رئيسة الوزراء اليابانية: «المركزي» رفع الفائدة لتحقيق هدف التضخم بشكل مستدام

إصدار قياسي متوقع للسندات... وتحذير قوي للتدخل في سوق الين

وزيرة المالية اليابانية ساتسوكي كاتاياما لدى وصولها إلى مقر الحكومة بالعاصمة طوكيو في مناسبة سابقة (رويترز)
وزيرة المالية اليابانية ساتسوكي كاتاياما لدى وصولها إلى مقر الحكومة بالعاصمة طوكيو في مناسبة سابقة (رويترز)
TT

رئيسة الوزراء اليابانية: «المركزي» رفع الفائدة لتحقيق هدف التضخم بشكل مستدام

وزيرة المالية اليابانية ساتسوكي كاتاياما لدى وصولها إلى مقر الحكومة بالعاصمة طوكيو في مناسبة سابقة (رويترز)
وزيرة المالية اليابانية ساتسوكي كاتاياما لدى وصولها إلى مقر الحكومة بالعاصمة طوكيو في مناسبة سابقة (رويترز)

قالت رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي، يوم الثلاثاء، إنها تعتقد أن بنك اليابان نفَّذ رفع سعر الفائدة الأسبوع الماضي لتحقيق هدف التضخم البالغ 2 في المائة بطريقة مستدامة ومستقرة. وأضافت صحيفة «نيكاي» الاقتصادية، أن تاكايتشي أعربت في مقابلة معها عن توقعها بأن يُدير البنك المركزي سياسته النقدية بشكل مناسب مع العمل من كثب مع الحكومة.

وفي سياق منفصل، من المرجح أن يتجاوز إصدار السندات الحكومية اليابانية الجديدة للسنة المالية 2026 مبلغ 28.6 تريليون ين (182 مليار دولار) الذي تم إصداره خلال السنة المالية الحالية، وفقاً لما ذكرته 3 مصادر مطلعة على الأمر يوم الثلاثاء.

وأضافت المصادر التي طلبت عدم الكشف عن هويتها لأن المعلومات غير متاحة للعموم، أن إجمالي الإنفاق بموجب مسودة ميزانية السنة المالية المقبلة سيتجاوز على الأرجح 122 تريليون ين، ليسجل رقماً قياسياً جديداً، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف الرعاية الاجتماعية، وحزمة من الإجراءات للتخفيف من الأثر الاقتصادي لارتفاع تكاليف المعيشة.

وأكدت المصادر أن وزارة المالية تعتزم تحديد سعر فائدة افتراضي بنحو 3 في المائة في ميزانية العام المقبل، مما يُبرز الضغط المتزايد على الميزانية نتيجة تكاليف خدمة الدين، وهو أعلى مستوى له منذ 29 عاماً، حين كان 3.2 في المائة. وتعكس هذه الخطوة ارتفاعاً مطرداً في عوائد السندات طويلة الأجل، ومن شأنها أن ترفع تكلفة تمويل ديون اليابان الضخمة إلى أكثر من 30 تريليون ين في السنة المالية 2026، مقارنة برقم قياسي بلغ 28.2 تريليون ين هذا العام.

ويزيد سعر الفائدة الافتراضي الجديد بنسبة نقطة مئوية واحدة عن نسبة 2.0 في المائة المسجلة هذا العام، وبنسبة 0.4 نقطة مئوية عن نسبة 2.6 في المائة المستخدمة في طلبات الميزانية الأولية في أغسطس (آب) الماضي. ويُحسب السعر الافتراضي بإضافة متوسط عوائد السوق الأخيرة إلى مستوى أساسي قدره 1.1 في المائة، والذي اعتُبر ضرورياً خلال الأزمات السابقة.

وبلغت عوائد سندات الحكومة اليابانية القياسية لأجل 10 سنوات مؤخراً 2.1 في المائة لفترة وجيزة، وهو أعلى مستوى لها منذ فبراير (شباط) 1999. وقد عزز قرار بنك اليابان في 19 ديسمبر (كانون الأول) رفع سعر الفائدة الرئيسي إلى 0.75 في المائة التوقعات بمزيد من الزيادات، مما جعل المراجعة التصاعدية أمراً لا مفر منه، وفقاً للمصادر.

