فوز كوت ديفوار بكأس الأمم الأفريقية يثبت أن النجاح أحياناً لا يتطلب التخطيط

المنتخب المضيف عانى في دور المجموعات وتأهل إلى دور الـ16 بأعجوبة

لاعبو كوت ديفوار يرفعون كأس الأمم الأفريقية في بطولة شهدت كثيراً من اللامعقول (أ.ب)
لاعبو كوت ديفوار يرفعون كأس الأمم الأفريقية في بطولة شهدت كثيراً من اللامعقول (أ.ب)
TT

فوز كوت ديفوار بكأس الأمم الأفريقية يثبت أن النجاح أحياناً لا يتطلب التخطيط

لاعبو كوت ديفوار يرفعون كأس الأمم الأفريقية في بطولة شهدت كثيراً من اللامعقول (أ.ب)
لاعبو كوت ديفوار يرفعون كأس الأمم الأفريقية في بطولة شهدت كثيراً من اللامعقول (أ.ب)

كانت تلك أكبر هزيمة يتعرض لها بلد مضيف لبطولة كأس الأمم الأفريقية على الإطلاق، فقد انهارت كوت ديفوار تماماً في الشوط الثاني من مباراتها الأخيرة بدور المجموعات أمام غينيا الاستوائية. ولو كان منتخب كوت ديفوار قد خرج بهزيمة بهدف أو هدفين، من المحتمل أن ذلك كان سيكفي لصعوده، لكن الهزيمة جاءت مدوية وواصل إيميليو إنسوي إحراز الأهداف. وانتهت المباراة بنتيجة 4 - 0، لتمثل أكبر هزيمة لأي دولة مضيفة لبطولة كبرى منذ هزيمة البرازيل أمام ألمانيا بـ7 أهداف مقابل هدف واحد في نصف نهائي كأس العالم 2014، ما جعل ترقي كوت ديفوار إلى الدور التالي غير محتمل.

وحملت الأسابيع الثلاثة الماضية قصة الفترة التي تلت ذلك. بعد الهزيمة، وقعت بعض أعمال الشغب البسيطة، وأضرمت النار في سيارات ومتاجر. وأقيل الفرنسي جان لوي جاسيت، 70 عاماً، من مهمة تدريب كوت ديفوار. وفي عيد ميلاده الأربعين، جرى تعيين لاعب خط وسط نادي ريدينغ السابق، إيميرس فاييه، الذي لم يعمل مديراً فنياً من قبل. ولم تكن لديه أي فكرة عما إذا كان لديه أي مباريات ليتولى المسؤولية عنها. أما المفاجأة فكانت تعرض شباك غانا لهدفين في الوقت المحتسب بدل الضائع أمام موزمبيق، وخسارة زامبيا أمام المغرب، لتتأهل كوت ديفوار إلى دور الـ16 بصورة لا يمكن وصفها بأنها جاءت من الباب الخلفي، وإنما عبر التسلق على شجرة والدخول عبر نافذة دورة المياه!

وفي الوقت الذي كانت البلاد تمزح حول فريقها العائد من الموت، أشرف فاييه بعد ذلك على سلسلة من النجاحات غير المحتملة، بلغت ذروتها في الفوز بنتيجة 2 - 1 أمام نيجيريا في نهائي البطولة. وجاء هدف الفوز من جانب سيباستيان هالر، الذي جرى تشخيصه قبل 18 شهراً بالإصابة بسرطان الخصية. من جانبي، كنت في غينيا الاستوائية والجابون لحضور انتصار زامبيا المشحون بالمشاعر عام 2012، الحدث الأكثر إثارة على الإطلاق.

إلا أن هناك نقطة أوسع نطاقاً: إذا كان من الممكن الفوز بالبطولات في خضم مثل هذه الفوضى، فلنكن صادقين، الفوز وسط هذه الفوضى أكثر متعة، فما الفائدة من الاستعداد؟ وفي الوقت الذي تتوجه إنجلترا إلى ألمانيا في الصيف، سعياً لإنهاء 58 عاماً من الألم، فإنها تفعل ذلك تحت قيادة مدرب تكنوقراطي، غاريث ساوثغيت، الذي يؤمن بقوة بأهمية البحث الدؤوب. تبعاً للمبدأ الذي أرسته كوت ديفوار، سيكون من الأفضل إقصاء ساوثغيت بعد انتهاء دور المجموعات، وتسليم المهمة للاعب سابق ليس لديه خبرة في التدريب (دارين بينت الذي بلغ لتوه 40 عاماً)، وإدخال تغييرات على التشكيل... أربعة أو خمسة لاعبين، والأمل في نيل حظ عجيب يدفع بنا إلى الفوز.

