اختيارات ساوثغيت الغريبة لقائمة المنتخب الإنجليزي لا تبشر بالخير

هل يعتمد المدير الفني على عدد معين من اللاعبين مهما كان مستواهم مع أنديتهم؟

ساوثغيت يصر على اختيار ماغواير رغم أنه يمر بفترة عصيبة للغاية مع يونايتد واستبعد من التشكيلة الأساسية للفريق (ب.أ)
ساوثغيت يصر على اختيار ماغواير رغم أنه يمر بفترة عصيبة للغاية مع يونايتد واستبعد من التشكيلة الأساسية للفريق (ب.أ)
TT

اختيارات ساوثغيت الغريبة لقائمة المنتخب الإنجليزي لا تبشر بالخير

ساوثغيت يصر على اختيار ماغواير رغم أنه يمر بفترة عصيبة للغاية مع يونايتد واستبعد من التشكيلة الأساسية للفريق (ب.أ)
ساوثغيت يصر على اختيار ماغواير رغم أنه يمر بفترة عصيبة للغاية مع يونايتد واستبعد من التشكيلة الأساسية للفريق (ب.أ)

كيف يبدو المدير الفني للمنتخب الإنجليزي، غاريث ساوثغيت، هذه الأيام؟ لقد ظهر ساوثغيت مؤخرا في مؤتمر صحافي كرجل في منتصف العمر يتحدث بهدوء ويبدو للوهلة الأولى وكأنه يدلي بشهادته أمام لجنة كشف الحقيقة في دولة قمعية، لكنك إذا رفعت مستوى صوت التلفزيون ستجد أنه يقول أشياء عن كونور كوادي أو عدم وجود ظهير أيسر إنجليزي في الدوري الإنجليزي الممتاز. لقد أصبح ساوثغيت، وخلافاً لأي منطق، الشخصية العامة الأكثر استقطاباً في الخطاب الوطني الإنجليزي!

في هذا الصدد، كان الانطباع الرئيسي خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده ساوثغيت للإعلان عن قائمة المنتخب الإنجليزي، هو أن شيئاً ما قد تغير هنا. في وقت لاحق من تلك الليلة، سمعت متصلاً على قناة «سكاي سبورت» يشرح بتفاصيل واضحة ومقنعة أن ساوثغيت اختار إيدي نكيتيا لقائمة المنتخب الإنجليزي في خطوة ذكية للغاية تهدف لتشتيت الانتباه وخداع وسائل الإعلام حتى لا تتحدث عن خطيئته الرئيسية التي لا تغتفر، والتي تتمثل في «الولاء»، بمعنى اعتماده على عدد معين من اللاعبين مهما كان مستواهم مع أنديتهم.

ومع ذلك، لم يكن من الصعب تبرير اختياراته الغريبة الأخرى. فلدى ساوثغيت رؤية تتعلق بالاعتماد على كالفين فيليبس في خط وسط مكون من ثلاثة لاعبين إلى جانب ديكلان رايس. لا يفصلنا عن انطلاق نهائيات كأس الأمم الأوروبية سوى تسعة أشهر فقط، ولا يرى ساوثغيت أن جيمس وارد براوز، على سبيل المثال، قادر على خلق نفس التوازن في خط الوسط، وهو أمر مفهوم على الأقل.

وعلاوة على ذلك، يبدو اختيار هاري ماغواير، في ظاهر الأمر، غريباً تماماً، خاصة أن اللاعب يمر بفترة عصيبة للغاية مع مانشستر يونايتد بعدما تم تجريده من شارة القيادة وتم استبعاده من التشكيلة الأساسية للفريق في معظم المباريات. ويمثل ماغواير أيضا مشكلة من الناحية التكتيكية، حيث لا يجيد بناء الهجمات من الخلف ويفتقر للسرعة المطلوبة، ويعود للخلف بشكل غير مبرر حتى والكرة مع فريقه، وهو الأمر الذي يؤدي إلى سحب بقية عناصر الفريق معه للخلف مرة أخرى. لكن ماغواير يمتلك صفات جيدة أيضا، كما أن هناك الكثير من المدافعين الدوليين المصابين في الوقت الحالي، وبالتالي فإن اختياره هذه المرة قد لا يبدو بنفس القدر من الغرابة. ولكنه على أي حال لا يبشر بالخير.

