رغم تطلعات وآمال النصراويين في موسم حافل بالبطولات والإنجازات، فإن المشهد الكروي على أرض الواقع حمل صورة معاكسة لذلك تماماً، بخسارة «العالمي» إلى حدٍ كبير فرصة المنافسة على الدوري المحلي، وأخيراً خروجه من منافسات دوري أبطال آسيا على يد العين الإماراتي بركلات الترجيح، وسط خيبة أمل كبيرة للاعبين والجماهير.
بالعودة إلى الوراء، فقد بدأت مشكلات النصر مبكراً خلال النصف الثاني من الموسم، وتحديداً بعد فوز الفريق على منافسه التعاون بنتيجة 4-1 في دوري المحترفين، نهاية عام 2023، وقبل فترة التوقف الطويلة بسبب مشاركة المنتخب السعودي الأول في نهائيات كأس آسيا 2023.
وخططت إدارة النصر لإقامة بطولة ودية شتوية في الصين بمشاركة فريقي شنغهاي شنهوا وتشجيانغ بروفيشنال إف سي، خلال النصف الثاني من شهر يناير (كانون الثاني) 2024، إلا أن البطولة ألغيت رغم سفر بعثة النصر إلى الصين فعلياً، بسبب إصابة البرتغالي كريستيانو رونالدو وعدم قدرته على اللعب، مما أجبر إدارة النادي واللجنة المنظمة للبطولة على اتخاذ قرار بتأجيل الدورة الودية حتى إشعار آخر.
ولم يخض الفريق النصراوي أي مباراة خلال شهر يناير 2024، لتكون مواجهته الأولى في العام من خلال منافسات كأس موسم الرياض، بالتغلب على إنتر ميامي الأميركي بسداسية، ومن ثم الخسارة أمام الهلال بنتيجة 0-2. ولم يشترك الدولي البرتغالي رونالدو في اللقاء الأول لعدم الجاهزية البدنية، إلا أنه خاض مواجهة الكلاسيكو ولكن دون وصوله إلى الحالة الفنية المطلوبة.
وتعرض لاعبو النصر بعدها لمجموعة من الإصابات غير المتوقعة، حيث أصيب دافيد أوسبينا أولاً خلال مواجهة إنتر ميامي في كأس موسم الرياض، وبعدها تعرض بقية الحراس لإصابات مختلفة، كإصابة الحارس راغد النجار في عضلة السمانة، وغياب الحارس الآخر وليد عبد الله بسبب إصابة عضلية تعرض لها خلال مباراة الحزم دورياً، وقبلها تم إيقاف الحارس الدولي نواف العقيدي لمدة 6 أشهر بسبب أزمته مع روبرتو مانشيني مدرب المنتخب السعودي.
ولم يكتف النصر بغيابات الحراسة فقط، إذ تعرض أكثر من لاعب للإصابة أيضاً، حين خسر لويس كاسترو خدمات جناحه عبد الرحمن غريب، الذي ابتعد عن الملاعب لمدة شهر بسبب الإصابة، إذ غاب عن مباراة العين في ذهاب دوري أبطال آسيا، قبل أن يعود في الإياب على ملعب الأول بارك ويتعرض لإصابة أخرى أجبرته على مغادرة الملعب، مع توقعات بغيابه لمدة تصل إلى شهر.
وواجه الفريق العاصمي غيابات أخرى، بعد إصابة الأسترالي عزيز بيهيتش خلال مباراة العين في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال آسيا، وحاجته إلى فترة علاج قد تصل إلى شهر، كما أصيب سلطان الغنام مدافع الفريق في المباراة ذاتها، مما جعل الفريق من دون أظهرته الأساسية خلال مباراة الذهاب في الإمارات، التي خسرها بهدف دون رد.
وكانت الضربة القوية لفريق النصر تمثلت في إصابة البرازيلي أندرسون تاليسكا، الذي يعدُّ ثاني أهم أسلحة الفريق الهجومية بعد البرتغالي رونالدو، حيث سجل 24 هدفاً في بطولتي الدوري ودوري أبطال آسيا هذا الموسم. ومن المقرر غياب البرازيلي حتى نهاية الموسم بعد إصابة عضلية في منطقة الفخذ تعرض لها في التدريب، أجبرته على السفر إلى إيطاليا لبدء رحلة العلاج الطويلة التي ستستمر لعدة أشهر، كما تعرض الإسباني إيمريك لابورت للطرد في مواجهة العين بالذهاب.