في الواقع، هذه ببساطة طبيعة كرة القدم؛ فإحدى أروع سماتها أن الصدفة تلعب دوراً مهماً فيها، وهو ما أربك المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا باستمرار في مشاركاته ببطولة دوري أبطال أوروبا. وعلى امتداد فترة طويلة، ركز السرد الأساسي حول مشاركاته بالبطولة على صراعه المستمر في مواجهة القدر، ومحاولاته المستميتة فرض صورة من صور النظام على الطبيعة الفوضوية لكرة القدم. خلال مواسم الدوري، وعلى مدى 38 مباراة، عادةً ما يكون الفوز من نصيب الفريق الأفضل. في المقابل، فإنه على مدار سبع مباريات بالبطولة، ومبدأ خروج المهزوم وإمكانية لعب ركلات ترجيح، يلعب الحظ والثقة والأداء والزخم دوراً هائلاً.

جماهير كوت ديفوار وفرحة فوز بلادهم بكأس الأمم الأفريقية (رويترز)

ولذلك، فإن تلك الادعاءات التي عادة ما تسبق انطلاق البطولات من عينة أن «أي شيء دون دور نصف النهائي» سيكون بمثابة فشل، تخلو من المنطق تماماً. يمكن لفريق أن يلعب ببراعة في دور المجموعات، ويخسر بسبب سوء الحظ أمام فريق كبير في دور الـ16 في مباراة قدم فيها أداءً جيداً، لكن أحبطه نهاية الأمر حارس مرمى أو تحكيم سيئ أو كرة مرتدة أو فريق بارع آخر يلعب بشكل جيد.

على سبيل المثال، كان أداء منتخب إنجلترا في بطولة كأس العالم عام 1998 أفضل بكثير، عندما خرج من دور الـ16، مقارنة بعام 2006 عندما خرج من دور الثمانية. ومع ذلك، فإن هذا لا يعني أن البلدان لا ينبغي لها أن تستعد. من جهتها، أقرت إنجلترا بعض الخطط الهادفة إلى الارتقاء بأداء اللاعبين ما بين عامي 2011 و2014. وكان ساوثغيت، عندما كان مدرباً لفريق تحت 21 عاماً في ذلك الوقت، شخصية رئيسية في هذا الأمر. وحقق الأمر نجاحاً واضحاً، فقد تحسن سجل إنجلترا في كرة القدم للشباب بشكل كبير، وأصبح لدى ساوثغيت الآن أسطول من اللاعبين المهاجمين الشباب الموهوبين فنياً للاستعانة بهم.

والنتيجة أن إنجلترا، بعد أن أمضت سنوات في التحدث عن نفسها بفضل قدرات لاعب أو اثنين من اللاعبين البارعين، والتاريخ والروح القتالية الفطرية، أصبحت الآن تشارك في البطولات بوصفها من ضمن ستة مرشحين حقيقيين. على الجانب الآخر، من المحتمل أن فرنسا وحدها التي ستذهب إلى اليورو بتشكيلة أفضل. وبوجه عام، كلما كان فريقك أفضل، جاء استعدادك أفضل، وكانت فرصك أفضل. ومع ذلك، تبقى بحاجة إلى شرارة من مكان ما، بمعنى شيء يمنح الفريق إحساساً بمصيره. وبعض الأحيان، كما يكشف مثال كوت ديفوار، تتسم كرة القدم بانعدام المنطقية لدرجة أن هذه الشرارة تصبح الهزيمة بنتيجة 4 - 0. في الواقع، لا تخلو كرة من القدم من الجنون.

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

«أبطال أفريقيا»: فوزان كبيران للأهلي وبيراميدز

رياضة عربية جماهير الأهلي استمتعت بفوز كبير لفريقها على ستاد أبيدجان (أ.ف.ب)

«أبطال أفريقيا»: فوزان كبيران للأهلي وبيراميدز

حقق فريقا الأهلي وبيراميدز المصريان فوزين كبيرين في بداية مشوارهما بمرحلة المجموعات لدوري أبطال أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
رياضة عربية الوصل هزم الشرطة بثلاثية وتقدم في الترتيب (نادي الوصل)

«النخبة الآسيوية»: الوصل يعود لسكة الانتصارات أمام الشرطة

عاد الوصل بطل الإمارات إلى سكة الانتصارات بفوزه 3-1 على مضيفه الشرطة العراقي في دوري أبطال آسيا للنخبة.

