جيرمين ديفو: الطفل برادلي غيّر كل شيء في حياتي

المهاجم الإنجليزي السابق يتحدث عن صداقته «السحرية» مع تميمة سندرلاند وطموحاته التدريبية

تكونت صداقة قوية بين ديفو والطفل برادلي حتى وفاة الطفل بسرطان نادر (غيتي)
تكونت صداقة قوية بين ديفو والطفل برادلي حتى وفاة الطفل بسرطان نادر (غيتي)
TT

جيرمين ديفو: الطفل برادلي غيّر كل شيء في حياتي

تكونت صداقة قوية بين ديفو والطفل برادلي حتى وفاة الطفل بسرطان نادر (غيتي)
تكونت صداقة قوية بين ديفو والطفل برادلي حتى وفاة الطفل بسرطان نادر (غيتي)

أمسك جيرمين ديفو بمئات التمائم بينما كان يسير إلى جانب عدد لا يحصى من الأولاد والبنات الصغار أثناء نزوله إلى الملاعب قبل انطلاق المباريات المهمة. كان المهاجم الإنجليزي السابق لطيفاً دائماً قبل بداية المباريات، لكن الأمر كان يتغير تماما بمجرد انطلاق المباراة وذهاب الأطفال الصغار نحو عائلاتهم المنتظرة بفخر على خط التماس.

لقد تغير كل شيء في سبتمبر (أيلول) 2016 عندما دخل طفل ضعيف البنية يبلغ من العمر ستة أعوام إلى غرفة خلع الملابس الخاصة بفريق سندرلاند على «ملعب النور» قبل مباراة الفريق أمام إيفرتون ليشاهد مثله الأعلى ديفو، الذي يتذكر ما حدث آنذاك قائلاً: «ركض برادلي نحوي وجلس في حضني، وبدأنا نتحدث سوياً عن حذائي. كنا نتواصل بشكل مستمر. من الصعب شرح ذلك، لكن الأمر في تلك اللحظة كان مختلفاً وسحرياً».

تكونت صداقة قوية بين الاثنين، واستمرت حتى وفاة برادلي لوري نتيجة إصابته بورم الخلايا البدائية العصبية، وهو سرطان نادر يصيب الأطفال، في يوليو (تموز) 2017. لا يزال ديفو يتواصل مع عائلة برادلي، ولا يزال متأثرا بشدة بالعلاقة القصيرة، لكن القوية، مع برادلي، والتي يتم تسليط الضوء عليها في الفيلم الوثائقي الجديد الذي يحمل اسم «ديفو: من أجل حب اللعبة»، والذي سيتم إصداره قريباً، والذي يتناول حياة المهاجم الإنجليزي السابق داخل وخارج الملعب. سيتم عرض الفيلم في دور السينما في المملكة المتحدة لليلة واحدة فقط في 29 فبراير (شباط) الحالي، ويقدم نظرة ثاقبة على أكثر من 300 هدف سجلها ديفو خلال مسيرته الكروية التي استمرت 23 عاماً، والتي دافع خلالها عن ألوان أندية وستهام وبورنموث وتوتنهام وبورتسموث وتورونتو وسندرلاند ورينجرز.

وخلال تلك المسيرة الكروية الحافلة، تحول ديفو إلى شخص نباتي وتوقف عن تناول الكحوليات، وخاض 57 مباراة دولية مع المنتخب الإنجليزي، وشاهد تفاصيل حياته العاطفية وهي تُنشر على الصفحات الأولى للصحف الشعبية، وعانى من سلسلة من المآسي العائلية، بما في ذلك مقتل أخيه غير الشقيق، جايد، بعد هجوم وحشي في ليتونستون بشمال لندن، ووفاة ووالده جيمي بعد إصابته بالسرطان عن عمر يناهز 47 عاماً. وبعد ذلك، تأثر ديفو بشدة بوفاة ابنة عمه، هانا، عن عمر يناهز 20 عاماً بسبب الصعق بالكهرباء بعد أن قفزت إلى حمام السباحة أثناء قضاء عطلتها في سانت لوسيا.

وعلى الرغم من سجله الاستثنائي في تسجيل الأهداف وهز الشباك، فإن ديفو كان يجد صعوبة في تقبل تلك الانتكاسات والخسائر على المستوى الشخصي والعائلي، ولم يبدأ في التصالح مع الماضي إلا بعد لقائه مع برادلي. يقول ديفو، البالغ من العمر الآن 41 عاماً والذي يتولى القيادة الفنية لفريق توتنهام تحت 18 عاماً: «كانت تجمعنا علاقة نادرة، وأعلم جيدا أن لقائي ببرادلي لم يكن صدفة، لكنه حدث لسبب ما. لقد التقيت بأفراد عائلته، ويتمتعون بتواضع شديد. كل ما كنت أريده هو أن أرى برادلي باستمرار وأرسم البسمة على وجهه».

