ترمب «يقتحم» غرفة القرار النقدي... فهل ينجح في إعادة تشكيل «الفيدرالي»؟

الأنظار على «المتمردين» في لجنة الفائدة

مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
TT

ترمب «يقتحم» غرفة القرار النقدي... فهل ينجح في إعادة تشكيل «الفيدرالي»؟

مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)
مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

بعد انتظار دام تسعة أشهر، تتجه الأنظار إلى واشنطن، حيث من المتوقع أن يصدر الاحتياطي الفيدرالي قراره التاريخي الأول في عهد الرئيس دونالد ترمب بخفض أسعار الفائدة. وهو قرارٌ يبدو شبه محسوم بخفض ربع نقطة مئوية، لكن ما يدور خلف الأبواب المغلقة من صراع نفوذ قد يحدد مستقبل استقلالية البنك المركزي.

يحمل اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، الذي يستمر ليومين، عنصراً من التشويق لم يسبق له مثيل. فقبل ساعات قليلة من القرار، كانت هناك حالة من عدم اليقين حول هوية المصوّتين وحجم التخفيض المحتمل. هذه الدراما السياسية تعكس التجاذب المتصاعد بين البيت الأبيض و«حراس» السياسة النقدية.

تشكيلة اللجنة: خريطة المعركة

تتألف اللجنة من 12 عضواً، سبعة منهم من مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، وأربعة رؤساء من بنوك الاحتياطي الفيدرالي الإقليمية الـ11 الأخرى الذين يتم اختيارهم على أساس تناوب سنوي. ويتمتع سبعة محافظين في الاحتياطي الفيدرالي بحق التصويت على أسعار الفائدة، إلى جانب خمسة من رؤساء البنوك الإقليمية الثمانية الذين يتناوبون على التصويت.

تحركات حاسمة

شهدت الساعات الأخيرة تحركات حاسمة:

1- ستيفن ميران تحت الأضواء: وافق مجلس الشيوخ على تعيين ستيفن ميران، أحد كبار مستشاري ترمب الاقتصاديين، لملء مقعدٍ شاغر. مع العلم بأن ولاية ميران لن تتجاوز بضعة أشهر، وهو ما دفعه إلى الإعلان أنه لن يستقيل من منصبه في البيت الأبيض، مكتفياً بأخذ إجازة دون أجر. هذا الإجراء، الذي وصفه البعض بأنه «سابقة خطيرة»، يأتي بعد تصريحات لميران أهان فيها الأعضاء الحاليين بقوله إنهم يعانون من «متلازمة جنون الرسوم الجمركية». وكان اقترح علناً منح البيت الأبيض سلطة تعيين وإقالة واسعة لمسؤولي البنك.

ستيفن ميران يدلي بشهادته خلال جلسة استماع في لجنة المصارف بمجلس الشيوخ لتأكيد تعيينه بمجلس الاحتياطي الفيدرالي (أ.ف.ب)

2- معركة ليزا كوك: في جبهة أخرى، حاولت إدارة ترمب عزل المحافِظة ليزا كوك، التي رشحها الرئيس جو بايدن، في محاولة لمنعها من التصويت، لكن محكمة الاستئناف أصدرت، مساء الاثنين، حكماً يسمح لها بالتصويت. وهذا يعني أن كوك ستشارك بشكل كامل في اجتماع السياسة النقدية في غياب تدخل فوري من المحكمة العليا.

محافِظة «الاحتياطي الفيدرالي» ليزا كوك تحضر اجتماعاً في البيت الأبيض (أ.ف.ب)

مواجهة باول - ترمب

يصرّ ترمب على خفض كبير لأسعار الفائدة التي تتراوح حالياً بين 4.25 في المائة و4.50 في المائة منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي، واصفاً قرار التخفيض المحتمل بـ 25 نقطة أساس بأنه «ليس كافياً». وفي منشور على حسابه الخاص على «سوشيال تروث»، طالب ترمب، يوم الاثنين، بخفض لأسعار الفائدة أكبر من المتوقع، الذي هو 25 نقطة أساس، ووصف رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول بأنه «متأخر جداً». وقال إن تخفيضات أسعار الفائدة التي يدرسها مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي ليست كافية. وكان دعا في يوليو (تموز) الماضي إلى خفض أكبر بكثير، وقال إن سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية أعلى بثلاث نقاط مئوية على الأقل.

