قبل عامين من الآن، كان ليفربول يحتل المركز الثامن في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز قبل نهاية الموسم بعشر جولات، وكان يبدو من شبه المستحيل أن يتمكن النادي من إنهاء الموسم ضمن المراكز الأربعة الأولى المؤهلة لدوري أبطال أوروبا بعدما تلقى ست هزائم متتالية على ملعبه، لكن الفريق استعاد عافيته ولم يخسر ولا مرة في آخر 10 مباريات من الموسم، وفاز بثماني مباريات منها، وأنهى الموسم في المركز الثالث.
ويأمل المدير الفني للريدز، يورغن كلوب، في تحقيق شيء مشابه هذا الموسم. فبعدما كان ليفربول بعيدا كل البعد عن مستواه طوال الموسم، استعاد الفريق عافيته فجأة وحقق الفوز في آخر ست مباريات، وقبل نهاية الموسم بثلاث جولات فقط أصبح الفريق يحتل المركز الخامس في جدول الترتيب خلف مانشستر يونايتد ونيوكاسل. ربما تكون الأمور صعبة من الناحية الحسابية للتأهل إلى المربع الذهبي، لكن ليفربول يستفيد حاليا من حالة الزخم الشديدة التي يمر بها. لقد تراجع مستوى مانشستر يونايتد بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة، وهو الأمر الذي تسبب في شعور جمهور النادي بالقلق. كما يفتقر نيوكاسل إلى الخبرة في مثل هذه الأوقات الحاسمة. وبعدما أمضى ليفربول معظم فترات الموسم بعيدا عن المراكز الأربعة الأولى، أصبح بإمكانه الآن التسلل إلى المراكز المؤهلة لدوري أبطال أوروبا.
ويُعد التأهل لدوري أبطال أوروبا هو أفضل طريقة لجذب اللاعبين البارزين، وبالتالي فإن قدرة النادي في سوق الانتقالات ستقل كثيرا إذا لم يتأهل للبطولة الأقوى في القارة العجوز. وسيكون التنافس مع أندية مثل مانشستر سيتي وريال مدريد في سوق الانتقالات صعبا للغاية في حال مشاركة ليفربول في بطولة الدوري الأوروبي أو دوري المؤتمر الأوروبي. ولنضرب مثالا على ذلك باللاعب الإنجليزي الدولي جود بيلينغهام، الذي كان يُعد الهدف الأول لليفربول لتدعيم خط وسطه لبعض الوقت، لكن اللاعب أصبح قريبا من الانضمام إلى ريال مدريد، الذي تفوق أيضا على ليفربول في صراع التعاقد مع أوريلين تشواميني الصيف الماضي، حتى عندما كان ليفربول منافسا قويا لمانشستر سيتي على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز.
وبالتالي، سيتعين على ليفربول البحث عن لاعب خط وسط آخر هذا الصيف، لكن الشيء الجيد هو أن خط وسط الفريق بدأ يتحسن بالفعل، خاصة بعد قرار كلوب بتغيير مركز الظهير الأيمن ترينت ألكسندر أرنولد لكي يدخل بشكل أكبر إلى عمق الملعب. ومنذ أن أصبح اللاعب البالغ من العمر 24 عاماً يتقدم بشكل أكبر للمناطق الأمامية، أصبح ليفربول أكثر خطورة وفعالية في الثلث الأخير من الملعب. ومن الواضح للجميع أن المركز الجديد لألكسندر أرنولد ساعده على استغلال مهاراته الكبيرة وقدرته على التمرير الدقيق، كما ساعده على إخفاء عيوبه في النواحي الدفاعية. لقد قرر كلوب تغيير مركز ألكسندر أرنولد في المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع أرسنال بهدفين لكل فريق في أوائل أبريل (نيسان) الماضي. ومنذ ذلك الحين، لم يخسر ليفربول أي مباراة، وصنع ألكسندر أرنولد تمريرات حاسمة (ست) أكثر من أي لاعب آخر في الدوري الإنجليزي الممتاز.