ويضيف: «في كرة القدم، يسعى الناس للتقرب منك، ويتعين عليك أن تكون حذراً، لكن فيما يتعلق ببرادلي، كان الحب حقيقياً. في الحقيقة، لم يسبق لي تجربة أي شيء مثل الطريقة التي كان ينظر بها إلي. لقد غيرني. والآن، آمل أن يكون فيلمي الجديد مصدر إلهام لأشخاص من خلفيات مماثلة، وأن يُظهر لهم أنهم قادرون على تحقيق طموحاتهم أيضاً».

لكن إذا كان لقاء برادلي يُمثل نقطة تحول في حياة ديفو، فقد كان اللاعب السابق يسعى منذ فترة طويلة لأن يثق في الناس وأن يتواصل معهم قدر الإمكان. يقول ديفو: «دائما ما أرى أنني شخص مختلف. لقد جئت من عائلة تحب الآخرين للغاية، وبها عدد كبير من النساء القويات. إنني محاط بالكثير من الحب، وأسعى دائما لأن أكون منفتحاً مع الآخرين، ويسعدني التحدث مع أي شخص».

ومن بين هؤلاء النساء القويات والدته، ساندرا، التي تعود جذورها إلى سانت لوسيا، والتي قامت بتربية ديفو من خلال التركيز على الأخلاق والعمل الجاد والاحترام والانضباط. وقد أدت رغبته في رد الجميل إلى إنشاء مؤسسته الخيرية قبل عقد من الزمن، والتي تساعد الشباب المشردين والمحرومين في منطقة البحر الكاريبي والمملكة المتحدة. ونتيجة لهذه الجهود الخيرية، حصل ديفو على وسام الإمبراطورية البريطانية في عام 2018.

لكن هذا لا يعني أن ديفو كان شخصا مثاليا أو متكاملا. ويقول عن ذلك: «كنت شاباً أعزب وأعيش حلم كرة القدم، ولم يكن هناك شيء قادر على إعدادك لما سيحدث لك بعد ذلك. لا يوجد شخص مثالي، وقد ارتكبت بعض الأخطاء. لكن من المروع أن يصفني البعض بأنني شخص خائن يتلاعب بالنساء. أحب أن أعتقد أنني شخص جيد، لذا لم يكن هذا الوصف لطيفا. إنني دائما ما أبدأ العلاقات على أمل أن تتطور وتصل لمرحلة ما، ولم يكن الأمر يتعلق أبداً بخداع الفتيات. لقد كان الأمر مؤلماً حقاً عندما كانت تنشر تفاصيل أي علاقة على صفحات الصحف، إذا لم تسر الأمور على ما يرام. في الواقع، كان الأمر بمثابة شكل من أشكال الانتقام».

والآن، يعيش ديفو علاقة جدية، ويقضي الكثير من وقت فراغه في الدراسة للحصول على الدورات المطلوبة في مجال التدريب، بالإضافة إلى درجة الماجستير في الإدارة الرياضية. يقول ديفو، الذي لا يزال على اتصال وثيق مع المديرين الفنيين السابقين، بما في ذلك مدربه السابق في توتنهام هاري ريدناب، والمدير الفني السابق لسندرلاند، جوس بوييه، وزميله السابق في بورنموث ومساعد المدير الفني الحالي لنيوكاسل، جيسون تيندال: «أحب أن أساعد اللاعبين الشباب على تقديم أفضل ما لديهم، لكنني أريد أن أكون مديرا فنيا للفريق الأول لأحد الأندية».

إن ندرة المدربين والمديرين الفنيين السود في كرة القدم الإنجليزية ـ ناهيك عن المناصب التنفيذية العليا في الأندية ـ تثير قلق ديفو، رغم امتلاكه مهارات رائعة فيما يتعلق بالتواصل. يقول ديفو: «أنا بالفعل أشعر بالقلق حيال ذلك. إنه أمر محبط حقا، لكنني متفائل بأنني سأحصل على فرصة. لقد حصل عدد لا بأس به من الأشخاص الذين لعبت معهم على فرص للعمل مدربين، لذا لا أرى سبباً لعدم حدوث ذلك معي أيضاً. لا يمكنك أن تعلم أبدا ما الذي يمكن أن يحدث في المستقبل، فقد أكون أول مدير فني أسود اللون للمنتخب الإنجليزي الأول».

