مرة أخرى، يقف المنتخب السعودي في مفترق طرق، بعد تصفيات متذبذبة لكأس العالم 2026، إذ سيخوض ملحقاً آسيوياً لتحديد مصيره المونديالي، تماماً كما فعل قبل 15 عاماً، حينما عاش إحدى أكثر لياليه مرارة والتي كانت أمام البحرين في الرياض، عندما خسر بطاقة العبور في الثواني الأخيرة.
وبدأ الأخضر مشواره في التصفيات الآسيوية ضمن المجموعة الثالثة، إلى جانب اليابان، وأستراليا، والصين، والبحرين، وإندونيسيا، ورغم التوقعات ببداية قوية وتحقيق الفوز على الفرق الأضعف، فإن الأخضر خيّب الآمال ولم ينجح في تجاوز المنتخب الإندونيسي الأسهل في المجموعة على الورق، وخرج بالتعادل على أرضه وبين جماهيره، والنتيجة فقدان بطاقة التأهل المباشر لحساب اليابان وأستراليا.
السعودية الآن ضمن فرق المرحلة الرابعة من التصفيات، أو ما يُعرف بالملحق الآسيوي، ووفق نظام التصفيات الجديد، تلعب الفرق التي أنهت مجموعاتها في المركزين الثالث والرابع في مرحلة «دوري مصغر» من مجموعتين، وكل مجموعة فيها ثلاثة منتخبات، ليلعب كل منتخب مباراتين، ويتأهل صاحب المركز الأول في كل مجموعة مباشرة إلى كأس العالم، ثم يلعب الثواني مباراة فاصلة آسيوية والمنتصر يدخل الملحق العالمي (بين القارات).
وبالعودة إلى الوراء قليلاً ما زالت الجماهير الرياضية تتذكر جيداً صدمة التصفيات المؤهلة لمونديال جنوب أفريقيا 2010، بعد أن حلّت السعودية ثالثة في مجموعتها، وذهبت للملحق للمرة الأولى لتواجه منتخب البحرين في ملحق خليجي آسيوي، وانتهت مباراة الذهاب في المنامة بالتعادل السلبي، وفي لقاء الإياب في الرياض تقدمت السعودية بهدفين لهدف، قبل أن يسجل منتخب البحرين هدفاً قاتلاً في الوقت بدل الضائع بخطأ دفاعي وسوء تمركز، ليخطف المنتخب البحريني بطاقة التأهل بفضل قاعدة الهدف خارج الأرض.
وكانت هذه التجربة هي الأولى للمنتخب السعودي في ملحق المونديال، لكنها لا تزال تحمل ذكريات مؤلمة لجماهير الأخضر وتعتبر واحدة من أسوأ كوابيس الكرة السعودية، حيث كانت المدرجات ممتلئة، والأمل بعد تقدم المنتخب بدأ يكبر، ثم انهار كل شيء في الثواني الأخيرة وتبخرت الأحلام الخضراء.
ورغم مرور 15 عاماً على تلك المباراة فإن هناك قواسم مشتركة بين تجربة الملحق الأولى والتجربة الثانية؛ حيث إن الحسم على أرض المنتخب السعودي ما بين الرياض وجدة، بالإضافة إلى الأداء الفني المتذبذب بين الجيل الحالي وجيل 2010، ومن دون شك فالسعودية تملك كل الأدوات لتجاوز هذا الملحق والوصول للنهائيات، حيث تستضيف مجموعتها، مما يمنحها أفضلية الأرض والجمهور، لكن الأفضلية النظرية لا تعني شيئاً إذا لم يُترجم المنتخب ذلك إلى انتصارات واضحة، وتبقى التفاصيل الصغيرة هي ما تصنع الفرق في مباريات الملحق؛ فقد تكون من فرصة ضائعة، أو تمريرة خاطئة، أو سوء تمركز كما حدث في 2010، ما يكفي لخسارة الحلم.
وإذا أراد المنتخب السعودي أن يعود للمونديال للمرة السابعة، فعليه أن ينظر في مرآة 2010 ليتعلّم من أخطاء الماضي، وليكتب التاريخ في المستقبل... ويبقى السؤال: هل سيتصرف الأخضر بعقلية المستفيد من الدرس؟


