حكومة اليابان تقر تحفيزاً ضخماً بـ135 مليار دولار

الين يهبط... وتحذيرات من تدخّل وشيك ورفع فائدة محتمل

رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي خلال اجتماع للحكومة يوم الجمعة (أ ب)
رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي خلال اجتماع للحكومة يوم الجمعة (أ ب)
TT

حكومة اليابان تقر تحفيزاً ضخماً بـ135 مليار دولار

رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي خلال اجتماع للحكومة يوم الجمعة (أ ب)
رئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي خلال اجتماع للحكومة يوم الجمعة (أ ب)

تعيش الأسواق اليابانية في واحدة من أكثر مراحلها اضطراباً منذ سنوات؛ إذ تسبَّبت خطة التحفيز الضخمة التي أعلنتها حكومة رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي في هزة واسعة عبر أسواق العملات والسندات والأسهم، بينما صعّدت السلطات من لهجتها بشأن التدخُّل المحتمل لدعم الين، في وقت لمح فيه بنك اليابان إلى احتمال رفع الفائدة قريباً لأول مرة، منذ نحو عام.

وأقرّت حكومة تاكايتشي، يوم الجمعة، حزمة إنعاش اقتصادي بقيمة 21.3 تريليون ين (135 مليار دولار)، وهي أول مبادرة ضخمة منذ توليها منصبها قبل شهر واحد، وتشمل 17.7 تريليون ين من الإنفاق عبر الحساب العام، و2.7 تريليون ين تخفيضات ضريبية، وزيادة محتملة في إصدار السندات إذا لم تكفِ الإيرادات.

وقالت تاكايتشي إن الخطة «تراعي الاستدامة المالية»، مؤكدة أن أي نقص في التمويل سيتم تغطيته عبر إصدار سندات حكومية، لكنها تعهدت بأن إجمالي السندات المصدرة هذا العام سيكون أقل من العام الماضي.

ورغم ذلك، أثارت الحزمة مخاوف الأسواق من توسّع العجز، ما أدى إلى ارتفاع قياسي في عوائد السندات طويلة الأجل، قبل أن تتراجع قليلاً عقب إقرار الخطة رسمياً. وأشارت مصادر حكومية إلى أن حجم السندات الإضافية قد يتجاوز 6.7 تريليون ين المصدرة لتمويل خطة العام الماضي. بينما تستهدف الحكومة تمرير موازنة تكميلية قبل نهاية العام لبدء تنفيذ الحزمة في أسرع وقت.

• ضغط عنيف على الين

وإثر الإعلان الحكومي عن حزمة التحفيز، هبط الين إلى 157.9 ين للدولار، وهو أدنى مستوى في عشرة أشهر، مدفوعاً بمخاوف من زيادة الدين العام، وتوقعات استمرار السياسة التيسيرية.

وأطلق وزير المالية، ساتسوكي كاتاياما، أقوى تحذير حتى اليوم، قائلاً إن «التدخُّل في سوق الصرف احتمال قائم، إذا شهد الين تحركات مضاربة وغير مبررة». وأشار إلى أن التحركات الأخيرة «أحادية وحادة»، موضحاً أن اليابان ستتحرك استناداً إلى اتفاق سبتمبر (أيلول) المالي مع الولايات المتحدة الذي يسمح بالتدخل عند حالات «التقلب المفرط».

ويرى محللون أن مستوى 160 يناً للدولار هو «الخط الأحمر» الذي قد يدفع طوكيو للتدخُّل، كما حدث في يوليو (تموز) 2024، عندما أنفقت الحكومة 5.5 تريليون ين لرفع العملة من أدنى مستوياتها منذ 38 عاماً.

• باب موارب أمام رفع الفائدة

في موازاة ذلك، أدلى محافظ بنك اليابان، كازو أويدا، بتصريحات مفصلية، قائلاً إن البنك «سيبحث جدوى وتوقيت رفع سعر الفائدة في الاجتماعات المقبلة»، وهذه هي الإشارة الأوضح حتى الآن؛ بأن رفع الفائدة قد يكون قريباً، ربما في اجتماع 19 ديسمبر (كانون الأول)، وهو الموعد الذي يركز عليه المستثمرون.

وأوضح أويدا أن تأثير تراجع الين على الأسعار بات أكبر مما كان عليه في الماضي، مع زيادة الشركات في تمرير ارتفاع التكاليف إلى المستهلك. وحالياً، يبقى سعر الفائدة الرئيسي عند 0.5 في المائة بعد رفعَيْن سابقين، آخرهما في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وفي تطور يستقطب اهتمام المستثمرين، أعلنت رابطة الصناعيين اليابانيين (كيدانرين) تنظيم ندوة اقتصادية، في 17 ديسمبر المقبل، أي قبل يوم واحد من اجتماع بنك اليابان... ويشارك فيها مستشارون بارزون، على رأسهم إيتسورو هوندا المستشار الاقتصادي مقرب من تاكايتشي، وماسازومي واكاتابي النائب السابق لمحافظ البنك المركزي، وتوشي هيرو ناغاهاما الاقتصادي المؤيد للتحفيز المالي، وتاكوجي أيدا الأكاديمي ذو التوجهات التضخمية.

ويتوقع مراقبون أن تشكل تصريحات هذا الفريق «سيناريو مبكراً» لاتجاه الحكومة بشأن الفائدة والنشاط الاقتصادي.

• رد فعل الأسواق

وشهدت بورصة طوكيو أسبوعاً دامياً؛ إذ هبط مؤشر نيكاي 3.5 في المائة، مع تذبذبات حادة قادتها أسهم قطاع التكنولوجيا، بالتوازي مع ارتفاع عوائد السندات، وانخفاض الين، وقلق عالمي من تقييمات شركات الذكاء الاصطناعي، على خلفية نتائج «إنفيديا» التي فشلت في طمأنة المستثمرين.

وتواجه تاكايتشي، التي وصلت إلى السلطة بخطاب يدعو إلى إعادة «الروح الاقتصادية» لليابان عبر الإنفاق الكبير وأسعار الفائدة المنخفضة، تحدياً معقداً؛ إذ إن التحفيز مطلوب لدعم النمو؛ لكن التوسع المالي يضغط على الين.. وبالتزامن فإن ضعف الين يرفع التضخم، ومع التضخم ترتفع الضغوط على بنك اليابان لرفع الفائدة، ورفع الفائدة يحد من قدرة الحكومة على الاقتراض... وصف اقتصاديون هذا الوضع بأنه «حلقة مالية حرجة» قد تحدد مسار الاقتصاد الياباني خلال سنوات.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد د. عبد القادر حصرية حاكم «مصرف سوريا المركزي» ورائد هرجلي وليلى سرحان وماريو مكاري من شركة «فيزا» (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية بين «مصرف سوريا المركزي» و«فيزا» لتحديث منظومة المدفوعات

أعلن «مصرف سوريا المركزي» وشركة «فيزا» العالمية عن اتفاق على خريطة طريق استراتيجية لبناء منظومة متكاملة للمدفوعات الرقمية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد ركاب بانتظار القطار في محطة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

توافق حذر بين الحكومة وبنك اليابان على رفع الفائدة

أكدت ثلاثة مصادر حكومية مطلعة لـ«رويترز» أن رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بات «مرجّحاً بشدة» في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.