ومن المتوقع أن تُنهي الحكومة مسودة ميزانية السنة المالية 2026 يوم الجمعة. وفي ظل السياسة النقدية التوسعية للغاية لـ«أبينوميكس»، كانت أسعار الفائدة المفترضة تتراوح غالباً بين 1 و2 في المائة، مما يتيح مجالاً للإنفاق الحكومي. وإذا استمرت تكاليف خدمة الدين في الارتفاع، فقد يُعقِّد ذلك خطط رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي لاتباع سياسة مالية توسعية.

ومن المتوقع أن تتجاوز الإيرادات الضريبية الاسمية الرقم القياسي المسجل في السنة المالية الحالية، البالغ 80.6 تريليون ين، إلا أنها لن تكون كافية لتعويض الزيادة الحادة في الإنفاق.

تحذيرات قوية للمضاربين

من جهة أخرى، قالت وزيرة المالية اليابانية ساتسوكي كاتاياما، يوم الثلاثاء، إن اليابان لديها حرية التصرف في التعامل مع التحركات المفرطة في الين، موجهة أقوى تحذير حتى الآن بشأن استعداد طوكيو للتدخل في سوق العملات، لكبح الانخفاضات الحادة في قيمة العملة. وقالت كاتاياما عقب المؤتمر الصحافي الذي عقده محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، الأسبوع الماضي: «إنها لا تعكس على الإطلاق العوامل الأساسية». وأضافت: «لا أعتقد أنها كانت ستصل إلى هذا الحد لولا وجود تحركات مضاربة. ستتخذ الحكومة الإجراءات المناسبة ضد أي تحركات مفرطة»، استناداً إلى اتفاقية اليابان مع الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) بشأن سياسة سعر الصرف. وتعكس هذه التصريحات إلى حد بعيد ما قالته في مقابلة مع «بلومبرغ» يوم الاثنين.

وارتفع الين إلى نحو 156 يناً للدولار بعد تصريحات كاتاياما يوم الثلاثاء، على الرغم من أنه لم يكن بعيداً جداً عن أدنى مستوى له في 11 شهراً، الذي بلغ 157.78 ين يوم الجمعة.

وفي بيان مشترك صدر في سبتمبر، أكدت اليابان والولايات المتحدة مجدداً التزامهما بأسعار صرف العملات التي تحددها آليات السوق، مع الاتفاق على أن يقتصر التدخل في سوق الصرف الأجنبي على مكافحة التقلبات المفرطة. وقد استشهد صناع السياسة اليابانيون بهذا البيان، بوصفه يمنحهم الحق في التدخل عندما تنحرف تحركات الين عن الأسس الاقتصادية وتشهد تقلبات حادة.


مقالات ذات صلة

الصين تتعهد بتحقيق استقرار سوق الإسكان في 2026

الاقتصاد رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

الصين تتعهد بتحقيق استقرار سوق الإسكان في 2026

ستُسرّع الصين وتيرة التجديد الحضري وجهودها الرامية إلى تحقيق استقرار سوق العقارات في عام 2026، مع بداية خطتها الخمسية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)

الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

يزيد المستثمرون العالميون من رهاناتهم على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، متوقعين نجاح نماذج عدة قادمة على غرار «ديب سيك».

«الشرق الأوسط» (نيويورك-هونغ كونغ)
الاقتصاد رجل يمر بجانب «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

أوسع موجة تيسير نقدي عالمي تهز الأسواق في 2025 منذ الأزمة المالية

شهدت البنوك المركزية الكبرى خلال عام 2025 أكبر وأسرع حملة لتيسير نقدي منذ الأزمة المالية العالمية، في حين تصاعدت وتيرة التيسير النقدي بين صناع السياسات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

البنوك السعودية تحافظ على زخم النمو في الربع الثالث

سجل القطاع المصرفي السعودي نمواً مستقراً في الإقراض خلال الربع الثالث من عام 2025؛ إذ ارتفع إجمالي القروض والسلف بنسبة 2.5 في المائة على أساس فصلي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ورقة نقدية من الروبية الهندية (رويترز)

مصرفيون يحثّون «المركزي الهندي» على التدخل مع تصاعد ضغوط الروبية

حثَّ مصرفيون البنك المركزي الهندي على التدخل وسط تصاعد ضغوط سوق العقود الآجلة غير القابلة للتسليم، مدفوعة بوفرة الدولار مع اقتراب نهاية العام.

