غوارديولا: من دون حصد دوري الأبطال كل إنجازاتي تخضع للتقييم

سوق الانتقالات الصيفية سيحدد من يمكنه إيقاف هيمنة سيتي الموسم المقبل

غوارديولا صنع لمانشستر سيتي فريقا يصعب هزيمته (ا ف ب)
غوارديولا صنع لمانشستر سيتي فريقا يصعب هزيمته (ا ف ب)
TT

غوارديولا: من دون حصد دوري الأبطال كل إنجازاتي تخضع للتقييم

غوارديولا صنع لمانشستر سيتي فريقا يصعب هزيمته (ا ف ب)
غوارديولا صنع لمانشستر سيتي فريقا يصعب هزيمته (ا ف ب)

يدرك الإسباني الاستثنائي جوسيب غوارديولا الذي حقق 11 لقبا للدوري في 15 موسما، حيث درب برشلونة الإسباني ثم بايرن ميونيخ الألماني والآن مانشستر سيتي الإنجليزي أن كل إنجازاته السابقة ربما تخضع للتقييم حال فشله في التتويج بدوري أبطال أوروبا هذا الموسم.

وهو على مشارف تحقيق إنجاز غير مسبوق، حيث سيصبح أول مدرب يحقق الثلاثية (الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا) في موسم واحد مرّتين، بعد أن توّج فريقه بالدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم.

وبعد أن توّج مع فريقه بالدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الخامسة في ستة مواسم، زين مانشستر سيتي مدخل استاد «الاتحاد» بصورة للمدرب الإسباني وطبعت عليها عبارة «جوسيب غوارديولا غيّر كرة القدم».

ورغم أن سجل غوارديولا في بطولات إسبانيا وألمانيا وإنجلترا يتحدث عن نفسه، يدرك غوارديولا أن مسيرته مع سيتي ربما ستخضع للتقييم في النهاية بناء على نتائجه في دوري الأبطال.

وخلال الأسابيع الثلاثة المقبلة يمكنه أن ينقل سيتي إلى آفاق أبعد إذا فاز بلقبي كأس الاتحاد الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا ليكمل ثلاثية تاريخية. ويخوض سيتي نهائي كأس إنجلترا ضد جاره مانشستر يونايتد في الثالث من يونيو (حزيران) المقبل على ملعب ويمبلي في لندن، وفي العاشر منه يواجه إنترميلان الايطالي في نهائي دوري الأبطال على ملعب أتاتورك في إسطنبول.

غوارديولا يتوسط مسؤولي سيتي وجهازه المعاون خلال مراسم التتويج بالدوري (رويترز)

وقال غوارديولا: «خمسة ألقاب للدوري الإنجليزي في ست سنوات، لم أقدر على تخيل ذلك، لدي شعور بأننا حققنا شيئا مميزا، لكن لكي يعتبر أحد أعظم الإنجازات يجب أن نفوز بدوري الأبطال، وإلا لن يكتمل النجاح». وأضاف «فزنا بالكثير لكن لا يمكن إنكار أنه قد يكون من الظلم وجوب الفوز بدوري الأبطال لإعطاء قيمة لما تفعله».

وكان سيتي متأخرا بفارق ثماني نقاط خلف آرسنال قبل أسابيع قليلة في سباق الدوري، وأقر غوارديولا بأنه اعتقد استحالة اللحاق بفريق مواطنه المدرب ميكل أرتيتا حين جمع الأخير 50 نقطة في منتصف الموسم، لكن سيتي شحن طاقته الكاملة وحقق 12 فوزا متتاليا بينما أخفق آرسنال في السير على الوتيرة نفسها، حيث أهدر الفريق اللندني 15 نقطة في ثماني مباريات.

وقال المدرب الإسباني الذي تولى قيادة سيتي في 2016: «في النصف الأول جمع آرسنال 50 نقطة، وكنت أشعر بأنه سينجز شيئاً استثنائياً، كنت أشعر أنه من الصعب اللحاق بهم، لكن بفضل شراستنا، ورفضنا الاستسلام، والإصرار على الفوز في كل مباراة حققنا ما كان يبدو مستحيلاً».

