بينما ينتظر الملياردير البريطاني جيم راتكليف مؤسس شركة «إنيوس» للكيماويات، الموافقة على شراء حصة قدرها 25 في المائة من أسهم مانشستر يونايتد، لا يزال هناك كثير من الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات، وأمور غامضة يجب توضيحها، وخصوصاً الشرط الذي وضعه للإشراف على ملف كرة القدم!
من المتوقع أن تحسم عائلة غلايزر الأميركية المالكة للنادي الأمور في قبول أو رفض عرض السير راتكليف نهاية هذا الأسبوع، والذي وضع 1.3 مليار جنيه إسترليني لشراء ربع الأسهم من قيمة النادي المقدرة بـ 5.2 مليار جنيه إسترليني (ما يقرب من ضعف قيمته البالغة 2.63 مليار جنيه إسترليني). لكن السؤال المطروح حالياً، هو كيف سيكون ملف كرة القدم؟ إنها المعضلة التي تبحث جماهير النادي عن حل لمشاكلها في ظل تراجع النتائج، وعدم الفوز بلقب الدوري منذ عام 2013.
لقد اشترط راتكليف تولي السيطرة على إدارة الملف الرياضي الذي يترأسه حالياً مدير كرة القدم جون مورتو، والمدير الفني الهولندي إريك تن هاغ... فهل يمكن أن يكون مستقبلهما موضع شك؟
وهناك سؤال آخر يتعلق بالصلاحيات التي سيمارسها راتكليف بالفعل. وإذا كانت هناك رغبة في إجراء تغيير جوهري، فهل سيتم إحباطه من قبل عائلة غلايزر الأميركية، التي لا تزال مسؤولة عن النادي بشكل عام، أم سيحصل على سلطات تتناسب مع استحواذه على 25 في المائة من أسهم النادي؟ إذا حدث هذا الأمر الأخير، فإن أفضل مثال على الكيفية التي يمكن أن يتأثر بها مانشستر يونايتد، هو نادي نيس، الذي استحوذ عليه راتكليف في صيف عام 2019. ومنذ ذلك الحين، فإن النادي الفرنسي، الذي كان آخر لقب له في الدوري عام 1959، والذي لم يحتل المركز الثاني منذ عام 1976، احتل المراكز: الخامس، والتاسع، والخامس، والتاسع، على التوالي، في المواسم السابقة، بينما يحتل حالياً المركز الثاني في جدول ترتيب الدوري الفرنسي الممتاز. من المتوقع بالتأكيد أن يقوم راتكليف بإجراء بعض التعيينات بنفسه، وهو ما قد يعني أن بول ميتشل الذي كان يشغل منصب المدير الرياضي لموناكو حتى مارس (آذار) الماضي، قد يزيح مورتو من منصبه، أو أن يأتي السير ديف برايلسفورد المدير الرياضي لمؤسسة «إنيوس» التي يملكها راتكليف، من نيس.
كيف سيتم دفع الـ 1.3 مليار إسترليني؟
لأن جماهير يونايتد سئمت من سياسة القروض التي اتبعتها عائلة غلايزر، وأغرقت النادي في الديون، فمن المؤكد أن راتكليف الذي يُعد أحد أغنى الشخصيات في بريطانيا، سيتفادى الصدام مع المشجعين، وسيدفع 1.3 مليار إسترليني من أمواله الخاصة؛ لشراء الربع المطروح من أسهم مانشستر يونايتد. لكن هل سيحدث ذلك بالفعل؟ من المؤكد أن رجل الأعمال المولود في فيلسورث تمكّن من تجميع ثروة تقترب من 30 مليار جنيه إسترليني بفضل ذكائه الحاد في اتخاذ القرارات، كما أنه يعمل دائماً على أن تحقق أي صفقة أفضل نتيجة ممكنة له من الناحية المالية. لكن اقتراض الأموال ما زال أمراً محتملاً، وفي هذه الحالة يمكن استخدام أية أرباح ناتجة عن حصته لتسديد هذا الدين بدلاً من استثماره في النادي. ومع ذلك، حتى لو حدث هذا فإنه سيكون أفضل وأكثر إيجابية مما فعله مالكوم غلايزر في عام 2005، عندما استحوذ على مانشستر يونايتد من خلال عمليات اقتراض بمعدلات مرتفعة، وهو الأمر الذي جعل النادي مديوناً بنحو 500 مليون جنيه إسترليني. ارتفع هذا الرقم ليقترب الآن من مليار جنيه إسترلينيّ.
ويذكر أن عرض القطري الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني كان أفضل جاذبية؛ لأنه كان سيدفع 5 مليارات جنيه إسترليني نقداً، إضافة إلى الوفاء بديون النادي لشراء أسهم النادي بنسبة 100 في المائة، لكن مماطلة عائلة غلايزر في دراسة العرض لأكثر من 8 أشهر جعل الأول يسحب عرضه.
