اختطفت دنيا أبو طالب بطاقة التأهل المباشر إلى أولمبياد باريس، الذي سيقام بعد أيام قليلة، لتصبح بالتالي أول سعودية تنتزع بطاقة العبور المباشر إلى المحفل الأولمبي الضخم.
لم يكن منجز العبور بالبطاقة المباشرة إلى المحفل الأولمبي شيئاً مستغرباً من دنيا أبو طالب اللاعبة التي بدأت ملامح نجوميتها تشع مبكراً منذ أن بدأت في لعبة القتال «التايكوندو» التي نشأت في كوريا كأحد الفنون القتالية التي ذاع صيتها لعبةً معروفةً على الصعيد العالمي.
اعتُمدت لعبة التايكوندو رياضةً أولمبيةً بعد قرابة ثلاث سنوات من ولادة النجمة السعودية دنيا أبو طالب، التي رأت النور عام 1997 في حين اعتُمدت لعبة التايكوندو في أولمبياد سيدني 2000 كأول إدراج رسمي لها بعد أن أظهرت في سيول 1988 رياضةً استعراضيةً، بالمثل ظهرت في برشلونة 1992، لكنها غابت لتعود كظهور رسمي في المدينة الأسترالية سيدني.
لم تُعرف دنيا أبو طالب لاعبة تايكوندو إلا في السنوات القليلة الماضية كممارسة رسمية، لكنها بدأت علاقتها وارتبطت باللعبة منذ وقت مبكر من عمرها، ومارستها رغم الصعوبات التي واجهتها في بدايتها كفتاة تريد ممارسة هذه اللعبة.
كانت أبو طالب تمارس اللعبة مع الصبيان من أقرانها كونها لا تجد فتيات يمارسن اللعبة ذاتها وهي في عمر الثامنة، توضح في حديث سابق لوكالة الصحافة الفرنسية: «كنت دائماً ألعب مع الصبيان في مركز أولاد أصلاً دون بنات، وكنت ألبس إيسكاب (غطاء للرأس) لأغطي شعري حتى لا أظهر أنني بنت».
بعد سنوات من الكفاح عانقت دنيا أبو طالب أول ميدالية ذهبية في تاريخها لتخطف الأنظار حولها وتنبئ بقدوم اسم كبير في الساحة، وقبل ذلك كانت حققت ميدالية فضية في دورة الألعاب الخليجية 2019. تمكنت ابنة الـ27 عاماً من انتزاع الميدالية البرونزية في بطولة العالم التي أقيمت في المكسيك عام 2022 في وزن 49 كيلوغراماً، وهو العام الذي شهد تحقيقها ميدالية برونزية على الصعيد الآسيوي.
بعد مشاركات عديدة باتت دنيا أبو طالب مصنفة رابعة عالمياً في وزن 53 كيلوغراماً، ولم تتوقف عند هذا الحد بل انتزعت ذهبية آسيا وبلغت الأولمبياد ببطاقة مباشرة وهو منجز غير مسبوق.
وتملك أبو طالب المتوجة بجائزة أفضل رياضية سعودية لعام 2022، وكذلك أفضل رياضية عربية، 11 ميدالية في مسيرتها، أبرزها برونزية العالم وكذلك ذهبية وبرونزية القارة الآسيوية، مقابل أربع ذهبيات في بطولات مفتوحة وكذلك أربع ميداليات فضية وثلاث برونزيات في المسار ذاته.
وحققت أبو طالب ذهبية البطولة العربية المفتوحة في 2020 والميدالية البرونزية في كأس العرب 2022، وكذلك البطولة الآسيوية، وحازت فضية الجبل الأسود المفتوحة في العام نفسه 2022، قبل أن تنتزع برونزية العالم في ختام ذلك العام. وفي عام 2023 حققت عدداً من الميداليات، منها فضية «مصر المفتوحة» وكذلك فضية «كأس الرؤساء» في أفريقيا، وذهبية «الحسين المفتوحة»، وبرونزية «البطولات الأوروبية المفتوحة»، وفضية بطولة «تركيا المفتوحة»، وبرونزية «آسيا المفتوحة».
وفي العام الحالي حققت اللاعبة السعودية ذهبية «كأس العرب»، وذهبية بطولة «تركيا المفتوحة»، إضافةً إلى تحقيقها مُنجزات محلية مثل ذهبية «دورة الألعاب السعودية»، في حين كان المُنجز الأبرز تحقيق ذهبية آسيا.
بعد بلوغ الأولمبياد، قدم الأمير عبد العزيز بن تركي الفيصل تهنئته للنجمة السعودية، وكتب عبر منصة «إكس»: «أبارك للاعبة المنتخب السعودي للتايكوندو دنيا أبو طالب تأهلها رسمياً إلى أولمبياد باريس 2024»، مضيفاً: «إنجازات تتوالى وطموح لا يتوقف بفضل الله ثم دعم قيادة وطننا الغالي»، وردت اللاعبة على هذه التغريدة بالقول: «شرف لي مباركتك وتهنئتك، بدعمكم سنواصل لتحقيق الأمجاد وأعدكم بقادم أفضل بإذن الله».
النجمة السعودية تحدثت لـ«الشرق الأوسط» في وقت سابق، قائلةً: «إن رياضة التايكوندو ليست للدفاع عن النفس فقط، بل هي طريق للإنجازات التاريخية السعودية»، مؤكدةً أن هذه الرياضة ساعدتها على تعزيز صفتَي الصبر والإرادة من خلال شخصيتها وتعاملها مع الآخرين ومنافسيها. وأكدت أبو طالب أن «رياضة التايكوندو في بدايتها لم تكن تلقى تقبلاً من بعض أفراد المجتمع، لكن الحال تختلف اليوم، فنحن نجد كل الدعم والاهتمام على المستوى الرسمي ومن المجتمع، وتلقى هذه الرياضة إقبالاً كبيراً، تحديداً من العنصر النسائي».
دنيا أبو طالب، لاعبة النادي الأهلي سابقاً، التي التحقت هذا الصيف بنادي القادسية السعودي، الذي تملكه شركة «أرامكو»، عملاق النفط، تتأهب لمشاركة مفصلية في تاريخها وتاريخ الرياضة النسائية السعودية، إذ تبدو الآمال عليها كبيرة نظير اسمها البارز في التايكوندو.
أنهت النجمة السعودية استعداداتها للحظة المرتقبة بمعسكرات متتالية وسط دعم كبير، إذ يُشرف عليها فنياً الروسي قربان بوغداييف المدرب الذي قاد محمد الجندوبي نجم تونس لفضية أولمبياد طوكيو، حيث يتولى قربان الإشراف عليها منذ أواخر عام 2021.