هل تنبأ بوغبا بما قد يحدث له عندما قال إن كرة القدم جميلة... لكنها قاسية؟

موهبة اللاعب وقدراته الفنية الهائلة لن تُمحى من الذاكرة سواء كان مذنباً أم لا

مسيرة بوغبا لم تسر على ما يرام منذ عودته إلى مانشستر يونايتد باستثناء الفوز بكأس العالم 2018 (أ.ف.ب)
مسيرة بوغبا لم تسر على ما يرام منذ عودته إلى مانشستر يونايتد باستثناء الفوز بكأس العالم 2018 (أ.ف.ب)
TT

هل تنبأ بوغبا بما قد يحدث له عندما قال إن كرة القدم جميلة... لكنها قاسية؟

مسيرة بوغبا لم تسر على ما يرام منذ عودته إلى مانشستر يونايتد باستثناء الفوز بكأس العالم 2018 (أ.ف.ب)
مسيرة بوغبا لم تسر على ما يرام منذ عودته إلى مانشستر يونايتد باستثناء الفوز بكأس العالم 2018 (أ.ف.ب)

قال النجم الفرنسي بول بوغبا: «في بعض الأحيان، لا أريد الحصول على مزيد من الأموال، ولا أريد أن ألعب المزيد من المباريات، فكل ما أريده هو أن أكون مع أشخاص عاديين يحبونني لشخصي - وليس من أجل الشهرة، أو من أجل المال. في بعض الأحيان يكون الأمر صعباً». كان بوغبا قد أدلى بهذه التصريحات لقناة «الجزيرة» في مقابلة أذيعت الأحد الماضي، وبعد يوم واحد فقط جاءت نتيجة اختبار المنشطات الذي خضع له إيجابية.

لقد مر ما يزيد قليلاً على سبع سنوات منذ أن كسر مانشستر يونايتد الرقم القياسي لأغلى صفقة في العالم من خلال إعادة التعاقد مع بول بوغبا، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 23 عاماً، وفاز بأربعة ألقاب للدوري الإيطالي الممتاز، واختير كأفضل لاعب شاب في بطولة كأس العالم السابقة. ومنذ ذلك الحين، لم تسر الأمور على ما يرام بالنسبة له، باستثناء الفوز بكأس العالم 2018 مع منتخب فرنسا.

قد يواجه بوغبا عقوبة الإيقاف لمدة أربع سنوات إذا جاءت نتيجة العينة الأخرى الذي سيخضع لها إيجابية؛ وهو ما قد يعني في الواقع نهاية مسيرته الكروية؛ نظراً لأنه يبلغ من العمر حالياً 30 عاماً ويعانى منذ فترة من إصابات في الركبة. إنه ينتظر الخضوع لعينة أخرى، ولا يزال بإمكانه التقدم باستئناف - أثبتت حالة مدافع أتالانتا، خوسيه بالومينو، أن العينة ممكن أن تتأثر بعوامل خارجية مثل التلوث. ويبدو من المناسب تماماً أن الاختبار الذي خضع له جاء بعد مباراة لفريقه يوفنتوس لم يشارك فيها بوغبا حتى كبديل.

وقال بوغبا: «كرة القدم جميلة جداً، لكنها قاسية. يمكن للناس أن ينسوك. يمكنك أن تفعل شيئاً رائعاً، لكنك في اليوم التالي تكون لا شيء». لقد شعر بوغبا بذلك أكثر من غيره، على الرغم من أنه قبل معاناته من هذا النسيان كان هناك الكثير من الإحباط بسبب الشعور بأنه لم يتم استغلال موهبته الاستثنائية بالشكل المناسب.

لقد كان بوغبا موهوباً للغاية. من السهل أن ننسى الآن المستويات الرائعة التي كان يقدمها مع يوفنتوس، أولاً تحت قيادة أنطونيو كونتي ثم تحت قيادة ماسيميليانو أليغري، عندما كان يلعب ناحية اليسار ضمن خط وسط مكون من ثلاثة لاعبين، سواء وفق طريقة 3-5-2 أو 4-3-1-2. لقد كان هذا هو المركز المثالي بالنسبة له. وإلى جانب أندريا بيرلو وكلاوديو ماركيزيو أو أرتورو فيدال، وفي ظل وجود باتريس إيفرا أو كوادو أسامواه في مركز الظهير، كان بوغبا يتألق بشدة ويحقق أقصى استفادة ممكنة من قدراته الفنية والبدنية.

