ما بين هدف سعيد العويران الأسطوري في بلجيكا وتطلعات الجيل الجديد من المشجعين، يعود المنتخب السعودي إلى القارة الأميركية لكتابة فصل جديد من فصول مشاركاته المونديالية.
هي رحلة تبدأ من ذاكرة 1994، حين خط الأخضر أولى بصماته القارية على الأراضي الأميركية، وتستمر اليوم نحو نسخة 2026 التي تحمل شكلًا مختلفًا وطموحًا أكبر ورغبة واضحة في إنجاز يتجاوز حدود الذكريات إلى سجلات التاريخ.
فبعد أكثر من ثلاثة عقود على أفضل ظهور للسعودية في كأس العالم، تعود الولايات المتحدة لتكون محطة جديدة في مسار الأخضر، ولكن ضمن بطولة أصبحت الأكبر في تاريخ الفيفا بمشاركة 48 منتخبًا و104 مباريات وباستضافة ثلاث دول: الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
هنا وكأن الزمن يعيد نفسه، ولكن بظروف مختلفة تمنح السعوديين أملاً كبيرًا في كتابة حكاية أخرى.
لا يزال مشهد هدف العويران في مرمى بلجيكا حاضرًا في ذاكرة المونديال كأحد أجمل الأهداف في التاريخ، ولا تزال ملحمة 1994 حاضرة كمرجع إلهام لجيل لم يعش تلك اللحظات لكنه يعرف تمامًا قيمتها.
ذلك الفريق الذي فاجأ العالم بشجاعته فتح الباب لصفحة جديدة في كرة القدم السعودية، وظل الإنجاز محطة يتطلع اللاعبون الجدد لتجاوزها.
واليوم، ومع اقتراب انطلاق نسخة 2026، يشعر السعوديون بأن الفرصة قد تكون مواتية أكثر من أي وقت مضى، وكرة القدم أصبحت مشروع كروي سعودي متسارع شهد صعود مستوى الدوري، واستقطاب لاعبين عالميين، وتطوير بيئة الاحتراف والصناعة الرياضية.
الجيل الحالي للمنتخب يدخل المونديال بروح مختلفة، محمّلًا بذكريات الفوز التاريخي على الأرجنتين في 2022، ومسنودًا بثقة أكبر وتجربة أوسع.
وبات التأهل إلى دور الـ16 هدفًا منطقيًا لا يبدو بعيدًا، بل خطوة أولى في مشروع أكبر يسعى إلى حضور أعمق في البطولات الكبرى.
ومع اقتراب موعد القرعة في واشنطن، تتجه الأنظار نحو ما ستسفر عنه المجموعات وتتزايد التساؤلات: هل تمنح القرعة الأخضر طريقًا يعيد أجواء 1994؟ أم تفتح أمامه تحديًا أكبر يليق بطموحاته الجديدة؟ ما هو مؤكد أن السعودية تعود إلى أرض الذكرى، لكن هذه المرة بثقة مختلفة وهدف واضح: كتابة إنجاز جديد لا يبقى في الذاكرة فقط... بل يدخل التاريخ.