وهذه المرة الثالثة التي يحقق فيها غوارديولا لقب الدوري ثلاث مرات متتالية، حيث هيمن على الدوري الإسباني مع برشلونة بين 2009 و2011 وكرر ذلك في ألمانيا مع البايرن من 2014 إلى 2016. وبات غوارديولا على مشارف تحقيق إنجاز غير مسبوق من خلاله سيصبح أول مدرب يحقق الثلاثية (الدوري والكأس ودوري أبطال أوروبا) في موسم واحد مرّتين، بعد أن سبق وحقق ذلك مع برشلونة في 2009.

وسبق لستة مدربين أن أحرزوا الثلاثية مرة واحدة منذ اعتماد النظام الجديد في دوري الأبطال موسم 1992 - 1993، وغوارديولا أحدهم، لكنّ أحدا لم يحققها مرّتين. وحده السير أليكس فيرغسون أحرز لقب الدوري الإنجليزي (برميرليغ) ثلاث مرات توالياً، علما بأن غوارديولا قد أحرز الثلاثية للمرة الثالثة خلال مسيرته بعد أن حقق الإنجاز ذاته مع برشلونة (2009 الى 2011) وبايرن ميونيخ (2014 إلى 2016).

وبفضل تكتيكاته التي تفوق بها على كل أقرانه، عمل غوارديولا على استخراج أفضل ما في تشكيلته حتى إن كانوا من طراز عالمي.

وأكد جاك غريليش، الذي احتاج إلى وقت لتثبيت أقدامه في سيتي ولم يحظ بثقة تامة من غوارديولا في موسمه الأول، على تأثير مدربه في الظهور بمستويات مبهرة هذا الموسم وقال: «لا يمكنني مدح المدرب بما يكفي. إنه غريب بعض الشيء لأنه يعرف كل شيء تقريبا، في بعض المباريات أسأل كيف سيتصرف اليوم؟ ويأتي لنا بخطط مختلفة كل مرة. من السرور أن أعمل معه، أحبه».

وأشاد جون ستونز متعدد المراكز، الذي تأقلم في التحول من مدافع إلى لاعب وسط بمرونة، برؤية غوارديولا، وقال لاعب إنجلترا الدولي: «هذا اللقب ممتع للغاية، لعبت في مراكز وأدوار مختلفة، قادني إلى آفاق جديدة».

وأشاد به قائد مانشستر يونايتد السابق الآيرلندي روي كين المعلق على شبكة «سكاي سبورتس» البريطانية بقوله: «الفوز بالألقاب ليس سهلا، لكن هذا الفريق متعطش دائما للانتصارات. يبدو الأمر سهلا بالنسبة إليهم، لكنهم يملكون الرغبة من أجل مواصلة حصد الألقاب».

وأوضح: «لقد رأيتم رد فعل اللاعبين خلال التتويج، بدا كأنهم يفوزون باللقب للمرة الأولى. لطالما امتلك غوارديولا أفضل اللاعبين لكنه يزرع فيهم دائما روح العطش. إنه صانع الفرق، إنه الشخص الذي تريده لإدارة الدفة».

وعلق لاعب وسط ليفربول السابق جيمي ريدناب: «يقوم غوارديولا بأشياء لم نرها في السابق واعتبرناها مستحيلة. إذا كنت تحب مشاهدة كرة القدم، فإنك بلا شك تحب مشاهدة مانشستر سيتي».

وأضاف «سيكون مخيبا جداً إذا لم يفز الفريق بالثلاثية. كل شيء وارد، لكن لا أرى أي منافس آخر يقدر على إيقافهم».