لكن لم يكن لديه مثل هذا الدور المحدد والواضح جيداً في مانشستر يونايتد. وكانت المشكلة الأساسية تكمن في أنه كان موهوباً للغاية وكان يمتلك مهارات استثنائية، لكن عندما يتم الدفع به في مركز متأخر في عمق الملعب فإن ذلك كان يخلق شعوراً بأن المدير الفني غير قادر على استغلال مهاراته وإمكاناته بشكل كامل. لكن عندما كان يلعب في مركز متقدم، كونه صانع ألعاب، كان يتضح للجميع أنه، في غير هذا المركز، لم يكن قادراً على الدوران بشكل مناسب عندما يستلم الكرة وظهره لمرمى الفريق المنافس في معظم الأحيان. لقد كان هناك شعور بأن بوغبا يمتلك قدرات وفنيات كانت تجعله قادراً على التألق في الماضي وليس في كرة القدم الحديثة، حيث يمكنه اللعب من منطقة جزاء فريقه وحتى منطقة جزاء الفريق المنافس على طريقة ستيفن جيرارد (الذي كان يبدو أيضاً أنه لا يناسب طرق اللعب الحديثة). وبالتالي، كان اللعب ناحية اليسار في خط وسط مكون من ثلاثة لاعبين هو الدور الوحيد الذي يساعد بوغبا على استغلال كل قدراته.

لم يكن المدير الفني لمنتخب فرنسا، ديدييه ديشامب، يواجه أبداً أي مشكلة في مطالبة أي لاعب يمتلك قدرات هجومية طبيعية بأن يقوم بدور دفاعي على حساب ذلك، فكان يعتمد على بوغبا في عمق الملعب إلى جانب نغولو كانتي عندما فازت فرنسا بكأس العالم 2018. وخلال منافسات المونديال، قام بوغبا بدوره بشكل جيد وحافظ على انضباطه ولم يشعر أحد بأن اللعب في هذا المركز يحدّ كثيراً من قدراته الفنية. ربما كان من الممكن أن يفعل بوغبا ذلك لمدة شهر خلال بطولة كبرى مثل كأس العالم، لكن لم يكن هذا هو الحل المعقول على المدى الطويل.

لكن هذا لا يتعلق فقط بخلل فني، فقد كانت هناك إشارات تحذيرية خلال المقابلة الأولى التي أجراها بوغبا لدى عودته إلى مانشستر يونايتد، حيث لم يتحدث عن طموحه بالفوز بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز أو دوري أبطال أوروبا، وإنما تحدث بدلاً من ذلك على رغبته في الفوز بالكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم. لم يكن بوغبا يتحدث أبداً عن كيفية مساعدة الفريق على تحقيق إنجازات جماعية، بالإضافة إلى أنه ربما لم يساعد نفسه من خلال اتخاذ قرارات غريبة، بدءاً من بعض المشروعات خارج الملعب وصولا إلى قصات الشعر غير المناسبة. فإذا كنت لا تريد أن يتهمك الناس بعدم التركيز، فمن الأفضل ألا تلعب وكأنك شخص مشتت الانتباه!

بوغبا لعب دوراً بارزاً في فوز فرنسا بكأس العالم 2018 (أ.ب) cutout

ومع ذلك، لم يكن بوغبا هو اللاعب الوحيد الذي تراجع مستواه بشدة مع مانشستر يونايتد، فكما قال بارني روناي ، في مقالته بـ«الغارديان» مؤخراً، فإن النادي قد أصبح بمثابة «مفرمة» للمواهب. بالإضافة إلى ذلك، عانى بوغبا من الإصابات المستمرة: مشكلة مستمرة في الكاحل في موسم 2019-2020، ثم مشكلات أخرى في أوتار الركبة في عام 2021، وبعد عودته إلى يوفنتوس في 2022 خضع لعملية جراحية في الركبة وتعرض لسلسلة من المشكلات العضلية. ومنذ صيف 2019، لم يشارك بوغبا في التشكيلة الأساسية سوى في 51 مباراة فقط في الدوري.

لكن هذه لم تكن حتى هي المشكلة الأكبر. ففي مارس (آذار) 2022، وقبل شهر من خوض مباراته الأخيرة مع مانشستر يونايتد، قيل إنه قد تم اختطافه بالقرب من العاصمة الفرنسية باريس على يد رجال ملثمين ومسلحين، طالبوا بالحصول على مبلغ قدره 13 مليون يورو (11 مليون جنيه إسترليني) كأموال حماية - مليون يورو عن كل عام من مسيرته الكروية - ويبدو أن بوغبا حاول الدفع بالفعل، لكن البنك الذي يتعامل معه هو الذي أوقف عملية تحويل الأموال. وقبل أربعة أيام من ذلك، كان بوغبا ضحية عملية سطو مسلح حدثت أثناء وجود طفليه الصغيرين في المنزل.

في ذلك الصيف، أصدر شقيقه الأكبر، ماتياس، مقطع فيديو اتهم فيه بوغبا باللجوء إلى رجل دين من غرب أفريقيا يُدعى إبراهيم، كان يتقاضى 100 يورو في الساعة، لإصابة كيليان مبابي باللعنة. اعترف بوغبا لاحقاً بأنه كان يستشير أحد رجال الدين، لكن فقط بهدف مساعدته على التخلص من الإصابات المستمرة. وقال بوغبا: «المال يغير الناس. من الممكن أن يؤدي إلى تفكك الأسرة، ومن الممكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب».