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

«البريميرليغ»: بورنموث يقسو على اليونايتد بثلاثية في عقر داره

رياضة عالمية حسرة لاعبي مانشستر يونايتد عقب تلقيهم أحد الأهداف الثلاثة خلال مواجهة بورنموث (أ.ف.ب)

«البريميرليغ»: بورنموث يقسو على اليونايتد بثلاثية في عقر داره

وجه بورنموث ضربة موجعة لآمال مضيفه مانشستر يونايتد في النهوض من عثرته والتقدم لمراكز متقدمة ببطولة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ريكو لويس (أ.ب)

لويس مدافع سيتي: نمر بأوقات صعبة... علينا التماسك

طالب ريكو لويس، مدافع فريق مانشستر سيتي، زملاءه بالتماسك والوقوف جنباً إلى جنب بعد الهزيمة السادسة للفريق في بطولة الدوري الإنجليزي، هذا الموسم، أمام أستون فيلا

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية غاريث ساوثغيت (د.ب.أ)

ساوثغيت: كنت أعرف أني سأرحل عن تدريب إنجلترا قبل نهاية «اليورو»

كشف غاريث ساوثغيت، المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي لكرة القدم، عن أنه اتخذ قراره بالرحيل عن تدريب الفريق قبل نهاية بطولة أمم أوروبا (يورو 2024).

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية إيرلينغ هالاند (أ.ف.ب)

هالاند: نحن محبطون... ولكن علينا أن نستمر في العمل الجاد للعودة للانتصارات

حثَّ إيرلينغ هالاند، مهاجم مانشستر سيتي الإنجليزي، زملاءه بالفريق على الإيمان ببعضهم بعضاً، والاستمرار في العمل على أرض الملعب بعد الهزيمة 1 - 2 أمام أستون فيلا

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية ميكيل أرتيتا (رويترز)

أرتيتا: حققنا عدداً من المكاسب بالفوز على بالاس

يملك ميكيل أرتيتا، المدير الفني لفريق آرسنال الإنجليزي لكرة القدم، أسباباً عدة ليكون سعيداً بفوز فريقه على كريستال بالاس 5 - 1 أمس السبت.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد فوز أوسيك على فيوري مرة أخرى... ما الذي ينتظر ملاكمة الوزن الثقيل؟

مواجهة أوسيك وفيوري في الرياض طرحت كثيراً من الأسئلة (أ.ب)
مواجهة أوسيك وفيوري في الرياض طرحت كثيراً من الأسئلة (أ.ب)
TT

بعد فوز أوسيك على فيوري مرة أخرى... ما الذي ينتظر ملاكمة الوزن الثقيل؟

مواجهة أوسيك وفيوري في الرياض طرحت كثيراً من الأسئلة (أ.ب)
مواجهة أوسيك وفيوري في الرياض طرحت كثيراً من الأسئلة (أ.ب)

في ليلة لم تترك مجالاً للشك بشأن المكانة الرفيعة التي يتمتع بها أوليكسندر أوسيك في تاريخ الملاكمة، كان هناك سؤال واحد يتردد في هواء الرياض البارد: ما الذي ينتظرنا بعد ذلك؟

ليس فقط بالنسبة إلى الرجلين اللذين خاضا حتى الآن 24 جولة متقاربة من ملاكمة الوزن الثقيل عالية المستوى، بل وأيضاً بالنسبة إلى فئة الوزن الرئيسي في هذه الرياضة. إلى أين تتجه الأمور من هنا، بعد أن شهدت للتو مواجهتين متتاليتين بين أفضل رجلين فيها؟ عندما تقف على قمة جبل، هل هناك أي مكان آخر تذهب إليه سوى الأسفل؟

بدأت الرحلة إلى هذه النقطة في دوسلدورف قبل أكثر من 9 سنوات عندما هزم فيوري فلاديمير كليتشكو ليغير مسار تاريخ الوزن الثقيل.

حلبة «المملكة أرينا» التي احتضنت النزال التاريخي (أ.ب)

ووفق شبكة «The Athletic»، فقبل ليلة 28 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015، كان كليتشكو يحكم الفئة لنحو عقد من الزمن، حيث هيمن على المعارك بقوته وسرعته وقوته في الضربة القاضية. ولكن بحلول الوقت الذي واجه فيه فيوري، كانت هناك رغبة بين المشجعين لرؤية شيء ما يتغير. وقد نجح البريطاني في تحقيق ذلك، باستخدام قدرته على الحركة، وحركة الرأس، والضربات المتبادلة، للتغلب على بطل فشل في العثور على إيقاعه طوال معظم القتال.

