تيري فينابلز... المدير الفني الذي أنقذ كرة القدم الإنجليزية من العزلة

كان يمتلك عقلاً كروياً لا يتوقف عن التفكير وساعد اللاعبين على التطور والتحسن

لم يكن فينابلز يبحث عن تقديم الفن والمتعة فقط وإنما أن يكون ذلك مصحوباً بالعمل الجاد من أجل تحقيق نتائج جيدة (أ.ب)
لم يكن فينابلز يبحث عن تقديم الفن والمتعة فقط وإنما أن يكون ذلك مصحوباً بالعمل الجاد من أجل تحقيق نتائج جيدة (أ.ب)
TT

تيري فينابلز... المدير الفني الذي أنقذ كرة القدم الإنجليزية من العزلة

لم يكن فينابلز يبحث عن تقديم الفن والمتعة فقط وإنما أن يكون ذلك مصحوباً بالعمل الجاد من أجل تحقيق نتائج جيدة (أ.ب)
لم يكن فينابلز يبحث عن تقديم الفن والمتعة فقط وإنما أن يكون ذلك مصحوباً بالعمل الجاد من أجل تحقيق نتائج جيدة (أ.ب)

كان تيري فينابلز يحظى بشعبية كبيرة بين جيل كأس الأمم الأوروبية 1996، لدرجة أن كبار لاعبي المنتخب الإنجليزي كانوا يطالبون باستمرار بعودته إلى القيادة الفنية للفريق. فبعد إقالة غلين هودل، طالبوا بعودة تيري، وبعد استقالة كيفن كيغان طالبوا بعودة تيري مرة أخرى. لم يتبق شيء من ذلك الآن، لكن على مدار عقود من الزمن بعد عام 1966، كانت كرة القدم الإنجليزية تعاني من صراع آيديولوجي حول الكيفية التي يجب أن يلعب بها المنتخب الوطني، فكان البعض يطالب بالاعتماد على المديرين الفنيين المحليين، في حين كان آخرون يطالبون بفتح الباب على مصراعيه والتفاعل مع كرة القدم العالمية. وفي منتصف هذه المعركة وقف تيرينس فريدريك فينابلز بكل قوة أمام أعدائه ومنتقديه، وأصبح أسطورة حقيقية في عالم التدريب، رغم أن مقولة «لا كرامة لنبي في وطنه» تنطبق عليه تماماً، نظراً لأنه لم يحظَ بالتقدير الذي يستحقه.

لم يستمر هذا المدير الفني المميز، الذي أنقذ كرة القدم الإنجليزية من عزلتها، في مكان واحد لفترة كافية لتحقيق مجموعة من الإنجازات المقنعة بما يكفي لهزيمة منتقديه. وعلاوة على ذلك، فإن محاولاته الفوضوية، والمشكوك فيها في بعض الأحيان، لإثبات نفسه كرجل أعمال صاحب رؤية، أدت في نهاية المطاف إلى تدمير جهوده ليكون المدير الفني الذي يحلم به منتخب بلاده.

لكن هذا الشغف كان حقيقياً، خاصة بعد تكرار سنوات غراهام تايلور، عندما تم نسف التقدم الذي أحرزه المنتخب الإنجليزي بقيادة بوبي روبسون في كأس العالم بإيطاليا عام 1990 من قبل مسؤولي اتحاد كرة القدم الذين لم يكونوا مهتمين باستمرارية أساليب وطرق اللعب. وإذا كان التألق اللافت للأنظار للنجم بول جاسكوين قد كشف المغالطة القائلة إن المشجعين الإنجليز يكتفون برؤية كرة القدم المملة التي تُلعب من خلال الكرات العالية الطويلة، فإن كرة القدم الممتعة التي قدمها فينابلز في بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 1996 كانت بمثابة استجابة لرغبة عميقة أخرى.