سوف تتضح الصورة قريباً بشأن قضية المنشطات. ربما يكون بوغبا مذنباً، وربما لا يكون كذلك. وربما يتعرض للإيقاف، وربما لا. ومهما كانت الحقيقة، فإن إيجابية اختبار المنشطات تعدّ بمثابة لحظة حزينة أخرى في مسلسل تراجع بوغبا. وتبقى حقيقة أن موهبة اللاعب وقدراته الفنية الهائلة لن تُمحى من الذاكرة، سواء كان مذنباً أم لا. والآن، فإن اللاعب الذي يبدو أن خطأه الوحيد هو أنه يمتلك قدرات فنية هائلة ربما لا تناسب لاعب خط الوسط في العصر الحديث يواجه خطر انهيار مسيرته الكروية. وبغض النظر عن من هو المسؤول عن ذلك، فمن المؤكد أنه أمر مأساوي!

* خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

الدوري الإيطالي: أودينيزي يقلبها على بارما بثلاثية ويتصدر

رياضة عالمية فلوريان توفان محتفلاً بهدفه الثاني في بارما (أ.ب)

الدوري الإيطالي: أودينيزي يقلبها على بارما بثلاثية ويتصدر

قلب أودينيزي الطاولة على بارما عندما حوّل تخلفه أمامه 0 - 2 إلى فوز 3 - 2 الاثنين ليعتلي صدارة بطولة إيطاليا لكرة القدم في المرحلة الرابعة.

«الشرق الأوسط» (روما )
رياضة عالمية تياغو موتا (إ.ب.أ)

موتا: كوبمينيرز يسخر كل قدراته ليوفنتوس

قال تياغو موتا مدرب يوفنتوس الإيطالي، الاثنين، إن الوافد الجديد تيون كوبمينيرز اندمج في الفريق، وسيتألق إذا شارك في مواجهة أيندهوفن الهولندي في مستهل مشواره.

«الشرق الأوسط» (روما)
رياضة عالمية إسماعيل بن ناصر (نادي إيه سي ميلان)

ميلان يؤكد غياب إسماعيل بن ناصر لنهاية 2024

أعلن نادي إيه سي ميلان الإيطالي عن غياب الجزائري إسماعيل بن ناصر لاعب وسط الفريق عن الملاعب لنهاية العام الحالي 2024.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
رياضة عالمية سيموني إنزاغي (رويترز)

إنزاغي مدرب إنتر يأسف لإهدار الفرص أمام مونزا

قال سيموني إنزاغي، مدرب إنتر ميلان، إن فريقه كان يمكنه فعل المزيد والتصرف بشكل أسرع في زيارة مونزا المتواضعة بدوري الدرجة الأولى الإيطالي.

«الشرق الأوسط» (ميلان)
رياضة عالمية من المواجهة التي جمعت مونزا وانتر ميلان في الدوري الإيطالي (أ.ب)

الدوري الإيطالي: مونزا يخنق إنتر ميلان بالتعادل

فرض مونزا التعادل 1-1 على ضيفه إنتر ميلان الأحد ضمن الجولة الرابعة من دوري الدرجة الأولى الإيطالي لكرة القدم، ليحرم حامل اللقب من الصعود إلى الصدارة.

«الشرق الأوسط» (روما)

مدرب ليفربول: نحترم الميلان لكننا لا نهابه

سلوت يوجه لاعبي ليفربول خلال التدريبات (أ.ب)
سلوت يوجه لاعبي ليفربول خلال التدريبات (أ.ب)
TT

مدرب ليفربول: نحترم الميلان لكننا لا نهابه

سلوت يوجه لاعبي ليفربول خلال التدريبات (أ.ب)
سلوت يوجه لاعبي ليفربول خلال التدريبات (أ.ب)

قال أرني سلوت، مدرب ليفربول الإنجليزي، اليوم الاثنين، إن فريقه يكن احتراماً كبيراً لميلان الإيطالي لكنه لا يهابه قبل المواجهة التي تجمعهما في مستهل مشوار الفريقين بدوري أبطال أوروبا لكرة القدم في ملعب «سان سيرو».

وبدت العملية الانتقالية من حقبة يورغن كلوب سلسة، إذ بدأ ليفربول الموسم بثلاثة انتصارات متتالية في الدوري دون تلقي أي أهداف، لكنه خسر بصورة مفاجئة 1 - صفر أمام ضيفه نوتنغهام فورست يوم السبت الماضي.

ويستهل ليفربول مساعيه للفوز باللقب للمرة السابعة أمام ميلان الذي توج بطلاً سبع مرات. ولم يقدم الفريق الإيطالي أفضل مستوياته هذا الموسم، وحصد خمس نقاط فقط من أربع مباريات. لكن فريق المدرب باولو فونسيكا لا يؤمن جانبه. وقال سلوت في مؤتمر صحافي عشية المواجهة التي تقام الثلاثاء: «لا أعتقد أن أي مدرب يهاب مواجهة فريق آخر، لكننا نكن احتراماً كبيراً لميلان. يتمتع بقدرات كبيرة، لا نخشى مواجهته، لكننا نحترم كل لاعبيه. أظهروا أنهم في حالة جيدة، بانتصار جيد جداً بنتيجة 4 - صفر (على فينيتسيا في الدوري الإيطالي يوم السبت)».