«مجلس الشؤون الاقتصادية» السعودي يراجع الأداء المالي للربع الثالث ويطَّلع على استدامة النمو القوي

استعرض التقدم في «الصحة القابضة» و«التأمين الصحي» ومشاريع سوق العمل والتعليم

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)
TT

«مجلس الشؤون الاقتصادية» السعودي يراجع الأداء المالي للربع الثالث ويطَّلع على استدامة النمو القوي

العاصمة السعودية الرياض (واس)
العاصمة السعودية الرياض (واس)

عقد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي اجتماعاً عبر الاتصال المرئي، استعرض خلاله عدداً من التقارير الاقتصادية والمالية والتنموية المهمة، واتخذ حيالها القرارات والتوصيات اللازمة.

في مستهل الاجتماع، استعرض المجلس التقرير الاقتصادي الربعي المقدم من وزارة الاقتصاد والتخطيط، الذي تضمن تحليلاً لأحدث تطورات الاقتصادات الكبرى، وآفاق الاقتصاد العالمي، ونظرة شاملة على الاقتصاد الوطني في مختلف قطاعاته، والتوقعات المستقبلية، وأهم الفرضيات والمحركات الداعمة لآفاق النمو؛ مشيراً إلى مواصلة اقتصاد المملكة نموَّه القوي، مدفوعاً بالأداء الإيجابي لجميع الأنشطة الاقتصادية.

واطلع المجلس على تقرير أداء الميزانية العامة للدولة للربع الثالث من العام المالي 2025، المُقدم من وزارة المالية، والذي اشتمل على تفصيل للأداء المالي حتى نهاية الربع الثالث من العام الحالي، ومؤشرات الإيرادات والمصروفات والدَّين العام، وما تضمَّنه من نتائج تؤكِّد مواصلة دعم المشروعات التنموية والخدمية، وتنفيذ الإصلاحات الحكومية الهادفة لتحقيق الاستدامة المالية، وتنويع مصادر الدخل ضمن مستهدفات «رؤية المملكة 2030»، وهو ما يعزز متانة وقوة اقتصاد المملكة في مواجهة التحديات والتطورات الاقتصادية العالمية، مدعومة بالإصلاحات الهيكلية والمالية في تعزيز قدرة المملكة على مواجهة التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي؛ ولا سيما في الأنشطة غير النفطية، ودورها في تخفيف أثر انخفاض أسعار النفط وأثرها على المالية العامة، وذلك بفضل تنويع مصادر الدخل، بالإضافة إلى تطوير بيئة الأعمال لتعزيز دور القطاع الخاص وتحفيز الاستثمار المحلي والأجنبي.

وكان الاقتصاد السعودي قد نما بنسبة 5 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من العام الحالي، بدعمٍ من نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 4.5 في المائة، وفقاً لتقديرات أولية. ومن المتوقع استمرار الأداء الإيجابي للقطاع غير النفطي خلال الربع الرابع، مدعوماً بالطلب المحلي والإنفاق الرأسمالي. مع العلم بأن مؤشر مديري المشتريات الخاص بنشاط القطاع الخاص غير النفطي بلغ 60.2 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، وهو أقوى أداء له منذ بداية العام.

انتقال نوعي في القطاع الصحي

وناقش المجلس التقرير المقدم من وزارة الصحة بشأن التقدم المتحقق في مسار التحول الصحي، ولا سيما ما يتعلق باستكمال المتطلبات التنظيمية والتشغيلية وجاهزية البدء في تنفيذ المرحلة الثانية من التحول، الهادفة إلى تمكين شركة الصحة القابضة، ومركز التأمين الصحي الوطني بوصفهما من الركائز الرئيسة في إعادة هيكلة القطاع الصحي؛ إذ استعرض التقرير أهداف التحول الصحي وأبرز خطوات تنفيذه خلال الفترة الماضية، بما في ذلك تطوير نموذج الرعاية الصحية وتوسيع نطاق تطبيق مساراته الوقائية والعلاجية، مما أسهم في تحسين سهولة الوصول إلى الخدمات، ورفع جودة وكفاءة الرعاية الصحية، وتعزيز الوقاية ضد المخاطر الصحية، تحقيقاً لمستهدفات برنامج تحول القطاع الصحي ضمن «رؤية المملكة 2030».

