ترمب: ولي العهد قائد عظيم... والسعودية أكبر حليف خارج «الناتو»

قال إنه سيعمل على حل صراع السودان بطلب من محمد بن سلمان

ولي العهد وترمب خلال انعقاد منتدى الاستثمار الأميركي السعودي (أ.ف.ب)
ولي العهد وترمب خلال انعقاد منتدى الاستثمار الأميركي السعودي (أ.ف.ب)
TT

ترمب: ولي العهد قائد عظيم... والسعودية أكبر حليف خارج «الناتو»

ولي العهد وترمب خلال انعقاد منتدى الاستثمار الأميركي السعودي (أ.ف.ب)
ولي العهد وترمب خلال انعقاد منتدى الاستثمار الأميركي السعودي (أ.ف.ب)

بينما دعا الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، إلى اغتنام الفرص الجاذبة التي توفرها الشراكة السعودية الأميركية، وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأمير محمد بن سلمان، بأنه أحد أعظم القادة في العالم، عادّاً السعودية أكبر حليف لأميركا من خارج «الناتو».

هذه المواقف أُطلقت خلال منتدى الاستثمار الأميركي السعودي في واشنطن، يوم الأربعاء، الذي تزامن مع الزيارة التاريخية لولي العهد، تخللها الإعلان عن توقيع اتفاقيات في العديد من القطاعات، التي قال ترمب إن قيمتها ستصل إلى 270 مليار دولار.

وأبدى الأمير محمد بن سلمان ثقته بأن تشهد الشراكة الاقتصادية مع أميركا نمواً غير مسبوق خلال السنوات المقبلة، داعياً لاغتنام الفرص الجاذبة التي توفرها، وذلك خلال مشاركته في المنتدى الأميركي - السعودي على هامش زيارته لواشنطن.

وقال الأمير محمد بن سلمان: «نلتقي بعد ستة أشهر من انعقاد المنتدى السعودي - الأميركي في الرياض خلال زيارتكم فخامة الرئيس (ترمب)، حيث وضعنا الأسس لشراكة تقوم على النمو والتنويع الاقتصادي والابتكار، كما وقَّعنا وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين بلدينا في خطوة تاريخية لترسيخ التعاون الاقتصادي».

وأضاف ولي العهد السعودي: «اليوم يسرنا توقيع اتفاقيات ومشروعات استثمارية جديدة تتضمن قطاعات الدفاع والطاقة والذكاء الاصطناعي والمعادن النادرة والقطاع المالي، ما يسهم في توفير فرص وظيفية والنمو الاقتصادي في بلدينا».

وأعرب الأمير محمد بن سلمان عن تطلّعه لأن يسهم المنتدى في تعزيز العلاقة التاريخية وتطوير مسار الاستثمار بين بلدينا بما يواكب طموحاتنا، مقدماً شكره للرئيس الأميركي دونالد ترمب على اهتمامه بتعزيز الشراكة الاقتصادية.

ولي العهد وترمب خلال انعقاد منتدى الاستثمار الأميركي السعودي (أ.ف.ب)

ترمب يشيد بالتحالف الاستراتيجي

من جهته، أشاد ترمب بالتحالف الاستراتيجي مع السعودية، موجهاً شكره للأمير محمد بن سلمان على تطوير العلاقات بين البلدين، ومؤكداً أن هذه الفترة تمثل «أفضل تسعة أشهر شهدتها العلاقات السعودية الأميركية».

ووصف ترمب ولي العهد بأنه «قائد جريء وملتزم بالعلاقات بين بلدينا»، مشدداً على أن جهودهما المشتركة جعلت التحالف «أقوى مما مضى».

وأكد ترمب مكانة المملكة بوصفها «إحدى أكبر الدول الحليفة لأميركا»، بل «أكبر حليف لأميركا من خارج الناتو».

وفي سياق تعميق هذه الشراكة، أشار إلى التوقيع على اتفاقيات مهمة في مجالات الذكاء الاصطناعي والدفاع والمعادن، وتوقيع «أكبر صفقة عسكرية في العالم» مع المملكة.

