يواجه نادي تشيلسي الإنجليزي لكرة القدم أسئلة جديدة حول كيفية قيام مالكه السابق، الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش بتمويل نجاح النادي، بعد أن كشفت الملفات المسربة عن سلسلة من المدفوعات السرية التي ربما تكون قد انتهكت قواعد كرة القدم الصارمة، بما في ذلك القواعد المتعلقة بـ«اللعب المالي النظيف».
وقال الخبراء إن الصفقات، التي تم الكشف عنها من خلال تحقيق مشترك أجرته صحيفة «الغارديان» وشركاء دوليون، يمكن أن تؤدي إلى فرض الدوري الإنجليزي الممتاز عقوبات على تشيلسي، مثل خصم النقاط.
وتكشف الملفات عن سلسلة من المدفوعات تبلغ قيمتها عشرات الملايين من الجنيهات الإسترلينية على مدى عقد من الزمن، تم توجيهها عبر مؤسسات خارجية تابعة لأبراموفيتش. ويبدو أن المعاملات المعنية كانت لصالح تشيلسي، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كان قد تم الإعلان عنها في الحسابات المقدمة إلى الهيئات الإدارية لكرة القدم.
ويبدو أن من بين المستفيدين وكيل اللاعب النجم إيدن هازارد، ومساعد المدير الفني الفائز باللقب أنطونيو كونتي ومسؤولي نادي تشيلسي. ويبدو أن المدفوعات الأخرى كانت مرتبطة بشراء اللاعبيَن البرازيلي ويليان والكاميروني صامويل إيتو.
تم الكشف عن المدفوعات بفضل تحقيق دولي يُعرف باسم «وثيقة قبرص السرية»، وهو مخبأ يضم 3.6 مليون سجل خارجي تم تسريبه إلى الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين (آي سي آي جي) وشركة «بيبر ترايل ميديا» الألمانية، والتي شاركت في الوصول إلى صحيفة «الغارديان» ومكتب التحقيقات الفيدرالي.
يتم بالفعل فحص الوضع المالي لتشيلسي من قبل الدوري الإنجليزي الممتاز في تحقيق يستمر من عام 2012 إلى عام 2019.
وبدأت القصة عندما اشترى رومان أبراموفيتش تشيلسي مقابل 140 مليون جنيه إسترليني في عام 2003 وسرعان ما أغرق النادي بالمال في محاولة لا هوادة فيها لتحقيق النجاح.
«الإمبراطورية الرومانية»، كما أطلق عليها بعض المشجعين، لم تسقط إلا عندما أدى الغزو الروسي لأوكرانيا عام 2022 إلى وضع أبراموفيتش تحت عقوبات من قبل المملكة المتحدة، ما أجبره في النهاية على البيع.
في 18 يوليو (تموز) 2017، تُظهر الملفات، أن شركة مملوكة لأبراموفيتش تدعى «كونيباير هولدنغز»، ومقرها في جزر فيرجن البريطانية، وقعت اتفاقية مع فيديريكو باستوريلو، وكيل كرة القدم الإيطالي، الذي وصف في تقارير متعددة بأنه قريب من أنطونيو كونتي، مدرب تشيلسي السابق، بمقتضاها يتم دفع 10 ملايين جنيه إسترليني لباستوريلو مقابل حصة قدرها 75% في صندوق «إي آي إف»، وهي شركة مقرها في ولاية ديلاوير الأميركية. في نفس اليوم، أعلن تشيلسي أن كونتي، الذي قاد النادي للتو إلى لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، قد وقع عقداً جديداً بقيمة 9.6 مليون جنيه إسترليني سنوياً.
في 29 مارس (آذار) 2013، تشير الوثائق إلى أن شركة «ليستون هولدنغز»، والمملوكة لأبراموفيتش، وافقت على دفع 7 ملايين يورو لشركة مقرها دبي تدعى «غلف فاليو إف زد إي» مقابل ما قيل إنه «خدمات استشارية تتعلق بالأبحاث والاستشارات الرياضية»، حيث تم التوقيع نيابة عن الشركة من قبل الوكيل جون بيكو بيانكي، الذي هو في نفس الوقت وكيل اللاعب البلجيكي ايدين هازارد، الذي انضم لتشيلسي في العام السابق (2012) وقيل وقتها إن بيانكي أراد عمولة كبيرة تبلغ 6 ملايين جنيه إسترليني.
وفي مناسبة أخرى، دفعت شركة «ليستون» مليون جنيه إسترليني إلى جمعية تدعى «شباب الأمل» في مدينة «بوبو ديلاسيو» في بوركينا فاسو، وهي المدينة التي ينتمي لها لاعب النادي السابق برتراند تراوري، من خلال عقد وقعه ديفيد، شقيق تراوري. العقد مؤرخ بعد شهرين من توقيع الظهير لتشيلسي.
وتكشف الملفات أيضاً عن مدفوعات بقيمة 7 ملايين يورو على الأقل بين عامي 2005 و2017 لشركات مرتبطة بزوران وفلاديكا ليميتش. ويقال إن الأخير، وهو مستشار رئيسي لأبراموفيتش، كان شخصية محورية في وصول نجوم مثل آريين روبن وبرانيسلاف إيفانوفيتش ونيمانيا ماتيتش والمدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
وتشير الملفات أيضاً إلى أن أبراموفيتش قام سراً بتمويل الجهود الرامية إلى إلغاء قواعد اللعب المالي النظيف من خلال المحاكم، ولكن دون جدوى في النهاية.
الوثائق كشفت أيضا عن العلاقة التي ربطت أبراموفيتش بالملياردير الروسي سليمان كريموف، الذي اشترى نادي أنجي ماخاتشكالا الروسي لفترة وجيزة في عام 2011 وقام بتمويل تحويلات مالية كبيرة. لكن في عام 2013، أوقف كريموف استراتيجيته في الإنفاق الحر وخفض ميزانية نادي أنجي، ما أدى إلى إغراق النادي في اضطرابات مالية وإجباره على بيع اللاعبين بأسعار بخسة.
في ذلك الصيف، تعاقد تشيلسي مع نجمين من نادي أنجي في غضون يومين، هما المهاجم الكاميروني صامويل إيتو والجناح البرازيلي ويليان البالغ وقتها من العمر 25 عاماً.
كان البرازيلي، الذي فاز بالكثير من الألقاب مع تشيلسي، على وشك التوقيع مع منافسه اللندني توتنهام هوتسبر حتى ورد أن أبراموفيتش اختطف الصفقة عبر مكالمة هاتفية شخصية مع كريموف.
قبل شهرين، وافقت شركة «ليستون» القابضة المملوكة لأبراموفيتش على دفع 24 مليون يورو لشركتين مرتبطتين بكريموف، بواقع 12 مليون يورو لكل منهما، مقابل ما أطلق عليه «خدمات تتعلق بكرة القدم، بما في ذلك الكشافة وغيرها من النصائح المتعلقة بكرة القدم».
وقال متحدث باسم نادي تشيلسي: «هذه الادعاءات تسبق الملكية الحالية للنادي. إنها تستند إلى وثائق لم يتم عرضها على النادي ولا تتعلق بأي فرد موجود حالياً في النادي».
ورفض الدوري الإنجليزي الممتاز التعليق بينما لا يزال التحقيق جاريا. وقال متحدث باسم الاتحاد الإنجليزي: «نحن نجري تحقيقاً».