هل ينقذ نوتنغهام فورست مسيرة جيوفاني رينا الكروية؟

بعدما وجد صعوبة لضمان المشاركة مع دورتموند جاءته الفرصة للعب في الدوري الإنجليزي الممتاز ولو على سبيل الإعارة

رينا من دورتموند الى فورست من إجل إحياء مسيرته (غيتي)
رينا من دورتموند الى فورست من إجل إحياء مسيرته (غيتي)
TT

هل ينقذ نوتنغهام فورست مسيرة جيوفاني رينا الكروية؟

رينا من دورتموند الى فورست من إجل إحياء مسيرته (غيتي)
رينا من دورتموند الى فورست من إجل إحياء مسيرته (غيتي)

يحتاج جيوفاني رينا للمشاركة في اللعب، وقد تحولت مشكلة قلة مشاركاته في المباريات إلى قضية حاسمة في مسيرة اللاعب الشاب الأميركي. بسبب سلسلة من الإصابات، أعقبها خلاف حاد بين أسرته ومدربه حول مشاركته ببطولة كأس العالم 2022، إلى تعطيل تطوره بصفته واحداً من أكثر المواهب الشابة إثارة للاهتمام التي أنتجتها الولايات المتحدة على الإطلاق.

هذا الموسم، لم يكن رينا مفضلاً داخل بوروسيا دورتموند، لكن انتقاله على سبيل الإعارة إلى الدوري الإنجليزي الممتاز يمكن أن يساعده في بث الحياة في مسيرته من جديد.

من جهته، منح نوتنغهام فورست لرينا فرصة لإعادة مسيرته المهنية إلى المسار الصحيح، وعلى اللاعب تحقيق أقصى استفادة منها. ومن المقرر أن يشارك اللاعب البالغ 21 عاماً على سبيل الإعارة في صفوف نوتنغهام فورست حتى نهاية الموسم. ويمكن أن تنجح الأشهر القليلة المقبلة في تغيير مسار رينا على نحو كبير. وتعد هذه فرصة كبيرة أمام اللاعب الشاب للتعويض عن الوقت الضائع بمسيرته حتى الآن.

جدير بالذكر أنه منذ موسم 2020-2021، لم يشارك رينا على مدار موسم كامل، وذلك لأن الإصابات حرمته من المشاركة على امتداد موسمين كاملين تقريباً. ومع ذلك، كان رينا لائقاً بشكل عام ومتاحاً للمشاركة منذ الصيف الماضي. ورغم ذلك، بدأ مباراة واحدة فقط في الدوري الألماني خلال ذلك الوقت. من جهته، تحلى مدرب بوروسيا دورتموند، إدين ترزيتش، بحذر مفهوم تجاه عدم استعجال عودة رينا من الإصابة، إلا أن اللاعب تحول منذ ذلك الوقت إلى عنصر غير مفيد، ولم يكن لدى النادي خطة لتطويره.

يذكر أنه منذ وقت ليس ببعيد، كان ينظر إلى رينا على نطاق واسع بوصفه الطفل المعجزة القادم إلى بوروسيا دورتموند. وجاءت أول مشاركة له في الدوري الألماني عندما كان عمره 17 عاماً و66 يوماً فقط، متفوقاً بذلك على الرقم القياسي المسجل باسم كريستيان بوليسيتش ليصبح أصغر أميركي على الإطلاق يشارك في الدوري الألماني الممتاز. كان رينا شخصية رئيسية في الفريق خلال سنوات المراهقة. وافترض الكثيرون أنه سيستغل النادي كبداية نحو الانطلاق لأفاق أرحب مثلما فعل الكثيرون من قبله.

رينا بقميص منتخب الولايات المتحدة (غيتي)

كانت هناك رمزية متعمدة وراء قرار دورتموند تسليم رينا القميص رقم 7 بعد انتقال جادون سانشو إلى مانشستر يونايتد مقابل 73 مليون جنيه إسترليني. ومع ذلك، في مرحلة ما لاحقة، فقد النادي المشارك بالدوري الألماني الممتاز الثقة فيه. ولم يغامر ترزيتش بمنح رينا فرصة بالفريق هذا الموسم، بل اختار عدم القيام بذلك، لذا لم يعد أمام اللاعب سوى خيار الرحيل.