كما سلّط ترمب الضوء على الحجم الهائل للاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة، حيث أعلن ولي العهد أمس عن وصول حجم هذه الاستثمارات إلى تريليون دولار.

وأضاف أن الاتفاقيات التي من المقرر توقيعها اليوم في المنتدى تصل قيمتها إلى 270 مليار دولار، ما يعكس متانة «علاقة الصداقة القوية» التي تربط البلدين.

وأكد ترمب التزام إدارته بمواصلة دعم الصناعات الأميركية من خلال سياسة «القيام بالمزيد من عمليات الحفر للحصول على الطاقة»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة متقدمة «بأشواط على الصين» في مجالات الذكاء الاصطناعي والنووي، ومؤكداً رغبة واشنطن في مساعدة أصدقائها في صناعة الرقائق الإلكترونية. ووجه تحية خاصة للقادة والمستثمرين الحاضرين، قائلاً إنهم «الأفضل خاصة في ظل إدارة ترمب».

وأكد الرئيس الأميركي، أنه سيعمل على إنهاء الحرب في السودان بعد أن طلب منه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان التدخل لحل الصراع. وقال: «سمو الأمير يريد مني القيام بشيء حاسم يتعلق بالسودان»، مضيفاً: «لم يكن السودان ضمن الملفات التي أنوي الانخراط فيها، وكنت أعتقد أن الوضع هناك فوضوي وخارج عن السيطرة، لكنني أرى مدى أهميته بالنسبة إليكم ولعدد كبير من أصدقائكم في القاعة. سنبدأ العمل على ملف السودان».

تفاصيل منتدى الاستثمار

شهدت العاصمة الأميركية واشنطن، الأربعاء، انعقاد المنتدى الاستثماري الأميركي - السعودي تحت شعار «من الرياض إلى واشنطن: الشراكة التي تدفع التقدم»، بحضور رفيع يتقدمه الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، والرئيس الأميركي دونالد ترمب.

ورفع الحضور مستوى التوقعات بإعلان اتفاقيات واسعة في مجالات الطاقة والتقنية والتمويل، احتفاءً بعقد من التعاون والنمو المشترك بين البلدين.

وفي كلمته الافتتاحية، أكد المهندس خالد الفالح، وزير الاستثمار السعودي، قوة الشراكة الممتدة تسعة عقود، مشيراً إلى أن الزيارة ستشهد إطلاق اتفاقيات بقيم تصل إلى مئات المليارات من الدولارات.

من جانبه، قال وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، إن التزامات الاستثمار السعودية في مايو (أيار) بلغت 600 مليار دولار و142 ملياراً في الدفاع والأمن، ارتفعت أمس إلى تريليون دولار، موضحاً أن هذه الاستثمارات ستعزّز الابتكار وتدعم خلق الوظائف في الولايات المتحدة.

وفي جلسة «قادة الطاقة» بمركز كنيدي، بحث أمين الناصر الرئيس التنفيذي لشركة «أرامكو السعودية»، ومحمد أبو نيان رئيس مجلس إدارة «أكوا باور»، ومايكل ويرث الرئيس التنفيذي لشركة «شيفرون»، مستقبل الطاقة العالمي والشراكة السعودية - الأميركية.

وأشار ويرث إلى اكتشاف «شيفرون» أول نفط سعودي عام 1938، فيما كشف الناصر عن مذكرات تفاهم جديدة بقيمة 30 مليار دولار، ليرتفع إجمالي الاتفاقيات الموقعة هذا العام إلى أكثر من 120 مليار دولار. وأوضح المتحدثون أن الولايات المتحدة ستمثل بحلول 2040 نحو 40 في المائة من سوق الطاقة العالمية، مستفيدة من انخفاض تكاليف الغاز والابتكار التكنولوجي.

ورفض الناصر مصطلح «التحول في الطاقة» مفضلاً مفهوم «الطاقة المضافة»، لافتاً إلى أن الهيدروكربونات لا تزال تشكل 80 في المائة من مزيج الطاقة العالمي، ومتوقعاً استمرار نمو الطلب حتى 2050 وما بعده، وسط مخاوف من نقص استثماري قد يسبب أزمة عرض.