«الشرق الأوسط» (مومباي)

الصين تتعهد بتحقيق استقرار سوق الإسكان في 2026

رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)
رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

الصين تتعهد بتحقيق استقرار سوق الإسكان في 2026

رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)
رجل يمر أمام مجمع سكني وتجاري تابع لشركة «تشاينا فانكي» المتعثرة في العاصمة الصينية بكين (رويترز)

ستُسرّع الصين وتيرة التجديد الحضري وجهودها الرامية إلى تحقيق استقرار سوق العقارات في عام 2026، مع بداية خطتها الخمسية الجديدة (2026-2030)، وذلك وفقاً لبيان صادر عن مؤتمر سياسات الإسكان نُشر يوم الثلاثاء.

وحدد المؤتمر الذي عُقد في بكين يومَي 22 و23 ديسمبر (كانون الأول)، مهام تطوير الإسكان الرئيسية لفترة الخطة الخمسية، وعدّ العام المقبل نقطة انطلاق حاسمة لتنفيذ السياسات، وفقاً للبيان الذي نشرته الجهة الرسمية لوزارة الإسكان.

وسينصبّ التركيز بشكل أساسي على «التنفيذ الفعال للتجديد الحضري»، إلى جانب الجهود المبذولة لتحقيق استقرار سوق العقارات، ومنع المخاطر وتخفيف حدتها، وتحسين المعروض من المساكن بأسعار معقولة.

ويشهد قطاع العقارات في الصين الذي كان يُعدّ محركاً رئيسياً للنمو، تراجعاً مستمراً منذ منتصف عام 2021، على الرغم من تعهدات الحكومة المتكررة بدعمه. وقد أثر ضعف مبيعات المنازل وانخفاض الأسعار سلباً على ثقة المستهلكين وأصحاب المنازل، حيث يرتبط نحو 70 في المائة من ثروة الأسر بالعقارات.

كما يواجه المطورون العقاريون ضغوطاً على السيولة. وأعلنت شركة «تشاينا فانكي»، في بيان لها يوم الاثنين، أنها حصلت على موافقة لتمديد فترة السماح لسداد سندات بقيمة ملياري يوان (284.2 مليون دولار) مستحقة في 15 ديسمبر.

وحول استقرار السوق، صرّح مسؤولون بأن السياسات ستُصمّم بما يتناسب مع الظروف المحلية لإدارة العرض وتقليل المخزون. وتشمل هذه التدابير تجديد الأحياء الحضرية ودعم الحكومات المحلية في شراء المنازل القائمة لاستخدامها بوصفها إسكاناً ميسور التكلفة. كما أشار المسؤولون إلى أن الصين ستشجع على بيع المنازل الجديدة الجاهزة، حتى «يتسنى للمشترين معاينة ما يشترونه».

وتعهد المؤتمر بتعزيز آلية «القائمة البيضاء للمشاريع»، وهو برنامج مدعوم من الحكومة يُرشّح بموجبه المسؤولون المحليون المشاريع السكنية المتعثرة للحصول على تمويل مصرفي مُعجّل، وحثّ الحكومات المحلية على الاستفادة الكاملة من صلاحياتها التقديرية لتعديل سياسات العقارات وتحسينها.

وفيما يتعلق بإدارة المخاطر، قال المسؤولون إنهم سيتبعون نهج السوق وسيادة القانون لمعالجة مخاطر ديون المطورين، وتشديد الرقابة على أموال ما قبل البيع، وحماية الحقوق والمصالح المشروعة لمشتري المنازل.وفيما يخص الإسكان الميسور، قال المسؤولون إنهم سيسعون إلى توفير الدعم السكني للأسر الحضرية ذات الدخل المنخفض التي تواجه صعوبات، مع تبني تدابير مُوجّهة لتلبية الاحتياجات السكنية الأساسية للفئات الضعيفة، بما في ذلك الشباب.


