بعد هزيمة مذلّة من غينيا الاستوائية برباعية نظيفة جعلت كوت ديفوار تودّع كأس أمم أفريقيا نظرياً، ارتدى مشجعون محليون قميص المغرب وساندوه بحماس ليفوز على زامبيا كي تصعد بلادهم ضمن «أفضل منتخبات في المركز الثالث». الآن، باتوا يحلمون ببلوغ النهائي بعد أن «عادت الفيلة من الموت».
بعد السقوط المدوي على ملعب «الحسن واتارا» الأحدث بالبلاد أمام غينيا الاستوائية، خيّمت الكآبة على أبيدجان السعيدة بتنظيم العرس الأفريقي لثاني مرة بعد 1984، إذ أنهى المنتخب الوطني مجموعته في المركز الثالث بـ3 نقاط فقط، وبات عليه انتظار معجزة معقدة للتأهل ضمن أفضل 4 منتخبات في المركز الثالث.
لكنّ المعجزة بدأت في التحقق على الملعب ذاته بعد ساعتين، بعدما عادت موزمبيق من بعيد، وتعادلت مع غانا 2 - 2 في الوقت المحتسب بدل الضائع، لينهي «النجوم السوداء» البطولة في المركز الثالث بنقطتين، أي أقل من كوت ديفوار.
وليومين، انتظر الإيفواريون بفارغ الصبر أن تنتهي أي مجموعة بصاحب مركز ثالث برصيد نقطتين ليصعد منتخبهم، وهو ما تحقق بالنهاية بهدف المغربي حكيم زياش في زامبيا.
انتهى اللقاء وأُطلقت الألعاب في سماء أبيدجان؛ ابتهاجاً بصعود «الفيلة» للدور الثاني بفضل «أسود الأطلس».
لكن، سرعان ما تنبّه الإيفواريون أنّ منتخبهم الذي بدا مفككاً للغاية بعد هزيمتين واستقبال 5 أهداف في 3 مباريات، سيقابل السنغال حاملة اللقب والوحيدة التي حققت العلامة الكاملة في دور المجموعات، بنجاعة هجومية كبيرة وبهدف واحد في شباكها.
إضافة إلى أنّ الاتحاد المحليّ أطاح مدرّب المنتخب، الفرنسي جان لوي-غاسيه، وعيّن مساعده المحلي إيميري فاييه مكانه.
رغم التأهل، ساد الترقب والقلق كل مكان في أبيدجان قبل لقاء «أسود التيرانغا».
في سان بيدرو الساحلية وقبل اللقاء بساعات، قالت نادلة في مقهى لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، ساخرة: «السنغال قوية للغاية، الحقيقة أخشى أن نخسر 0 - 6. أخشى أن يغرق اللاعبون في الملعب».
وقال محمد مندور الصحافي الرياضي في موقع «سبورتس داتا» الفرنسيّ، إنّ منتخب كوت ديفوار دخل لقاء السنغال «دون شيء يخسره؛ لأنّه كان خرج من البطولة بالفعل، واعتمدت عودته على نتائج الآخرين تماماً».
وبدا أنّ منتخب «الفيلة» في طريقه لهزيمة مذلّة أخرى، بعدما تقدّمت السنغال بهدف في الدقيقة الرابعة، لكنّ رجال فاييه تماسكوا وسيطروا على الكرة، لكن دون فرص.
وفي الدقيقة 72، حلّت اللحظة التي ينتظرها الإيفواريون منذ بداية البطولة بعدما شارك المهاجم سيباستيان هالر أخيراً.
بدا أن مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني الذي توجد صوره على لوحات الإعلانات في كل مكان تقريباً بالعاصمة هو ما يفتقده الفريق، إذ مرّر كرة انتهت بضربة جزاء تعادلت منها بلاده، قبل أن تفوز بركلات الترجيح 5 - 4 وتقصي حامل اللقب.
عاشت بعدها أبيدجان ليلة من الاحتفالات الصاخبة، فالفريق «عاد من الموت»، حسب ما قال الموظف الحكومي أرسيتديس الذي عاد إليه «حلم الفوز باللقب من جديد».
وبعد أن أقرّ بأنّ فريقه «عاد من بعيد جداً وكان خارج البطولة تقريباً»، شدّد المدرب فاييه: «سنواصل العمل ونتعامل مع كل مباراة على حدة، ونرى ما سيحصل».
وأكّد: «كنا نحتاج إلى بعض الثقة كي يعود اللاعبون وهذا ما حصل. كنا أقوياء ذهنياً، واللاعبون التقطوا الرسالة عقب الخسارة أمام غينيا الاستوائية».
وتلتقي كوت ديفوار (السبت) مالي على «ملعب السلام» في بواكي. تواجَه الفريقان 6 مرات سابقاً بالبطولة، فازت كوت ديفوار 5 مرات آخرها 1 - 0 في ثُمن نهائي 2019، وتعادلا مرة واحدة.
وقال المحلّل مندور: «بعدما كانوا خارج البطولة، باتوا في رُبع النهائي، وفرصتهم كبيرة لبلوغ نصف النهائي، وطريقهم نظرياً على الورق سهلة للنهائي» بملاقاة الفائز من جمهورية الكونغو وغينيا في نصف النهائي.
وتابع أنّ «وجود هالر اللاعب القادر على صناعة الفرص وإحراز الأهداف من الأوضاع كافة، يعزّز فرصهم» في شق طريقهم للنهائي.
لكن، لم يسبق لبلد مستضيف أن فاز ببطولة قارية بعد أن خسر برباعية على أرضه.
وبالنسبة لمندور: «إذا حققت كوت ديفوار اللقب ستكون هذه ريمونتادا المنتخبات عن حق».