من جهته، أكد أبو نيان أن السعودية مهيأة لتكون مركزاً عالمياً للكهرباء النظيفة والهيدروجين، وقادرة على تلبية الطلب المتصاعد من تقنيات الذكاء الاصطناعي، مرجحاً أن تصبح المملكة «مركز بيانات العالم».

وفي جلسة «فتح آفاق تدفق رأس المال»، شدد قادة المال والاستثمار على أن السعودية والولايات المتحدة أمام مرحلة تاريخية من تدفق متبادل لرأس المال.

وأكد طارق السدحان، الرئيس التنفيذي للبنك «الأهلي السعودي»، أن السعودية باتت أكثر جاذبية للمستثمر الأجنبي بفضل إصلاحات عميقة، فيما أشارت سارة السحيمي، رئيسة مجلس إدارة «تداول السعودية»، إلى أن الاستثمار الأجنبي في السوق المحلية يبلغ نحو 100 مليار دولار، نصفه أميركي.

وذكر رون أوهانلي، رئيس «ستيت ستريت»، أن السعودية تبني أسواق رأس مال بمعايير عالمية، بينما رأى ستيفن شوارزمان، الرئيس التنفيذي لـ«بلاكستون»، أن الطاقة والذكاء الاصطناعي يقودان النمو في الولايات المتحدة، مشيراً إلى شراكات مع «هيوماين» لبناء مراكز بيانات متقدمة في المملكة.

وأكد مايكل ميلكن أهمية رأس المال البشري، مشيداً بتقدم مشاركة المرأة السعودية في الاقتصاد، فيما أشار جورج ووكر، رئيس «نيوبرغربيرمان»، إلى حماسة المستثمرين العالميين تجاه السوق السعودية.

وخلصت الجلسات إلى أن السعودية لم تعد مجرد سوق ناشئة، بل شريك استراتيجي محوري في أكبر مساري نمو عالمي: الذكاء الاصطناعي والطاقة، مع تدفقات استثمارية متبادلة بقيم غير مسبوقة، في ظل تطابق الرؤى بين الرياض وواشنطن.

من جهته، قال جنسن هوانغ الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»: «نعمل مع السعودية على بناء قواعد بيانات مستقبلية».

رئيس «إنفيديا» خلال مشاركته في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي (أ.ف.ب)

وفي ختام المنتدى، أعلن إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركات «تسلا» و«سبيس إكس» و«إكس إيه آي»، عن مشروع سعودي - أميركي ضخم يشمل إنشاء مركز حوسبة للذكاء الاصطناعي بقدرة 500 ميغاواط في المملكة بالتعاون مع السعودية و«إنفيديا».

إيلون ماسك مشاركاً في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي (أ.ب)

وأوضح أن المشروع جزء من خطة أوسع، مؤكداً أن المملكة تمتلك الطاقة والسرعة اللازمة، ومتصوراً مستقبلاً تصبح فيه السعودية لاعباً رئيسياً في بناء «عصر الوفرة المطلقة» الذي يختفي فيه الفقر ويتحول العمل إلى خيار لا ضرورة.


مقالات ذات صلة

كيف أعادت زيارة ولي العهد صياغة التحالف السعودي - الأميركي؟

تحليل إخباري من مراسم استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الحديقة الجنوبية بالبيت الأبيض الثلاثاء (أ.ف.ب) play-circle

كيف أعادت زيارة ولي العهد صياغة التحالف السعودي - الأميركي؟

يرى محللون أن زيارة ولي العهد السعودي إلى الولايات المتحدة تحوّل الرياض لاعباً مستقلاً وفاعلاً في تشكيل المشهد الإقليمي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الاقتصاد  القمر يظهر فوق مبنى «ستيت ستريت» في بوسطن، ماساتشوستس، الولايات المتحدة الأميركية (رويترز)