من ناحية أخرى، فإن الانتقال إلى نوتنغهام فورست - حتى ولو على سبيل الإعارة - أمر محفوف بالمخاطر، بالنظر إلى أن سجل الدوري الإنجليزي الممتاز مع الأميركيين لم يكن جيداً خلال الفترة الأخيرة (انظر إلى تايلر آدامز وويستون ماكيني الموسم الماضي). ومع ذلك، ربما يكون هناك جانب إيجابي هائل لهذه الخطوة بالذات.

إذا حقق رينا النجاح بأقوى دوري في أوروبا، فمن المحتمل أن ينجح في أي مكان آخر، وبذلك سيستعيد سمعته كموهوب واعد بعالم كرة القدم.

المؤكد أن الظروف داخل نوتنغهام فورست ستكون صعبة، خاصة في ظل اتهام النادي بانتهاك قواعد اللعب المالي النظيف في الدوري الإنجليزي الممتاز، وربما يتعرض لخصم من نقاطه. وحال تعرض النادي لعقاب خصم 10 نقاط كما حدث مع إيفرتون بسبب مخالفات مشابهة، فإنه سيواجه خطر الهبوط.

يعدُّ رينا اللاعب رقم 42 الذي يوقع مع نوتنغهام فورست خلال مواسم الانتقالات الأربع الأخيرة، في وقت ما يزال المدير الفني البرتغالي نونو إسبيريتو سانتو يسعى للاستقرار بعد أن حل محل ستيف كوبر في ديسمبر (كانون الأول). وربما يتعين على رينا النضال من أجل ضمان المشاركة في مثل هذه البيئة المتقلبة. بالتأكيد لن يكون الأمر سهلاً على رينا في ظل أن خط هجوم نوتنغهام فورست أفضل مما يوحي به المركز السادس عشر المتواضع الذي يحتله في جدول الدوري الإنجليزي الممتاز. ويتمتع الجناحان أنتوني إيلانغا وكالوم هدسون أودوي بحالة جيدة. وطبقاً لموقع «أندرستات»، يأتي إيلانغا بالمرتبة الثانية على مستوى الدوري على مقياس «إكس جي تشين»، المعني بالتأثير الإبداعي للاعب، منذ أن حل نونو محل كوبر. ويحتل هدسون أودوي المركز الـ19، مما يشكل عائداً ليس بالسيئ فيما يخص فريق يحتل المركز الثالث من الأسفل بجدول «الأهداف المتوقعة» عبر الموسم.

الأهم عن ذلك، أن مورغان غيبس وايت يعمل بمثابة المحور الإبداعي للنادي. كما أنه يشارك في المركز المفضل لدى رينا - رقم 10 ـ حيث يتمركز خلف رأس الحربة.

كان دورتموند يدفع برينا للعب دور أوسع، حيث كان يرى أنه يكون في أفضل حالاته كلاعب وسط حر. وبالنظر إلى المنافسة القائمة، لذا سيتعين على الوافد الجديد أن يسعى لضمان مكان أساسي مع فورست.

بجانب ذلك، سيتعين على رينا أن يعدل أسلوب لعبه الطبيعي، بالنظر إلى أن نوتنغهام فورست تحت قيادة نونو يلعب بأسلوب الهجوم المضاد على نحو أكبر مما اعتاد عليه اللاعب الأميركي في دورتموند. وتكشف الأرقام أنه فقط شيفيلد يونايتد ولوتون وإيفرتون حققوا متوسط حصة أقل من الاستحواذ في المباراة الواحدة مقارنة بنوتنغهام فورست هذا الموسم. ومع ذلك، إذا كان رينا موهوباً كما يسود الاعتقاد، فإنه بالتأكيد سيجد طريقة للضغط على الفريق وإحداث تأثير ملموس.

بالطبع، يعتمد الكثير على ما إذا كانت لياقة رينا ستصمد. وإذا تمكن من المشاركة في سلسلة من المباريات، فمن المؤكد أن أداءه سيتطور. جدير بالذكر أن مستواه المثير للإعجاب بعد مشاركته بكأس العالم مع المنتخب الأميركي جاء بمثابة تذكير للجميع بمدى براعته، حيث كان أقرب إلى محرك جبار.

ربما يشعر بعض مشجعي المنتخب الأميركي بخيبة أمل، لأن رينا انتهى به الأمر في هذا المستوى الضئيل من سلم الدوري الإنجليزي الممتاز، بعدما كان يُنظر إلى أمثال ليفربول ومانشستر سيتي (الذي لعب بصفوفه والده جيو كلاوديو رينا) باعتبارهم وجهات محتملة له. وحتى هذا الشهر، ظهرت شائعات حول مساعي من جانب أستون فيلا، الذي يكافح لاحتلال المركز الرابع بالدوري، لضم رينا.