واستفاد ليفربول كثيرا أيضا من عودة لويس دياز وديوغو جوتا من الإصابة. لقد ابتعد دياز عن الملاعب لمدة ستة أشهر بسبب إصابة في الركبة، لكنه لعب في جميع المباريات الست التي لعبها ليفربول مؤخرا، والتي حقق فيها الفوز. كما غاب جوتا - الذي سجل 21 هدفا للنادي الموسم الماضي - عن نصف الموسم تقريبا. وفي ظل غياب اثنين من مهاجميه المهمين، اضطر كلوب إلى الاعتماد على داروين نونيز وكودي غاكبو بشكل أكبر مما كان يريد. من المعروف عن كلوب أنه يميل إلى الصبر على التعاقدات الجديدة، ما يسهل عليهم التكيف مع الأجواء الجديدة، لكن هذا الخيار لم يكن متاحا أمامه هذا الموسم.
ومع ذلك، فإن المستويات التي يقدمها ليفربول مؤخرا تبشر بالخير للموسم المقبل، خاصة أنه سيكون لدى نونيز وغاكبو متسع من الوقت للتكيف والاستقرار، ولن يكون هناك أي داع للقلق بشأن إقامة كأس العالم خلال الشتاء كما حدث خلال الموسم الجاري، وسيكون لدى كلوب متسع من الوقت للاستعداد للموسم الجديد والعمل مع مهاجميه الخمسة الأساسيين. ويأمل جمهور ليفربول أن يتمكن النادي من تدعيم خط وسطه بشكل جيد خلال فترة الانتقالات القادمة. وبالنظر إلى إقامة كأس العالم في منتصف الموسم، كان من الطبيعي أن يعاني أي فريق يلعب تحت قيادة كلوب من الإرهاق الشديد بسبب طريقة اللعب التي يعتمد عليها والتي تتطلب الضغط المتواصل على حامل الكرة بطول الملعب لإجبار لاعبي الفريق المنافس على ارتكاب الأخطاء، لكن كان من الصعب للغاية على لاعبي ليفربول الاستمرار في اللعب بنفس القوة والشراسة هذا الموسم - خاصة بعد المجهود الكبير الذي بذله الفريق الموسم الماضي في ظل استمراره في المنافسة على أربع بطولات حتى الرمق الأخير.
وصل لاعبو ليفربول إلى قمة مستواهم في المباريات الأخيرة، لكن الفريق كان قد فقد بالفعل فرص المنافسة على اللقب. وفي ظل عدم إقامة بطولة كبرى على المستوى الدولي هذا الصيف، يمكن لكلوب البناء على المستوى الحالي للفريق والتركيز على ما يمكن تقديمه خلال الموسم المقبل. وإذا تمكن ليفربول من الاستمرار في تحقيق الانتصارات، فإن ذلك سيمنحه ثقة كبيرة ويساعده كثيرا مع بداية الموسم الجديد في أغسطس (آب) القادم. لقد رأينا قبل عامين مدى أهمية إنهاء الموسم بشكل قوي. لقد صعد ليفربول إلى المركز الثالث في موسم 2020-2021 ولم يخسر أي مباراة في آخر 10 جولات، ثم تبع ذلك بموسم رائع وحصل على 92 نقطة في 2021-2022 وخسر لقب الدوري بفارق نقطة واحدة عن مانشستر سيتي.
من المؤكد أن الصيف الحالي سيكون حاسما بالنسبة لليفربول، حيث يسعى الفريق للعودة للمنافسة بقوة على البطولات الإنجليزية والأوروبية. من المتوقع أن تتحرك أندية مانشستر سيتي وأرسنال ونيوكاسل ومانشستر يونايتد بقوة في سوق الانتقالات من أجل تدعيم صفوفها، وبالتالي يتعين على ليفربول أن ينفق بسخاء حتى يكون قادرا على الاستمرار في المنافسة. لكن النتائج الرائعة التي يحققها الفريق حاليا تُظهر بما لا يدع مجالا للشك أن الفريق لا يزال قوة لا يستهان بها - وقد يتسلل حتى إلى المراكز الأربعة الأولى ويشارك في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل!