من الحلم إلى الريادة ... كيف تحولت السعودية إلى مركز عالمي للرياضات الإلكترونية؟

لم تعد الرياضات الإلكترونية مجرد نشاط ترفيهي في السعودية، بل أصبحت صناعة متكاملة (الشرق الأوسط)
لم تعد الرياضات الإلكترونية مجرد نشاط ترفيهي في السعودية، بل أصبحت صناعة متكاملة (الشرق الأوسط)
TT

من الحلم إلى الريادة ... كيف تحولت السعودية إلى مركز عالمي للرياضات الإلكترونية؟

لم تعد الرياضات الإلكترونية مجرد نشاط ترفيهي في السعودية، بل أصبحت صناعة متكاملة (الشرق الأوسط)
لم تعد الرياضات الإلكترونية مجرد نشاط ترفيهي في السعودية، بل أصبحت صناعة متكاملة (الشرق الأوسط)

في عام 2024 بلغ حجم سوق الألعاب الإلكترونية عالميًا 221 مليار دولار، متجاوزًا صناعة الأفلام والموسيقى والتلفزيون مجتمعة مع معدل نمو سنوي يصل إلى 9 في المائة، وفي ظل هذا المشهد المتغير، وضعت السعودية هدفًا طموحًا: أن تصبح رائدة في هذا القطاع، ليس فقط بتنظيم البطولات، بل بخلق بيئة متكاملة تستقطب الشركات والمواهب وتؤسس لصناعة مستدامة، وذلك وفقا لـ«حكاية وعد» الذي تبثه قنوات «إم بي سي».

ومنذ البداية كان للأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل، وزير الرياضة، دور محوري في دعم هذا القطاع لكن التوجيهات الكبرى جاءت من ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي كان يرى في الرياضات الإلكترونية فرصة استراتيجية تتجاوز حدود الترفيه التقليدي.

الأمير محمد بن سلمان يتوسط ضيوف حفل ختام «كأس العالم للرياضات الإلكترونية» (واس)

ومع ذلك، لم يكن الطريق نحو هذا الهدف سهلاً فلم يكن هناك اتحاد رسمي للرياضات الإلكترونية، ولم تكن البنية التحتية التقنية مهيأة لدعم المنافسات العالمية، كما كانت القوانين المنظمة غير واضحة، ما أثر على وجود الشركات العالمية محليًا وزاد من الاعتماد على الأسواق غير الرسمية.

وجاءت نقطة التحول مع تأسيس الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية، حيث تم اقتراح الأمير فيصل بن بندر بن سلطان لقيادته ولم يكن الهدف مجرد تنظيم بطولات، بل بناء منظومة متكاملة تشمل تطوير الألعاب، دعم المواهب، وتأسيس بيئة تنافسية تضع السعودية في قلب هذه الصناعة تنفيذًا لرؤية ولي العهد.

جاء أول اختبار عملي حينها بسرعة: هو تنظيم أول بطولة رسمية خلال 20 يومًا فقط ورغم التحديات، شهدت البطولة تسجيل 45 ألف مشارك، تنافس منهم 1500 لاعب ولاعبة وحضر الفعاليات 5000 مشجع، مما كشف عن حجم الشغف المحلي بالرياضات الإلكترونية.

ولي العهد السعودي لدى تتويج فريق فالكونز باللقب (واس)

لكن النجاح أظهر تحديات أكبر تتطلب حلولًا مستدامة، وكان ولي العهد يوجه بالعمل على تهيئة البنية التحتية لضمان جاهزية المملكة لاستضافة بطولات عالمية. وكانت البنية التحتية التحدي الأكبر، حيث لم تكن هناك سيرفرات محلية، مما تسبب في ارتفاع "نسبة التأخر" (Ping) إلى 150 مللي ثانية (ms)، بينما يتطلب اللعب التنافسي معدلات أقل من 40 مللي ثانية.

وقاد الدكتور محمد التميمي، محافظ هيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، مبادرة "Game Mode"، التي حسّنت جودة الشبكة بشكل كبير، مما أدى إلى انخفاض "نسبة التأخر" بأكثر من 83 في المائة خلال أقل من عامين، وجعل السعودية مؤهلة لاستضافة البطولات الكبرى.

الإطار القانوني شكّل عقبة أخرى، حيث لم تكن هناك آلية واضحة لتصنيف الألعاب، مما أدى إلى صعوبات في إدخالها رسميًا وهذا يساعد في انتشار السوق السوداء.

وعملت هيئة تنظيم الإعلام على إعادة هيكلة أنظمة التصنيف بالتنسيق مع الشركات العالمية، مما أدى إلى تنظيم السوق، وتقليل تسرب العوائد المالية للخارج. هذه الخطوة كانت بدعم مباشر من ولي العهد، الذي شدد على أهمية خلق بيئة قانونية جاذبة للمستثمرين في هذا القطاع، فيما تابع سلمان الدوسري، وزير الإعلام، التنسيق بين الجهات المعنية لضمان تطبيق المعايير الجديدة بفعالية.