قد يكون رينا هو الأكثر موهبة على الإطلاق على مستوى الولايات المتحدة، لكن ذلك لا يلقى تقديراً كبيراً إلا إذا كان يلعب مع أندية النخبة. اليوم، رينا في نوتنغهام فورست، وليس في ليفربول أو مانشستر سيتي، لأن هناك الكثير من علامات الاستفهام حوله... فهل يمكنه الحفاظ على لياقته وإظهار موهبته التي سبق وجذبت الأندية الكبرى نحوه؟ هذا ما ستجيب عنه الأشهر المقبلة في مسيرة رينا.

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

الدوري الإنجليزي: أرسنال يستعيد الوصافة بهدف هافيرتز  

رياضة عالمية هافيرتز محتفلا بهدفه في مرمى  إيبسويتش تاون (د.ب.أ)

الدوري الإنجليزي: أرسنال يستعيد الوصافة بهدف هافيرتز  

واصل أرسنال صحوته وحقق فوزه الثاني تواليا بعد تعادلين متتاليين عندما تغلب على ضيفه إيبسويتش تاون 1-0 الجمعة في ختام المرحلة الـ18 من الدوري الانجليزي.

«الشرق الأوسط» (لندن )
رياضة عالمية محمد صلاح يحتفل بهدفه في إيفرتون (د.ب.أ)

محمد صلاح: نحلم بلقب «البريميرليغ»… وفخور بإنجاز الـ100 هدف

أبدى النجم الدولي المصري محمد صلاح، سعادته بفوز فريقه ليفربول الثمين على ضيفه ليستر سيتي، معرباً في الوقت ذاته عن فخره بتسجيله 100 هدف.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية جولينتون لاعب نيوكاسل يحتفل بهدفه في شباك أستون فيلا (رويترز)

الدوري الإنجليزي: تشيلسي يفرّط... ونيوكاسل ينتصر... والسيتي يعاني

تلقت آمال تشيلسي في المنافسة على صدارة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم ضربة موجعة خلال لقائه مع ضيفه فولهام.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فريق السيتي عانى كثيراً بسبب الإصابات وانخفاض أداء كثير من اللاعبين (رويترز)

ما الصفقات المحتملة لمانشستر سيتي في «الميركاتو الشتوي»؟

لطالما كانت فترة الانتقالات في يناير (كانون الثاني) من كل عام هادئة بالنسبة إلى مانشستر سيتي، حيث كان إيميريك لابورت آخر لاعب جرى التعاقد معه في الشتاء

ذي أثليتك (مانشستر (إنجلترا))
رياضة عالمية أموريم يوجه لاعبيه خلال مباراة وولفرهامبتون (رويترز)

مدرب مانشستر يونايتد: نعيش لحظات صعبة!

قال البرتغالي روبن أموريم المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد إنه لا مجال للتراخي بعد خسارة الفريق أمام وولفرهامبتون 2/0.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نافاس في حديث الوداع: أكبر معاركي كانت أمام روبرتو كارلوس

الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)
الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)
TT

نافاس في حديث الوداع: أكبر معاركي كانت أمام روبرتو كارلوس

الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)
الحالة الصحية أجبرت اللاعب المخضرم على إنهاء مسيرته (أ.ب)

بعد الساعة التاسعة صباحاً بقليل في مونتيكوينتو بإشبيلية، وصل خيسوس نافاس إلى ملعب تدريبات نادي إشبيلية الذي يحمل اسمه تقديرا لمسيرته الاستثنائية مع الفريق، وصعد المنحدر الصغير في ضوء الشمس، وصالة الألعاب الرياضية على يساره وملعب التدريب على يمينه.

كان نافاس أول من وصل إلى ملعب التدريب، وهو الشيء الذي لن يحدث بعد ذلك بعدما أعلن النجم الإسباني المخضرم اعتزاله كرة القدم.

لم يكن المدرج الذي يحمل اسمه موجودا عندما ظهر نافاس لأول مرة بقميص إشبيلية قبل ربع قرن من الزمان. بل لم يكن معظم كل هذا موجوداً؛ ولم تكن الكؤوس التي حصدها الفريق على ملعب رامون سانشيز بيزخوان، على بُعد ثلاثة أميال إلى الشمال، موجودة أيضا. لقد تغير كل شيء، باستثناء نافاس، الذي يقول: «ما زلت نفس الشخص الذي جاء إلى هذا النادي في اليوم الأول له هنا».

