هالاند محطم الأرقام القياسية يجسّد الكمال في رؤية سيتي المستقبلية

المهاجم النرويجي العملاق تحول إلى جزء من آلة فوز لا ترحم

غوارديولا الجريء  بنى فريقه بالكامل حول مهاجم لم يلعب من قبل في انجلترا  (رويترز) Cutout
غوارديولا الجريء بنى فريقه بالكامل حول مهاجم لم يلعب من قبل في انجلترا (رويترز) Cutout
TT

هالاند محطم الأرقام القياسية يجسّد الكمال في رؤية سيتي المستقبلية

غوارديولا الجريء  بنى فريقه بالكامل حول مهاجم لم يلعب من قبل في انجلترا  (رويترز) Cutout
غوارديولا الجريء بنى فريقه بالكامل حول مهاجم لم يلعب من قبل في انجلترا (رويترز) Cutout

ربما يكون أبرز شيء يتعلق بالمهاجم النرويجي إيرلينغ هالاند، هو أنه يجعلك تشعر وكأن ما يفعله شيء سهل وبسيط للغاية، حيث يسجل أهدافه من خلال الوقوف على القائم البعيد لاستقبال الكرات العرضية المرسلة إليه، أو من خلال متابعة الكرات داخل منطقة الجزاء ووضع الكرة داخل الشباك الخالية، بينما يسقط حارس المرمى على الأرض مثل الضحية في ساحة المعركة، أو من خلال ضربات رأس من بين مدافعي الفرق المنافسة بسبب طوله الفارع، أو من خلال ركلات الجزاء. هذه هي الأهداف التي يسجلها المهاجم النرويجي بغزارة في الدوري الإنجليزي الممتاز، التي قاد بها فريقه مانشستر سيتي لصدارة جدول الترتيب.

قد يعتقد البعض أن ما يفعله هالاند أمر سهل، لكنه ليس كذلك على الإطلاق، فهو في غاية الصعوبة والتعقيد. في الحقيقة، قد يكون هالاند تتويجاً للمشروع الأكثر جرأة وتعقيداً في كرة القدم الإنجليزية، حيث تم شراء مانشستر سيتي وإعادة تجهيزه بهدف واحد فقط، وهو تدريب الفريق على تقديم كرة قدم هجومية وإيصال الكرات إلى مناطق الخطورة مراراً وتكراراً. ولتحقيق هذه الغاية، أبرم النادي صفقات قياسية، وتعاقد مع أفضل مدير فني في العالم، وهو جوسيب غوارديولا، وتم تلبية جميع مطالبه إلى حدٍ كبير. وكان هناك اعتقاد خاطئ خلال الصيف الماضي بأن التعاقد مع هالاند يتعارض بطريقة ما مع الطريقة الكلاسيكية التي يعتمد عليها غوارديولا. لكن إذا ألقينا نظرة على جميع الفرق التي تولى غوارديولا تدريبها سابقاً سنجد أن هناك قاسماً مشتركاً بينها جميعاً: آلة يتم تجميعها ببطء، وعملية يتم تطويرها وصقلها حتى تصل في نهاية المطاف إلى مستويات مذهلة.

في برشلونة، كانت مهمة إحراز الأهداف تنقسم في البداية بين ثلاثي الخط الأمامي المكون من صمويل إيتو، وتييري هنري، وليونيل ميسي. لكن بحلول الموسم الأخير لغوارديولا مع العملاق الكتالوني، في 2011 - 2012. كان الفريق قد أعيد بناؤه بالكامل حول ميسي، الذي سجل 50 هدفاً في الدوري (كان التالي له مباشرة أليكسيس سانشيز بـ 12 هدفاً). وفي بايرن ميونيخ، لم يصل المهاجم البولندي روبرت ليفاندوفسكي إلى مستويات التهديف الرائعة إلا في الموسم الأخير لغوارديولا في ألمانيا. وقد اتخذت الأمور نمطاً متشابهاً في مانشستر سيتي أيضاً: بمجرد أن تصبح الأجزاء المكونة لآلة الفريق في مكانها الصحيح، يشعر غوارديولا بأنه مستعد لإسناد مهمة تسجيل الأهداف إلى لاعب موهوب يقود الفريق. ومن اللافت للنظر أن هذه ستكون المرة الأولى، التي يفوز فيها لاعب من مانشستر سيتي بجائزة هداف الدوري الإنجليزي الممتاز خلال المواسم السبعة التي قضاها غوارديولا مع السيتيزنز.

في هذا السياق، لا يمكن النظر إلى وصول هالاند على أنه يتعارض مع رؤية غوارديولا، بل على العكس تماماً فهو يُكمل هذه الرؤية. لقد أصبحت الأدوار الآن محددة بدقة شديدة، فلم يعد إلكاي غوندوغان الآن يمثل تهديداً غير مباشر على مرمى المنافسين، ولم يعد برناردو سيلفا يسعى باستمرار للدخول إلى منطقة الست ياردات. وحتى فيل فودين، الذي ربما يكون أقل مهاجمي مانشستر سيتي انضباطاً، وجد نفسه مهمشاً هذا الموسم. لقد تم تعديل كل شيء في صفوف الفريق من أجل هدف واحد فقط، وهو توصيل الكرة إلى هالاند في أقرب نقطة ممكنة إلى المرمى.