وكذلك جرى استعراض التقدم المحرز في مسار اعتماد مشروع لائحة انضمام المؤسسات الصحية إلى شبكة مركز التأمين الصحي الوطني، وهي اللائحة التي ستسهم عند استكمالها في تحديد أطر انضمام المؤسسات والتجمعات الصحية إلى شبكة المركز، وتنظيم العلاقة معه، بما يمكِّنه من إدارة شبكة صحية متكاملة قائمة على النتائج، ويكفل تحقيق جودة الرعاية الصحية، وتيسير وصول المستفيدين إليها، ورفع مستوى رضاهم، وضمان فاعلية واستدامة الرعاية الصحية، إضافة إلى الاستخدام الأمثل للموارد، دعماً لتعزيز كفاءة منظومة الرعاية الصحية في المملكة.

تنظيم سوق العمل وتطوير القوى العاملة

ونظر المجلس إلى العرض المشترك من وزارات: التعليم، والاقتصاد والتخطيط، والموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، بشأن الاعتماد المهني ودراسة التراخيص المهنية. وتناول العرض ما وصلت إليه نتائج برنامج الاعتماد المهني في إنفاذ قرار مجلس الوزراء رقم 195 حيال التأكد من حصول العامل الوافد على المؤهلات والمهارات والخبرات العملية التي تطلبها سوق العمل السعودية، قبل دخوله إلى المملكة وبعد دخوله إليها، من خلال مساري «التحقق المهني- الفحص المهني»، وذلك بهدف تنظيم دخول العمالة الوافدة، ورفع جودة بيانات سوق العمل، ومستوى مهارات القوى العاملة، إضافة لنتائج دراسة تنظيم وتوحيد إجراءات التراخيص المهنية في المملكة، مما ينعكس إيجاباً على بيانات سوق العمل، ورفع كفاءة وجودة الخدمات المقدمة.

ويهدف برنامج الاعتماد المهني إلى رفع كفاءة العاملين الوافدين، وتعزيز الإنتاجية من خلال التحقق والاعتراف بالمهارات في سوق العمل. كما تغطي خدمة الفحص المهني للمهن ذات المهارة المتوسطة والأساسية 220 مهنة و17 دولة مصدِّرة للعمالة تشكل نسبة 90 في المائة من العمالة، وعالجت 750 ألف طلب من خلال تطبيق اختبارات عملية ونظرية للعمالة في أكثر من 150 مركزاً داخل وخارج المملكة.

تنامي حضور موسوعة «سعوديبيديا»

واطلع المجلس على العرض نصف السنوي المقدم من برنامج تنمية القدرات البشرية ووزارة الإعلام، حيال تقدم سير العمل في موسوعة «سعوديبيديا». وتطرق العرض إلى مراحل تقدم الأعمال للموسوعة منذ إطلاقها بلغات كثيرة، وتنامي جمهورها الباحث عن المحتوى الموسوعي، وجهود تطوير تجربة المستخدم، عبر الاعتماد على تطبيقات الذكاء الاصطناعي في توفير المعلومات للمستخدمين، بالإضافة إلى الخطوات المستقبلية للموسوعة في تعزيز الوصول إلى الجمهور الدولي، وأدواتها في رفع كفاءة العمل بما يعكس واقع المملكة وتقدمها في جميع الجوانب، ويخدم ترسيخ مكانة الموسوعة مصدراً موثوقاً، ويعزز الثقة بينها وبين المستخدمين.

وأشار العرض إلى ارتفاع حجم ظهور الموسوعة على محركات البحث بنسبة 20 في المائة خلال شهري سبتمبر (أيلول) وأكتوبر الماضيين، مقارنة بيوليو (تموز) وأغسطس (آب)، فضلاً عن زيادة معدل تفاعل الجمهور مع الموقع الإلكتروني بأكثر من 70 في المائة، وهو أعلى بنسبة 10 في المائة مقارنة بالفترة السابقة.