في ذلك اليوم، كان نافاس فتى نحيفا وخجولا يبلغ من العمر 15 عاماً، قادما من لوس بالاسيوس، على بُعد 15 دقيقة إلى الجنوب. كان ذلك في عام 2000، وكان يأتي كل صباح تقريباً منذ ذلك الحين، باستثناء أربعة مواسم لعبها مع مانشستر سيتي واستمتع بها أكثر مما قد يتخيل كثيرون.

لاعبو إشبيلية يودعون قائدهم (رويترز)

لا يزال نافاس قصيراً ونحيفاً، حيث يصل طوله إلى 1.7 متر ووزنه إلى 67 كغم، ولا يزال هادئاً، وليس لديه أي رغبة في الأضواء، ولا يزال يتحلى بالتواضع الشديد رغم كل ما حققه خلال مسيرته الكروية الحافلة، ورغم أنه أعظم لاعب كرة قدم على الإطلاق هنا في نادي إشبيلية.

يُعد نافاس اللاعب الأكثر تتويجاً في المنتخب الإسباني، كما يعد اللاعب الأكثر أهمية في تاريخ نادي إشبيلية الممتد لـ 119 عاماً، ورمزا لنجاح أكاديمية النادي للناشئين.

لعب نافاس 393 مباراة مع إشبيلية، وهو رقم قياسي في تاريخ النادي، ورحل لأن النادي كان بحاجة لذلك، وعاد مجددا ولعب 311 مباراة أخرى.

ولعب نافاس مباراته الأخيرة يوم الأحد على ملعب «سانتياغو برنابيو»، والتي كانت المباراة رقم 982 في مسيرته الاحترافية، بعمر 39 عاماً.

وفي صباح يوم الاثنين، لم يعد نافاس إلى مونتيكوينتو. يقول النجم الإسباني وهو جالس في المنطقة المخصصة للاعبين، والتي لم تكن قد بُنيت في ذلك الوقت أيضاً: «الأمر صعب للغاية بالنسبة لي، ولا يمكنني أن أتخيل ذلك. لقد قضيت حياتي كلها في القيام بما أحبه أكثر من أي شيء آخر، لكن الآن سأتوقف عن اللعب، فالأمر متعلق بالحالة الصحية».

النجم الإسباني ودع جماهير ناديه بالدموع (أ.ف.ب)

لقد عانى نافاس على مدار أربع سنوات. إنه مصاب بالتهاب المفاصل في الفخذ، وهو ما يؤلمه عندما يلعب، وعندما يتدرب، بل وعندما يمشي، ويصل الأمر في بعض الأيام إلى أنه لا يقوى حتى على المشي. لقد استمر في صمت، ولعب لفترة أطول مما تخيله أي شخص، لكنه لم يعد يستطيع المقاومة. يقول عن ذلك: «لقد تحملت الألم لمدة أربع سنوات، وكان هذا الموسم أكثر صعوبة، لقد كان الأمر جنونيا. كانت الأشهر الستة الماضية صعبة للغاية. وكنت أجد صعوبة في المشي بعد المباريات. الأمر بالكامل يتعلق بعدم قدرة جسدي على التحمل أكثر من ذلك. وقد توقفت عن اللعب لأنني مضطر لذلك. لكنني سعيد حقا بكل ما حققته».

لقد حقق كل شيء، ويقول إن أفضل معاركه كانت مع الظهير الأيسر البرازيلي روبرتو كارلوس، مشيرا إلى أن اللاعب الذي استمتع باللعب معه أكثر من غيره، وأفضل صديق له، هو فريدريك كانوتيه، الذي اعتزل منذ 11 عاماً. وعندما طلبت منه أن يختار أبرز لحظة في مسيرته الكروية الحافلة، اختار هدفاً سجله شخص آخر: ففي الوقت الإضافي لمباراة الدور نصف النهائي لكأس الاتحاد الأوروبي أمام شالكه عام 2006، وبينما كانت المباراة في الدقيقة 100، وصلت تمريرته العرضية إلى أنطونيو بويرتا، الذي سجل هدف الفوز، ليغير تاريخ النادي ومستقبله. سقط بويرتا، الذي يرتدي نافاس رقم قميصه، على أرض ملعب بيزخوان في أغسطس (آب) 2007، وتوفي بعد ذلك بثلاثة أيام.