إلى أين ستذهب الـ1.3 مليار إسترليني؟
بالإضافة إلى الديون المستحقة، البالغ قدرها مليار جنيه إسترليني، فإن ملعب «أولد ترافورد» متهالك، وبحاجة إلى هدمه، وإعادة بنائه، أو إجراء إصلاحات شاملة له على أحدث طراز. وسيكون مبلغ الـ1.3 مليار جنيه إسترليني الذي سيدفعه رجل الأعمال -البالغ من العمر 70 عاماً- رائعاً لتحقيق هذا الهدف، خصوصاً أنه يرغب في زيادة سعة الاستاد إلى 90 ألف متفرج. لكن ليس هناك ما يضمن أن النادي سيستفيد من هذه الأموال، وربما تذهب على الأرجح في شكل أرباح لعائلة غلايزر! إذا كان الأمر كذلك، فمن أين سيأتي المال اللازم لزيادة سعة الاستاد من 75 ألف متفرج؟ وينطبق الشيء نفسه على مركز تدريب مانشستر يونايتد في كارينغتون، والذي يحتاج هو أيضاً إلى تجديد، كما سيظل ملف تدعيم فريق كرة القدم بأسماء كبيرة هو الأهم لدى الجماهير.
ماذا يعني وصول راتكليف بالنسبة للأشقاء الستة في عائلة غلايزر؟
تجب الإشارة إلى أن هؤلاء الأشقاء الستة: جويل، ودارسي، وأفرام، وبريان، وكيفن، وإدوارد، يستحوذون فيما بينهم على 69 في المائة من أسهم مانشستر يونايتد. هناك فئتان من الأسهم في مانشستر يونايتد: (أ) و(ب)، والأسهم التي تمتلكها عائلة غلايزر من فئة (ب) لها قوة تصويتية تبلغ 10 أضعاف الأسهم من الفئة (أ). ومن غير الواضح ما إذا كان راتكليف قد وافق على شراء جزء من أسهم الأشقاء الستة معاً، أو على سبيل المثال، سيشتري أسهم اثنين منهم بالكامل. وتتوزع حصتهم كما يلي: لدى جويل 21,899,366 سهماً من الفئة (ب)، و1,707,614 سهماً من الفئة (أ)، بقوة تصويت إجمالية تصل إلى 19.11 في المائة؛ أما دارسي، فلديها 20,899,365 سهماً من الفئة (ب) و603,806 سهماً من الفئة (أ)، بقوة تصويت إجمالية تصل إلى 18.15 في المائة؛ ويملك بريان 19,899,365 سهماً من الفئة (ب)، بقوة تصويت تبلغ 17.23 في المائة؛ وأفرام 16.606.979 سهماً من الفئة (ب)، بقوة تصويت تبلغ 14.38 في المائة؛ وكيفن 15,899,366 سهماً من الفئة (ب)، بقوة تصويت تبلغ 13.77 في المائة؛ وإدوارد 15.003.172 سهماً من الفئة (ب)، بقوة تصويت تبلغ 12.99 في المائة. أما جويل القائد الفعلي لعائلة غلايزر، فهو على اتصال يومي (عدة مرات في كثير من الأحيان) مع ريتشارد أرنولد، الرئيس التنفيذي، ومورتو، وأعضاء آخرين في التسلسل الهرمي للنادي. لكن السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيقدم مورتو، وتن هاغ، تقاريرهما بشكل مباشر إلى راتكليف في المستقبل؟
من سيصوّت على قبول عرض
راتكليف من عدمه؟
أعضاء مجلس إدارة مانشستر يونايتد الـ12: أفراد عائلة غلايزر الستة، بالإضافة إلى أرنولد، وكليف باتي (المدير المالي)، وباتريك ستيوارت (كبير المسؤولين القانونيين والمستشار العام)، والمديرين المستقلين الثلاثة، روبرت ليتاو، ومانو ساوني، وجون هوكس.
كيف سيستقبل المشجعون
الملياردير البريطاني؟
سوف يتم الحكم على ما إذا كان راتكليف قادراً على التحلي بشعبية كبيرة بين الجمهور على المدى الطويل؛ لأنه على المدى القصير قد يُنظَر إليه على أنه الرجل الذي ملأ جيوب عائلة غلايزر بالمال، وأصبح تابعاً للمُلاك الأميركيين. لكن يبدو أن رجل الأعمال البريطاني يسعى لامتلاك أسهم النادي كلها مستقبلاً، وهو ما يعني نهاية استحواذ عائلة غلايزر على مانشستر يونايتد، وهو السيناريو الذي يحلم به كل عشاق النادي. لقد كانت السنوات العشر الأخيرة منذ حصول النادي على آخر بطولة للدوري الإنجليزي الممتاز عبارة عن مهزلة مليئة بكثير من الأخطاء في سوق الانتقالات (أنخيل دي ماريا، وبول بوغبا، على سبيل المثال لا الحصر)، والمديرين الفنيين الذين لم يحققوا النجاح المتوقع: (ديفيد مويز، ولويس فان غال، وجوزيه مورينيو، وأولي غونار سولسكاير)، وتقبل الحصول على المركز الرابع؛ لأنه يعني التأهل لدوري أبطال أوروبا!
* خدمة «الغارديان»