وعلى النقيض من ذلك، فإن استبعاد رحيم سترلينغ يبدو قاسيا، بالنظر إلى المستويات الرائعة التي يقدمها اللاعب مؤخرا مع تشيلسي، لكن اللاعبين الذين اختارهم ساوثغيت في هذا المركز جيدون أيضا. ومن الناحية المثالية، يمكن أن يعود سترلينغ في وقت ما ليثبت للجميع أنه لا يزال لاعبا من الطراز الرفيع. لكن أغرب الاختيارات حقا كانت تتمثل في ضم جوردان هندرسون، الذي يفتقر إلى الطموح التكتيكي. ومع ذلك، ربما يكون اختياره مفيدا بطرق أخرى!

ومن الواضح أيضا أن هناك تحولا كبيرا يظهر من خلال حقيقة أن ساوثغيت الذي قال من قبل: «لدي مسؤولية تجاه المجتمع الأوسع للتعبير عن رأيي واستخدام صوتي»، قد تجنب قول أي شيء عن الاتحاد الإسباني لكرة القدم بعد أزمة رئيس الاتحاد أثناء تتويج لاعبات منتخب إسبانيا للسيدات بكأس العالم. وبعدما كان ساوثغيت يؤكد على أن «لاعبينا يمثلون قدوة... ويجب أن ندرك التأثير الذي يمكن أن يحدثوه على المجتمع»، فقد رفض الإجابة عن أي سؤال يتعلق بماسون غرينوود، واكتفى بالقول: «إنها مسألة معقدة».

فهل هذه الأمور مهمة؟ وهل كان أي منها مهماً من قبل؟ وهل تغير أي شيء بالفعل يجعل ساوثغيت يتخلى عن آرائه السابقة بشأن هذه القضايا ويفضل الحديث عن الأمور المتعلقة بكرة القدم فقط؟ فبعدما كان المدير الفني للمنتخب الإنجليزي يحاول دائما إظهار التسامح وحماية لاعبيه وقول الأشياء الصحيحة، أصبح، رغم كل الأسباب، واحداً من أكثر الأشخاص إثارة للانقسام في البلاد، وتحول إلى أداة للاستياء عبر شبكة الإنترنت.

لقد وُصِفت مهمة تدريب المنتخب الإنجليزي الأول بأنها مهمة مستحيلة، لكن يبدو أن ساوثغيت قد نجح في تقليل الضغوط عليه من خلال تحويل المنتخب الإنجليزي من فريق يخسر أمام الدول الأضعف إلى فريق يخسر أمام الدول الأقوى! لكن النتائج الرائعة التي حققها المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم 2018 بعثت الأمل الإنجليزي من جديد، وأعادت للواجهة فكرة أنه لمجرد أن إنجلترا الآن جيدة جداً، فيجب على العالم أن يركع على ركبتيه في حالة رعب شديد، وهو الأمر الذي يعكس سوء الإدارة!

وكما هو الحال دائما مع المديرين الفنيين لمنتخب إنجلترا، ومع دخول ساوثغيت الأشهر العشرة الأخيرة له في منصبه، أصبح هناك شعور بالإرهاق. ربما سيحبه الناس أكثر بهذه الطريقة، وربما يتمكن أخيراً من العثور على قلب دفاع يمكنه الركض بسرعة وتمرير الكرة والمشاركة في التشكيلة الأساسية لفريقه في الدوري الإنجليزي الممتاز، بدلا من الاعتماد على ماغواير بشكل دائم! في الواقع، يتميز ساوثغيت بأنه رجل دقيق ومحترم يحمل أفكارا قيمة عن الصواب والخطأ لكنها تتعارض مع هذا العالم الغريب!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

أرتيتا: رايا قد يغيب عن مواجهة ليستر

رياضة عالمية ميكل أرتيتا مدرب آرسنال (أ.ب)

أرتيتا: رايا قد يغيب عن مواجهة ليستر

قال ميكل أرتيتا مدرب آرسنال، الجمعة، إنه ليس متأكداً من إمكانية مشاركة ديفيد رايا حارس مرمى فريقه أمام ليستر سيتي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية سون هيونغ مين قد لا يلعب ضد يونايتد (د.ب.أ)