« رؤى المدينة» تطرح 7 فرص للقطاع الخاص لأبراج تجارية وفندقية غرب السعودية

إحدى المناطق القريبة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة (هيئة تطوير المدينة المنورة)
إحدى المناطق القريبة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة (هيئة تطوير المدينة المنورة)
TT

« رؤى المدينة» تطرح 7 فرص للقطاع الخاص لأبراج تجارية وفندقية غرب السعودية

إحدى المناطق القريبة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة (هيئة تطوير المدينة المنورة)
إحدى المناطق القريبة من المسجد النبوي بالمدينة المنورة (هيئة تطوير المدينة المنورة)

طرحت شركة رؤى المدينة القابضة، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، عبر منصة القطاع الخاص، 7 فرص استثمارية في 4 أبراج تجارية و3 أبراج فندقية، بمشروع دار الهجرة في المدينة المنورة، الواقعة غرب السعودية.

وصُممت منصة القطاع الخاص، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، لتكون بمثابة البوابة للشركات من أجل بناء الشراكات مع «السيادي» أو شركاته التابعة عبر القطاعات ذات الأولوية؛ وذلك بهدف إيصال رواد الأعمال، والمستثمرين، والمورّدين، إلى فرص استثنائية تسهم في دفع النمو الاقتصادي للمملكة.

أما شركة رؤى المدينة القابضة، التابعة لصندوق الاستثمارات العامة، فهي كيان رئيسي في تطوير البنية التحتية والأصول التي ترتقي بمكانة المدينة المنورة بصفتها وجهة سياحية ذات طابع معماري معاصر.

وبشأن تفاصيل المشاريع، تُقدّم شركة رؤى المدينة القابضة فرصاً استثمارية في ثلاثة أبراج فندقية راقية وأربعة أبراج تجارية (مكتبية) فاخرة تقع ضمن مشروع دار الهجرة، وهو مشروع حضري رائد متعدد الاستخدامات بالمدينة المنورة.

الأبراج الفندقية

وبخصوص الأبراج الفندقية، فالفرصتان الأولى والثانية تشملان نحو 380 غرفة في مساحة بناء تتجاوز 40300 متر مربع «لكل مشروع»، وتتكون كل فرصة من 3 طوابق سفلية وطابق أرضي وما يزيد عن 19 طابقاً.

والفرصة الثالثة تتلخص في 614 وحدة فندقية على مساحة بناء نحو 70 ألف متر مربع، وطابقين سفليين وطابق أرضي، بالإضافة إلى 19 طابقاً.

الأبراج التجارية

وتتمثل الفرصة الاستثمارية الرابعة في برج تجاري على مساحة بناء تتخطى 72250 متراً مربعاً، وأرض نحو 10650 متراً مربعاً، 3 طوابق سفلية، إلى جانب الطابق الأرضي و11 طابقاً.

والبرج التجاري الآخر على مساحة بناء 72250 متراً مربعاً، وأرض 9500 متر مربع، ويتكون من 3 طوابق سفلية وطابق أرضي و11 طابقاً.

الفرصة الاستثمارية السادسة في الأبراج التجارية، على مساحة بناء تتجاوز 72250 متراً مربعاً، وأرض في أكثر من 13380 متراً مربعاً، تشمل 3 طوابق سفلية وطابقاً أرضياً و11 طابقاً. أما الفرصة السابعة والأخيرة على مساحة بناء 56300 متر مربع، وأرض تتخطى 8850 متراً مربعاً، وهي عبارة عن 3 طوابق سفلية وطابق أرضي و16 طابقاً.

موقع استراتيجي

وبإمكان المستثمرين من القطاع الخاص المشاركة في واحدة أو أكثر من هذه الفرص المتاحة لدى شركة رؤى المدينة القابضة، حيث يتوقع حجم الطلب التقريبي للزائرين إلى المدينة المنورة 30 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030.

ووفق شركة رؤى المدينة القابضة، يتميز هيكل الصفقة بالمرونة، مع توفر نماذج شراكة متعددة قابلة للتنفيذ مثل: المشاريع المشتركة، والصناديق العقارية، والتحالفات الاستثمارية، أو إيجار الأرض والمباني.

وفيما يخص الفوائد الاستراتيجية، فمشروع دار الهجرة يقع في موقع استراتيجي على بُعد 10 دقائق فقط من المسجد النبوي، و5 دقائق من مسجد قباء، داخل مخطط رئيسي مساحته 1.1 مليون متر مربع. كما يتمتع باتصال مباشر بشبكة النقل العام لحافلات المدينة المنورة، وفقاً للشركة.


الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)
علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي الصيني يجذب المستثمرين وسط مخاوف «فقاعة وول ستريت»

علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)
علم الصين فوق لوحة إلكترونية تحمل شعار «صنع في الصين» (رويترز)

يزيد المستثمرون العالميون من رهاناتهم على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية، متوقعين نجاح نماذج عدة قادمة على غرار «ديب سيك»، ويسعون إلى تنويع محافظهم الاستثمارية، وسط مخاوف متزايدة في وول ستريت من فقاعة مضاربة في هذا القطاع.

كما يُحفز الطلب على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية سعي بكين لتحقيق الاستقلال التكنولوجي، بحسب «رويترز». وسارعت الصين إلى إدراج شركات تصنيع الرقائق الإلكترونية، ولا سيما «مور ثريدز»، التي تُلقب بـ«إنفيديا الصين»، و«ميتا إكس»، اللتين أُدرجتا هذا الشهر.

ويُعزز سعي بكين لتحقيق الاستقلال التكنولوجي الطلب على شركات الذكاء الاصطناعي الصينية. ويرى المستثمرون الأجانب أن الصين تُقلّص الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة، في ظلّ تكثيف بكين دعمها لشركات تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي، مما يُحفّز الاستثمار في الشركات الصينية، بالتزامن مع تزايد المخاوف بشأن التقييمات المرتفعة لأسهم شركات الذكاء الاصطناعي المدرجة في الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال، صرّحت شركة إدارة الأصول «رافر» البريطانية بأنها «حدّت عمداً من انكشافها» على «السبعة الرائعين» -عمالقة التكنولوجيا الأميركية-، وتسعى إلى زيادة استثماراتها في شركة «علي بابا»، لتعزيز انكشافها على قطاع الذكاء الاصطناعي في الصين.

وقالت جيما كيرنز-سميث، اختصاصية الاستثمار في «رافر»: «بينما لا تزال الولايات المتحدة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي المتقدم، تُضيّق الصين الفجوة بسرعة. قد لا يكون تفوقها التكنولوجي واسعاً أو عميقاً كما يعتقد الكثيرون... فالمشهد التنافسي يتغير». وتكتسب شركة «رافر» خبرةً متزايدةً في مجال الذكاء الاصطناعي من خلال عمالقة التكنولوجيا الصينية، مثل «علي بابا»، التي تدير وحدةً لتصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي، وتمتلك نموذج اللغة الضخم Qwen، وتستثمر بكثافة في البنية التحتية السحابية.

ويتزايد اهتمام مديري الأصول العالميين بشركات الذكاء الاصطناعي الصينية، مع إدراج موجة من الشركات الناشئة في بورصة الصين، وهونغ كونغ، سعياً للاستفادة من الإقبال المتزايد للمستثمرين بعد الصعود الصاروخي لشركة «ديب سيك»، المنافسة الصينية لـ«تشات جي بي تي».