لكي يكون المدير الفني محبوباً من قبل الجماهير الإنجليزية في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، كان يتعين عليه أن يكون ودوداً وذكياً وإيجابياً، فضلاً عن أنه كان يتعين عليه أن يكون على المستوى نفسه من المعرفة التكتيكية التي يتمتع بها أفضل المديرين الفنيين في أوروبا، وهي الصفات التي توفرت جميعها في فينابلز. إن التصفيق الحار لفينابلز في ملاعب الدوري الإنجليزي الممتاز يوم وفاته يعكس الإعجاب المتأصل بالمدير الفني المبدع المناهض للمؤسسات، الذي تولى قيادة المنتخب الإنجليزي المنهار بعد فترة تايلور وحوله إلى منتخب قوي سحق هولندا بأربعة أهداف مقابل هدف وحيد في نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 1996.

لقد تم تصوير فينابلز بشكل خاطئ على أنه شخص حالم. فقبل بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 1996، قال: «في ظل كل الجدل الدائر حول حالة كرة القدم الإنجليزية، هناك عامل واحد يتم نسيانه باستمرار، وهو شخصية اللاعب الإنجليزي». لقد كان فينابلز يعطي قيمة متساوية للمهارات والعمل البدني القوي في الوقت نفسه، فكان يعتمد على مهارة ومرونة دارين أندرتون أو ستيف ماكمانامان إلى جانب قوة وشراسة توني آدامز وبول إينس، وفعالية آلان شيرار وتيدي شيرينغهام.

لم يكن فينابلز يبحث عن تقديم الفن والمتعة فقط، وإنما كان يعمل دائماً على أن يكون ذلك مصحوباً بالعمل الجاد من أجل تحقيق نتائج جيدة. وكان دون هاو، المعروف بنزعته الدفاعية، هو مساعده الأول. وكان التحدي الفكري المتمثل في التدريب وموهبته في إدارة الأفراد - لجعل مهمة لاعب كرة القدم ممتعة للغاية - بمثابة الإدمان الذي ظل يغريه بالعودة إلى العمل في مجال التدريب بينما كانت «خططه الاستثمارية» تأخذ معظم وقته.

ستيف ماكلارين مدرب إنجلترا وإلى يساره مساعده تيري فينابلز (أ.ف.ب)

وفي عصره، استوعب فينابلز قلق الأمة التي ظلت متوقفة عند ما حدث في 1966، لكنها كانت لا تزال في السنوات الأولى من ثورة الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل أن يؤدي تدفق اللاعبين والمدربين الأجانب إلى إحداث تغيير هائل في كرة القدم الإنجليزية من حيث أسلوب وطريقة اللعب والروح. في زمن فينابلز، كانت كل النقاشات والمحادثات لا تزال داخلية، بمعنى أن الإنجليز كانوا يتحدثون مع أنفسهم. وكان الاختيار بين أمرين لا ثالث لهما: إما مع فينابلز أو ضده. وأصبح هناك انقسام كبير في الإعلام، بين من يعلق على كل كلمة يقولها فينابلز بالإعجاب، وبين من يترصد له ويتصيد له الأخطاء. في الحقيقة، لا يبدو أن أصحاب الرؤى الجريئة والمُصلحين في البلدان الأخرى يعيشون مثل هذه الحياة المعقدة!

لقد كان فينابلز يمتلك شخصية ساحرة، وكلما قضيت وقتاً أطول معه، لاحظت رغبته الشديدة في تعلم كل ما هو جديد. لقد كان يحث الجميع حول الطاولة التي يجلس عليها - سواء من خلال الحكايات الكوميدية والأمور التكتيكية - على الحصول على بعض المعلومات عن هذا اللاعب، أو ذلك الرئيس، أو هذا النادي أو ذاك. وخلف تلك الابتسامة الساحرة، وحبه لترديد أغنيات فرانك سيناترا واحترامه لذاته كرجل حكيم، كان فينابلز يمتلك عقلاً كروياً لا يتوقف عن التفكير. لقد كان يفكر دائماً في كيفية استغلال الفرصة التالية والعمل على البقاء في الصدارة.