بعد تجاوز هذه التحديات، انطلقت بطولات كبرى مثل لاعبون بلا حدود وموسم الجيمرز، التي لم تكن مجرد فعاليات ترفيهية، بل منصات لاكتشاف المواهب وبناء الخبرات التنظيمية وهذه التجربة التراكمية مهدت الطريق نحو الحدث الأهم: استضافة أول كأس عالم للرياضات الإلكترونية.

استقطب الحدث أكثر من 1500 لاعب، 500 فريق، وملايين المتابعين حول العالم، وكان نجاحه بوابة لاستضافة الألعاب الأولمبية الإلكترونية، مما عزز مكانة المملكة كمركز عالمي لهذه الصناعة.

لكن الطموح لم يتوقف عند البطولات، بل امتد إلى مشروع مدينة الرياضات الإلكترونية في القدية، الذي حظي بدعم مباشر من ولي العهد، وفقًا لما أوضحه عبد الله الداوود، العضو المنتدب لشركة القدية للاستثمار.

جاءت نقطة التحول مع تأسيس الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية (الشرق الأوسط)

لم تكن الفكرة مجرد إنشاء مبانٍ، بل تطوير بيئة متكاملة تحاكي ثقافة الألعاب، حيث تضم فنادق، مناطق سكنية، ومرافق عامة، مع دمج تقنيات الواقع المعزز (AR)، مما يجعلها موطنًا للاعبين من جميع أنحاء العالم.

واليوم لم تعد الرياضات الإلكترونية مجرد نشاط ترفيهي في السعودية، بل أصبحت صناعة متكاملة مدعومة باستثمارات ضخمة، شراكات عالمية، وبنية تحتية متطورة.

من فكرة بدت بعيدة المنال إلى واقع جعل المملكة واحدة من أهم المراكز العالمية في هذه الصناعة، كان الطريق مليئًا بالتحديات، لكن كل عقبة كانت خطوة إضافية نحو تحقيق الريادة بفضل رؤية وإصرار ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، الذي كان يؤمن بأن الرياضات الإلكترونية ليست مجرد هواية، بل قطاع استراتيجي يمكن أن يجعل السعودية في طليعة العالم الرقمي.


مقالات ذات صلة

ترمب: لا أحد يستطيع كسر العلاقة القوية بين أميركا والسعودية

الخليج الأمير محمد بن سلمان والرئيس ترمب خلال منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي (واس) play-circle

ترمب: لا أحد يستطيع كسر العلاقة القوية بين أميركا والسعودية

قال الرئيس ترمب خلال زيارته الى العاصمة القطرية الدوحة: «علاقة الولايات المتحدة بالسعودية قوية جداً، ولا أحد سيعكر صفو هذه العلاقة، لا أحد قادر على زعزعتها».

إبراهيم أبو زايد (الرياض)
الخليج القمة الخليجية ــ الأميركية ترسم خريطة استقرار للمنطقة

القمة الخليجية ــ الأميركية ترسم خريطة استقرار للمنطقة

رسمت القمة الخليجية - الأميركية التي عُقدت في الرياض، بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، في اليوم الثاني والأخير من زيارة الرئيس.

غازي الحارثي (الرياض) عبد الهادي حبتور (الرياض)
شمال افريقيا ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال القمة الخليجية - الأميركية في الرياض الأربعاء (واس)

قادة سودانيون: خطاب ولي العهد السعودي «دفعة جديدة» لإحياء «منبر جدة»

استحسن العديد من القادة السياسيين السودانيين إعلان ولي العهد السعودي في القمة الخليجية - الأميركية مواصلة المملكة جهودها في إنهاء أزمة السودان عبر «منبر جدة».

محمد أمين ياسين (نيروبي)
الاقتصاد رؤساء شركات الذكاء الاصطناعي الأميركية بجوار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أثناء كلمة ترمب في المنتدى الاستثماري بالرياض (واس) play-circle 00:46

بعد ترمب... السعودية تستقبل قريباً أول دفعة رقاقات ذكاء اصطناعي في المنطقة

توافد عمالقة التكنولوجيا والاستثمار من وادي السيليكون إلى العاصمة السعودية، برفقة الرئيس دونالد ترمب، الذي لعب دوراً في إحياء تصدير رقاقات الذكاء الاصطناعي.

عبير حمدي (الرياض)
تحليل إخباري صورة تجمع الرئيس ترمب وولي العهد السعودي مع الشركات الموقعة للاتفاقيات الاستثمارية في منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي (الشرق الأوسط)

تحليل إخباري مختصون: الشراكة الاستراتيجية مع أميركا ترفع الاقتصاد السعودي لـ2.6 تريليون دولار

أكد خبراء ومحللون اقتصاديون أن توقيع السعودية والولايات المتحدة على وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية، تمثل نقلة نوعية وتعزز مكانة المملكة قوةً اقتصاديةً.