غرد بطل العالم السابق للوزنين الثقيل والمتوسط، ​​ديفيد هايا، بعد رفع يد فيوري للنصر: «هذا هو أفضل شيء حدث لفئة الوزن الثقيل منذ سنوات».

سيشعر كثيرون بأن السنوات التسع التي مرت منذ ذلك الحين تثبت صحة رأي هايا. لقد رأينا الأحزمة تتغير من يد إلى أخرى مرات عدة، واستمتعنا بمعارك مثيرة وغير متوقعة، وشهدنا هزائم صادمة، مثل هزيمة أنتوني جوشوا على يد آندي رويز، وثلاثية ملحمية بين ديونتاي وايلدر وفيوري، وأيضاً ظهور أحد أعظم الملاكمين على الإطلاق في قدرة أوسيك على نقل هيمنته إلى فئة الوزن الثقيل.

نعم، كانت هناك أيضاً معارك كان من الممكن أن تحدث ولم تحدث (أو لم تحدث بعد، وفق الحالة)، مثل تلك التي بين جوشوا ووايلدر، والمواجهة البريطانية الخالصة بين جوشوا وفيوري، لكن قِلة من الناس قد يجادلون في أن السنوات التسع التي سبقت هزيمة كليتشكو كانت أكثر تسلية أو إثارة من السنوات التسع التي تلت هزيمة كليتشكو (على الرغم من وجود حجة مفادها بأن هذا الرأي ربما يعاقب كليتشكو لأنه ببساطة كان جيداً للغاية).

أوسيك يحمل حزام بطولة العالم بعد فوزه التاريخي على فيوري (د.ب.أ)

إن الفوز الثاني لأوسيك على فيوري في غضون 7 أشهر يترك شعوراً واضحاً بأن عصر ما بعد كليتشكو يقترب من نهايته. فيوري وأوسيك يبلغان من العمر 36 و37 عاماً على التوالي؛ ليسا كبيرين في السن من حيث فئة الوزن الثقيل، ولكنهما بالتأكيد أقرب إلى نهاية حياتهما المهنية من بدايتها. وعندما سئل في المؤتمر الصحافي الذي أعقب المباراة عما إذا كنا سنراه يقاتل مرة أخرى، قال فيوري الذي بدا عليه الانفعال: «قد تفعل ذلك. وقد لا تفعل ذلك. سنتحدث عن ذلك العام المقبل».

أما بالنسبة إلى أوسيك، فقد تصور كثيرون (أو ربما تمنوا) أن يدفعه الفوز الثاني على فيوري إلى التنزه في غروب الشمس، حاملاً لعبة «أيور» اللطيفة تحت ذراعه، والأحزمة على الذراع الأخرى. ولكن لا. فقد قال البطل لوسائل الإعلام في الساعات الأولى من صباح اليوم: «لديّ الإرادة والقوة للذهاب إلى أبعد من ذلك».

نزال البطلين في الرياض كان مثيرا للغاية (د.ب.أ)

في الواقع، قبل أن يغادر الحلبة، كان يواجه حرفياً احتمال ما قد يحدث بعد ذلك عندما دخل البريطاني دانييل دوبوا نحو الحبال «لمواجهته» والمطالبة بالانتقام للهزيمة التي تعرض لها أمام الأوكراني في أغسطس (آب) الماضي. أوقف أوسيك دوبوا في الجولة التاسعة تلك الليلة، لكن المتحدي البالغ من العمر 25 عاماً شعر بالظلم. أرسل أوسيك إلى الحلبة بضربة قوية على خط الحزام في الجولة الخامسة، لكن الحكم عدّها ضربة منخفضة غير قانونية، وسمح للأوكراني بنحو 4 دقائق للتعافي، وهو ما كان كافياً لمساعدته على البقاء حتى نهاية الجولة، وحتى إنهائها بقوة.

يمكن عدّ لحظة الجدل هذه (أو ربما «الخلاف» هي الكلمة الأفضل) كافية لبناء قصة حول مباراة العودة بين الاثنين، لكن كثيرين يعتقدون أيضاً أن أوسيك سيطر على تلك المعركة تقريباً في كل دقيقة من كل جولة، ويجادلون بأنه إذا التقى الاثنان مرة أخرى، فإن النتيجة ستكون أكثر إقناعاً لمصلحته.