وتابع المجلس عدداً من المعاملات الإجرائية، من بينها مشروع تنظيم المركز الوطني للمناهج، والاستراتيجية الوطنية لقطاع التأمين، ومستهدفات المملكة بشأن منظومة كرة القدم، ومشروع وثيقة النطاقات الجغرافية لتملُّك غير السعوديين للعقار. وبحث المجلس التقارير والعروض الأخرى المدرجة على جدول أعماله، من بينها: دراسة مدى إمكانية إنشاء برامج مهنية متخصصة في الوقاية من العدوى ومكافحتها، ونتائج دراسة المسح الميداني لقياس تطور معدلات الفقد والهدر الغذائي بالمملكة، ودراسة تطبيق اختبارات التطور المعرفي للبرامج الصحية بالمملكة.

وكذلك أحيط المجلس بنتائج التقرير الربعي للرقم القياسي لأسعار العقارات، والتقريرين نصف السنويين لاستهلاك الجهات الحكومية للكهرباء والمياه، والملخص التنفيذي الشهري للتجارة الخارجية، وملخصين عن التقريرين الشهريين للرقم القياسي لأسعار المستهلك وأسعار الجملة، والتقارير الأساسية التي بُنيت عليها الملخصات. واتخذ المجلس حيال تلك الموضوعات القرارات والتوصيات اللازمة.


مقالات ذات صلة

منصة «التوازن العقاري» تعلن نتائج أول دفعة أراضٍ مدعومة في الرياض

الاقتصاد مركز الملك عبد الله المالي في الرياض (الشرق الأوسط)

منصة «التوازن العقاري» تعلن نتائج أول دفعة أراضٍ مدعومة في الرياض

أعلنت الهيئة الملكية لمدينة الرياض، الأربعاء، عن صدور نتائج القرعة الإلكترونية لشراء الأراضي السكنية عبر منصة «التوازن العقاري».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
جانب من الحافلات الكهربائية (تصوير: غازي مهدي)

تدشين أول شبكة حافلات تعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية في مكة المكرمة

دُشّن في العاصمة المقدسة مكة المكرمة، الأربعاء، أول نظام حافلات سريعة التردد، يعمل بالكامل بالطاقة الكهربائية، عبر «مسار BRT».

سعيد الأبيض
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال المؤتمر الصحافي الحكومي (الشرق الأوسط)

الخريف: استثمارات القطاع الصناعي السعودي ترتفع إلى 320 مليار دولار

قال وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، إن الاستثمارات في القطاع شهدت قفزة من 800 مليار إلى 1.2 تريليون ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من توقيع الهيئة العامة للمنافسة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لاستضافة السعودية البرنامج الإقليمي لبناء القدرات في مجال المنافسة بالمنطقة (الشرق الأوسط)

السعودية مقر إقليمي لبرنامج بناء القدرات في المنافسة

أعلنت الهيئة العامة للمنافسة استضافة السعودية، بالشراكة مع منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، البرنامج الإقليمي لبناء القدرات بمجال المنافسة لمنطقة الشرق الأوسط.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الطرفان عقب توقيع مذكرة التفاهم (الصادرات السعودية)

توقيع مذكرة تفاهم جديدة لتسهيل وصول الصادرات السعودية للأسواق العالمية

وقعت شركة «السعودية للشحن» وهيئة تنمية الصادرات السعودية مذكرة تفاهم استراتيجية تهدف إلى دعم المنتجات الوطنية وتعزيز وصولها إلى الأسواق العالمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«المركزي السويدي» يثبت الفائدة عند 1.75 % ويتبنى نهج التريث

مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)
مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)
TT

«المركزي السويدي» يثبت الفائدة عند 1.75 % ويتبنى نهج التريث

مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)
مبنى البنك المركزي السويدي في استوكهولم (رويترز)

أبقى البنك المركزي السويدي سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير عند 1.75 في المائة، يوم الخميس، مؤكداً توقعه استمراره عند هذا المستوى لبعض الوقت.