صندوق التنمية و«ستيت ستريت» لتعزيز وصول المستثمرين إلى السوق السعودية

أعلنت شركة «ستيت ستريت إنفستمنت مانجمنت» وصندوق التنمية الوطني في السعودية، توقيع اتفاقية تعاون استراتيجي لتعزيز وصول المستثمرين العالميين إلى السوق السعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
خاص صورة جماعية لرؤساء كبرى الشركات الأميركية مع ولي العهد والرئيس الأميركي ترمب خلال منتدى الاستثمار الأميركي - السعودي (أ.ف.ب) play-circle

خاص شراكة استراتيجية بملامح المستقبل... دلالات نتائج زيارة ولي العهد إلى واشنطن

كانت العاصمة الأميركية واشنطن مسرحاً لإطلاق مرحلة جديدة من التحالف الاستراتيجي بين السعودية والولايات المتحدة الذي سوف يربط مصالح البلدين لعقود مقبلة.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد الرئيس الأميرركي دونالد ترمب يتحدث في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي في واشنطن (أ.ب)

«تكامل» السعودية توقّع أكثر من 20 اتفاقية استراتيجية في واشنطن بما يزيد على 40 مليون دولار

أعلنت شركة «تكامل القابضة»، خلال «منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي» في واشنطن، توقيع أكثر من 20 اتفاقية استراتيجية بقيمة إجمالية تصل إلى 150 مليون ريال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب في البيت الأبيض (واس)

ولي العهد السعودي يغادر أميركا ويبعث برقية شكر للرئيس ترمب

 بعث الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، برقية شكر للرئيس الأميركي ترمب، إثر مغادرته واشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
TT

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)

أظهرت بيانات مسح، نُشرت يوم الثلاثاء، تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) إلى أضعف وتيرة له منذ يونيو (حزيران)، مع انخفاض الطلبات الجديدة لكل من المصنّعين ومقدمي الخدمات، ليختتم بذلك عاماً من التقلبات وعدم اليقين الذي شهده الاقتصاد الأميركي.

وأفادت مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال» بأن مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي انخفض إلى 53 نقطة هذا الشهر، مقارنةً بقراءته النهائية البالغة 54.2 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني). وتشير القراءات التي تتجاوز 50 نقطة إلى توسُّع النشاط الاقتصادي، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات أدنى ارتفاع في الأعمال الجديدة الواردة خلال 20 شهراً، كما انخفضت الطلبات الجديدة على السلع لأول مرة منذ عام. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الذي يتتبع نشاط الخدمات، والذي يمثل ثلثي الناتج الاقتصادي الأميركي، إلى 52.9 نقطة في ديسمبر، وهو أدنى مستوى له خلال 6 أشهر، مقارنةً بـ54.1 نقطة في نوفمبر. كما انخفض مؤشر التصنيع إلى 51.8 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو (تموز)، مقارنةً بـ52.2 نقطة في نوفمبر. وكانت كلتا القراءتين أضعف من توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم.

وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، في بيان: «تشير بيانات مؤشر مديري المشتريات الأولية لشهر ديسمبر إلى أن طفرة النمو الاقتصادي الأخيرة بدأت تفقد زخمها. ومع التراجع الحاد في نمو المبيعات الجديدة، خصوصاً قبيل موسم الأعياد، قد يزداد تباطؤ النشاط الاقتصادي مع دخولنا عام 2026».

وشهد الاقتصاد الأميركي تقلبات حادة خلال عام 2025، إذ أعقبت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض تغييرات جذرية في السياسات، بما في ذلك تشديد إجراءات الهجرة التي أثرت سلباً على القوى العاملة، وموجات من الرسوم الجمركية الجديدة التي أحدثت اضطراباً في التجارة الدولية ورفعت أسعار السلع. كما زاد الإغلاق الحكومي الفيدرالي المطول في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر من حالة عدم اليقين، وأدى إلى توقف تدفق البيانات الاقتصادية الرئيسية.

وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الرُّبع الأول؛ نتيجة تدفق الواردات لتجنب الرسوم الجمركية، ثم انتعش في الرُّبع الثاني بعد انحسار هذه الرسوم. ومن المتوقع أن يُظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي للرُّبع الثالث، الذي سيصدر قبيل عيد الميلاد، استمرار نمو الاقتصاد بمعدل سنوي يزيد على 3 في المائة حتى بدء الإغلاق. ولن تُنشر بيانات الرُّبع الرابع إلا مطلع العام المقبل.