سون هيونغ مين قد لا يكون جاهزاً لمواجهة يونايتد

قال أنجي بوستيكوغلو إن توتنهام هوتسبير سيتخذ قراراً متأخراً بشأن مدى توفر القائد سون هيونغ مين قبل مباراة الأحد ضد مانشستر يونايتد.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية روميو لافيا يستعد للعودة إلى صفوف تشيلسي (رويترز)

روميو لافيا يعود إلى تشيلسي

تلقّى تشيلسي دفعة معنوية؛ إذ من المقرر أن يعود روميو لافيا إلى الفريق لمباراة يوم السبت ضد برايتون.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية حارس مرمى ليفربول أليسون بيكر (أ.ف.ب)

أليسون يستعد للعودة إلى حراسة مرمى ليفربول

قال مدرب ليفربول أرني سلوت إن حارس المرمى أليسون سيكون متاحاً للمشاركة في مباراة السبت على ملعب وولفرهامبتون.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية رودري سيغيب لنهاية الموسم (رويترز)

نهاية موسم رودري

أكد بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي حامل لقب الدوري الإنجليزي الممتاز الجمعة أن لاعب وسط الفريق رودري سيغيب عن باقي الموسم.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)

هل يمكن للاعبين حقاً الإضراب بسبب جدول المباريات المزدحم؟

رودري أصبح أول لاعب بارز يحذر من أن اللاعبين مستعدون للدخول في إضراب قبل إصابته (رويترز)
رودري أصبح أول لاعب بارز يحذر من أن اللاعبين مستعدون للدخول في إضراب قبل إصابته (رويترز)
TT

هل يمكن للاعبين حقاً الإضراب بسبب جدول المباريات المزدحم؟

رودري أصبح أول لاعب بارز يحذر من أن اللاعبين مستعدون للدخول في إضراب قبل إصابته (رويترز)
رودري أصبح أول لاعب بارز يحذر من أن اللاعبين مستعدون للدخول في إضراب قبل إصابته (رويترز)

يزداد إحباط اللاعبين بسبب خوض الكثير من المباريات وعدم الحصول على قسط كافٍ من الراحة، لكن إلى أي مدى يقترب اللاعبون من الدخول في إضراب عن اللعب؟ لقد كانت قضية إرهاق اللاعبين دائماً موضوعاً مهماً في اللعبة، لكنه - وكما أوضح موقع «إي إس بي إن» ومواقع رياضية أخرى - أصبح أكثر أهمية بعد توسع مسابقات الأندية التابعة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، والشكل الجديد لكأس العالم للأندية التي ينظمها الاتحاد الدولي لكرة القدم.

سيكون هذا الموسم سيكون أطول موسم للأندية على الإطلاق، لأن كأس العالم للأندية ستقام على مدى أربعة أسابيع في الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) ويوليو (تموز). وقد عبر لاعبون بارزون بالفعل عن إحباطهم من ذلك، حيث أثار إيرلينغ هالاند وكيليان مبابي وجود بيلينغهام وكيفن دي بروين مخاوفهم بشأن جدول المباريات المزدحم بشكل متزايد. وخلال الأسبوع الجاري، أصبح لاعب خط وسط مانشستر سيتي رودري أول لاعب بارز يحذر من أن لاعبي كرة القدم مستعدون للدخول في إضراب عن اللعب. وانضم حارس مرمى ريال مدريد تيبو كورتوا إلى رودري في الحديث عن إمكانية لجوء اللاعبين إلى إجراء غير مسبوق. وسرعان ما انضم إليهم حارس مرمى ليفربول أليسون بيكر، ومدافع برشلونة جول كوندي، ولاعب أستون فيلا جون ماكجين.

كلوب دق ناقوس خطر كثرة المبارايات قبل رحيله عن ليفربول (غيتي)

كما دق مديرون فنيون مثل جوسيب غوارديولا وميكيل أرتيتا ويورغن كلوب ناقوس الخطر بشأن تعرض اللاعبين للإرهاق. ومؤخرا، قال المدير الفني لريال مدريد كارلو أنشيلوتي إنه يعتقد أن اللاعبين سيكونون على استعداد لخفض رواتبهم إذا كان ذلك يعني خوض عدد أقل من المباريات. وعلى الرغم من أن الإضراب طال الرياضة الأميركية على مر السنين، حيث شهدت ألعاب البيسبول وكرة السلة وكرة القدم الأميركية إضرابات أو إغلاقات، فإن كرة القدم نجحت حتى الآن في تجنب مثل هذا السيناريو الخطير.