وبدأ الاقتصاد السويدي يظهر علامات تعافٍ بعد 3 سنوات من النمو المتقطع، ومن المتوقع أن تزداد وتيرته في العام المقبل، رغم احتمال مواجهة بعض التحديات، وفق «رويترز».

في الوقت ذاته، يُتوقع أن يتباطأ معدل التضخم بعد عام تجاوز فيه الهدف المحدد من قبل البنك المركزي عند 2 في المائة. فقد تراجعت ضغوط الأسعار العالمية، وتعززت قيمة الكرونة السويدية، كما من المتوقع أن تتلاشى التأثيرات الفنية التي أسهمت في إبقاء الأسعار مرتفعة خلال عام 2025.

وأشار البنك المركزي، في بيان رسمي، إلى أن مجلس إدارته قرر الإبقاء على سعر الفائدة دون تغيير عند 1.75 في المائة، مع توقع استمرار هذا المستوى لفترة مقبلة.

ومع ذلك، يظل الغموض قائماً بشأن المستقبل. وأوضح البنك أن التوترات التجارية العالمية، والحرب في أوكرانيا، والتقييمات المرتفعة لأسهم شركات التكنولوجيا، إضافة إلى تطورات الاستهلاك المحلي للأسر خلال العام المقبل، تمثل عوامل خطر محتملة.

وأضاف البنك المركزي: «نراقب التطورات من كثب، ونحن مستعدون لتعديل السياسة النقدية إذا تغيرت التوقعات».

وكان محللو استطلاع أجرته «رويترز» قد أجمعوا على توقع عدم تغيير سعر الفائدة، مع احتمالية رفعه في أوائل عام 2027.

ومن المقرر أن يصدر البنك المركزي قراره التالي بشأن السياسة النقدية في 29 يناير (كانون الثاني).


«إنفيديا» تخطط لبناء حرم جديد بمليارات الدولارات في شمال إسرائيل

العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)
العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)
TT

«إنفيديا» تخطط لبناء حرم جديد بمليارات الدولارات في شمال إسرائيل

العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)
العلامة التجارية لشركة «إنفيديا» (رويترز)

أعلنت شركة «إنفيديا» الأميركية العملاقة للتكنولوجيا، اليوم (الخميس)، رسمياً خططاً لبناء حرم جديد كبير في شمال إسرائيل، كاشفةً تفاصيل مشروع يُتوقع أن يُحدث تأثيراً واسعاً على فرص العمل والإسكان والتنمية في مختلف أنحاء المنطقة.

ووفق موقع «واي نت» الإسرائيلي، تُقدَّر الاستثمارات في هذا الحرم الضخم، المقرّر إقامته في كريات طيفون، بمليارات عدة من الشواقل على مدى عدد من السنوات. ومن المتوقع أن تبدأ أعمال البناء في عام 2027، على أن يتم الإشغال الأولي للموقع في عام 2031.

وتعتزم «إنفيديا»، الشركة الأعلى قيمة سوقية في العالم بنحو 4.3 تريليون دولار، تطوير الموقع على مساحة نحو 22 فداناً، مع نحو 160 ألف متر مربع من المساحات المبنية. وسيتولى فريق «إنفيديا» المعماري الدولي تصميم المشروع، مستلهماً في ذلك المقرّ الرئيسي اللافت للشركة في سانتا كلارا بولاية كاليفورنيا.

وسيشمل الحرم مساحات خضراء، ومركزاً للزوار، ومقاهي ومطاعم، إضافة إلى مختبرات ومساحات عمل تعاونية، تهدف إلى تعزيز الابتكار داخل «إنفيديا»، وكذلك مع الشركات الناشئة وشركاء آخرين.