وتغيرت أحوال النصر للأسوأ بعد هذه الإصابات والغيابات المؤثرة، حيث بدأت المشكلات تظهر بوضوح في ظل الانتصارات الصعبة التي حققها الفريق في الدوري، كالفوز الشاق على الشباب في الدقائق الأخيرة بنتيجة 3-2، ثم التعادل الإيجابي بنتيجة 4-4 أمام الحزم في ملعب الأول بارك، وبعدها السقوط في فخ الهزيمة قارياً أمام العين في ذهاب ربع النهائي الآسيوي، ليفقد الفريق تماماً فرصة لحاقه بالمتصدر الهلال محلياً بعد الخسارة أمام الرائد بنتيجة 1-3، ليبتعد بفارق 12 نقطة كاملة عن صاحب المركز الأول، وتصبح مهمة الفوز باللقب المحلي أقرب إلى المستحيل.
ومنذ الفوز على الفيحاء بهدف في ذهاب دور الـ16 من دوري أبطال آسيا، 14 فبراير (شباط) 2024، خاض الفريق النصراوي 8 مباريات كاملة في فترة أقل من شهر، بواقع مباراتين تقريباً في الأسبوع، بسبب المشاركة في الدوري وآسيا، لذلك تعرض اللاعبون لمزيد من الإرهاق والتعب، ظهر ذلك بوضوح في كثرة الإصابات العضلية خلال المباريات وحتى أثناء التدريبات.
ومع غياب العنصر المحلي الجاهز في بعض المراكز كالهجوم والأطراف، واجه البرتغالي كاسترو موقفاً صعباً بعد إصابة تاليسكا وغيابه، وتراجع مستوى بعض المحترفين مثل السنغالي ساديو ماني والكرواتي مارسيلو بروزوفيتش، مما جعل الأمور تبدو أكثر تعقيداً في ظل المبالغة في الاعتماد على كريستيانو رونالدو هجومياً.
وصرح كاسترو بعد الخروج من آسيا أمام العين قائلاً: «لدينا العديد من الإصابات والعقوبات تسببت في غياب الاستقرار عن الفريق مثل نواف العقيدي وسلطان الغنام، وهذه أمور تُسبب عدم الانسجام بخط الدفاع»، ليؤكد أن غيابات فريقه كانت سبباً رئيسياً في الهزائم الأخيرة.
وبعيداً عن الإصابات والغيابات والإرهاق، ظهر فريق النصر بصورة ضعيفة في الشق الدفاعي، إذ استقبلت شباك الفريق 14 هدفاً في آخر 7 مباريات، بمعدل هدفين على الأقل في المباراة الواحدة. وكان غياب الحراس الأساسيين سبباً رئيسياً في هز شباك الفريق، إلا أن النصر عانى أيضاً على مستوى التنظيم الدفاعي والتحكم في المساحات أثناء الهجمات المرتدة لمنافسيه.
ويمكن القول أيضاً إن مدرب النصر لويس كاسترو يركز أكثر على الشق الهجومي، ليظهر ذلك بوضوح في كثرة أهداف الفريق الذي سجل 65 هدفاً في بطولة الدوري هذا الموسم، إلا أنه لا يركز على الدفاع بالأهمية نفسها، حيث ظهر ذلك أيضاً من خلال استقبال 33 هدفاً في الدوري. ويؤكد كاسترو ذلك بتصريحاته السابقة التي قال فيها نصاً: «ناقوس الخطر بالنسبة لنا هو أن أسلوب فريقنا هجومي ولا يمكن أن يصبح دفاعياً، لأنه إذا أردنا تحقيق البطولات يجب أن نكون هجوميين، وبالنسبة لي كمدرب من السهل اللعب بالأسلوب الدفاعي والاعتماد على الكرات المرتدة، ولكن هذا الأسلوب ليس من ضمن أفكاري».
ورغم الفوز ببطولة كأس الملك سلمان للأندية العربية في الصيف الماضي، بعد الانتصار في النهائي على الهلال بنتيجة 2-1، وإبرام إدارة النادي لعدد من الصفقات الأجنبية كالتعاقد مع ساديو ماني وأوتافيو وبروزوفيتش ولابورت، بجانب وجود النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، فإن وضع النصر أصبح أصعب كثيراً خلال النصف الثاني من الموسم، ليودع منافسات دوري أبطال آسيا ويبتعد تماماً عن المنافسة على لقب الدوري، ليكون تركيزه الأكبر على بطولتي كأس خادم الحرمين الشريفين وكأس السوبر السعودي، حيث سيسعى المدرب البرتغالي للفوز بهما أو لتحقيق لقب واحد على الأقل، حتى يضمن استمراره على الأقل لفترة أطول على رأس الجهاز الفني للفريق العاصمي.