ورغم الهيمنة على الدوري الممتاز في السنوات الأخيرة يصر غوارديولا على أن المسابقة تزداد صعوبة كل عام. ولكن في ظل تشكيلة تضم صفوة من أفضل نجوم العالم سيكون التحدي كبيراً من المنافسين الموسم المقبل لإزاحة سيتي من القمة. آرسنال بشبابه المتحمس تعثر أمام سيتي الذي لا يرحم في الأمتار الأخيرة من الموسم الحالي، بعدما ظن كثيرون أنه قادر على حصد لقبه الأول في الدوري منذ 2004. ربما استفاد أرتيتا، الذي عمل مساعدا لغوارديولا في سيتي من قبل من أساليب مواطنه، لإعادة هوية آرسنال هذا الموسم، لكن السؤال هل يمكن للمدفعجية تحسين ما أخفقوا به وتعزيز صفوفهم للموسم المقبل. أما ليفربول الذي خاض بقيادة المدرب الألماني يورغن كلوب معارك شرسة مع سيتي في السنوات الأخيرة، وتوج باللقب في 2020 فقد ظهر باهتا هذا الموسم بعد الإخفاق في تعويض مهاجمه السنغالي ساديو ماني وتراجع للمركز الخامس. وسيغادر النادي أسماء مثل جيمس ميلنر وروبرتو فيرمينو وأليكس - أوكسليد تشامبرلين لذا سيركز ليفربول على تجديد تشكيلته، على أمل العودة للعب دور رئيسي في المنافسة مع سيتي.

وينظر إلى كل من مانشستر يونايتد ونيوكاسل على أنهما القادران على لعب دور ريادي الموسم المقبل بعد أن ضمنا الوجود بالمربع الذهبي، لكن صفقات الصيف المقبل ستحدد هوية الفريقين. يبدو الموسم الأول ليونايتد تحت قيادة المدرب الهولندي إريك تن هاغ مشجعاً مع اقترابه من إنهاء الدوري داخل المربع الذهبي، كما توج بالفعل بكأس الرابطة، وتتطلع الجماهير إلى ملاك جدد للنادي من أجل إبرام صفقات ضخمة.

من جهته قدم نيوكاسل موسما مذهلا تحت قيادة المدرب إيدي هاو وبات الفريق مستعداً للعودة لدوري الأبطال لأول مرة خلال 20 عاما، وعلى الأرجح سينفق النادي المملوك لشركة الاستثمار السعودية الكثير في انتقالات الصيف.


مقالات ذات صلة

غلاسنر: الكرة الإنجليزية لا تحترم «دوري المؤتمر»!

رياضة عالمية النمساوي أوليفر غلاسنر مدرب كريستال بالاس (د.ب.أ)

غلاسنر: الكرة الإنجليزية لا تحترم «دوري المؤتمر»!

قال النمساوي أوليفر غلاسنر، المدير الفني لفريق كريستال بالاس، إن كرة القدم الإنجليزية لا تظهر الاحترام الكافي لبطولة «دوري المؤتمر الأوروبي».

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية فرانك لامبارد (رويترز)

لامبارد يعتذر بعد تسببه في مشاجرة بين لاعبي كوفنتري وساوثهامبتون

قال فرانك لامبارد مدرب كوفنتري سيتي إنه ​تجاوز حدوده بعدما أشعل مواجهة بين لاعبي فريقه ولاعبي مضيفه ساوثهامبتون بإشاراته المتكررة نحو جماهير صاحب الأرض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مدرب تشيلسي انزو ماريسكا يحتفل مع لاعبيه بالفوز على كارديف (أ.ف.ب)

«كأس الرابطة الإنجليزية»: تشيلسي يهزم كارديف ويتأهل لنصف النهائي

تأهل فريق تشيلسي إلى الدور نصف النهائي من بطولة كأس رابطة الأندية الإنجليزية لكرة القدم بعد تغلبه على مضيّفه كارديف سيتي 3 / 1 الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (كارديف)
رياضة عالمية بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي ولاعبيه (إ.ب.أ)

سيتي يخوض لقاء برنتفورد من دون أساسييه

قال بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي، الثلاثاء، إنه يجب على فريقه خوض مباراة دور الثمانية بكأس رابطة الأندية الإنجليزية من دون مجموعة من اللاعبين الأساسيين.

