في خطوة أثارت الكثير من الجدل داخل الوسط الرياضي السعودي، أظهر التحديث الأخير لقائمة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الخاصة بحظر تسجيل اللاعبين، أن عدداً من الأندية السعودية تواجه حالياً عقوبات رسمية تمنعها من قيد لاعبين جدد خلال فترات الانتقالات المقبلة، بسبب نزاعات مالية وتعهدات غير منفذة تجاه لاعبين ومدربين ووكلاء.
وبحسب البيانات المنشورة في منصة «FIFA Registration Ban List» وحصلت «الشرق الأوسط» على صور منها، فإن الحظر شمل 10 أندية سعودية، صدر بحقها ما مجموعه 28 قرار إيقاف، تفاوتت في المدة والنوع بين قرارات محددة الأجل وأخرى مفتوحة حتى السداد.
في مقدمة القائمة جاء نادي أحد الذي تصدّر الأسماء المحلية بعدد قياسي بلغ 17 قرار حظر منفصلة، بعضها مقيّد بثلاث فترات تسجيل متتالية، وبعضها الآخر مصنف ضمن بند «Until lifted»، أي مفتوح المدة حتى يقوم النادي بتسوية القضايا العالقة وسداد ما عليه من التزامات. هذه التكرارات العديدة تكشف عن تراكم قضايا مالية متتابعة ضد النادي، الأمر الذي جعله الأكثر معاناة من حيث قيود التسجيل في النظام الدولي.
إلى جانب أحد، شملت القائمة أندية أخرى مثل الجندل بقرارين صدرا تباعاً في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، والوحدة بقرارين مماثلين نهاية الشهر ذاته، في حين ورد اسما الشباب والرياض المنافسين في الدوري السعودي للمحترفين لكرة القدم وأسماء أندية الشعلة ونجران والصفا وطويق والعين والمحمل المنافسة في دوريات أدنى بقرارات فردية، تراوحت فتراتها الزمنية بين ثلاث فترات تسجيل وقرارات مفتوحة المدة لحين التسوية.
وتعد هذه القرارات جزءاً من آلية الشفافية التي يعتمدها الاتحاد الدولي لمتابعة التزامات الأندية حول العالم، إذ تنص اللوائح على منع أي نادٍ من تسجيل لاعبين جدد إذا ثبت أنه لم يسدد مستحقات واجبة الدفع خلال المدة المحددة، سواء كانت مرتبطة بعقود لاعبين، أو رواتب مدربين، أو عمولات وكلاء. ولا يُرفع الحظر إلا بعد تأكيد «فيفا» تسوية النزاع وسداد المبلغ محل الشكوى.
تجدر الإشارة إلى أن قائمة نوفمبر (تشرين الثاني) الحالية تُظهر تزايداً لعدد القرارات مقارنة بالأشهر السابقة، ما يعكس ضغطاً مالياً متنامياً على أندية الدرجتين الأولى والثانية على وجه الخصوص، والتي لا تتمتع بدعم مالي مماثل لأندية الدوري السعودي للمحترفين. غير أن وجود أسماء ذات حضور جماهيري كبير مثل الوحدة والشباب يؤكد أن القضية لا تتعلق فقط بالقدرة المالية، بل أيضاً بإدارة الالتزامات والتخطيط المالي طويل المدى، مع العلم أن نادي الشباب يعيش وضعاً إدارياً متأزماً في المواسم الثلاثة الأخيرة، واضطرت وزارة الرياضة لتغييرات متتالية لمجالس إدارته، لكن الوضع لا يزال سيئاً حتى الآن.
وتتراوح العقوبات بين نوعين رئيسيين، الأول حظر محدد المدة لعدد من فترات التسجيل (غالباً ثلاث فترات متتالية) والثاني حظر مفتوح المدة (Until lifted)، وهو الأكثر صرامة، حيث يبقى قائماً إلى أن يُنفذ النادي القرار المالي بالكامل دون سقف زمني محدد.
ويأتي هذا التطور في وقت تخضع فيه الأندية السعودية لمرحلة دقيقة من إعادة هيكلة الشؤون المالية وفق معايير لجنة الاستدامة المالية التابعة لرابطة الدوري السعودي، التي تعمل على متابعة الالتزامات وضمان التوازن المالي في ميزانيات الأندية. ومن المتوقع أن تتحمل اللجنة عبئاً متزايداً في المرحلة المقبلة لتكثيف الرقابة والمتابعة الدقيقة، بما يضمن عدم تكرار مثل هذه القرارات التي تضر بسمعة المنظومة المحلية أمام الاتحاد الدولي، وتؤثر في استقرار المسابقات.
في المحصلة، فإن الأرقام التي نشرها «فيفا» لا تمثل مجرد لائحة عقوبات، بل هي جرس إنذار إداري وتنظيمي يدعو الأندية إلى مراجعة هياكلها المالية، وتفعيل الحوكمة الداخلية، والتعاون الوثيق مع لجنة الاستدامة لتفادي العودة إلى قوائم المنع. فالمملكة التي أصبحت اليوم وجهة كبرى للاستثمار الرياضي، مطالبة بأن توازي زخم التطوير في الملاعب والمنشآت بصرامة مالية وانضباط إداري يحافظان على صورتها الاحترافية المتصاعدة.
بقيت الإشارة إلى أن وزارة الرياضة أصدرت الأحد قراراً بحل مجلس إدارة نادي الوحدة بسبب مشاكل تنظيمية وإدارية ومالية، حيث كلفت حاتم خيمي إدارة النادي مؤقتاً خلفاً لسلطان أزهر، علماً أن الوحدة يقبع في مراكز متأخرة في دوري الدرجة الأولى ومهدد بالهبوط لدوري الثانية.