وعندما خاض نافاس أول مباراة له مع إشبيلية ضد إسبانيول بعد يومين من عيد ميلاده التاسع عشر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، لم يكن النادي قد فاز بأي لقب منذ 55 عاماً؛ لكنه قاد النادي للحصول على ثمانية ألقاب. وبحلول الوقت الذي رحل فيه إلى مانشستر سيتي في عام 2013، كان قد لعب بالفعل عدداً من المباريات أكثر من أي لاعب آخر في تاريخ النادي، وسجل في نهائي كأس الملك وحصل على كأس الاتحاد الأوروبي مرتين، وهي المسابقة التي بُنيت حولها هوية إشبيلية بالكامل.

مودريتش قائد الريال يحتضن نظيره في إشبيلية عقب المباراة التي جمعت الفريقين (رويترز)

عاد نافاس من مانشستر سيتي وهو يلعب بشكل مختلف في مركز الظهير، وفاز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز وكأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة مرتين، حيث سجل في نهائي 2014 وفي ركلات الترجيح بعد ذلك بعامين. عاد نافاس إلى إشبيلية ولديه شغف كبير لمواصلة التألق، لذلك استمر في فعل ما كان يفعله دائماً؛ ورغم أنه لعب في مركز مختلف فإنه واصل تقديم نفس المستويات القوية. حصل على كأس الاتحاد الأوروبي مرتين أخريين، وصنع أهدافاً في المباراتين النهائيتين للدوري الأوروبي في 2020 و2023. لقد كان قائداً للفريق في النهائيين اللذين أقيما في كولونيا وبودابست، وعندما رفع الكأس للمرة الأخيرة كان ذلك بعد 17 عاماً من الفوز بها لأول مرة.

ومرت أربعة عشر عاماً بين أول بطولة وأخر بطولة له مع منتخب إسبانيا، فقد فاز ببطولة كأس الأمم الأوروبية في 2012 و2024، وكأس العالم في 2010، وقد بدأت أعظم لحظة في تاريخ كرة القدم الإسبانية من عند قدميه. إنها اللحظة التي يعترف بأنها يشاهدها كل يومين أو ثلاثة أيام، لكنه لم يستطع تخيلها حتى في ذلك الوقت. ويقول: «كل ما كنت أفكر فيه هو نقل الكرة إلى الطرف الآخر من الملعب بأسرع ما يمكن، فهذا هو ما طلبه المدير الفني».

كان نافاس قد غاب عن كأس العالم للشباب تحت 20 سنة في عام 2005، ولم يشارك في أول موسم تحضيري له مع إشبيلية، وتأخر ظهوره الدولي حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2009، عندما كافح من أجل شق طريقه وتوفرت له الظروف المناسبة للانضمام للمنتخب الإسباني. يقول نافاس: «حدثت تلك القفزة الكبيرة الأولى بشكل سريع جدا. وصلت إلى إشبيلية في سن الخامسة عشرة، وفي غضون عامين فقط كنت ألعب في الدوري الإسباني الممتاز. بالنسبة لطفل بسيط قادم من بلدة صغيرة، كان ذلك بمثابة تغيير جذري. كان كل شيء داخل الملعب يسير على ما يرام، لكننا بشر في نهاية المطاف. وقد استوعبت الأمور شيئاً فشيئاً، واستمتعت بكرة القدم، التي منحتني الحياة».

ورغم أن نافاس يتسم بالخجل، فإنه شخصية قوية للغاية، ويقول عن ذلك: «أنا قوي جدا من الناحيتين الذهنية والبدنية. لقد تحملت الكثير من الألم، لدرجة أنني لم أكن قادرا على المشي بعد المباريات. تجربتي مع مانشستر سيتي كانت رائعة. لم يكن الانتقال إلى هناك قرارا صعبا كما يبدو للبعض. كان إشبيلية يعاني من صعوبات مالية، وكانت لدي رغبة في خوض هذا التحدي حتى أثبت أنني شخص قوي. ما عانيته في ذلك الوقت وضعني في اختبار قوي، وكنت أريد أن أنضج وأتطور بكل الطرق الممكنة. كما ساعدتني هذه التجربة أيضا على التطور كثيرا من الناحية الإنسانية. الدوري الإنجليزي الممتاز استثنائي، ويتميز بالسرعة الفائقة، وكنت أريد تجربة ذلك. لكن نمط حياتي لم يتغير حقاً، فقد كنت أتدرب وأعود إلى المنزل. كان الأمر أصعب بالنسبة لزوجتي؛ فقد كان ابننا قد وُلد للتو وكانت تعود من حين لآخر. لكن كرة القدم هي التي كانت تستحوذ على كل تركيزي، وكان الأمر لا يصدق».