وأضاف ويليامسون: «على الرغم من أن بيانات المسح تشير إلى نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5 في المائة خلال الرُّبع الرابع، فإن النمو قد تباطأ الآن لمدة شهرين».

ولن يُسهم تقرير «ستاندرد آند بورز» سوى في تقديم صورة جزئية لصناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي»، الذين خفَّضوا أسعار الفائدة 3 مرات في النصف الثاني من عام 2025؛ بسبب مخاوف تتعلق بمخاطر نمو التوظيف، لكنهم لم يمتلكوا بيانات كافية عن سوق العمل لدعم قراراتهم بسبب الإغلاق.

وأوضحت «ستاندرد آند بورز» أن نمو الوظائف، وفقاً لبياناتها، «ظل مقيداً بشكل عام؛ بسبب المخاوف المتعلقة بالتكاليف، وضعف الطلب، وعدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية»، مشيرةً إلى استمرار بعض الشركات في الإبلاغ عن نقص في العمالة.

كما ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» لأسعار المدخلات إلى أعلى مستوى له منذ نحو 3 سنوات، مدفوعاً بارتفاع حاد في التكاليف التي أبلغت عنها شركات الخدمات، مما منح مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» المتخوفين من التضخم سبباً إضافياً للتردد في الموافقة على مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.


هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض وأحد أبرز المرشحين لرئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» في نظر الرئيس دونالد ترمب، إن استقلالية البنك المركزي أمر بالغ الأهمية، في ظل المخاوف من احتمال تقاربه الشديد مع الرئيس.

وصرح هاسيت في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»: «استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بالغة الأهمية». وأضاف أن هناك مجالاً واسعاً لخفض أسعار الفائدة في الاقتصاد الأميركي، وهو هدف يسعى ترمب لتحقيقه منذ عودته إلى منصبه. وقد شن الرئيس الجمهوري هجوماً مستمراً على رئيس الاحتياطي الفيدرالي الحالي، جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو (أيار)، لعدم خفضه أسعار الفائدة بالقدر الكافي.

كان ترمب قد رشّح هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، وكيفن وارش، محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق، بوصفهما أبرز المرشحين لخلافة باول.

وفي مقابلات أُجريت يوم الثلاثاء، تجاهل هاسيت أسئلة حول المخاوف من أن يكون مقرباً جداً من ترمب بحيث لا يستطيع وضع مسار مستقل للبنك المركزي.

وقال هاسيت للصحافيين خارج البيت الأبيض: «إن فكرة أن القرب من الرئيس والخدمة الجيدة له تُقصي أي شخص عن أي وظيفة أمر لا معنى له على الإطلاق».


«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

شهدت سوق الأسهم الأميركية تذبذباً يوم الثلاثاء، عقب صدور بيانات متباينة حول قوة الاقتصاد، التي لم تُبدد حالة عدم اليقين بشأن اتجاه أسعار الفائدة.

وافتتح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» منخفضاً بنسبة 0.1 في المائة، ولا يزال أدنى بقليل من أعلى مستوى له على الإطلاق والذي سجله الأسبوع الماضي. بينما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 4 نقاط، أي أقل من 0.1 في المائة، عند الساعة 9:35 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.2 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وحافظت عوائد سندات الخزانة على استقرارها النسبي بعد تذبذب أولي، إثر تقرير أشار إلى أن معدل البطالة في الولايات المتحدة بلغ أسوأ مستوى له الشهر الماضي منذ عام 2021، رغم إضافة أصحاب العمل لعدد أكبر من الوظائف مقارنة بتوقعات الاقتصاديين. وفي الوقت نفسه، أظهر تقرير منفصل نمو مؤشر أساسي لقوة إيرادات تجار التجزئة الأميركيين في أكتوبر (تشرين الأول) بوتيرة أسرع من المتوقع.

