يتوجه مانشستر سيتي الإنجليزي بفورمة عالية بدنياً وفنياً إلى العاصمة الإسبانية، لمواجهة مضيفه ريال مدريد الإسباني (حامل اللقب) غداً، في مباراة ثأرية مرتقبة بذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا لكرة القدم.
ويعوّل مانشستر سيتي المتألق راهناً على هدّافه الفتاك إرلينغ هالاند لإزاحة الفريق الملقب بـ«ملك أوروبا» بسجله القياسي في دوري الأبطال (14 لقباً)، والاقتراب خطوة من حلم التتويج بالكأس الأوروبية لأول مرة.
وكان سيتي في طريقه إلى النهائي الموسم الماضي، بفوزه 4-3 على أرضه، ثم تقدّمه 1-0 في عقر دار الريال، قبل أن يسجّل البرازيلي رودريغو ثنائية في الوقت القاتل للفريق الملكي، ثم يحسم الفرنسي كريم بنزيمة بطاقة النهائي في الوقت الإضافي من ركلة جزاء (3-1)، في طريقه إلى لقب رابع عشر قياسي.
ودفع سيتي ثمناً باهظاً لعدم ترجمة الكمّ الكبير من الفرص التي سنحت له في مباراتي الذهاب والإياب، مفتقداً الهداف الناجع. وبعد أقل من أسبوع على هذا النهائي، أعلن سيتي أنه فاز بسباق ضم النرويجي هالاند من بوروسيا دورتموند الألماني، متفوّقاً خارج الملعب على الفريق الإسباني العريق.
ولبى هالاند كل التوقعات حتى الآن، مسجلاً 51 هدفاً في مختلف المسابقات، في موسمه الأول مع سيتي، بعد تحطيمه الرقم القياسي لعدد الأهداف المسجلة في موسم واحد في الدوري الإنجليزي بنظامه الحالي (بريميرليغ)، رافعاً رصيده إلى 35 محاولة ناجحة. وعلَّق مدربه الإسباني جوسيب غوارديولا: «عندما تمدّه بالفرص يسجّل من كل الوضعيات: ركلات جزاء، عرضيات، تبادلات، مرتدات. بمقدوره القيام بأشياء كثيرة».
وأضاف المدرب الذي خاض مبارزات نارية مع ريال عندما كان مدرباً لبرشلونة الإسباني: «لهذا السبب سجّل كثيراً من الأهداف. أشعر بأنه يريد تسجيل المزيد بسبب ذهنيته».
وعلى الرغم من إعادة كتابة الأرقام القياسية، عبّر هالاند بوضوح عن رغبته في إحراز الألقاب بدلاً من الانفراد بأرقام قياسية شخصية. ويتوجه غوارديولا ورجاله إلى مدريد متسلحين بمعنويات مرتفعة بتصدر الدوري الإنجليزي، وارتفاع أسهم فريقه في معادلة رقم جاره وغريمه مانشستر يونايتد بتحقيق الثلاثية التاريخية؛ حيث إن الأخير هو الوحيد المتوج بدوري الأبطال، و«البريميرليغ»، وكأس إنجلترا، في موسم 1998- 1999.
وبحال فوز سيتي في 3 مرات من آخر 4 متبقية له، سيضمن لقب الدوري المحلي للمرة الثالثة توالياً والخامسة في 6 مواسم، إذ يتقدم على آرسنال بفارق نقطة، ولعب مباراة أقل. وسيكون بمقدور يونايتد حرمانه بنفسه من إحراز الثلاثية، عندما يواجهه في نهائي مسابقة كأس إنجلترا العريقة في 3 يونيو (حزيران).
لكن عقبة ريال في دوري الأبطال تبدو الأكبر لسيتي؛ خصوصاً أن الفائز منهما سيلاقي إنتر أو ميلان الإيطاليين اللذين يتواجهان في نصف النهائي الثاني.
ويتمتع ريال بسطوة رهيبة على هذه المسابقة منذ بداياتها، عندما توّج 5 مرات بين 1956 و1960، ثم في الألفية الثالثة؛ حيث أحرز اللقب 7 مرات، آخرها الموسم الماضي على حساب ليفربول الإنجليزي بهدف وحيد.