«الشرق الأوسط» (مانشستر)
رياضة عالمية برونو فرنانديز (رويترز)

برونو فرنانديز: اللعب في الدوري السعودي ممكن مستقبلاً

قال اللاعب البرتغالي برونو فرنانديز، قائد فريق مانشستر يونايتد، إن المفاوضات التي ربطته بالانتقال إلى «الهلال» السعودي، لم تكن العامل الحاسم في قراراته المهنية.

شوق الغامدي (الرياض)

«أمم أفريقيا»: نيجيريا تفلت من مصيدة تنزانيا

فرحة لاعبي نيجيريا بالفوز على تنزانيا (أ.ف.ب)
فرحة لاعبي نيجيريا بالفوز على تنزانيا (أ.ف.ب)
TT

«أمم أفريقيا»: نيجيريا تفلت من مصيدة تنزانيا

فرحة لاعبي نيجيريا بالفوز على تنزانيا (أ.ف.ب)
فرحة لاعبي نيجيريا بالفوز على تنزانيا (أ.ف.ب)

فاز منتخب نيجيريا بشق الأنفس على منافسه التنزاني بنتيجة 2 - 1، الثلاثاء، في افتتاح مشوار المنتخبين بالمجموعة الثالثة لكأس أمم أفريقيا لكرة القدم 2025 المقامة بالمغرب.

وأحرز سيمي آجايي وآديمولا لوكمان هدفي نيجيريا في الدقيقتين 36 و52، بينما أحرز تشارلز ممبوا هدف تنزانيا الوحيد في الدقيقة 50.

وحقق «النسور» وصيف النسخة الماضية أول ثلاث نقاط في رصيدهم، بينما سيلتقي منتخبا تونس وأوغندا ضمن منافسات المجموعة ذاتها في وقت لاحق الثلاثاء.

وفي الجولة الثانية، سيخوض منتخب نيجيريا اختباراً قوياً أمام تونس، بينما تلعب تنزانيا ضد أوغندا، وتقام المباراتان يوم السبت المقبل.


هل كانت إصابة إيزاك تصادماً طبيعياً أم مخالفة جسيمة؟

إيزاك سيغيب لفترة طويلة (رويترز)
إيزاك سيغيب لفترة طويلة (رويترز)
TT

هل كانت إصابة إيزاك تصادماً طبيعياً أم مخالفة جسيمة؟

إيزاك سيغيب لفترة طويلة (رويترز)
إيزاك سيغيب لفترة طويلة (رويترز)

وجد ليفربول نفسه أمام ضربة قاسية في توقيت بالغ الحساسية، بعدما تأكد غياب مهاجمه السويدي ألكسندر إيزاك لفترة طويلة عقب خضوعه لجراحة في الكاحل، في لحظة كان فيها الفريق يبدأ بالكاد بلمس ملامح مشروعه الهجومي الجديد بعد صيف مكلف ومضطرب.

الإصابة، التي ستبعد اللاعب عن الملاعب لما لا يقل عن شهرين، أعادت، حسب صحيفة «التلغراف» البريطانية، فتح سلسلة من الأسئلة الفنية والبدنية داخل «أنفيلد»، أكثر مما أعادت الجدل حول لقطة واحدة داخل الملعب.

إيزاك أُصيب أثناء تسجيله هدف التقدم في فوز ليفربول 2 - 1 على توتنهام في شمال لندن، بعد تدخل من المدافع ميكي فان دي فين لحظة تسديده الكرة، حين كانت قدمه مثبتة على الأرض. وبعد خضوعه للفحوص، تبيّن وجود كسر في الكاحل إضافة إلى كسر في عظمة الشظية؛ ما استدعى تدخلاً جراحياً عاجلاً أُجري يوم الاثنين.