وتُعدّ إسرائيل بالفعل أكبر وأهم مركز تطوير لشركة «إنفيديا» خارج الولايات المتحدة، كما تُصنَّف الشركة من بين أكبر أرباب العمل في قطاع التكنولوجيا المتقدمة في إسرائيل. ومن المتوقع أن يستوعب الحرم المزمع إنشاؤه - وهو الثاني من حيث الحجم بعد المقرّ الرئيسي للشركة في وادي السيليكون - أكثر من 10 آلاف موظف، أي نحو ضعف عدد العاملين الحاليين لـ«إنفيديا» في إسرائيل، ونحو ثلث قوتها العاملة العالمية المنتشرة في 38 دولة.

وجرى اختيار الموقع الواقع عند الطرف الغربي لمدينة كريات طيفون عقب عملية تنافسية شاركت فيها عشرات السلطات المحلية في شمال البلاد، من بينها يوكنعام، وحيفا، ومجدال هعيمك، والعفولة، وحريش، وحتى نتانيا، سعياً لاستضافة المشروع.

وستخصّص الأراضي لشركة «إنفيديا» بخصم يبلغ 51 في المائة، في حين تُقدَّر قيمتها بعشرات ملايين الشواقل. وقد مُنحت بالفعل الموافقات المطلوبة بموجب القانون الإسرائيلي لبيع الأرض لشركة أجنبية من وزارتي الدفاع والخارجية. ومن المتوقع أن تدفع «إنفيديا» في المرحلة الأولى نحو 90 مليون شيقل مقابل جزء من الأرض، من دون احتساب ضريبة القيمة المضافة وتكاليف التطوير.

وبرزت «إنفيديا» عالمياً بوصفها رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي وإحدى الشركات القيادية في الحوسبة الفائقة، ويعود ذلك إلى حدّ كبير إلى اعتمادها على وحدات معالجة الرسوميات (GPU) التي تنتجها، والتي تُعدّ ملائمة بشكل خاص لتطوير تطبيقات الذكاء الاصطناعي بفضل قدراتها على المعالجة المتوازية.

تطوّرت عمليات «إنفيديا» في إسرائيل انطلاقاً من استحواذها عام 2019 على شركة «ميلانوكس تكنولوجيز»، وأسهمت أساساً في تطوير تقنيات تتيح سرعات ربط استثنائية بين المعالجات في مزارع الخوادم. ومنذ الاستحواذ على «ميلانوكس»، اشترت «إنفيديا» 3 شركات ناشئة إسرائيلية إضافية. وتتوزّع مكاتب الشركة اليوم في تل حاي، ويوكنعام، ورعنانا، وتل أبيب، وبئر السبع.

ويضمّ مركز التطوير الإسرائيلي للشركة مجموعة أبحاث في الذكاء الاصطناعي يقودها البروفسور غال تشيشيك، تعمل على موضوعات متقدمة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، والتعلّم الآلي، ومعالجة اللغة الطبيعية. وتركّز فرق أخرى على الروبوتات وأنظمة المركبات ذاتية القيادة، وبرمجيات القيادة الذاتية، والأمن السيبراني، وتحسين أداء الألعاب. وفي يوكنعام، تشغّل «إنفيديا» أيضاً أول حاسوب فائق لها في إسرائيل، المعروف باسم «Israel-1».

وإلى جانب الحرم المزمع إنشاؤه، أفادت صحيفة «كالكاليست»، الشقيقة لموقع «واي نت»، أمس، بأن «إنفيديا» ستباشر قريباً بناء أحد أكبر مراكز البيانات في إسرائيل والشرق الأوسط، على مساحة نحو 30 ألف متر مربع في المنطقة الصناعية «ميفو كرمل» قرب يوكنعام. وسيضمّ المرفق حاسوباً فائقاً جديداً وأكثر تقدماً من «Israel-1»، ومن المتوقع استخدامه حصرياً لأغراض البحث والتطوير الخاصة بالشركة، بما في ذلك تطوير نماذج لغوية ضخمة ومشروعات متقدمة في الذكاء الاصطناعي.