وكان فينابلز، ذلك المدير الفني «المثقف» على حد وصف آدامز، هو من فتح أعين لاعبي المنتخب الإنجليزي في بطولة كأس الأمم الأوروبية عام 1996 على إمكانية اللعب مثل المنتخبات الكبرى في القارة. لقد قالوا جميعاً إن هذا هو ما كانوا يريدونه بالفعل، وهو الهروب من تاريخهم القاتل وتقديم شيء مختلف تماماً هذه المرة. وخلال تجربتيه القصيرتين مع المنتخب الإنجليزي ونادي برشلونة، أظهر فينابلز موهبة كبيرة لفهم الطبيعة البشرية في السياق الصعب والمضغوط لكرة القدم على مستوى النخبة، جنباً إلى جنب مع رؤيته الثاقبة للطريقة التي يجب أن تعمل بها كرة القدم من أجل تحقيق نتائج جيدة.

وبعد بطولة كأس الأمم الأوروبية 1996، لم يلحظ أحد أنه لم يكتب أسماء منفذي ركلات الترجيح في مباراة الدور نصف النهائي أمام ألمانيا بخلاف ركلات الجزاء الخمس الأولى: وهو الخطأ الذي سمح لغاريث ساوثغيت بالتطوع لتنفيذ ركلة الترجيح التالية، بدافع الواجب الوطني وليس لأنه يجيد ذلك. فشل ساوثغيت في التسجيل، وانتهى عهد فينابلز القصير الذي امتد على مدار 24 مباراة مع المنتخب الإنجليزي، بدءاً من مارس (آذار) 1994 حتى يونيو (حزيران) 1996. لقد رسخت بطولة كأس الأمم الأوروبية 1996 نفسها في التاريخ الإنجليزي بوصفها سحراً قصيراً، وولادة جديدة للمنتخب الوطني، ورداً على مسؤولي الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم الذين لم يثقوا بفينابلز، بينما كانوا يحاولون بناء ثورة تجارية على أساس الشعبية الكبيرة التي حققها فريقه في عام 1996.

لقد كان فينابلز مشتتاً ومتقلباً للغاية بحيث لا يمكن اعتباره رجل دولة، لكنه كان يسبح في عالم من الخيال والإلهام، بشكل لا يمكن قوله عن العديد من مدربي المنتخب الإنجليزي. لقد كان هناك وقت كانت فيه طريقة اللعب التي يعتمد عليها، وهي 4-3-2-1، تبدو غريبة للغاية لدرجة أن الناس كانوا يطلقون عليها اسم «شجرة عيد الميلاد»، لكنها أصبحت الآن طريقة فعالة ومنتشرة للغاية. وحتى لو لم تكن هذه الطريقة تروق للبعض، فمن المؤكد أن فينابلز كان لديه العديد من الطرق والأفكار الأخرى، لأنه كان مبدعاً ولم يكن يفتقر إلى الحلول أبداً.

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

تأكد غياب الإيفواري ديالو مهاجم يونايتد لفترة طويلة

رياضة عالمية أماد ديالو (أ.ب)

تأكد غياب الإيفواري ديالو مهاجم يونايتد لفترة طويلة

أكد نادي مانشستر يونايتد الإنجليزي، اليوم الأحد، أن مُهاجمه الإيفواري أماد ديالو سيغيب عن الفريق لعدة أسابيع، بسبب إصابة في أربطة الكاحل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية التونسي حنبعل المجبري خلال مباراة فريقه بيرنلي (رويترز)

الاتحاد التونسي يدين تعرض لاعبه حنبعل للعنصرية في الدوري الإنجليزي

قال الاتحاد التونسي لكرة القدم أمس إنه يدين بشدة الحادثة العنصرية التي زعم حنبعل المجبري لاعب المنتخب الوطني أنه تعرض لها، أثناء مشاركته مع فريقه بيرنلي.