عاد نافاس من مانشستر سيتي في عام 2017 بعد أربعة مواسم والمشاركة في 183 مباراة، وكان عمره 32 عاماً، وكان من المفترض أنه يقترب من نهاية مسيرته الكروية. واعترف المدير الفني لمانشستر سيتي جوسيب غوارديولا لاحقاً بأنه ربما لم يكن ينبغي له أن يسمح برحيله في هذا الوقت المبكر، لكنه يتفهم هذا القرار. وبعد عودته إلى إشبيلية، فاز بكأس الاتحاد الأوروبي مرتين أخريين، وعاد إلى تشكيلة إسبانيا بعد خمس سنوات، وكان الرجل الوحيد من ذلك الجيل الذي لعب مع الجيل الجديد الحالي. يقول نافاس: «هذه هي الطريقة التي أعيش بها، فكل يوم أريد المزيد، ولا أكتفي بأي شيء أبداً».

أنشيلوتي مدرب الريال وفاسكيز في حديث ودي مع نافاس بعد مباراته الأخيرة (رويترز)

هذه هي الميزة الكبرى في شخصية نافاس: الإصرار والعزيمة. قد يكون هادئاً، لكنه منافس شرس للغاية. وقال قائد إسبانيا ألفارو موراتا في عام 2023: «كان نافاس يبلغ من العمر 38 عاماً (آنذاك) لكنه يتدرب مثل شاب يبلغ من العمر 18 عاماً». يقول نافاس: «عندما كنت في مانشستر سيتي، أمضيت أربع أو خمس سنوات دون أن يتم استدعائي لصفوف المنتخب الإسباني. وفي كل يوم جمعة يتم فيه الإعلان عن قائمة الفريق كنت أنتظر بشغف. لقد كان ذلك صعباً للغاية، لكنني تمسكت دائماً بهذا الأمل، وواصلت العمل بكل قوة، حتى عدت في نهاية المطاف».

وفي النهاية، فاز نافاس بميدالية أخرى. لقد شارك بدلا من داني كارفاخال ضد جورجيا، ولعب 85 دقيقة وكاحله متورم. ويقول: «أنا قوي للغاية في هذا الشأن، ولم أكن لأخرج من المباراة بعد تعرضي لمثل هذه الضربة. ما جعلنا نفوز بهذه البطولة هو أننا جميعا نتبادل الاهتمام». لقد واجه كيليان مبابي في مباراة الدور نصف النهائي وهو في سن الثامنة والثلاثين، لكنه لم يشعر بأي ضغط، ويقول عن ذلك: «حسناً، أنا ألعب منذ فترة طويلة وواجهت الكثير من اللاعبين الجيدين».

ثم في عشية المباراة النهائية، أعلن نافاس نهاية مسيرته مع منتخب بلاده. لم يكن هناك إعلان رسمي عن ذلك أو ضجة إعلامية، لكنه كشف عن الأمر فقط.

ومع ذلك، أعلن عن استمراره لستة أشهر أخرى مع إشبيلية، فلماذا؟ يرد نافاس قائلا: «أردت أن أكون هنا مع إشبيلية خلال هذه الفترة الانتقالية، لمساعدة اللاعبين الأصغر سناً. وإسعاد الناس هو أهم شيء». ويوم السبت الماضي، لعب نافاس مباراته الأخيرة على ملعب سانشيز بيزخوان. وقال لزملائه قبل المباراة: «لقد حانت اللحظة التي كنت أتمنى ألا تأتي أبداً». ومع انتهاء المباراة، جلس على مقاعد البدلاء إلى جانب مانو بوينو، خريج أكاديمية الناشئين البالغ من العمر 20 عاماً والذي لم يكن قد وُلد عندما شارك نافاس لأول مرة مع إشبيلية. احتضن نافاس الجميع، وانحنى وقبل العشب، وبكى بينما كان كل من في الملعب يقف احتراما وتقديرا لهذا النجم الاستثنائي صاحب المسيرة الكروية الحافلة.

* خدمة الغارديان