هل يسرق أفضل المدربين أفكار الآخرين للبقاء في القمة؟

إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)
إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)
TT

هل يسرق أفضل المدربين أفكار الآخرين للبقاء في القمة؟

إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)
إيدي هاو يشاهد تدريبات الملاكمين لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية (إ.ب.أ)

لُعبت الكرة بشكل طويل على أمل نقل الهجمة إلى النصف الآخر من الملعب، وممارسة الضغط على مدافعي الفريق المنافس؛ لكن الفريق الذي لعب الكرة فقد الاستحواذ عليها واستعاد الفريق الآخر الكرة، وشن هجمة مرتدة سريعة كاد يسجل منها هدفاً. وعلى الفور، أعرب المشجع الذي كان يجلس بجواري عن حسرته على إهدار هذه الفرصة من الفريق المضيف، قائلاً إن التمريرات القصيرة والسريعة أفضل كثيراً من هذا الأسلوب «البطيء» في اللعب. حدث كل هذا في ملعب «تويكنهام» للرغبي؛ حيث كان من الرائع تحليل أوجه التشابه والاختلاف بين الرغبي وكرة القدم.

لقد شاهدت مؤخراً مباراة في الرغبي، وكنت أراقب طرق اللعب، سواء من خلال بناء الهجمة ببطء، أو من خلال اللعب المباشر والسريع، كما كنت مفتونة بمعرفة ما يمكن أن تتعلمه رياضة ما من الرياضات الأخرى، ورؤية النظريات والخطط التكتيكية خلال المباراة، وكيف يمكنها التأثير على الرياضات الأخرى.

تستحوذ كرة القدم على كل شيء في حياتي، بسبب عملي في مجال تحليل مباريات كرة القدم للرجال والسيدات، وقيادتي للمراجعة الحكومية المتعلقة بكرة القدم للسيدات، والعمل في مشروع «النصف الثاني» لمساعدة لاعبات كرة القدم على الانتقال إلى مهنة أخرى بعيداً عن مجال الرياضة في أعقاب الاعتزال. ومع ذلك، فقد أدركت أن هناك حاجة ماسة إلى النظر خارجياً لإيجاد أفضل السبل للتقدم والابتكار.

من المؤكد أن أي منظمة تظل ثابتة في مكانها من دون تطور سوف تتراجع وتتدهور، كما أن الأفضل دائماً هو من يتطلع إلى اتخاذ الخطوة التالية، حتى يظل متقدماً على بقية المنافسين. وتجب الإشارة في هذا الشأن إلى أن المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا، والمدير الفني الألماني يورغن كلوب، قادران على الابتكار على أرض الملعب، وتطبيق خطط تكتيكية جديدة، كما أن أندية مثل برنتفورد وبرايتون تتميز بالابتكار فيما يتعلق بالصفقات الجديدة والتعاقد مع اللاعبين الجدد، فهذه الأندية تفعل ما هو مطلوب منها لكي تتقدم وتتطور بمرور الوقت.

وكان المدير الفني الأسطوري لمانشستر يونايتد السير أليكس فيرغسون مثالاً آخر على الشخصيات التي لا تكتفي أبداً بما حققته، وتبحث دائماً عن التطور والتجديد. فعلى سبيل المثال، أحضر فيرغسون اختصاصي عيون، وهو البروفسور الراحل جيل ستيفنسون، لاختبار عيون اللاعبين. لقد كان يفكر دائماً في كيفية تطوير مانشستر يونايتد حتى يظل أفضل من منافسيه.

لقد زرت المركز الوطني للدراجات في «مانشستر فيلودروم» قبل بضع سنوات، لأرى كيف يعملون هناك عندما كنت أدرس ماجستير علم النفس، وتعلمت كثيراً مما كانوا يفعلونه. لقد استفادت هذه الرياضة كثيراً من السير ديف برايلسفورد الذي ابتكر فكرة «المكاسب الهامشية»، وجعل الآخرين يفكرون بشكل مختلف في عالم التدريب. وبدأت أنا أيضاً أفكر في هذا الأمر، فإذا حصلت مثلاً على ميزة ما بنسبة 1 في المائة في 7 مناطق مختلفة، فإن هذا سيمنحك ميزة إجمالية على المنافسين بنسبة 7 في المائة. لقد نظر كثيرون إلى هذا المفهوم، وقام المحللون بدراسة التفاصيل الدقيقة التي يمكن أن تحدث فرقاً كبيراً في الرياضة على مستوى النخبة. وبالتالي، فإن الأفكار الفردية ليست وحدها هي التي تغير الرياضة، وإنما ينطبق ذلك على المفاهيم العامة أيضاً.

غالباً ما يزور المديرون الفنيون لكرة القدم في الأوقات التي لا يرتبطون فيها بالعمل مع أي نادٍ أو منتخب، أندية أخرى، ليروا كيف يعمل المديرون الفنيون الآخرون؛ بل وأصبحنا نرى كثيراً من الأمثلة على التعاون بين الرياضات المختلفة في هذا الشأن؛ حيث قام المدير الفني السابق للمنتخب الإنجليزي للرغبي، إيدي جونز، بزيارة ملاعب تدريب كرة القدم، كما ذهب إيدي هاو لمشاهدة تدريبات الملاكمين، لمعرفة كيف يستعدون للنزالات من الناحية النفسية والذهنية. وقال شون دايك ذات مرة، إنه سيدعو جونز للحضور إلى مركز تدريب إيفرتون، مضيفاً: «إذا كنت تسعى للحصول على تقييم حقيقي لما تقوم به، فاحضر الأشخاص الذين يمكنهم تقديم ملاحظات لك على أدائك. لا يتعلق هذا الأمر بالأشخاص الذين يعملون في مجال كرة القدم فقط؛ لكنه يتعلق بمن يعملون في أي مجال عمل، وسأطلب منهم المشاركة في التقييم».

وبناءً على ذلك، يمكن أن تكون الاستعانة بآراء أشخاص من مجالات ورياضات أخرى مهمة ومفيدة للغاية، للطرفين على حد سواء، وليس لطرف واحد. وبالتالي، يمكن القول إن أفضل المديرين الفنيين هم لصوص يسرقون الأفكار من الآخرين، وينفذونها في إطار عملهم الخاص. لقد استعان تشيلسي مؤخراً بخدمات المدير الفني لمنتخب نيوزيلندا للرغبي، ومدرب المهارات الذهنية، جيلبرت إينوكا، للقيام بدور استشاري.

لقد فاز منتخب نيوزيلندا للرغبي بكأس العالم مرتين، خلال الفترة التي قاد فيها إينوكا الفريق. وتجب الإشارة هنا إلى أن الفرق بين أفضل فريق وبقية المنافسين في أعلى المستويات يتمثل في طريقة التفكير، فكل شخص في هذا المستوى يمكنه الركض والقفز والدوران والانطلاق. أنا أعجب دائماً بأي لاعب يقول بعد المباراة: «أنا أشعر بالثقة في الوقت الحالي»؛ إذ يتعين على المرء أن ينظر جيداً إلى ما تعنيه هذه العبارة.

في صالة الألعاب الرياضية، يمكنك قياس اللياقة البدنية عن طريق رفع الأثقال، على سبيل المثال؛ لأنه يمكنك رؤية التقدم الذي يحرزه اللاعب؛ لكن من الصعب قياس المكاسب الذهنية والنفسية.

وتعد لعبة التنس خير مثال على ذلك؛ لأنها لعبة تعتمد –في الغالب– على لاعب واحد فقط، ويتعين على هذا اللاعب أن يحفز نفسه دائماً في ظل عدم وجود أي شخص آخر معه في الملعب يدفعه إلى الأمام أو يشجعه. إن كل ما يحتاج إليه هذا اللاعب موجود في ذهنه، ويتعين عليه الاعتماد على نفسه لكي يواصل العمل بكل قوة. وبالتالي، يمكن للاعبي كرة القدم التعلم من لعبة التنس في هذا الصدد.

يحتاج جميع الرياضيين إلى التعافي بشكل سريع، وأصبح هناك تقدم علمي كبير في هذا المجال؛ حيث أصبحت حمامات الجليد والمشروبات التي تساعد على الانتعاش والتأمل من الأمور الأساسية والضرورية في كثير من الرياضات، بسبب فوائدها الكبيرة. ويمكن تعلم الكثير أيضاً من الرياضات الأخرى فيما يتعلق بالأعمال التجارية، وكيفية جذب المشجعين والتفاعل معهم. ففي ملعب «تويكنهام» للرغبي، ألقيت نظرة على تجربة المشجعين وكيف تختلف عما يحدث في ملاعب كرة القدم في يوم المباراة. لقد أصبح العمل على جذب الجمهور أمراً حتمياً؛ خصوصاً في سوق تتيح للمشجعين كثيراً من الخيارات فيما يتعلق بالأماكن التي ينفقون فيها أموالهم.

من المؤكد أن البقاء في القمة هو أصعب جزء في كرة القدم على المستوى الاحترافي. وتتمثل المهمة الأساسية لأي مدير فني في إعداد الفريق بدنياً وذهنياً للمباريات، ولكي يتمكن من القيام بذلك فإنه يكون بحاجة إلى أفضل المساعدين والمرافق والمعدات والأدوات؛ لكن من المفيد أيضاً أن يعرف المدير الفني كيف يسرق الأفكار الغريبة ويطوعها من أجل فريقه؛ لأنه إذا لم يفعل ذلك فسوف يفعله الآخرون ويتفوقون عليه!

*خدمة «الغارديان»


مقالات ذات صلة

أموريم: لا أشعر ببهجة عيد الميلاد... محبط من يونايتد!

رياضة عالمية روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)

أموريم: لا أشعر ببهجة عيد الميلاد... محبط من يونايتد!

