستثمرون الأميركيون دورا في التعاقد معه، إلا أن عدم شعبية هؤلاء المستثمرين أنفسهم في المدينة كانت تعني عدم قدرة برادلي على الاستمرار إلا لمدة 85 يوما لعب خلالها الفريق 11 مباراة واستقبل فيها 29 هدفاً.

وقام برادلي، الذي يتسم بالهدوء والقدرة على دراسة كل التفاصيل، بعمل جيد في النرويج مع نادي ستاباك، وفي فرنسا مع لو هافر لمواصلة الإنجازات التي حققها مع المنتخب الأميركي لكرة القدم. لا يزال الفوز المجنون على كريستال بالاس بنتيجة خمسة أهداف مقابل أربعة لا يُنسى، لكن سخرية برنامج «سوكر إيه إم» على قناة «سكاي سبورتس» من برادلي من خلال سلسلة من الرسومات القاسية، كانت تعكس تماما الضغوط والانتقادات التي تعرض لها المدير الفني الأميركي في تلك الفترة. وبعد ست سنوات، تم استقبال مارش باحترام أكبر بكثير، لكن برادلي رحل كغريب عن الدوري الذي ظل لفترة طويلة يطمح للعمل به.

لقد تولى برادلي تدريب لاعبين عملوا تحت قيادة ثلاثة مديرين فنيين خلال أربع سنوات، ولم يقدموا شيئا جيدا، وبالتالي كان من المتوقع والطبيعي أن يقدموا نفس المستويات السيئة تحت قيادته. وقال برادلي ردا على اتهامات بأن اللاعبين سخروا من خططه التكتيكية باعتبارها تعود إلى الثمانينات من القرن الماضي: «ثق بي عندما أقول لك إن جميع هؤلاء اللاعبين لا يعرفون من هو رونالد ريغان».

وعلى غرار مارش، لم تكن الظروف في صالح برادلي، لكن الحقيقة الواضحة للجميع في كرة القدم هي أن جميع المديرين الفنيين يتولون قيادة ناد جديد بعد رحيل شخص فشل في مهمته. قد يحتاج مارش، أو مدير فني أميركي آخر، إلى تولي القيادة الفنية لناد يمر بظروف أفضل لإثبات أن المديرين الفنيين الأميركيين يستطيعون العمل في كرة القدم الإنجليزية. وبمجرد أن يحدث ذلك، سيتبعه آخرون بكل تأكيد.

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

الملاك الجدد لإيفرتون يبدأون التصحيح بإقالة المدرب

رياضة عالمية شون دايش أول ضحايا الملاك الجدد لإيفرتون (رويترز)

الملاك الجدد لإيفرتون يبدأون التصحيح بإقالة المدرب

قرر نادي إيفرتون الإنجليزي، إقالة مدربه شون دايش، اليوم الخميس، وذلك قبل ساعات قليلة من مباراة للفريق ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روني وزوجته كولين (رويترز)

كولين روني: تعرضنا لـ«الإرهاب» بعد انتقال زوجي ليونايتد

قالت كولين روني، زوجة النجم الإنجليزي واين روني، إن عائلتها تعرضت لما وصفته بـ«الإرهاب» لدى انتقال زوجها إلى مانشستر يونايتد مقبلاً من إيفرتون في عام 2004

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم (رويترز)

توجيه اتهامات لنيوكاسل وأستون فيلا بسبب شجار جماعي

وجَّه الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم اتهامات إلى فريق نيوكاسل يونايتد ومدربه المساعد جاسون تيندال وأستون فيلا والمحلل الأداء الرئيسي له فيكتور مانتس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنتونين كينسكي (إ.ب.أ)

كينسكي: انطلاقتي مع توتنهام أمام ليفربول أبعد من أحلامي

اعترف أنتونين كينسكي، حارس المرمى الجديد لفريق توتنهام الإنجليزي لكرة القدم، بأن ظهوره الأول في المباراة التي فاز فيها فريقه على ليفربول 1 - صفر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أصبح نادي بريستول سيتي رابع نادٍ بدوري البطولة الإنجليزية للسيدات يشارك في تجربة السماح للجماهير بتناول المشروبات الكحولية في المدرجات خلال المباريات (نادي بريستول)

4 أندية إنجليزية للسيدات تسمح بتناول الكحول في المدرجات

أصبح نادي بريستول سيتي رابع نادٍ بدوري البطولة الإنجليزية للسيدات لكرة القدم يشارك تجربة السماح للجماهير بتناول المشروبات الكحولية في المدرجات خلال المباريات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أتلتيكو مدريد: التدخل الحكومي في قضية أولمو «سابقة خطيرة»

أتلتيكو قال إنه يشعر بالقلق مما آلت إليه قضية أولمو (إ.ب.أ)
أتلتيكو قال إنه يشعر بالقلق مما آلت إليه قضية أولمو (إ.ب.أ)
TT

أتلتيكو مدريد: التدخل الحكومي في قضية أولمو «سابقة خطيرة»

أتلتيكو قال إنه يشعر بالقلق مما آلت إليه قضية أولمو (إ.ب.أ)
أتلتيكو قال إنه يشعر بالقلق مما آلت إليه قضية أولمو (إ.ب.أ)

قال أتلتيكو مدريد المنافس في دوري الدرجة الأولى الإسباني، إنه يشعر بالقلق من أن يُعرض قرار المجلس الوطني للرياضة في إسبانيا بالسماح لبرشلونة بالتسجيل المؤقت لداني أولمو وباو فيكتور، النظام الحالي للخطر ويمثل سابقة خطيرة.

ووقع برشلونة مع اللاعبين في نهاية الموسم الماضي، ولكن بسبب عدم قدرة النادي على تلبية سقف الأجور في الدوري الإسباني، سُمح بتسجيلهما في النصف الأول من الموسم فقط.

وبعد أن رفض الاتحاد الإسباني للعبة ورابطة الدوري الإسباني يوم السبت الماضي طلب تسجيلهما في النصف الثاني من الموسم، رفع النادي القضية إلى المجلس الوطني للرياضة.

وأصدر المجلس قراره المؤقت أمس الأربعاء حتى يتم البت النهائي في الاستئناف الذي تقدم به النادي، وذلك قبيل وصول برشلونة إلى أرض الملعب لخوض مباراة قبل نهائي كأس السوبر الإسبانية في السعودية.

وبعد فوز برشلونة في المباراة 2-صفر على أتليتيك بيلباو مساء أمس، يمكن لأولمو وفيكتور المشاركة في النهائي المقرر يوم الأحد المقبل أمام ريال مدريد الذي تأهل بفوزه الخميس 3-صفر على ريال مايوركا.

وقال أتلتيكو في بيان: يريد أتلتيكو مدريد أن يعبر عن قلقه العميق إزاء الوضع الذي نشأ في كرة القدم الإسبانية بعد الموقف الذي اتخذه المجلس الوطني للرياضة يوم الأربعاء. نعتقد أن هذا القرار يعرض النظام الحالي للخطر، ويثير تساؤلات حول قواعد اللعبة.

وأضاف أن التدخل الحكومي صنع سابقة خطيرة.

وقال أتلتيكو: هذا يفتح الباب أمام انتهاك القواعد وارتكاب أخطاء جسيمة شهدناها في الماضي. بدون قواعد واضحة ومتساوية للجميع، لن يكون هناك منافسة عادلة.