«الشرق الأوسط» (تونس)
رياضة عالمية أرنه سلوت (رويترز)

إيقاف سلوت مباراتين بعد طرده أمام إيفرتون

يغيب المدرب الهولندي أرنه سلوت، عن فريقه ليفربول متصدر الدوري الإنجليزي لكرة القدم، لمباراتين بعد طرده أمام إيفرتون، الأربعاء، في مباراة مؤجلة من المرحلة الـ15.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية كاي هافيرتز (إ.ب.أ)

إصابة كاي هافيرتز في تدريبات آرسنال

تلقت مساعي فريق آرسنال الإنجليزي لكرة القدم للتتويج بلقب الدوري الممتاز صفعة موجعة بعدما تعرض المهاجم كاي هافيرتز للإصابة خلال مران الفريق في معسكره بدبي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فيرجيل فان دايك (إ.ب.أ)

فان دايك: الحكم فقد السيطرة على «قمة مرسيسايد»

يرى فيرجيل فان دايك قائد ليفربول أن الحكم مايكل أوليفر فقد السيطرة على مباراة قمة مرسيسايد الأخيرة على ملعب جوديسون بارك، عندما سجل جيمس تاركوفسكي قائد إيفرتون.

«الشرق الأوسط» (ليفربول )

هل يدفع يونايتد ثمن سياسة راتكليف «التقشفية» وفوضى إدارة عائلة غليزر؟

السير راتكليف تصدر مشهد ملف كرة القدم وسياسية التقشف بينما الاخوين غليزر هدفهما فقط جمع الأموال (غيتي)
السير راتكليف تصدر مشهد ملف كرة القدم وسياسية التقشف بينما الاخوين غليزر هدفهما فقط جمع الأموال (غيتي)
TT

هل يدفع يونايتد ثمن سياسة راتكليف «التقشفية» وفوضى إدارة عائلة غليزر؟

السير راتكليف تصدر مشهد ملف كرة القدم وسياسية التقشف بينما الاخوين غليزر هدفهما فقط جمع الأموال (غيتي)
السير راتكليف تصدر مشهد ملف كرة القدم وسياسية التقشف بينما الاخوين غليزر هدفهما فقط جمع الأموال (غيتي)

يُجري السير جيم راتكليف تخفيضات جذرية في عمليات مانشستر يونايتد، خوفاً من أن يكون النادي في طريقه نحو الإفلاس بشكل سريع. وسواء كانت مثل هذه المخاوف مشروعة أم لا، فإنها تعكس المحنة المالية التي يمر بها النادي العريق، والتي لا تقل بأي حال من الأحوال عما يعانيه الفريق فيما يتعلق بالمنافسة على البطولات والألقاب منذ 12 عاماً.

إصابة أماد المتـألق وغيابة لنهاية الموسم ضربة جديدة ليونايتد (رويترز)

إن الفشل في الفوز بلقب الدوري الحادي والعشرين أو عدم القدرة على المنافسة على اللقب من الأساس هو نتيجة مباشرة للتراجع البطيء وسوء الإدارة في عهد مالكولم غليزر، ثم أبنائه الستة بعد وفاته في عام 2014.

وقبل الاقتراحات الأخيرة بتقليل عدد الموظفين، تضمنت قرارات راتكليف الأخرى التخلص من نحو 250 وظيفة في الصيف والخريف الماضيين، منها وقف دور السير أليكس فيرغسون سفيراً للنادي، الذي كان يكلِّف خزينة يونايتد نحو مليوني جنيه إسترليني سنوياً.