ومن المرجّح أن يسهم تشييد كلٍّ من الحرم الجامعي ومركز البيانات في تحويل المنطقة إلى قطب تكنولوجي رئيسي، يجذب آلاف فرص العمل ومئات الشركات الجديدة، بعضها مباشرة ضمن وظائف «إنفيديا»، وأخرى بوصفها مزوّدي خدمات للمنشآت الجديدة.

«إنفيديا»... داعم قوي لإسرائيل

يُعرف الرئيس التنفيذي ورئيس مجلس إدارة شركة «إنفيديا»، جنسن هوانغ - وهو رائد أعمال وُلد في تايوان وهاجر إلى الولايات المتحدة في سن التاسعة - بأنه من أبرز الداعمين لإسرائيل، إذ يثني باستمرار على عمليات الشركة في إسرائيل ويواصل الاستثمار فيها.

وقال هوانغ: «تحتضن إسرائيل بعضاً من ألمع التقنيين في العالم، وقد أصبحت الوطن الثاني لشركة (إنفيديا). وسيشكّل حرمنا الجديد مكاناً تتعاون فيه فرقنا، وتبتكر وتبني مستقبل الذكاء الاصطناعي. ويعكس هذا الاستثمار التزامنا العميق والمستمر بعائلاتنا في إسرائيل وبمساهماتهم الفريدة في عصر الذكاء الاصطناعي».

الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» جنسن هوانغ (أ.ف.ب)

وفي الأسبوع الماضي، استضاف هوانغ، أفينتان أور، وهو موظف إسرائيلي في «إنفيديا» أُفرج عنه بعد 738 يوماً من الاحتجاز لدى حركة «حماس»، في المقرّ الرئيسي للشركة في وادي السيليكون. وزار أور المقرّ برفقة شريكته نوعا أرغاماني، حيث كان في استقباله مسؤولو «إنفيديا» في إسرائيل الذين كانوا يزورون الولايات المتحدة آنذاك.

وعقب عودة أور، وجّه هوانغ رسالةً مؤثرةً إلى موظفي «إنفيديا» حول العالم، أشاد فيها بشجاعة والدة أور، ديتسا أور، كما نوّه بالدعم الثابت الذي قدّمه موظفو «إنفيديا» في إسرائيل لعائلة أور طوال فترة الاحتجاز.

وقال عميت كريغ، نائب الرئيس الأول لهندسة البرمجيات في «إنفيديا» ورئيسة مركز التطوير الإسرائيلي للشركة، اليوم عقب الإعلان: «كان نموّ إنفيديا في إسرائيل لافتاً، مدفوعاً بالمواهب الاستثنائية والتميّز الهندسي لفرقنا. ونحن ممتنّون لجنسن وقيادة إنفيديا على الثقتة والدعم في هذه المرحلة الجديدة من النمو، كما نشكر وزارة المالية وسلطة أراضي إسرائيل على شراكتهما. ونتطلع إلى تحويل هذه الرؤية إلى واقع ومواصلة بناء مستقبل الذكاء الاصطناعي».

من جانبه، وصف إيدو غرينبلوم، رئيس المجلس المحلي في كريات طيفون، المشروع بأنه «مشروع تحويلي للمجلس وللمنطقة الشمالية بأكملها». وأضاف: «نحن واثقون من أن اختيار إنفيديا لهذه المنطقة سيُثبت أنه الخيار الصحيح، ونشكر الشركة على ثقتها».


الهند تسرّع اتفاقيات التجارة الحرة لتعويض آثار الرسوم الأميركية

شاحنات حاويات متوقفة بميناء جواهر لال نهرو في نافي مومباي (رويترز)
شاحنات حاويات متوقفة بميناء جواهر لال نهرو في نافي مومباي (رويترز)
TT

الهند تسرّع اتفاقيات التجارة الحرة لتعويض آثار الرسوم الأميركية

شاحنات حاويات متوقفة بميناء جواهر لال نهرو في نافي مومباي (رويترز)
شاحنات حاويات متوقفة بميناء جواهر لال نهرو في نافي مومباي (رويترز)

تُسرّع الهند وتيرة إبرام اتفاقيات التجارة الحرة، خلال الأشهر المقبلة، في مسعى للتخفيف من تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية المرتفعة على صادراتها، وتوسيع أسواقها الخارجية، في ظل تصاعد حالة عدم اليقين التي تهيمن على التجارة العالمية.