وأدت هذه البيانات المتباينة في البداية إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة، وكان رد فعل المستثمرين الفوري يشير إلى أن هذه البيانات قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى عدّ تباطؤ سوق العمل تهديداً أكبر للاقتصاد من التضخم المرتفع، ما قد يدعم فكرة خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في 2026. غير أن العوائد استعادت لاحقاً جزءاً من انخفاضها وتذبذبت صعوداً وهبوطاً.

وتُعد سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة محركاً رئيسياً لوول ستريت، إذ يمكن أن يؤدي خفضها إلى دعم الاقتصاد وأسعار الاستثمارات، رغم أنه قد يفاقم التضخم. ومن المقرر صدور تقرير يوم الخميس يوضح مدى سوء التضخم في الشهر الماضي، ويتوقع الاقتصاديون أن يُظهر استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين بوتيرة أسرع مما يُرغب.

وفي سوق السندات، استقر عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات عند 4.18 في المائة، وهو مستواه نفسه في نهاية تعاملات يوم الاثنين، بينما انخفض عائد السندات لأجل عامين، الذي يعكس توقعات الاحتياطي الفيدرالي بشكل أدق، إلى 3.50 في المائة من 3.51 في المائة.

ولم يترك الإغلاق الحكومي الفيدرالي الأخير تأثيراً كبيراً على البيانات، ما قلل من أثر تقارير يوم الثلاثاء. وذكر كاي هايغ، الرئيس المشارك العالمي لحلول الدخل الثابت والسيولة في «غولدمان ساكس» لإدارة الأصول، أن «تقرير بيانات التوظيف لشهر ديسمبر (كانون الأول)، الذي سيصدر أوائل يناير (كانون الثاني) قبل الاجتماع القادم، سيكون على الأرجح مؤشراً أكثر دلالة للاحتياطي الفيدرالي عند تحديد مسار السياسة النقدية على المدى القريب».

وساهمت التقلبات المستمرة للأسهم، المتأثرة بحماس المستثمرين تجاه تقنيات الذكاء الاصطناعي، في كبح جماح السوق عموماً.

وارتفع سهم «أوراكل» بنسبة 1.1 في المائة وسهم «برودكوم» بنسبة 1.6 في المائة، بعد أن كان كلاهما قد سجّل خسائر حادة الأسبوع الماضي، على الرغم من إعلان أرباح أعلى من توقعات المحللين للربع الأخير. في المقابل، انخفض سهم «كورويف»، الذي يؤجر الوصول إلى أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي، بنسبة 2.4 في المائة، وتراجع سهم «إنفيديا» بنسبة 0.2 في المائة. ولا تزال التساؤلات قائمة حول ما إذا كان الإنفاق الكبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي سيحقق الأرباح والإنتاجية المرجوة.

على صعيد آخر، ارتفع سهم «كرافت هاينز» بنسبة 1.2 في المائة بعد إعلان تعيين ستيف كاهيلان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «كيلانوفا» المالكة لعلامة «كيلوغز»، رئيساً تنفيذياً ابتداء من 1 يناير. وبعد انقسام الشركة إلى شركتين في النصف الثاني من عام 2026، سيتولى كاهيلان قيادة الشركة التي ستحتفظ بعلامات «هاينز» و«فيلادلفيا» و«كرافت ماك آند تشيز».

في المقابل، انخفض سهم «فايزر» بنسبة 1.6 في المائة بعد إعلان توقعات إيرادات تتراوح بين 59.5 و62.5 مليار دولار للعام المقبل، وهو ما يُقارب توقعات المحللين.

على الصعيد العالمي، تراجعت المؤشرات في معظم أنحاء أوروبا وآسيا. حيث انخفض مؤشر «نيكي 22» الياباني بنسبة 1.6 في المائة بعد بيانات أولية أظهرت انكماشاً طفيفاً في قطاع التصنيع، وسط توقعات واسعة بأن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة لاحقاً هذا الأسبوع. كما انخفض مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة 2.2 في المائة، وتراجعت المؤشرات في هونغ كونغ بنسبة 1.5 في المائة وشنغهاي بنسبة 1.1 في المائة.