«الشرق الأوسط» (البصرة)
رياضة عربية منتخب مصر للشباب تأهل لنهائيات كاس الأمم الأفريقية تحت 20 عاماً (منتخب مصر)

مصر تهزم تونس وترافق المغرب إلى كأس أفريقيا للشباب

تأهل منتخب مصر للشباب بقيادة البرازيلي روجيريو ميكالي إلى نهائيات كأس الأمم الأفريقية تحت 20 عاما بعد فوزه 1-صفر على نظيره التونسي.

«الشرق الأوسط» (الإسماعيلية)
رياضة عالمية نيكولاس جاكسون يتألق مع تشيلسي في البريميرليغ (رويترز)

جاكسون المتألق يبرر ثقة تشيلسي فيه

البداية المذهلة لنيكولاس جاكسون في موسمه الثاني بالدوري الإنجليزي تشير إلى أن الحل كان موجوداً في ستامفورد بريدج.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية تياغو النجل الأكبر للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي (د.ب.أ)

نجل ميسي الأكبر يخسر مباراة أمام النادي القديم للنجم الأرجنتيني

لعب تياغو، النجل الأكبر للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي مباراة ضد النادي القديم للاعب إنتر ميامي الأميركي الحالي.

«الشرق الأوسط» (بيونس آيرس)

قاضٍ يوناني يستدعي رئيس أولمبياكوس في قضية عنف رياضي

إيفانجيلوس ماريناكيس رئيس نادي أولمبياكوس (الشرق الأوسط)
إيفانجيلوس ماريناكيس رئيس نادي أولمبياكوس (الشرق الأوسط)
TT

قاضٍ يوناني يستدعي رئيس أولمبياكوس في قضية عنف رياضي

إيفانجيلوس ماريناكيس رئيس نادي أولمبياكوس (الشرق الأوسط)
إيفانجيلوس ماريناكيس رئيس نادي أولمبياكوس (الشرق الأوسط)

قرر قاضٍ يوناني استدعاء إيفانجيلوس ماريناكيس رئيس نادي أولمبياكوس لكرة القدم و4 أعضاء من مجلس الإدارة، الثلاثاء، للرد على جنح موجهة لهم بوصفها جزءاً من التحقيق في أحداث عنف رياضي.

ووفقاً لوكالة «رويترز»، ينفي ماريناكيس، قطب صناعة الشحن والإعلام، والذي يملك أيضاً نادي نوتنغهام فورست المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز، وأعضاء مجلس الإدارة ارتكاب أي مخالفات.

ويتكون النظام القضائي اليوناني من درجات أولية عدة، ولا يعني تراكم التهم أن الفرد سيواجه محاكمة.

وقال محاميان، الثلاثاء: «إن المتهمين سيردون رسمياً على الاتهامات بشأن دعم منظمة إجرامية مرتبطة بمشجعي أولمبياكوس والتحريض على العنف الرياضي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل».

وقال فاسيليس ديماكوبولوس محامي ماريناكيس لـ«رويترز»: «إنهم أبرياء تماماً. التقديرات التي تشير إلى أنهم ارتكبوا هذه الأفعال لا أساس له من الصحة، وسيجري إثباته في الوقت المناسب، إما من قبل المجلس (القضائي) وإما من المحكمة».

بدوره، نفى نائب رئيس نادي أولمبياكوس ورئيس بلدية بيرايوس يونيس موراليس، الذي استدعي أيضاً، ارتكاب أي مخالفات في منشور على «فيسبوك» في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، ووصف فيه طبيعة «المعاملة التمييزية» ضد النادي الرياضي.

وبموجب القانون اليوناني، لا يجوز لسلطات المحكمة التعليق على القضية.

وشهدت الرياضة اليونانية حوادث عنف داخل وخارج الملعب في السنوات الأخيرة، وتعهدت السلطات مراراً وتكراراً بالقضاء على الشغب.

وبدأت السلطات التحقيق بعد مقتل أحد ضباط مكافحة الشغب بسبب ألعاب نارية في اشتباكات مع مجموعة من مشجعي أولمبياكوس خارج مباراة للكرة الطائرة في ديسمبر 2023.

وألقت الشرطة القبض على عشرات الأشخاص من أبريل (نيسان) الماضي، معظمهم من مشجعي أولمبياكوس، بتهمة الانتماء إلى منظمة إجرامية مزعومة لها صلات بالعنف الرياضي.

وقال محاموهم: «إنهم نفوا الاتهامات، كما فعل أولمبياكوس».

وكان قد قال النادي في بيان، الأسبوع الماضي: «إن رئيس نادي أولمبياكوس وعائلة النادي لديهم ضمير مرتاح، ولن يخضعوا للابتزاز».