«لا تخف إلا من رجل عاد من الموت»... جملة لعلها تنطبق على مشوار منتخب كوت ديفوار في بطولة كأس الأمم الأفريقية التي تستضيفها بلاده هذه الأيام، فالفريق البرتقالي كان قاب قوسين أو أدنى من مغادرة البطولة من دورها الأول، بعد أن اكتفى بثلاث نقاط فقط بالفوز على غينيا والهزيمة من نيجيريا وغينيا الاستوائية برباعية مذلة، لينتظر حتى آخر أيام دور المجموعات ليخطف آخر بطاقات التأهل لدور الـ16.
والملفت في الأمر أن الفريق وبعد الهزيمة الكبيرة من غينيا الاستوائية، بدا أنه متأكد من مغادرة البطولة، فأطاح بمدربه الفرنسي جان لويس غاسكيه، وقرر الاستعانة بمدرب المنتخب الأوليمبي ايمريس فاي مدرباً مؤقتاً، ليتفاجأ الجميع بتأهل كوت ديفوار لثمن النهائي، بعدما تردد أن الاتحاد الإيفواري قد طلب الاستعانة بمدرب منتخب فرنسا للسيدات، هيرفي رينار، مدرباً مؤقتاً حتى نهاية البطولة، وهو الأمر الذي لم يتم، ليستقر الاختيار عند فاي.
ونتذكر هنا واقعة غريبة ربما كان لها اليد الكبرى في تأهل كوت ديفوار، وذلك عندما أخطأ حارس غانا الكرة لتخرج ركلة ركنية لموزمبيق في آخر مباريات الفريقين بدور المجموعات، وهي الضربة الركنية التي جاء منها هدف التعادل القاتل لموزمبيق، وأدى لاستقرار غانا عند نقطتين وتوديعها للبطولة لمصلحة كوت ديفوار ذات الثلاث نقاط.
وفي دور الـ16، وبينما كانت كل الترشيحات تصب لمصلحة السنغال حامل اللقب، انتفض المنتخب الإيفواري وخطف التعادل لتذهب المباراة لركلات الترجيح التي ابتسمت من قبل للسنغال مرتين متتاليتين أمام مصر في نهائي البطولة الماضية، وفي مباراة حسم الصعود لمونديال قطر، إلا أنها هذه المرت أدارت ظهرها لأسود التيرانغا، معلنة صعود الأفيال لربع النهائي.
وفي دور الثمانية كانت ملحمة جديدة لأصحاب الأرض، حيث طرد أحد لاعبي كوت ديفوار في الشوط الأول، ومن ثم تقدم منتخب مالي بالهدف الأول، ورغم النقص العددي استطاع الإيفواريون التعادل في الوقت بدل الضائع من الشوط الثاني، لتذهب المباراة لأوقات إضافية كان من المفترض أن تكون صعبة عليهم نظرا للنقص العددي، وهو ما تغلب عليه الفريق وسط تشجيع جماهيره الحاشدة، ليحرز عمر دياكيتيه هدف الفوز القاتل في الوقت بدل الضائع مرة أخرى ولكن من الشوط الرابع.
وجاءت مباراة الدور نصف النهائي ضد الكونغو الديمقراطية ليحسمها أفيال كوت ديفوار بثبات بهدف النجم سيباستيان هالر، ويحجز الأفيال مقعدهم في المباراة النهائية ضد منتخب نيجيريا الذي التقوه سابقاً في دور المجموعات، ولكن هذه المرة في مواجهة خارج كل الحسابات، فهل يفعلها أصحاب الأرض ويتوجوا بلقبهم الثالث تاريخيا بعد نسختي 1992 و201.