هناك أيضاً عامل صغير (أو ليس صغيراً جداً) للقتال الذي حدده دوبوا ضد جوزيف باركر الذي عاد إلى الظهور في 22 فبراير (شباط) 2025، في الرياض، حيث سيكون «لقب العالم» من «الاتحاد الدولي للملاكمة» الذي انتزعه دوبوا بعد أن أهدره أوسيك. على الرغم من أن دوبوا حقق انتصارات رائعة ضد فيليب هرغوفيتش وجوشوا منذ هزيمته أمام أوسيك، فإن باركر بدا قوياً بالقدر نفسه في هزيمة وايلدر والصيني تشيلي «بيغ بانغ» تشانغ على مدار العام الماضي.

في مواجهة دوبوا في اللحظات التي أعقبت فوزه الليلة الماضية، بدا أوسيك في حيرة في البداية، ثم غير مبالٍ بالاقتراح: «لا مشكلة»؛ قال. وبدا منزعجاً من الاحتمال كما كان منزعجاً من استفزاز فيوري خلال مواجهتهما التي استمرت 11 دقيقة هذا الأسبوع.

وبالانتقال إلى تركي آل الشيخ؛ الشخصية الرائدة في المملكة العربية السعودية، الذي يعزز قوة مركز عالم الملاكمة والذي كان يجلس بجوار الحلبة، فقد دعاه أوسيك إلى «جعله يقاتل دانييل دوبوا».

في تلك اللحظة، بدا الأمر كأنه نوع من الانهيار. ربما كان ذلك قاسياً، ولكن ربما يكون هذا مؤشراً أيضاً على المستوى المرتفع للغاية الذي وصل إليه أوسيك. ففي ليلة السبت، هزم رجلاً أصغر منه بنحو سنتين، وأطول منه بنحو 6 بوصات، وأثقل منه بـ7 باوندات. وإذا كان فيوري لم يتمكن من تحقيق ذلك في ظل هذه المزايا، إلى جانب مستوى مماثل من ذكاء الملاكمة الذي يتمتع به أوسيك، فمن الصعب أن نرى دوبوا يتمكن من تحقيق نتيجة أفضل.

الآلاف تابعوا النزال التاريخي في الحلبة والملايين عبر الشاشات (رويترز)

ولكن إذا كان أوسيك عازماً على مواصلة القتال، فلا بد من أن يحاول شخص ما. فلماذا لا نترك الأمر لدوبوا، الذي بذل جهداً أفضل مما تصوره أغلب الناس في العام الماضي؟ سيبلغ أوسيك الثامنة والثلاثين من عمره في يناير (كانون الثاني) المقبل، ورغم أنه يعيش بوضوح حياة الرياضي المحترف ويبدو في أفضل حالاته أمام فيوري، فإن الزمن لا يُهزم، ولا يستطيع أي إنسان أن يفوز في هذه المعركة؛ حتى أوسيك. فهل سيلحق به قبل دوبوا (أو حتى باركر)؟ يبدو الأمر مستبعداً، ولكن ربما يكون هذا هو الخيط الوحيد الذي يجب التشبث به بينما ننظر إلى ما ينتظرنا في المستقبل.

بالنسبة إلى فيوري، يبدو أن المسار يقوده إلى طريق واحدة فقط (إذا اختار الاستمرار في القتال): القتال البريطاني الضخم مع جوشوا. عندما سُئل بعد القتال عن الخطوة التالية لفيوري، قال إيدي هيرن، مروج جوشوا، لقناة «آي فل تي في»: «هناك قتال واحد فقط... ليس الوقت المناسب لبدء إعلان القتال. أنت لا تعرف ماذا سيفعل فيوري. ربما لا يريد القتال مرة أخرى».

واستمر هيرن في التأكيد على أن فيوري قدم أداءً جيداً وأنه ليس «مقاتلاً مكتملاً» بأي حال من الأحوال، واستمر في إعلان القتال: «بالنسبة إليّ، القتال الوحيد الذي يجب خوضه هو (إيه جيه - فيوري)... ما يريده الجمهور هو إيه جيه ضد فيوري، هذا ما يريدونه دائماً، وحان الوقت لخوض هذا القتال».