• حرب التكنولوجيا تُحفز الطلب

وصنّفت إدارة الثروات العالمية في بنك يو بي إس، في تقرير صدر هذا الشهر، قطاع التكنولوجيا الصيني بأنه «الأكثر جاذبية»، مشيرةً إلى سعي المستثمرين للتنويع الجغرافي، و«الدعم السياسي القوي، والاكتفاء الذاتي التكنولوجي، والتحول السريع للذكاء الاصطناعي إلى مصدر دخل». ويتداول مؤشر «ناسداك»، الذي يضم شركات التكنولوجيا الكبرى، حالياً عند 31 ضعفاً للأرباح، مقارنةً بـ24 ضعفاً لمؤشر «هانغ سنغ» للتكنولوجيا في هونغ كونغ، والذي يتيح الاستثمار في الذكاء الاصطناعي من خلال أسهم شركات مثل «علي بابا»، و«بايدو»، و«تينسنت»، وشركة تصنيع الرقائق الإلكترونية «إس إم آي سي». واستغلالاً لهذا الزخم، ساعدت شركة «رايليانت» الأميركية للاستشارات الاستثمارية في إطلاق صندوق مدرج في ناسداك في سبتمبر (أيلول) الماضي، يتيح للمستثمرين الوصول إلى «النسخ الصينية» من أسهم شركات مثل «غوغل»، و«ميتا»، و«تسلا»، و«أبل»، و«أوبن إيه آي». وصرح بريندان أهيرن، كبير مسؤولي الاستثمار في شركة «كرين شيرز»، بأن الصعود السريع لشركات تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي الصينية، مثل «كامبريكون»، يعكس حجم وسرعة الابتكار في قطاعي الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات في الصين. وأضاف: «إن عنصر التنافس المحموم هذا، وهذه الضرورة الملحة، يصبان في مصلحة الشركات»، في إشارة إلى الحرب التكنولوجية الشرسة بين الصين والولايات المتحدة. وقفز «صندوق كرين شيرز» المتداول في البورصة، والذي يستثمر في أسهم الشركات الصينية المدرجة في الخارج، بما في ذلك «تنسنت» و«علي بابا» و«بايدو»، بمقدار الثلثين هذا العام ليصل إلى ما يقارب 9 مليارات دولار. كما حقق صندوق آخر متداول في البورصة، يستثمر في أسهم شركات التكنولوجيا الصينية المحلية، بما في ذلك شركات تصنيع الرقائق «كامبريكون» و«مونتاج تكنولوجي» و«أدفانسد مايكرو فابريكيشن إيكويبمنت»، نمواً هذا العام. وفي سباق الذكاء الاصطناعي، تتمتع الولايات المتحدة بميزة في الابتكار، بينما تتمتع الصين بمزايا في الهندسة، والتصنيع، وإمدادات الطاقة، وفقاً لما ذكره جيسون هسو، مؤسس شركة «رايليانت غلوبال أدفايزورز» الأميركية. وقد دخلت «رايلاينت» في شراكة مع شركة «تشاينا أسيت مانجمنت» لإطلاق صندوق متداول في البورصة مدرج في بورصة ناسداك، يستثمر في أسهم الشركات الصينية التي تمتلك تقنيات ثورية، بما في ذلك «كامبريكون». وقال هسو: «أجبرت القيود الأميركية على التكنولوجيا الصين على ضخ الأموال في التكنولوجيا المتقدمة، والابتكار من الصفر. بالنسبة للمستثمرين، تتمثل الاستراتيجية الحكيمة في اغتنام فرص الذكاء الاصطناعي، وإدارة حالة عدم اليقين من خلال التنويع».

ضجة إعلامية

وقفزت أسهم شركة «ميتا إكس إنتيغرتد سيركتس» الصينية، المتخصصة في تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي، والتي أسسها مسؤولون تنفيذيون سابقون في شركة «إيه إم دي»، بنسبة 700 في المائة في أول ظهور لها في سوق شنغهاي الأسبوع الماضي، بعد أيام من ظهور منافستها الأكبر «مور ثريدز» بارتفاع قدره 400 في المائة. ومع ذلك، يقول بعض مديري الصناديق العالمية إن إمكانات الصين التكنولوجية، وتدفقات الاستثمار الأجنبي لا تزال محدودة. ويقول كامل ديميتش، الشريك ومدير المحافظ في شركة «نورث أوف ثاوث كابيتال» البريطانية: «لا تتمتع أي من شركات الرقائق المدرجة حالياً بأي دعم تقييمي، وهي مدفوعة بالكامل تقريباً بالضجة الإعلامية». ويمتلك صندوق ديميتش أسهماً في شركات مثل «علي بابا» و«بايدو»، اللتين استثمرتا أقل بكثير من الشركات الأميركية في تطوير الذكاء الاصطناعي. وقالت كارول فونغ، الرئيسة التنفيذية لمجموعة «سي جي إس إنترناشونال سيكيوريتيز»، إنه ينبغي على المستثمرين إضافة الشركات التي استفادت من توجه الصين نحو «الاعتماد على الذات» في قطاعي الذكاء الاصطناعي، وأشباه الموصلات بشكل انتقائي، مع الحفاظ على الشركات العالمية الرائدة في هذا المجال في محفظة استثماراتهم. وقالت فونغ إن هناك بحثاً عن «قادة محتملين في قطاعات التكنولوجيا المتقدمة، مثل الروبوتات، والذكاء الاصطناعي، حيث يرون توجهات سياسية أوضح، وقيمة نسبية أكبر مقارنةً بنظرائهم الغربيين»، متوقعةً المزيد من التدفقات الاستثمارية مستقبلاً. وأضافت أنه ينبغي على المستثمرين «موازنة انكشافهم على دورة سوق الرقائق الإلكترونية الحالية المجزأة، والمدفوعة بالمتغيرات الجيوسياسية».