وفي إطار التدابير الأخرى التي تهدف إلى توفير المال، تم تخفيض رواتب برايان روبسون وآندي كول ودينيس إروين، الذين كانوا لاعبين بارزين تحت قيادة فيرغسون ويعملون الآن سفراء للنادي، كما أن جاكي كاي، رئيسة الخدمات اللوجيستية للفريق والتي تعمل في النادي منذ ثلاثة عقود وتعد من الموظفين البارزين غير المرتبطين بكرة القدم، ستفقد وظيفتها هي الأخرى. يعتقد البعض أن السبب وراء تصوير راتكليف على أنه شخص بخيل هو إلغاؤه المكافأة السنوية التي تبلغ 100 جنيه إسترليني في عيد الميلاد للموظفين الإداريين، واستبدال قسيمة بقيمة 40 جنيهاً إسترلينياً من متاجر «ماركس آند سبنسر» بها.

راشفورد إنتقل لأستون فيلا وربما لا يعود ليونايتد (رويترز)cut out

إذن، كيف وصل النادي الأكثر حصولاً على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بـ20 مرة، وصاحب التاريخ العريق والذي قاده أعظم مدير فني في تاريخ كرة القدم الإنجليزية السير أليكس فيرغسون، إلى مرحلة يعتقد فيها أكبر مساهم أقلية أن الانهيار المالي أصبح احتمالاً واقعياً؟

بالنسبة إلى راتكليف ومستشاريه، فإن الإجابة واضحة: سوء الإدارة الذي أشرنا إليه سابقاً تحت قيادة عائلة غليزر الأميركية، والذي أدى إلى خسارة 300 مليون جنيه إسترليني على مدى السنوات الثلاث الماضية. لقد ورث الرجل البالغ من العمر 72 عاماً هذا المستنقع عندما اشترى 27.7 في المائة من أسهم النادي في فبراير (شباط) الماضي. وما تلا ذلك كان ضخ 300 مليون دولار (240 مليون جنيه إسترليني) بسبب قلق راتكليف بشأن الميزانية العمومية، وأن النادي قد يواجه الإفلاس. ومع ذلك، فإن القرارات الأخرى التي وافق عليها الرجل، الذي أصبح رئيساً لسياسة كرة القدم في مانشستر يونايتد بموجب شروط استحواذه على حصته، لم تساعد النادي كثيراً.

وفي أول فترة انتقالات صيفية في عهد راتكليف، أنفق النادي 200 مليون جنيه إسترليني لدعم المدير الفني الهولندي آنذاك، إريك تن هاغ، عن طريق التعاقد مع جوشوا زيركزي، ونصير مزراوي، وماتيس دي ليخت، ومانويل أوغارتي، وليني يورو. لكن بحلول 28 أكتوبر (تشرين الأول)، أُقيل تن هاغ، وتبعه طاقمه التدريبي المكون من رينيه هاك وجيلي تين روويلار وبيتر موريل ورود فان نيستلروي. ودفع النادي ما مجموعه 10.4 مليون جنيه إسترليني تعويضاً.

وتعاقد مانشستر يونايتد مع البرتغالي روبن أموريم بديلاً لتن هاغ، بالإضافة إلى أفراد الطاقم التدريبي المساعد له والمكون من كارلوس فرنانديز وخورخي فيتال وأديليو كانديدو وإيمانويل فيرو وباولو باريرا، من سبورتينغ لشبونة، وهو ما كلَّف خزينة يونايتد 11 مليون جنيه إسترليني أخرى.

وبعد ستة أسابيع، ترك دان آشورث منصبه مديراً رياضياً لمانشستر يونايتد بعد خمسة أشهر فقط في المنصب، على الرغم من تأكيد راتكليف عند تعيينه أنه مسؤول من الطراز العالمي ودفع ملايين الدولارات لنيوكاسل تعويضاً من أجل الموافقة على رحيله.