وتجري نيودلهي محادثات متقدمة مع الاتحاد الأوروبي ونيوزيلندا وتشيلي، فيما تستعد لتوقيع أول اتفاقية في إطار هذا التوجه المتجدد مع سلطنة عُمان، خلال الأسبوع الحالي، بحسب مسؤولين هنود. ومن المتوقع أن يشهد رئيس الوزراء ناريندرا مودي توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين الهند وعُمان في مسقط، على أن تسهم في تعزيز التبادل التجاري ودعم صادرات الهند من السلع الهندسية والمنسوجات والأدوية والمنتجات الزراعية، وفق «رويترز».

وتُعدّ اتفاقيات التجارة الحرة ركيزة أساسية في الاستراتيجية الاقتصادية للهند؛ إذ تسعى من خلالها إلى تعميق اندماجها في سلاسل التوريد العالمية، وتعزيز نمو الصادرات، وخلق فرص عمل مستدامة. كما أن خفض الرسوم الجمركية ووضع قواعد تجارية أكثر وضوحاً، من شأنه أن يعزّز تنافسية الشركات الهندية ويفتح أمامها أسواقاً جديدة.

تأتي هذه الجهود في وقت يواجه فيه المصدّرون الهنود ضغوطاً متزايدة نتيجة الرسوم الجمركية الأميركية البالغة 50 في المائة، التي دخلت حيز التنفيذ في أغسطس (آب)، وأثّرت سلباً على قطاعات حيوية تشمل المنسوجات، ومكونات السيارات، والمعادن، والصناعات كثيفة العمالة. ويرى محللون أن نيودلهي تستخدم اتفاقيات التجارة الحرة أداةً استراتيجية لتنويع وجهات التصدير وتقليص الاعتماد على السوق الأميركية.

وبحسب تقديرات خبراء التجارة، تمتلك الهند حالياً 15 اتفاقية تجارة حرة تغطي 26 دولة، إلى جانب ست اتفاقيات تجارية تفضيلية مع عدد مماثل من الدول، فيما تتفاوض مع أكثر من 50 شريكاً تجارياً آخر. ومن شأن استكمال هذه المفاوضات أن يمنح الهند شبكة اتفاقيات تمتد إلى معظم الاقتصادات الكبرى عالمياً، باستثناء الصين.

وقد وقّعت الهند، خلال السنوات الأخيرة، اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع كل من الإمارات العربية المتحدة وأستراليا، ما عزّز حجم التبادل التجاري الثنائي. كما أعلنت الهند وبريطانيا في مايو (أيار) توصلهما إلى اتفاق تجارة حرة سيخفض الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع، من بينها المشروبات الكحولية البريطانية والأغذية والتوابل الهندية.

ورغم الزخم الإيجابي، لا تزال التحديات قائمة؛ إذ يسعى المفاوضون الهنود إلى تحقيق توازن دقيق بين فتح الأسواق وحماية صغار المزارعين والصناعات المحلية، في وقت يطالب فيه الشركاء التجاريون بنفاذ أوسع إلى السوق الهندية.

وعلى صعيد العلاقات مع الولايات المتحدة، لم يتم حتى الآن التوصل إلى المرحلة الأولى من اتفاقية التجارة الثنائية التي كان مأمولاً إنجازها بحلول الخريف، في ظل توتر العلاقات بسبب استمرار الهند في استيراد النفط الروسي بأسعار مخفّضة. ومع ذلك، ظهرت مؤخراً مؤشرات تهدئة، شملت اتصالات رفيعة المستوى بين الجانبين وزيارات تفاوضية تهدف إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية والتكنولوجية وتوسيع آفاق التجارة الثنائية.