لقب أحرزه غوارديولا لاعباً عام 1992 مع برشلونة، ثم مدرباً في 2009 و2011؛ لكنه فشل في ذلك مع بايرن ميونيخ الألماني (2013- 2016) ولا يزال يلهث وراءه منذ 2016، عندما استقدمته الإدارة الإماراتية لسيتي بغية إحراز اللقب المرموق للمرة الأولى في تاريخ النادي صاحب القميص الأزرق.
ولم يخسر سيتي في 20 مباراة ضمن مختلف المسابقات، بينها 10 انتصارات توالياً في الدوري، ويأمل في تحقيق نتيجة إيجابية في ملعب «برنابيو» قبل استضافة الريال إياباً في ملعبه «الاتحاد»؛ حيث فاز في كل مبارياته الـ14 عام 2023.
وقال جناحه الدولي جاك غريليش: «نحن في الموقف نفسه في أوروبا كما العام الماضي، سنواجه ريال مدريد مجدداً، أمامنا 3 مباريات للفوز بلقب دوري الأبطال».
وأضاف: «لم أملك ثقة مماثلة بزملائي وبنفسي قبل خوض هذه المباراة. سنذهب إلى مدريد بمعنويات عالية، ونتطلع للعودة بنتيجة إيجابية». الذهاب إلى هناك الأسبوع المقبل.
على الطرف المقابل، عاد البرازيلي رودريغو مجدداً إلى الأضواء مهاجماً حاسماً في المباريات الكبرى. فبعد ثنائيته الرائعة الموسم الماضي التي قتلت أحلام سيتي، ضرب بثنائية مجدداً منحت الريال لقب كأس إسبانيا أمام أوساسونا، السبت.
في فترة قصيرة أمضاها مع الفريق الملكي، حصد ابن الثانية والعشرين كل الألقاب الممكنة مع الريال، آخرها ضد أوساسونا (2-1) في نهائي الكأس، وعلق رودريغو: «كنت أريد الفوز بهذا اللقب؛ لأنه الوحيد الذي لم أفز به مع الفريق، وفي سن الـ22 فزت الآن بجميع الألقاب الممكنة. لكن أريد مواصلة الفوز بالمزيد».
وامتدحه مدربه الإيطالي كارلو أنشيلوتي بعد ثنائيته الأخيرة، قائلاً: «لا يمكن التنبؤ بقدراته. هو لاعب أنيق، يتحرك برشاقة، ويسجّل الأهداف. إنه يتطوّر بشكل استعراضي وبطريقة مدهشة».
تطوّر يحبّ لاعب سانتوس السابق إظهاره في المسابقة القارية الأولى؛ حيث أوضح: «قلت دوماً إن دوري الأبطال مميز نوعاً ما بالنسبة لي، أريد تسجيل مزيد من الأهداف في هذه البطولة المرموقة التي نحمل لها كثيراً من التقدير والأهمية».
لكن العبقرية البرازيلية في ريال لا تقتصر فقط على رودريغو صاحب 10 أهداف في 21 مباراة في دوري الأبطال آخر موسمين، إذ يواصل مواطنه فينيسيوس جونيور الإنجاز تلو الآخر، على الطرف الأيسر، كمراوغ موهوب ومموّن رئيس للقائد المخضرم كريم بنزيمة العائد من إصابة.
وبينما يعاني فينيسيوس من هجوم عنصري؛ خصوصاً بسبب احتفالاته بعد التسجيل، يُنظر إلى رودريغو بشكل إيجابي في إسبانيا؛ حيث أهدى هدفه الثاني ضد أوساسونا لطفل مصاب بالسرطان، وقال عن ذلك: «أهديته إلى ناتشو، طفل زرته في مكان يُعنى بالمصابين بالسرطان... زرتهم ومنحتهم هدية أو اثنتين. طلب مني إظهار أول حرف من اسمه بحال تسجيلي، لذا كان الهدف الثاني لأجله».
على الرغم من كل ذلك، يأمل البرازيلي في لعب دور أساسي ضد سيتي، إذ يفضّل أنشيلوتي أحياناً الأوروغواياني فيديريكو فالفيردي صاحب القدرة البدنية المرتفعة عليه.
وستكون جبهة دوري الأبطال هي الأخيرة لريال هذا الموسم، بعد تتويجه بالكأس وفقدان الأمل بالمنافسة على لقب الدوري الإسباني الذي يتجه صوب غريمه برشلونة. حتى أن ريال خسر مباراته الأخيرة أمام ريال سوسيداد، وتنازل عن المركز الثاني لجاره اللدود أتلتيكو مدريد.