ويمكن إرجاع الموقف المالي المضطرب لمانشستر يونايتد إلى 20 عاماً سابقة عندما استحوذت عائلة غليزر على النادي بالاستدانة. لقد أدى ذلك إلى وضع ديون على مانشستر يونايتد تقدَّر بنحو 500 مليون جنيه إسترليني، وهو المبلغ الذي لم يتم سداده حتى الآن. وبدلاً من ذلك، أظهر أحدث الحسابات المالية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أن هذا المبلغ قد ارتفع إلى 714 مليون جنيه إسترليني.

وبينما أدت خدمة الدين إلى إضافة ملايين أخرى إلى الديون، فقد بلغت القروض الحالية في نوفمبر (تشرين الثاني) 232.3 مليون جنيه إسترليني، بزيادة قدرها 36.5 مليون جنيه إسترليني عن حسابات نهاية العام في يونيو (حزيران).

وبالإضافة إلى الـ200 مليون جنيه إسترليني التي أُنفقت على التعاقد مع خمسة لاعبين لم يكن لأموريم رأي في ضمهم ويلعبون في فريق لم يُبنَ وفق طريقة أموريم المفضلة 3-4-3، يمكن إضافة أكثر من مليار جنيه إسترليني أُنفقت في فترات الانتقالات السابقة منذ تقاعد السير أليكس فيرغسون في مايو (أيار) 2013 بعدما قاد مانشستر يونايتد للفوز بآخر لقب له للدوري الإنجليزي الممتاز.

خيارات المدرب أموريم تقلصت في ظل الاصابات ورحيل بعض اللاعبين (رويترز)

لقد تكبد النادي خسائر كبيرة نتيجة التعاقد مع عدد كبير من اللاعبين الذين لم يقدموا المستويات المأمولة، والذين فشل النادي في تحقيق أرباح من بيعهم، وخير مثال على ذلك الفرنسي بول بوغبا الذي تعاقد معه يونايتد في صفقة قياسية في تاريخ كرة القدم البريطانية مقابل 89.3 مليون جنيه إسترليني من يوفنتوس في أغسطس (آب) 2016. فبعد ست سنوات، عاد بوغبا إلى النادي الإيطالي دون مقابل، رغم أنه كان من المفترض أن يكون في قمة مسيرته الكروية وهو في التاسعة والعشرين من عمره.

في المقابل، يُشكل مانشستر سيتي فريقاً متناقضاً تماماً في المدينة: فالنجاح الذي حققه الفريق على أرض الملعب خلال العقد الماضي أو نحو ذلك يسير جنباً إلى جنب مع عملية تجارية ذكية ملأت خزائنه هذا الصيف بأكثر من نصف مليار جنيه إسترليني، وهو ما مكَّنه من التعاقد مع لاعبين جدد لتدعيم صفوف الفريق تحت قيادة المدير الفني جوسيب غوارديولا.

أنتوني أسوأ صفقات يونايتد انتقل لريال بيتيس على سبيل الاعارة (ا ب ا)

وقد تجلى التفاوت الهائل بين مانشستر يونايتد وجاره سيتي في فترة الانتقالات الشتوية. فعلى الرغم من تراجع مستوى يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز تحت قيادة أموريم، فإن النادي لم ينفق سوى 25.1 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع باتريك دورغو من ليتشي الإيطالي، بالإضافة إلى نحو 1.5 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع الصاعد أيدن هيفن من آرسنال.

وفي مانشستر سيتي، وفي ظل عروضه غير المتوازنة التي تهدد حتى بالفشل في التأهل لدوري أبطال أوروبا، تلقى غوارديولا دعماً مالياً كبيراً بإنفاق 172 مليون جنيه إسترليني للتعاقد مع عمر مرموش وفيتور ريس وعبد القادر خوسانوف ونيكو غونزاليس.

لقد تكالبت كل الظروف السيئة على يونايتد في وقت واحد، فالضغوط من الوضع المالي ترافقت مع اضطرابات فنية في الفريق نتيجة إصابات عناصر مؤثرة وأيضا التخلي عن لاعبين كثر تراجع مستواهم.