يمكن القول إن «الوقت المناسب لخوض هذا القتال» كان في يونيو (حزيران) 2020، عندما فاز الرجلان بلقبَي العالم للوزن الثقيل وورد أنهما اتفقا على شروط صفقة تتضمن خوض قتالين. والآن، خسر كل منهما أمام أوسيك مرتين، كما عانى جوشوا من الهزيمة نفسها أمام دوبوا في سبتمبر (أيلول) من هذا العام. ويصدق هيرن حين يقول إن الرغبة في مواجهة اثنين من أفضل ملاكمي الوزن الثقيل في بريطانيا في السنوات الأخيرة ما زالت قائمة، ولكن مع التحذير بأن هذه المواجهة ستقام بعد فوات الأوان بـ5 سنوات؛ فهي النسخة البريطانية من فلويد مايويذر ضد ماني باكياو.

وبعيداً عن فيوري وأوسيك، فمن الصعب أن نتصور من سيكون المهيمن المقبل في الوزن الثقيل. ولكن ربما تكون هذه هي الحال دائماً في الرياضة عندما يبدو شخص ما (أو أكثر من شخص) متقدماً كثيراً عن بقية الملاكمين.

بعد أن هزم فيوري كليتشكو، دخل في حالة من الاكتئاب، وزاد وزنه، وكافح تعاطي الكحول. في عام 2016، تلقى أيضاً تعليقاً من هيئة مكافحة المنشطات في المملكة المتحدة بعد إعادة عينة تحتوي على مستويات مرتفعة من مستقلبات الناندرولون في فبراير 2015.

لقد نفى فيوري دائماً ارتكاب أي مخالفات، مدعياً أنه تناول المادة عن طريق تناول لحم خنزير بري. لم يكن الأمر كذلك حقاً حتى فبراير 2020، عندما أوقف وايلدر للمطالبة بلقب «دبليو بي سي»، حيث أثبت مكانته في صدارة القائمة. في غضون ذلك، قدم جوشوا ادعاء قوياً بأنه المهيمن على الوزن الثقيل، لكن هزيمته المفاجئة أمام رويز في عام 2019 أضرت به بشكل كبير.

أولكسندر أويسك جدد فوزه على فيوري واحتفظ بلقب بطل العالم (د.ب.أ)

عندما ننظر إلى المستقبل، يمكننا أن نرى أمثال دوبوا يتنافسون مع الألماني أجيت كابايل (الذي هزم الكوبي فرنك سانشيز بالوزن الثقيل في آخر مرة)، ومارتن باكول (الذي هزم الأميركي الواعد غاريد آندرسون بشكل مثير للإعجاب في أغسطس)، والأوزبكي الموهوب بخدير جالولوف (الذي ابتعد عن الملاكمة الاحترافية ليفوز بالميدالية الذهبية الأولمبية الثانية في باريس هذا الصيف)، وربما حتى موزيس إيتوما، الذي سيبلغ العشرين من عمره الأسبوع المقبل وتغلب على الأسترالي ديمسي ماكين بالضربة القاضية في غضون دقيقتين من مباراتهما في الرياض خلال المواجهة التمهيدية لمباراة أوسيك ضد فيوري. كان من المفترض أن تكون هذه معركة تصعيدية للبريطاني صاحب التصنيف العالي، لكن المروج فرنك وارين سيضطر إلى إيجاد خطوة أكبر بكثير لتحدي مقاتل يبدو أنه يتمتع بإمكانات هائلة بوصفه بطلاً عالمياً في المستقبل.

لا يمثل أي من هذه الأسماء النوع من المعارك الضخمة التي تضاهي أوسيك ضد فيوري أو حتى فيوري ضد جوشوا، ولكن ربما يتعين علينا أن نقبل بأننا على وشك الدخول في عصر أقل شهرة بفئة الوزن الثقيل. تسير الرياضة في دورات، ونحن نخرج من عصر قدّم بعض المعارك الرائعة في الحدث الأكبر شهرة على الإطلاق.

سوف يستغرق العصر المقبل بعض الوقت ليتطور ويشكل تحدياً كبيراً لجميع الأسماء المذكورة أعلاه لمضاهاة ما رأيناه في السنوات الأخيرة. في الوقت الحاضر، من الصعب أن نرى ذلك يحدث، أو من يقوده بنوع الشخصية والذكاء الفائق والمهارة التي رأيناها من أمثال أوسيك وفيوري، ولكن مع بقاء الأوكراني في الوقت الحالي، وربما فيوري يفعل الشيء نفسه، فإنه لا يزال هناك وقت أمام الدفعة التالية لتظهر. ومع ذلك؛ فإن الوقت يمضي بسرعة.