لكن لماذا يتحدث لاعبو كرة القدم على مستوى النخبة الآن عن الإضراب، وما مدى احتمالية حدوثه؟ يجب الإشارة في البداية إلى أن قضية تعرض اللاعبين للإرهاق مثارة منذ فترة طويلة، حيث غالباً ما تشارك أكبر الأندية في المسابقات حتى المراحل النهائية ثم تدخل في معسكرات في أماكن بعيدة استعدادا للموسم الجديد في الولايات المتحدة أو آسيا. وقد تستمر هذه المعسكرات لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع وتتضمن خوض كثير من المباريات. كما يتعين على اللاعبين الكبار أن يشاركوا في المباريات الدولية مع منتخبات بلادهم، ناهيك عن السفر والتنقل لمسافات طويلة خلال الموسم، بالإضافة إلى المشاركة في البطولات الكبرى التي تقام كل عامين. وبالتالي، أصبح من السهل للغاية أن يشارك اللاعب في أكثر من 60 مباراة في العام.

ورغم التوترات المتزايدة في هذا الصدد، فقد تمكنت كرة القدم من إدارة الموقف حتى الآن، وتمكن اللاعبون من الحصول على المستوى المقترح من الراحة على الأقل - عادة ثلاثة إلى أربعة أسابيع - بين انتهاء الموسم وبداية الموسم الجديد، في حين يكون في العام التالي فترة زمنية أكبر للراحة بسبب عدم وجود مباريات دولية. لكن كأس العالم للأندية، التي ستستمر لمدة شهر وتضم 32 فريقاً وتقام في فترة كان يحصل خلالها اللاعبون على قسط من الراحة، قد تكون القشة التي قصمت ظهر البعير.

ويصر الاتحاد الدولي لكرة القدم على أن كأس العالم للأندية لن تأخذ سوى الفترة الزمنية التي كانت مخصصة في السابق لبطولة كأس القارات ـ وهي بطولة دولية تقام كل أربع سنوات وينظمها البلد المستضيف لكأس العالم كاختبار لقدرته على تنظيم المونديال. لكن الحقيقة أن هذا الأمر غير صحيح بالمرة، فكأس القارات لا يشارك فيها سوى ثماني دول فقط وتستمر لمدة أسبوعين فقط ولا يشارك فيها مثل هذا العدد الكبير من اللاعبين الذين يشاركون مع أنديتهم في كأس العالم للأندية بعد موسم شاق ومرهق.

دي بروين انضم إلى رودري في إمكانية لجوء اللاعبين إلى إجراء غير مسبوق (غيتي)

وفي الوقت نفسه، فإن كأس العالم للأندية تشهد إقامة 63 مباراة ومن المقرر أن تقام المباراة الافتتاحية في 15 يونيو (حزيران) - بعد 15 يوماً فقط من نهائي دوري أبطال أوروبا 2025. وفي الفترة بينهما، ستكون هناك مباريات حاسمة في تصفيات كأس العالم، ونهائيات دوري أمم أوروبا، التي ستقام في الفترة من 4 إلى 10 يونيو (حزيران). يأتي هذا بالإضافة إلى المباراتين الإضافيتين في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا بشكله الجديد الموسع هذا الموسم.

لكن ما هي الخطوات التي يمكن أن تتخذها نقابات وروابط اللاعبين؟ في يونيو الماضي، رفعت النقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين (فيفبرو)، وهي الهيئة العالمية التي تمثل أكثر من 65 ألف لاعب كرة قدم في جميع أنحاء العالم، ونقابات اللاعبين في إنجلترا وفرنسا وإيطاليا، دعوى قانونية ضد الفيفا. وسعت هذه النقابات إلى الطعن في شرعية قيام الفيفا بتحديد مواعيد وجدول المباريات الدولية من جانب واحد، وفي قرار الفيفا بتوسيع كأس العالم للأندية.

وقالت نقابة فيفبرو في مرافعتها إن «اللاعبين ونقاباتهم سلطوا الضوء باستمرار على جدول مباريات كرة القدم الحالي باعتباره مرهقا وغير قابل للتطبيق»، مشيرة إلى أن اللاعبين والنقابات ينظرون إلى كأس العالم للأندية الجديدة التي تنظمها الفيفا على أنها تمثل نقطة تحول. بالإضافة إلى ذلك، قالت فيفبرو إن «نقابات اللاعبين تعتقد أن مثل هذه القرارات التي يتخذها الفيفا تنتهك ميثاق الاتحاد الأوروبي للحقوق الأساسية، دون أي مبرر جدي. في النهاية، تعتقد نقابات اللاعبين أن هدف هذه المسابقة الجديدة هو زيادة ثروة وقوة الجهة العالمية الحاكمة لكرة القدم، دون النظر بشكل مناسب لتأثير ذلك على اللاعبين المشاركين أو على أصحاب المصلحة الآخرين في كرة القدم على المستوى الاحترافي».

وانضمت رابطة الدوريات الأوروبية، التي تمثل 39 دورياً محترفاً في 33 دولة في أوروبا، إلى الدعوى القضائية التي رفعتها فيفبرو في يوليو (تموز)، لكن الاتحاد الدولي لكرة القدم رد باتهامهم بـ«النفاق». وأصدر الفيفا بيانا قال فيه: «إن بعض الدوريات في أوروبا ـ وهي نفسها التي تنظم المسابقات ـ تتصرف وفقاً لمصالحها التجارية الذاتية، ونفاقها، ودون مراعاة الجميع في العالم. ويبدو أن هذه الدوريات تفضل جدولاً مليئاً بالمباريات الودية والجولات الصيفية، والتي غالباً ما تنطوي على السفر لمسافات طويلة حول العالم. وفي المقابل، يتعين على الفيفا أن يحمي المصالح العامة لكرة القدم العالمية، بما في ذلك حماية اللاعبين، في كل مكان وعلى جميع مستويات اللعبة».

لكن ما الذي يريده اللاعبون؟ قال ماهيتا مولانغو، الرئيس التنفيذي لرابطة لاعبي كرة القدم المحترفين في إنجلترا إنه «لا يستطيع على الإطلاق» تجاهل الإضرابات العمالية التي قد ينظمها اللاعبون إذا لم تتم معالجة مخاوفهم. وأكد مولانغو أن الفيفا لا بد أن «يجلس ويجد حلا». ومن الواضح أن كرة القدم سوف تتوقف تماماً إذا أضرب اللاعبون، لذا فإن اللاعبين في وضع قوي للدفع في اتجاه إحداث تغيير ـ إذا كانت لديهم الشجاعة للقيام بذلك.

وتريد فيفبرو ونقابات اللاعبين وضع حدود لعدد المباريات التي يمكن للاعبين خوضها في الموسم الواحد. واقترح مولانغو رقماً يتراوح بين 50 و60 مباراة، بالإضافة إلى ما لا يزيد على ست مناسبات يمكن للاعب فيها خوض مباراتين في غضون أربعة أيام. كما تريد النقابات أن تكون العطلة الصيفية لمدة تتراوح من ثلاثة إلى أربعة أسابيع إجبارية. وقال ألكسندر بيليفيلد، مدير السياسة العالمية والعلاقات الاستراتيجية لكرة القدم للرجال في فيفبرو، في حلقة نقاشية في قمة كرة القدم العالمية هذا الأسبوع: «يتحدث اللاعبون عن ذلك في كل مكان: في المؤتمرات الصحافية قبل مباريات دوري أبطال أوروبا، وقبل دوري أمم أوروبا. وبالتالي، من الواضح أن شيئاً ما قد تغير».

