لا يستحق هندرسون وفيليبس الانضمام لقائمة المنتخب الإنجليزي وأمام ساوثغيت العديد من الخيارات الجيدة البديلة.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، نشرت الحسابات الخاصة بنادي أياكس أمستردام الهولندي على مواقع التواصل الاجتماعي بعض لقطات الفيديو لجوردان هندرسون وهو ينطلق بقوة من منتصف الملعب باتجاه حارس مرمى أوتريخت. ويُظهر الفيديو، الذي بلغت مدته 16 ثانية، هندرسون وهو يركض في خط مستقيم تماماً من نقطة منتصف الملعب، دون أن تقل سرعته أو تهدأ خطواته، ليقطع كل تلك المسافة بحماس شديد، في مشهد يجعلك تشعر وكأن شخصاً ما قد ربط عبوة ناسفة بدائية الصنع بهندرسون، وأخبره بأنها ستنفجر إذا أبطأ أو توقف أو انعطف يساراً أو يميناً!
أنا هنا لا أسخر من هندرسون، أو أتهمه بشيء ليس به، بل على العكس فهذا المشهد يُعد بمثابة استعراض للأداء القوي من قبل هذا اللاعب، الذي غيَّر شكل العديد من المباريات على مستوى النخبة بفضل الحماس الشديد الذي يتحلى به. ورغم أن هندرسون قد بلغ الثالثة والثلاثين من عمره، إلا أنه لا يزال يلعب بحماس كبير، ويمتلك رغبة شديدة في اللعب بكل قوة. ومن الإنصاف أن نقول إن اللاعب لا يزال يحتفظ بلياقة بدنية هائلة بعد الفترة التي لعبها في المملكة العربية السعودية.
وفي الوقت ذاته، تُعد الأيام القليلة المقبلة مهمة للغاية فيما يتعلق باستعدادات المنتخب الإنجليزي لنهائيات «كأس الأمم الأوروبية 2024»، وستكون مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز في نهاية هذا الأسبوع الأخيرة، قبل أن يختار غاريث ساوثغيت قائمة منتخب إنجلترا لخوض مبارياته في فترة التوقف الدولي لشهر مارس (آذار)، التي ستكون هي الأهم، رغم أن المنتخب الإنجليزي سيخوض بعض المباريات الودية في يونيو (حزيران).
في هذه المرحلة، هناك نقطتان واضحتان يجب الإشارة إليهما. تشير الأدلة إلى أن ساوثغيت يرغب في اللعب بطريقة 4 - 2 - 3 - 1. وهي الطريقة ذاتها التي لعب بها المنتخب الإنجليزي أمام إيطاليا العام الماضي. ويمكن القول إن خمسة من اللاعبين الستة في الخط الأمامي قد ضمنوا مكانهم في القائمة، بالنظر إلى المستويات التي يقدمونها، وبسبب غياب عدد من اللاعبين عن الملاعب بسبب الإصابة، وهؤلاء اللاعبون هم: جود بيلينغهام في مركز صانع الألعاب، وهاري كين في مركز المهاجم الصريح، وبوكايو ساكا كجناح أيمن، وفيل فودين كجناح أيسر. وسيُشكل جون ستونز وكايل ووكر وكيران تريبيير، وهم أفضل المدافعين المتاحين حالياً، ثلاثة أرباع الخط الخلفي.
يعني هذا أنه يتبقى لاعبان. أولاً، قلب الدفاع الآخر، والذي سيكون بالتأكيد هاري ماغواير! آسف لأنني أقول ذلك، لكن هذه هي الحقيقة، لأن ساوثغيت عوَّدنا على اختيار ماغواير بغض النظر عن مستواه أو مشاركته مع ناديه! وسيؤكد ساوثغيت على أن ماغواير مدافع قوي لا غنى عنه، وسيضمه للقائمة، بل ويشركه في التشكيلة الأساسية مرة أخرى، رغم كل الانتقادات التي يتعرض لها اللاعب، ورغم عدم مشاركته بشكل منتظم مع مانشستر يونايتد!
أما الأمر الثاني، فيتعلق بمَن هو اللاعب الذي سيبدأ في خط الوسط بجانب ديكلان رايس. يتعرض ساوثغيت، خصوصاً منذ نهائيات كأس العالم 2018، لانتقادات لاذعة، ويرى البعض أنه لم يستغل العدد الهائل من المواهب الرائعة في كرة القدم الإنجليزية في السنوات الأخيرة، بل ويرى هؤلاء النقاد أن ساوثغيت لم يحقق أي إنجاز يُذكر، وأن صعوده بالمنتخب الإنجليزي من العدم إلى المنافسة على البطولات الكبرى ما هو إلا مجرد حظ!