سلوت كان غاضبا في تصريحاته (أ.ب)

ومع اتضاح حجم الإصابة، بدأ ليفربول يدرك أن الغياب لن يكون قصيراً. أرني سلوت، مدرب الفريق، أوضح لاحقاً أن إيزاك سيغيب «لشهرين على الأقل»، معترفاً بأن الأمر يمثل خيبة أمل كبيرة للاعب ولناديه. وأشار سلوت إلى أن التعامل مع الصفقة منذ البداية كان بمنطق طويل الأمد، قائلاً: «وقَّعنا معه عقداً لست سنوات، وليس لستة أشهر»، في تأكيد على أن النادي لم يكن يتوقع حلاً فورياً، بل مشروعاً يحتاج إلى وقت وصبر.

وفي السياق نفسه، لم يُخفِ سلوت انزعاجه من طبيعة التدخل الذي أدى إلى الإصابة، عادَّاً أن بعض التدخلات، حتى إن بدت قوية، لا تؤدي عادة إلى إصابات خطيرة، بينما رأى أن هذا النوع من الاندفاع يحمل مخاطرة عالية، مشيراً إلى أن تكراره غالباً ما ينتهي بعواقب جسدية جسيمة.

لكن خلف هذا الإحباط، تكمن مفارقة أعمق بالنسبة لليفربول. فإيزاك ليس مجرد لاعب غائب، بل هو أغلى صفقة في تاريخ الدوري الإنجليزي الممتاز، بعد انتقاله من نيوكاسل مقابل 125 مليون جنيه إسترليني، ضمن رؤية أراد بها سلوت إعادة تشكيل هوية الفريق الهجومية، وتقليل الاعتماد على محمد صلاح، والتمهيد التدريجي لمرحلة ما بعده.

ليفربول سيعاني كثيرا بسبب غياب إيزاك (رويترز)

المفارقة أن إصابة إيزاك جاءت في اللحظة التي بدأ فيها الانسجام يظهر أخيراً داخل الملعب، خصوصاً مع فلوريان فيرتز، الصفقة الأخرى التي تجاوزت حاجز الـ100 مليون جنيه إسترليني. هدف ليفربول أمام توتنهام كان ثمرة تمريرة من فيرتز وإنهاء من إيزاك، في أول مشهد واضح يعكس الفكرة التي بُني عليها التعاقد مع الثنائي. لكنها كانت أيضاً اللحظة التي انتهت فيها تلك الرؤية مؤقتاً، مع سقوط اللاعب وإدراكه السريع أن الإصابة خطيرة.

الضربة بدت أكثر قسوة في ظل الظروف المحيطة بالفريق. محمد صلاح، البالغ 33 عاماً، يوجد حالياً مع منتخب مصر في كأس أمم أفريقيا، وسط غموض يحيط بمستقبله مع ليفربول، وترجيحات متزايدة بأن هذا الموسم قد يكون الأخير له في «أنفيلد»، في ظل اهتمام سعودي محتمل، إضافة إلى عدم انسجامه الكامل مع متطلبات سلوت التكتيكية.

من الناحية البدنية، لم تكن علامات الاستفهام حول إيزاك جديدة. اللاعب السويدي عانى الموسم الماضي من تذبذب الجاهزية، ولم يشارك في فترة الإعداد مع نيوكاسل، ثم تدرب منفرداً لفترات طويلة قبل انتقاله إلى ليفربول في اليوم الأخير من سوق الانتقالات. هذا المسار انعكس على أرقامه مع «الريدز»؛ إذ خاض 16 مباراة فقط، سجل خلالها ثلاثة أهداف، ولم يُكمل أي مباراة كاملة.