وكان تأكيد غياب المهاجم الإيفواري أماد ديالو، البالغ من العمر 22 عاماً، والذي كان واحداً من العلامات المضيئة في موسم للنسيان في «أولد ترافورد»، ضربةً قوية لأموريم الذي كان يضع آمالاً كبيرة عليه.

وتعرض ديالو لإصابة في الكاحل خلال تدريبات مانشستر قبل يومين، ستبعده تقريباً عما تبقى من الموسم، بينما ترك المدافع الأرجنتيني ليساندرو مارتينيز فراغاً كبيراً بعد إصابة بتمزق في الرباط الصليبي للركبة وهو في أعلى درجات تألقه لينتهي موسمه مبكراً.

وبذلك باتت قائمة الإصابات في يونايتد تضم لاعبي الوسط: كوبي ماينو، والأوروغواياني مانويل أوغارتي، وتوبي كولاير، إضافةً إلى مايسون ماونت، والمدافعَين لوك شو وجوني إيفانز، والحارس التركي ألتاي بايندير، بينما رحل على سبيل الإعارة كل من الجناحَين ماركوس راشفورد والبرازيلي أنتوني، والمدافع الأيسر تايريل مالاسيا.

ويكفي أن نعرف أن أغلى ست صفقات في تاريخ النادي هي: بوغبا وأنتوني وهاري ماغواير وجادون سانشو وروميلو لوكاكو وأنخيل دي ماريا، جميعهم لم يقدموا المستويات المتوقعة منهم!

ومن غير المرجح أن يلعب راشفورد مع مانشستر يونايتد مرة أخرى حتى لو رحل المدرب أموريم عن ملعب «أولد ترافورد»، إذ وصلت العلاقة بين المهاجم الإنجليزي والنادي الذي يلعب له منذ طفولته إلى درجة لا يمكن إصلاحها تقريباً.

انضم راشفورد إلى أستون فيلا على سبيل الإعارة حتى نهاية الموسم، ومن المتوقع أن يرحل المهاجم البالغ من العمر 27 عاماً بشكل دائم أو على سبيل الإعارة مرة أخرى، خلال الصيف، حتى لو لم يعد أموريم موجوداً في النادي. ويمتد عقد اللاعب الإنجليزي الدولي مع مانشستر يونايتد حتى عام 2028.

أما أنتوني الذي لعب تن هاغ دوراً كبيراً في التعاقد معه من أياكس مقابل 100 مليون يورو في عام 2022. فقد بدأ مسيرته مع مانشستر يونايتد بشكل رائع، حيث سجل في أول ثلاث مباريات له في الدوري الإنجليزي الممتاز -ضد آرسنال ومانشستر سيتي وإيفرتون- لكنه تراجع منذ ذلك الحين بشكل جعله يُصنف على أنه واحد من أسوأ التعاقدات في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز.

والآن، من المتوقع أن تسير الأمور على نفس النحو بالنسبة إلى مانشستر يونايتد في فترة الانتقالات الصيفية المقبلة، حيث ستتوقف القدرة على التعاقد مع لاعبين جدد على إمكانية تحقيق أرباح من بيع بعض اللاعبين. لكن ربما تكون هناك أخبار أفضل للنادي على المدى البعيد، إذ يعتقد رئيس كرة القدم أن إجراءاته الجذرية ستجعل من مانشستر يونايتد خلال عامين فريقاً قوياً من الناحية المالية، وهو ما سيمنحه ميزة تنافسية على باقي المنافسين. قد يكون رد الفعل المناسب على هذا الموقف هو الانتظار والترقب لما سيحدث، لذا سنعرف بحلول عام 2027 ما إذا كان ذلك الأمر سينجح أم لا.

* خدمة «الغارديان»