لكن دعونا ننتقل إلى هالاند نفسه، وكيف وصل اللاعب إلى هذا المستوى المذهل. ربما يشعر البعض كما قلت سابقاً إن ما يفعله المهاجم النرويجي سهل، وإن أهدافه ليست جميلة أو لا يتذكرها أحد، لكن آلان شيرار سجل 260 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز، فأي من هذه الأهداف كان استثنائياً ولا يُنسى حقاً؟ ويجب الإشارة هنا إلى أن جميع أهداف هالاند جاءت من داخل منطقة الجزاء، باستثناء هدف واحد، كما أحرز الغالبية العظمى من أهدافه بقدمه اليسرى، وذهبت الغالبية العظمى من أهدافه إلى يمين حارس المرمى. كما أن أطول فترة غياب عن التهديف بالنسبة لهالاند قد وصلت إلى ثلاث مباريات على التوالي، وكان ذلك في منتصف الموسم.

وعلاوة على ذلك، من الواضح أن هالاند يمتلك ذكاءً كروياً حاداً، فهو قادر على رؤية الزوايا والمسافات قبل أن يتمكن المنافس من رؤيتها، كما أنه قادر على اكتشاف واستغلال نقاط الضعف في دفاعات الفرق المنافسة. ويمكن القول إن هالاند الذي رأيناه في النصف الثاني من الموسم هو لاعب شرس للغاية ومختلف تماماً عن ذلك اللاعب الذي رأيناه في النصف الأول. لقد أصبح يتحرك بحرية وراحة أكبر ويتوغل في العمق لتسلم الكرة وشن الهجمات المرتدة السريعة، كما أصبح أكثر مشاركة في اللعب وأكثر فعالية، كما يقوم بدوره الدفاعي على أكمل وجه عندما يفقد فريقه الكرة. لا يزال هذا اللاعب الشاب قادراً على التحسن والتطور بشكل أكبر، وما زال قادراً على تعلم واكتساب المزيد من المهارات.

لكن في النهاية فإن الشيء الأهم هو الأهداف التي يحرزها هالاند. ولكي ندرك مدى أهمية هذا اللاعب لمانشستر سيتي هذا الموسم دعونا نفكر كيف كان الحال سيبدو من دونه. لنفترض أن مانشستر سيتي قد تعاقد بدلاً من هالاند مع مهاجم آخر يستخدم قوته البدنية لاستخلاص الكرة وخلق فرص لزملائه في الفريق، لكنه لم يسجل أي هدف، على غرار ما يحدث مع المهاجم الهولندي ووت ويغهورست في مانشستر يونايتد.

لنفترض أن مانشستر سيتي تعاقد مع ويغهورست بدلاً من هالاند، فما الذي كان سيحدث؟ أعتقد أن مانشستر سيتي كان سيخرج من سباق المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز بحلول فترة أعياد الميلاد! كان مانشستر سيتي سيحتل المركز الثاني عشر في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز بحلول الوقت الذي توقف فيه الموسم بسبب إقامة كأس العالم في قطر، ولم يكن الفريق ليتأهل حتى إلى دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل. وكان سيخسر أمام نيوكاسل وكريستال بالاس وأستون فيلا، ويتعادل مع مانشستر يونايتد وبرايتون وفولهام. وكانت الشكوك ستحوم حول مستقبل غوارديولا قبل فترة طويلة من نهاية فصل الربيع بينما كان الفريق يحتل المركز السابع ويسعى لضمان التأهل إلى دوري المؤتمر الأوروبي!

لذلك، فإن التعاقد مع هالاند نجح تماماً، ويمكن القول إنه عبارة عن مغامرة آتت ثمارها. لقد تصرف غوارديولا بجرأة كبيرة عندما قرر إعادة بناء فريقه بالكامل حول مهاجم لم يلعب من قبل في الدوري الإنجليزي الممتاز، ولم يحصل من قبل على لقب الهداف في أي من الدوريات المحلية التي لعب فيها. كان من الممكن ألا تنجح هذه التجربة، وكان من الممكن أن يتعرض هالاند لإصابة قوية ويغيب عن الملاعب لشهور.

إن هذا التألق اللافت لهالاند لا يُعد بمثابة شهادة فقط على جودة هذا اللاعب، لكنه يعد دليلاً أيضاً على الرؤية الثاقبة التي تعاقدت مع هذا اللاعب وقررت بناء الفريق بالكامل من حوله. لقد تحول المهاجم النرويجي العملاق إلى جزء من آلة فوز لا ترحم. لقد كان هالاند في يوم من الأيام مجرد طفل صغير، وكان مانشستر سيتي مجرد ناد يتنقل بين أقسام الدوريات المختلفة، وكانت أبوظبي ذات يوم مجرد كومة من الحجارة في الصحراء، لكن كل شيء تغير تماماً الآن وتحول الجميع إلى قوة هائلة بفضل العمل الشاق والرؤية الثاقبة.