وأضاف: «كانت نقابات اللاعبين تعمل على هذه القضية منذ أكثر من خمس سنوات. لقد أثرنا مخاوف اللاعبين بشأن هذا الأمر وأبلغنا الفيفا بها. عندما تقوم النقابات في دول مثل إنجلترا وفرنسا وإيطاليا وغيرها من الأسواق بزيارة اللاعبين في كل فترة قبل انطلاق الموسم الجديد وتتحدث إلى لاعبي المنتخبات الوطنية، فإن الشاغل الأول لهؤلاء اللاعبين يكون كثرة عدد المباريات التي يشاركون فيها. يحتاج اللاعبون إلى فترات راحة، وحد أقصى للمباريات حتى يتمكنوا من تقديم أفضل أداء لديهم وحماية مسيرتهم الكروية. هذا هو الأمر بكل بساطة».

لقد ظل مُلاك الأندية، الذين يستفيدون من المقابل المادي المتزايد للعدد المتنامي من المباريات في البطولات الكبرى، صامتين حتى الآن ولم يعلقوا على مخاوف اللاعبين من الإرهاق. لكن هل من الممكن فعلا أن يدخل اللاعبون في إضراب؟ هذا هو الاختبار الحقيقي في الواقع: هناك الكثير من الافتراضات، لكن الإضراب ليس محتملا في هذه المرحلة، وسيكون من الصعب على اللاعبين القيام بذلك. وقالت مصادر إن تركيز فيفبرو ونقابات اللاعبين في هذه المرحلة ينصب على الإجراء القانوني ضد الفيفا، لذلك يتم توجيه طاقاتها بالكامل نحو هذا الهدف. وإذا نجح هذا الإجراء - لا يوجد جدول زمني محدد للحل - فمن غير المرجح أن يقوم اللاعبون بإضراب، لأن الفيفا سيضطر فعلياً إلى تأجيل أو تعديل أو إعادة جدولة كأس العالم للأندية.

وحتى لو أجرت رابطة اللاعبين المحترفين تصويتا بين أعضائها البالغ عددهم 5000، فسيكون من الصعب للغاية إقناع اللاعبين الذين لا يلعبون للأندية الكبرى ولا يتأثرون بشكل مباشر، بالدخول في الإضراب. إن روابط اللاعبين تمثل اللاعبين على كافة مستويات اللعبة، فهل من الممكن أن تكون هذه الروابط متأكدة من قدرتها على حشد أغلبية اللاعبين للدخول في الإضراب؟ إن إقناع عدد كبير من اللاعبين بإظهار التضامن مع اللاعبين الأعلى أجراً سوف يستغرق وقتاً طويلاً ويتطلب الكثير من العمل، ومن هنا جاءت الأولوية لاتخاذ إجراء قانوني ضد الفيفا.

مدافع برشلونة جول كوندي (يسار) دعا هو الآخر إلى القيام بإضراب (إ.ب.أ)

فعلى سبيل المثال، هل يكون لاعب في دوري الدرجة الثالثة في إنجلترا ويلعب لنادي أكينغتون ستانلي أو نيوبورت كاونتي ويحصل على نحو 500 جنيه إسترليني في الأسبوع ويتعين عليه أن يدفع الرهن العقاري ويدعم عائلته، مستعداً للدخول في الإضراب وخسارة راتبه، لدعم لاعبين يحصلون على ملايين الجنيهات في معركتهم ضد كثرة المباريات؟ إذا، كيف ستسير الأمور؟ هذا هو السؤال المهم، لكن إجابة هذا السؤال تتوقف كثيرا على نتيجة القضية التي رفعتها فيفبرو ضد الفيفا. سيواصل اللاعبون والمديرون الفنيون إثارة مخاوفهم، لكن ما لم يقبل رؤساؤهم ـ مُلاك الأندية ـ حجتهم ويوحدوا جهودهم في إخبار الاتحاد الدولي لكرة القدم بأن اللعبة أصبحت أكثر إرهاقا، فمن غير المرجح أن يتغير شيء في أي وقت قريب.

في النهاية، يجب الإشارة إلى أن إضراب اللاعبين احتمال بعيد في الوقت الحالي، لكن كل تصريح إضافي من جانب اللاعبين البارزين سوف يخدم في إبقاء هذه القضية للنقاش في المجال العام. لكن الحقيقة تتمثل في أن الأمر سوف يُحسم خلف الأبواب المغلقة. وإذا انتهت القضية القانونية لصالح الاتحاد الدولي لكرة القدم، فإن احتمال إضراب اللاعبين سيكون أكبر.