محمد المطيري (الرياض)

الهلال يخطط للكشف عن مديره الرياضي الأجنبي بعد «مونديال الأندية»

مباراة الفتح أظهرت سوءاً هلالياً في الدفاع (عيسى الدبيسي)
مباراة الفتح أظهرت سوءاً هلالياً في الدفاع (عيسى الدبيسي)
TT

الهلال يخطط للكشف عن مديره الرياضي الأجنبي بعد «مونديال الأندية»

مباراة الفتح أظهرت سوءاً هلالياً في الدفاع (عيسى الدبيسي)
مباراة الفتح أظهرت سوءاً هلالياً في الدفاع (عيسى الدبيسي)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن إدارة نادي الهلال تدرس خيار التعاقد مع مدير رياضي جديد، وسط تداول عدد من الأسماء التي سبق لها العمل في أندية أوروبية مرموقة، دون أن يُحسم أي شيء حتى اللحظة، في ظل استمرار النقاشات حول هوية الأنسب للمرحلة المقبلة.

وبحسب المصادر ذاتها، فإن إدارة الهلال تفضّل أن يتولى المدير الرياضي الجديد مهامه عقب نهاية مشاركة الفريق في كأس العالم للأندية، حيث من المتوقع - إذا تم الاتفاق - أن يُشرف على إعداد الفريق لمرحلة ما بعد المونديال.

وعلى الجانب الآخر، تشير المصادر إلى أن فهد المفرج، المدير التنفيذي لإدارة كرة القدم بالنادي، قد يواصل العمل ضمن المنظومة الزرقاء، لكن في موقع مختلف، على أن يُستفاد من خبرته الطويلة داخل النادي، إلا أن القرار النهائي بهذا الشأن لم يُتخذ بعد.

فهد بن نافل وفهد المفرج واجها انتقادات لاذعة في الأسابيع الماضية (نادي الهلال)

وينتهي عقد فهد المفرج مع الهلال، هذا الصيف، بختام مشاركة النادي في بطولة كأس العالم للأندية.

وفيما يخص ملف المدرب الجديد، تشير المصادر إلى إمكانية إعلان الهلال عن مدربه - إذا سارت الأمور بحسب ما تأمله الإدارة الحالية - قبل انطلاق الجولة الأخيرة من الدوري السعودي للمحترفين، وذلك وفقاً لسير المفاوضات الجارية حالياً مع أكثر من اسم مطروح على الطاولة.

وتشير التوقعات إلى أن الإدارة تميل للتعاقد مع مدرب صاحب شخصية قوية وخبرة في البطولات الكبرى، بما يتماشى مع تطلعات النادي في المرحلة المقبلة.

ولا تزال الأسماء المرشحة محاطة بسرية تامة، إلا أن التوجه - إذا ما تم الاتفاق النهائي - هو أن يكون الإعلان الرسمي قبل مواجهة الفريق أمام القادسية.

في المقابل، حقق محمد الشلهوب بداية مثالية في مشواره التدريبي المؤقت مع الهلال، عقب إقالة البرتغالي خورخي خيسوس بعد الخروج من دوري أبطال آسيا للنخبة، حيث قاد الفريق في ثلاث مباريات حقق خلالها ثلاثة انتصارات، مسجلاً 13 هدفاً مقابل 6 أهداف استقبلتها شباك فريقه.

ميتروفيتش ومالكوم في نقاش حاد أمام الفتح (عيسى الدبيسي)

ونال الشلهوب العلامة الكاملة بـ9 نقاط من أصل 9 ممكنة، ليقترب بنسبة كبيرة من حسم المركز الثاني الذي يؤهل صاحبه إلى «النخبة» في الموسم المقبل.

ويسابق الهلال الزمن لإنهاء هذه الملفات العالقة قبل شهر فقط من انطلاق كأس العالم للأندية 2025.

الهلال أنهى موسمه محلياً وقارياً بشكل لا يليق بتطلعات جماهيره. فرغم تحقيقه لقب كأس السوبر السعودي، إلا أنه ودَّع كأس الملك من الدور ربع النهائي، كما خرج من دوري أبطال آسيا في نصف النهائي، وخسر لقب الدوري لصالح الاتحاد.

ويوجد الهلال في المجموعة الثامنة رفقة العملاق الإسباني ريال مدريد وباتشوكا المكسيكي، بطل الكونكاكاف، وريد بول سالزبورغ النمساوي.

محمد الشلهوب قاد الهلال للعلامة الكاملة منذ تدريبه الفريق (عيسى الدبيسي)

ويستهل الهلال مشواره في البطولة بمواجهة نارية ضد ريال مدريد يوم 18 يونيو (حزيران)، ثم سالزبورغ (23 يونيو) وأخيراً باتشوكا (27 يونيو) ـ مع العلم أن صاحبي المركزين الأول والثاني يتأهلان إلى دور الـ16.

المشاركة في كأس العالم للأندية تمثل فرصة تاريخية للهلال للظهور بمستوى مشرّف أمام أنظار العالم، خاصة في ظل التجربة التنظيمية الجديدة لـ«فيفا» على مستوى الأندية، وهي مناسبة قد تسهم في تعزيز قيمة النادي تسويقياً وجماهيرياً على الصعيدين القاري والدولي.