مقالات ذات صلة

سلوت: أكرينغتون سيواجه ليفربول بقوة

رياضة عالمية أرني سلوت مدرب ليفربول (أ.ف.ب)

سلوت: أكرينغتون سيواجه ليفربول بقوة

شدد أرني سلوت مدرب ليفربول على ضرورة تقديم أداء قوي منذ البداية أمام أكرينغتون ستانلي المتواضع في الدور الثالث من كأس الاتحاد الإنجليزي.

«الشرق الأوسط» (ليفربول)
رياضة عالمية لاعبو إيفرتون يحتفلون بالهدف الثاني (د.ب.أ)

كأس الاتحاد الإنجليزي: إيفرتون يهزم بيتربورو بعد ساعات من إقالة دايك

بدأ إيفرتون حقبة جديدة بالفوز 2-صفر على فريق الدرجة الثانية بيتربورو اليوم الخميس في الدور الثالث من كأس الاتحاد الإنجليزي

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية روني وزوجته كولين (رويترز)

كولين روني: تعرضنا لـ«الإرهاب» بعد انتقال زوجي ليونايتد

قالت كولين روني، زوجة النجم الإنجليزي واين روني، إن عائلتها تعرضت لما وصفته بـ«الإرهاب» لدى انتقال زوجها إلى مانشستر يونايتد مقبلاً من إيفرتون في عام 2004

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنتونين كينسكي (إ.ب.أ)

كينسكي: انطلاقتي مع توتنهام أمام ليفربول أبعد من أحلامي

اعترف أنتونين كينسكي، حارس المرمى الجديد لفريق توتنهام الإنجليزي لكرة القدم، بأن ظهوره الأول في المباراة التي فاز فيها فريقه على ليفربول 1 - صفر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية أنجي بوستيكوغلو (رويترز)

مدرب توتنهام للإنجليز: احموا قدسية اللعبة من الـ«فار»

تساءل أنجي بوستيكوغلو، المدير الفني لفريق توتنهام الإنجليزي لكرة القدم، عن سبب عدم استجواب الجمهور الإنجليزي تقنية «حكم الفيديو المساعد (فار)».

«الشرق الأوسط» (لندن)

نوير يعود إلى صفوف بايرن... وموسيالا يغيب

الحارس المخضرم مانويل نوير سيدعم صفوف بايرن ميونيخ (د.ب.أ)
الحارس المخضرم مانويل نوير سيدعم صفوف بايرن ميونيخ (د.ب.أ)
TT

نوير يعود إلى صفوف بايرن... وموسيالا يغيب

الحارس المخضرم مانويل نوير سيدعم صفوف بايرن ميونيخ (د.ب.أ)
الحارس المخضرم مانويل نوير سيدعم صفوف بايرن ميونيخ (د.ب.أ)

سيعود الحارس المخضرم مانويل نوير إلى صفوف بايرن ميونيخ خلال رحلته لمواجهته بوروسيا مونشنغلادباخ، السبت، في المرحلة الـ16 من الدوري الألماني لكرة القدم، لكن زميله لاعب الوسط جمال موسيالا سيغيب عن التشكيلة، بحسب ما أكد مدربهما، البلجيكي فنسان كومباني، الجمعة.

ولم يلعب نوير (38 عاماً) منذ تعرضه لكسر في أحد أضلاعه مطلع ديسمبر (كانون الأول) في ثُمن نهائي الكأس ضد باير ليفركوزن، عندما اصطدم بالهولندي جيريمي فريمبونغ خارج منطقة الجزاء، لينال على أثر ذلك أول بطاقة حمراء، في المباراة الـ866 من مسيرته الزاخرة. غاب بعدها عن 3 مباريات في الدوري، وأخرى في دوري أبطال أوروبا.

قال كومباني (38 عاماً): «لحسن الحظ، سيعود مانو. أما موسيالا الذي عانى من نزلة برد، فسيغيب عن المباراة، بيد أنه سيعود قريباً جداً».

وأضاف صخرة الدفاع السابق أن المهاجم المخضرم توماس مولر سيحل بدلاً من موسيالا في مركز صناعة اللعب.

وكان موسيالا (21 عاماً) عنصراً ضرورياً لبايرن هذا الموسم، مسجلاً 9 أهداف و3 تمريرات حاسمة في 13 مباراة في الدوري. وحده المهاجم الإنجليزي الدولي هاري كين، سجَّل أكثر، مع 14 هدفاً و7 تمريرات حاسمة.

كما يعود المهاجم الدولي سيرج غنابري إلى صفوف الفريق البافاري، في حين يغيب قلب الدفاع الفرنسي دايو أوباميكانو؛ بسبب تراكم الإنذارات.

ويتصدَّر بايرن ترتيب الدوري بفارق 4 نقاط عن حامل اللقب باير ليفركوزن، بعد 15 مرحلة على انطلاق منافسات البوندسليغا (36 مقابل 32).