سلوت اعترف بأن الفترة الماضية كانت «صعبة ومعقدة للغاية» بالنسبة للاعب، موضحاً أن اللعب في الدوري الإنجليزي يتطلب جاهزية بدنية عالية، وأن الوصول إلى هذه المرحلة استغرق أشهراً؛ ما يجعل الإصابة في هذا التوقيت تحديداً أكثر إيلاماً، لأنها جاءت لحظة كان فيها إيزاك يقترب من المستوى الذي دفع النادي إلى الاستثمار فيه. ومع خروج المهاجم السويدي من الحسابات، يتحول العبء الهجومي بشكل أكبر نحو هوغو إيكيتيكي، الذي قدم مستويات مشجعة منذ انضمامه من آينتراخت فرانكفورت، لكنه لم يكن الخيار الذي بُنيت عليه الرؤية الأساسية. وفي ظل رحيل داروين نونيز، وخروج لويس دياز، والتغير الجذري في خط الهجوم، تبدو خيارات ليفربول محدودة أكثر مما كان مخططاً له.

في المقابل، حاول ديل جونسون، مراسل قضايا كرة القدم في شبكة «بي بي سي» البريطانية، تهدئة الجدل حول لقطة الإصابة، عادَّاً أن قسوة النتيجة لا تعني بالضرورة وجود مخالفة جسيمة. وأوضح أن فان دي فين تحرك لإغلاق المساحة أمام التسديدة، وأن القدم المصابة هي قدم التسديد التي ثبتها إيزاك لحظة التنفيذ، قبل أن تهبط بين ساقي المدافع؛ ما يجعل الإصابة أقرب إلى نتيجة مؤسفة لتصادم طبيعي، لا إلى تدخل يستوجب بطاقة حمراء.

وتابع: «ومن المهم النظر إلى كيفية قيام فان دي فين بالتدخل، وكذلك إلى الطريقة التي تعرَّض بها إيزاك للإصابة. فعندما أطلق إيزاك تسديدته، انزلق فان دي فين في محاولة لصد الكرة».

والنقطة الحاسمة أن القدم التي تعرضت للإصابة هي قدم التسديد، بعدما ثبَّتها إيزاك على الأرض وقد هبطت القدم بين ساقي فان دي فين، وهو ما يبدو أنه السبب في إصابة المهاجم السويدي. ولو كان فان دي فين قد تدخل على القدم الثابتة لإيزاك، أو قام بعرقلة مباشرة، لكان النقاش مختلفاً تماماً. لكن فان دي فين تحرك لإغلاق المساحة أمام التسديدة، وكان التدخل حقيقياً ولا ينبغي عدّه بطاقة حمراء، وهذا لا يعني أن المدافع لا يمكن طرده إذا حاول إيقاف تسديدة واصطدم بالمهاجم بعنف.

ويمكن الاستشهاد بكسر الساق المزدوج الذي تعرَّض له لوك شو لاعب مانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا أمام آيندهوفن عام 2015؛ فقد اندفع شو داخل المنطقة للتسديد عندما اصطدم به هيكتور مورينو، وأطاح قدمه الثابتة في تدخل مقصٍ.

وجاء ذلك قبل تطبيق تقنية حكم الفيديو المساعد، ولم يُحتسب حتى ركلة جزاء، فضلاً عن البطاقة الحمراء. لكن مثل هذا التدخل كان سيؤدي الآن إلى طرد اللاعب، أما تدخل فان دي فين، فيبدو أقرب إلى تصادم عرضي ناتج من تصرف دفاعي طبيعي وبين الإحباط الفني والتحليل التحكيمي، تبقى الحقيقة الأوضح أن ليفربول خسر لاعباً كان يُفترض أن يكون محور مشروعه الجديد، في موسم بدا منذ بدايته مليئاً بالتقلبات.


برشلونة يبحث عن مهاجم رقم 9 لخلافة ليفاندوفسكي

هاري كين (أ.ب)
هاري كين (أ.ب)
TT

برشلونة يبحث عن مهاجم رقم 9 لخلافة ليفاندوفسكي

هاري كين (أ.ب)
هاري كين (أ.ب)

ينتهي عقد مهاجم برشلونة روبرت ليفاندوفسكي في الصيف المقبل، والتوقعات داخل أروقة النادي تشير إلى أنه سيرحل في صفقة انتقال حر. وإذا حدث ذلك، فسيجد برشلونة نفسه مضطراً لدخول سوق الانتقالات بحثاً عن مهاجم من الطراز الرفيع، ليعوض «أفضل مهاجم رقم 9 في العقد الأخير»، كما وصفه المدرب هانزي فليك في مؤتمر صحافي الموسم الماضي، وهو يتحدث عن اللاعب البالغ 37 عاماً.

تصعب المبالغة في تقدير التأثير التحويلي الذي أحدثه ليفاندوفسكي منذ انتقاله من بايرن ميونيخ في صيف 2022. فقد كان برشلونة قد أمضى ثلاثة مواسم دون التتويج بلقب الدوري، وأنهى موسم 2021-2022 برصيد 73 نقطة فقط، وهو أدنى حصاد له منذ موسم 2007-2008، أي قبل تولي بيب غوارديولا القيادة الفنية.

منذ ذلك الحين، تُوج برشلونة بلقب الدوري مرتين، الأولى تحت قيادة تشافي في موسم 2022-2023، والثانية في الموسم الماضي خلال أول مواسم فليك مدرباً للفريق، وكان ليفاندوفسكي في قلب هذين التتويجين بفضل غزارته التهديفية الحاسمة. فقد سجل 109 أهداف في 165 مباراة بقميص برشلونة.

جوليان ألفاريز (أ.ف.ب)

لكن التأثير لم يكن محصوراً في حسه التهديفي فقط. فمتوسط أعمار التشكيلات الأساسية لبرشلونة في الدوري هذا الموسم يبلغ 25.3 عام، وهو الأصغر بين جميع فرق الليغا. خبرة ليفاندوفسكي الطويلة في أعلى المستويات ساعدت على توفير الذهنية الانتصارية، والخبرة اللازمة لقيادة هذا الجيل الشاب، وإعادته إلى القمة.

العثور على بديل جاهز ليست مهمة سهلة. سوق المهاجمين من الطراز العالمي محدود للغاية، وغالبية الأسماء البارزة مرتبطة بعقود طويلة مع أندية النخبة. ويزيد من تعقيد الأمر الوضع المالي المتقلب لبرشلونة، ما يجعل من الصعب تحديد حجم الميزانية المتاحة للنادي في الصيف المقبل.

انطلاقاً من ذلك، حددت شبكة «The Athletic»، أربعة خيارات محتملة، تتراوح بين أهداف من الصف الأول، وخيارات أكثر واقعية من الناحية المالية.

لو لم يكن المال عائقاً، لكان مهاجم أتلتيكو مدريد جوليان ألفاريز هو الصفقة الحلم لرئيس برشلونة خوان لابورتا، كما سبق أن أشارت «ذا أتلتيك». السبب واضح، إذ تألق ألفاريز في إسبانيا منذ انتقاله من مانشستر سيتي في أغسطس (آب) الماضي، وسرعان ما برر قيمته البالغة 95 مليون يورو.

المدرب دييغو سيميوني لم يخفِ إعجابه بالدولي الأرجنتيني، واصفاً إياه بأنه «أفضل لاعب» في الفريق، و«صانع الفارق»، عقب تسجيله ثلاثية في الفوز 3-2 على رايو فايكانو في سبتمبر (أيلول). ومنذ بداية الموسم الماضي، لم يسجل في الليغا أهدافاً أكثر من ألفاريز (24 هدفاً) سوى ثلاثة لاعبين فقط، بينهم ليفاندوفسكي نفسه.

ليفاندوفسكي (أ.ب)

غير أن ألفاريز يقدم خصائص تختلف عن ليفاندوفسكي. فبينما يتميز البولندي بحركته الذكية الهادئة من دون كرة، يعتمد ألفاريز على طاقة عالية، وضغط مكثف عند فقدان الاستحواذ. الضغط العكسي عنصر أساسي في فلسفة برشلونة، خصوصاً مع الخط الدفاعي المتقدم الذي يفضله فليك، وهو ما جعل الفريق عرضة للاختراق هذا الموسم. هنا تبرز قيمة ألفاريز القادر على العودة، والضغط لتقليل هذه الثغرات، فضلاً عن مساهمته في تخفيف العبء البدني عن لاعبين مثل لامين جمال. لكن أتلتيكو مدريد يدرك جيداً قيمة لاعبه، وأي محاولة لضمه ستتطلب مبلغاً ضخماً. وإذا كان فليك يبحث عن مهاجم رقم 9 صريح، فقد لا يكون ألفاريز الخيار المثالي، نظراً لبنيته الجسدية الأخف، واعتياده اللعب إلى جانب مهاجم أقوى بدنياً مثل ألكسندر سورلوث. إحدى أقل مبارياته تأثيراً هذا الموسم جاءت أمام برشلونة، حين لعب بوصف أنه مهاجم وحيد، وعانى في تقديم حلول هجومية.

هنا يبرز خيار مهاجم أكثر حضوراً بدنياً داخل منطقة الجزاء، وقادر على شغل المدافعين، وفتح المساحات للأطراف، كما يفعل ليفاندوفسكي. من بين الأسماء المشابهة في أسلوب اللعب يظهر مهاجم بورنموث إيفانيلسون على أنه خيار أقل تكلفة.

أرقامه التهديفية لا تبدو مقنعة، إذ سجل 12 هدفاً فقط منذ بداية الموسم الماضي، وأهدر فرصاً كبيرة مقارنة بالأهداف المتوقعة، وهو ما قد لا يكون مقبولاً في «كامب نو». لكن مدربه أندوني إيراولا يشيد دائماً بمجهوده الشامل، مؤكداً أن تأثيره يتجاوز التسجيل، بفضل ضغطه القوي، وقدرته على الالتحام، وربط اللعب.

وماذا عن خيار يجمع بين حس المهاجم الصريح وإبداع صانع الألعاب؟ هنا يبرز اسم هاري كين. مهاجم بايرن ميونيخ، فقد تطور دوره منذ انتقاله إلى الدوري الألماني، حيث بات يسقط أعمق لصناعة اللعب، مع الحفاظ على معدله التهديفي المرتفع، مسجلاً 30 هدفاً في 25 مباراة هذا الموسم.

رغم أن كين، الذي سيبلغ 33 عاماً في يوليو (تموز)، لا يُظهر رغبة في الرحيل، فإن عقده الذي يتضمن شرطاً جزائياً بقيمة 65 مليون يورو قد يصبح سارياً في الصيف. إذا فُعل هذا الشرط، فقد يجد برشلونة نفسه أمام حل جاهز، وربما ضمن قدراته المالية.

والخيار الأكثر مخاطرة في القائمة هو المهاجم الشاب سامو أغيهوا، البالغ 21 عاماً، والذي يقدم موسماً لافتاً مع بورتو بتسجيله تسعة أهداف في 14 مباراة بالدوري البرتغالي. صحيح أن التألق في البرتغال لا يترجم دائماً إلى نجاح في مستوى أعلى، لكن إمكاناته واضحة.

أسلوب لعبه يعتمد على القوة، والاندفاع داخل المنطقة، مع تركيز أقل على التراجع، وصناعة اللعب. لا يزال بحاجة إلى صقل مهاراته، لكن قوته البدنية، وحسه التهديفي يجعلان منه مشروع مهاجم كبير. وقد لا يكون جاهزاً فوراً لقيادة هجوم برشلونة، إلا أن وجود فيران توريس، الذي سجل 11 هدفاً هذا الموسم، قد يمنح النادي هامشاً للمراهنة على التطوير طويل الأمد. إذا كان إيجاد بديل مطابق تماماً لليفاندوفسكي مهمة شبه مستحيلة، ومكلفة، فإن الاستثمار في الموهبة، مع توزيع المسؤولية الهجومية، قد يكون الطريق الأنسب لبرشلونة في سعيه لبناء مهاجمه رقم 9 القادم.