قال روبن أموريم، مدرب مانشستر يونايتد، إنه على الرغم من أن التعامل مع مشاكل النادي أمر محبط، فإنه واثق بقدرته على حلها.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية إنزو ماريسكا مدرب تشيلسي (إ.ب.أ)

ماريسكا: أداء تشيلسي فاق التوقعات

يحتل تشيلسي المركز الثاني في ترتيب الدوري الإنجليزي، لكن مدربه إنزو ماريسكا قلل من أهمية الحديث عن ضغوط المنافسة على اللقب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية لاعب وسط كريستال بالاس آدم وارتون (رويترز)

الإصابة تغيب آدم وارتون عن كريستال بالاس لأسابيع

من المتوقع أن يغيب لاعب وسط كريستال بالاس، آدم وارتون، عن الملاعب لمدة تصل إلى 4 أسابيع.

The Athletic (لندن)
رياضة عالمية براين باري ميرفي سيساعد نيستلروي في تدريب ليستر (رويترز)

ميرفي ينضم إلى طاقم نيستلروي في ليستر

أكد رود فان نيستلروي أن براين باري ميرفي سيتولّى منصب المدرب المساعد له في ليستر سيتي.

The Athletic (ليستر)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو (رويترز)

بوستيكوغلو: توتنهام «بحاجة لتعزيز صفوفه» عند فتح سوق الانتقالات

أكد أنجي بوستيكوغلو، المدير الفني لفريق توتنهام هوتسبير، أن ناديه يخطط للدخول بقوة في فترة الانتقالات الشتوية المقبلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أموريم: لا أشعر ببهجة عيد الميلاد... محبط من يونايتد!

روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)
روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)
TT

أموريم: لا أشعر ببهجة عيد الميلاد... محبط من يونايتد!

روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)
روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد (إ.ب.أ)

قال روبن أموريم مدرب مانشستر يونايتد، الثلاثاء، إنه على الرغم من أن التعامل مع مشاكل النادي المنافس في الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم أمر محبط، فإنه واثق بقدرته على حلها.

ويحل يونايتد ضيفاً على ولفرهامبتون في اليوم التالي لعيد الميلاد، سعياً للتعافي من هزيمتين متتاليتين. وتولى أموريم المسؤولية الشهر الماضي وكان الفريق في المركز الـ14، وخلال 6 مباريات معه في الدوري فاز مرتين وتعرض لـ3 هزائم وتعادل مرة واحدة.

وسيحتفل يونايتد بعيد الميلاد وهو في المركز الـ13، وهو أقل ترتيب له في تاريخ 25 ديسمبر (كانون الأول) منذ عام 1986، عندما كان في المركز الـ15 تحت قيادة أليكس فيرغسون الذي كان يقضي الشهر الثاني له في منصبه.

وأبلغ أموريم الصحافيين: «ربما تكون هذه واحدة من أسوأ اللحظات في تاريخ نادينا. يتعين علينا مواجهتها والتعامل معها بقوة».

وعندما سُئل عن سبب عدم تحقيق النادي لتقدم كبير، قال المدرب البرتغالي: «لو كنت أعرف (السبب)، كنت سأحل جميع مشاكل هذا النادي، حتى هذه المشكلة (تسرب مياه الأمطار من السقف). أعرف ما سأفعله، هذا واضح جداً بالنسبة لي. لن أقول إنني أشعر بالراحة لأنني أشعر بالإحباط حقاً. إنها لحظة صعبة للغاية، ولكننا سنحل المشكلات خطوة بخطوة وسنجد إجابات لكل شيء».

وأردف مدرب سبورتنغ لشبونة السابق: «أريد الفوز فقط، لا أهتم بعيد الميلاد. كل ما أركز عليه هو الفوز بالمباراة التالية. هذا هو الشيء الوحيد الذي يهمني. نحن محظوظون (في إنجلترا) بأننا نستطيع اللعب في اليوم التالي لعيد الميلاد لإضفاء بعض السعادة على الجماهير ونرغب بشدة في الفوز بها».

وقال أموريم (39 عاماً) إن المدافعَين ماتيس دي ليخت وفيكتور ليندلوف سيغيبان، موضحاً أنه سيعتمد على تشكيلة مختلفة خوفاً من التعرض لإصابات جديدة.

وأضاف: «في الوقت الحالي، لا يتعلق الأمر بالمداورة بين اللاعبين والتحضير للمستقبل (ولكن) ببساطة من أجل عدم التعرض للإصابات. نحاول معالجة كل شيء. أعلم أن هناك مشروعاً طويل الأمد ونحن نركز عليه. لكن إذا تعرّضنا لإصابات فهذه مشكلة كبيرة».

وخلت تشكيلة أموريم من ماركوس راشفورد (27 عاماً) في آخر 3 مباريات في كل المسابقات، وتساءل المدرب عن قرارات حاشية المهاجم بعد أن قال إنه مستعد لخوض «تحديات جديدة».

وقال عن خريج أكاديمية يونايتد: «بعض اللاعبين هنا تقع عليهم مسؤولية كبيرة لأنهم هنا منذ فترة طويلة. إذا كان لديك موهبة كبيرة فنحن بحاجة إلى أداء كبير ومسؤولية كبيرة وعمل كبير لدفع الجميع إلى الأمام في هذه اللحظة».