ومن المؤكد أن هذه الانتقادات ستصبح أكثر قسوة لو فشل ساوثغيت في قيادة المنتخب الإنجليزي للفوز بنهائيات «كأس الأمم الأوروبية» المقبلة، في ظل كوكبة النجوم المتاحة لديه.
وفي الوقت نفسه، هناك ثغرة واضحة في خط الوسط، وقائمة من اللاعبين المرشحين للعب بجوار ديكلان رايس، لكن هؤلاء اللاعبين يواجهون العديد من التحفظات، بل والاتهامات بأن ساوثغيت يختارهم في المقام الأول بسبب ولائه لهم، وليس بسبب المستويات التي يقدمونها، وهو الأمر الذي يزيد الضغوط على هؤلاء اللاعبين وعلى ساوثغيت.
إن الخيار الأفضل في هذا المركز هو ترينت ألكسندر أرنولد، الذي لعب بالفعل في خط الوسط مع ليفربول ومنتخب إنجلترا، والذي يمتلك قدماً يمنى تتمتع بالدقة الشديدة، كما يتمتع باللياقة البدنية العالية والقدرة على الاستحواذ على الكرة. لكن المشكلة الآن تتمثل في أن ألكسندر أرنولد مصاب أيضاً، لذا لم يعد هناك متسع من الوقت للتأقلم إلى جانب ديكلان رايس، وهو الأمر الذي يزيد الأمور صعوبة، خصوصاً مع اقتراب انطلاق البطولة. وعلاوة على ذلك، أُصيب كيرتس جونز في هذا التوقيت الصعب، كما أن المركز الأصلي لكونور غالاغر هو صانع ألعاب وليس محور ارتكاز. ورغم أن كوبي ماينو لاعب كرة قدم رائع، فإنه لا يمكنه القيام بهذا الدور في بطولة بهذه القوة.
وبالتالي، فإن كل هذه الأمور تجعل ساوثغيت مضطراً للاعتماد على هندرسون وكالفن فيليبس. ومن المؤكد أن ساوثغيت سيتعرض لانتقادات لاذعة لو فعل ذلك، وسيقول النقاد إنه اختارهما بسبب عنصر الولاء، وليس بسبب ما يقدمه اللاعبان على مستوى الأندية، وهذه هي الحقيقة بالفعل.
لقد حصل هندرسون على فرصته بالكامل، وشارك في جميع الهزائم الكبيرة التي تعرض لها المنتخب الإنجليزي خلال السنوات الست الماضية. إنه يميل إلى التقدم للأمام من عمق خط الوسط، وبالتالي فإنه يمنع رايس، الذي يمتلك قدرات فنية أعلى منه، من فعل الشيء نفسه. قد يكون اختيار فيليبس منطقياً، على الأقل من الناحية التكتيكية، لكنه مر أيضاً بموسم عصيب مع مانشستر سيتي، وبالتالي فإن مشاركته مع المنتخب الإنجليزي ستدمر أي شعور باختيار اللاعبين بناء على عنصر الكفاءة.
في الحقيقة، لا يستحق هندرسون وفيليبس الانضمام لقائمة المنتخب الإنجليزي. ويمكن القول إن ساوثغيت لديه فرصة الآن لاتخاذ خطوة إلى الأمام، ولتذكر أن اختيار اللاعبين بناء على عنصر الولاء فقط لن يؤدي إلى إحراز أي تقدم، بل على العكس تماماً سيؤدي إلى التراجع الشديد.
ومن المثير للسخرية أن هناك حلاً واضحاً للجميع لهذه المشكلة، لكن يبدو أن ساوثغيت لا يضعه في الحسبان، وهو جون ستونز، الذي يُعد أفضل محور ارتكاز إنجليزي في الوقت الحالي، بالإضافة إلى أنه يلعب في أفضل فريق في العالم، وهو مانشستر سيتي. ورغم أنه من الصحيح أيضاً أن المنتخب الإنجليزي يحتاج بشكل أساسي إلى ثلاثة لاعبين من نوعية جون ستونز - اثنان في الدفاع وواحد في خط الوسط - فإن عدم وجود لاعبين من هذه النوعية ليس خطأ ساوثغيت. لكن الآن، يتعين على ساوثغيت أن يعتمد على جون ستونز نفسه في المكان المناسب!
* خدمة «الغارديان»