ورغم أن الأسواق المالية تتوقع بنسبة 96 في المائة خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس، فإن الساحة السياسية داخل اللجنة لا تخلو من الانقسامات. فمن هم الأعضاء الذين قد «يصغون» لمطالب ترمب؟

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحافي سابق (رويترز)

المصوّتون على السياسة النقدية

يترأس باول الاجتماعات السنوية الثمانية للبنك المركزي. ويتمتع الأعضاء الأحد عشر الآخرون المصوّتون في لجنة السوق المفتوحة برأي متساوٍ في كل قرار يتعلق بأسعار الفائدة الفيدرالية من خلال تصويت الأغلبية.

والسؤال هنا: مَن من اللجنة الذي «سينصاع» لمطالب ترمب؟ توضح تركيبة اللجنة هذه اعتبارات الأعضاء في تصويتهم:

  • باول: رشحه ترمب لمنصب رئيس المجلس، وأعاد الرئيس جو بايدن ترشيحه. تنتهي فترة رئاسته في 15 مايو (أيار) 2026.
  • فيليب جيفرسون، نائب الرئيس: رشحه بايدن. تنتهي فترة عمله بصفته نائباً للرئيس في سبتمبر (أيلول) 2027. ويعد من الدائرة المقربة لباول، ولكنه يفضل الظهور بشكل متحفظ.
  • ميشيل بومان، نائبة الرئيس للإشراف المصرفي في الاحتياطي الفيدرالي: رشحها ترمب. تنتهي فترة عملها بصفتها نائبة للرئيس للإشراف في يونيو (حزيران) 2029. تذبذب موقفها من معارضة خفض كبير لأسعار الفائدة في الخريف الماضي إلى الدفع للعودة إلى الخفض هذا الصيف. في اجتماع يوليو الماضي، صوّتت لصالح خفض سعر الفائدة.
  • مايكل بار، محافظ في الاحتياطي الفيدرالي: رشحه بايدن، وهو عمل مشرفاً مالياً أعلى في الاحتياطي الفيدرالي قبل بومان، حيث تم ترشيحه من قبل بايدن لهذا المنصب. استقال من منصب نائب رئيس الإشراف في فبراير (شباط) ولكنه يحتفظ بدوره بوصفه محافظاً.
  • ليزا كوك، محافظة في الاحتياطي الفيدرالي: رشحها بايدن، وكانت اقتصادية في البيت الأبيض في عهد أوباما.
  • ستيفن ميران، محافظ في الاحتياطي الفيدرالي (خلفاً لأدريانا كوغلر): رشحه ترمب لخدمة الأشهر القليلة المتبقية من ولاية المحافظ التي أصبحت شاغرة بعد استقالة كوغلر، ووافق مجلس الشيوخ على هذا الترشيح إلى يناير (كانون الثاني) المقبل. وعندما تنتهي هذه الفترة في يناير، يمكن لترمب أن يستخدم الشغور لإضافة من يختاره خلفاً لجيروم باول بصفته رئيساً للبنك.
  • كريستوفر والر، محافظ في الاحتياطي الفيدرالي: رشحه ترمب، وكان رئيساً لقسم الأبحاث في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، وأصبح مرشحاً بارزاً ليخلف باول بصفته رئيساً. وقد انضم إلى بومان في التصويت لصالح خفض سعر الفائدة في اجتماع يوليو.
  • جون ويليامز، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، نائب رئيس اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة: يعد من كبار مساعدي باول. هو أيضاً رئيس سابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو ومخضرم في اجتماعات اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة التي استمرت لعقود.
  • سوزان كولنز، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن: قبل توليها قيادة بنك بوسطن الفيدرالي في عام 2022، كانت أكاديمية اقتصادية وعميدة في جامعة «ميشيغان».
  • أوستان غولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو: مسؤول سابق في إدارة أوباما، ويصف رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأسطوري بول فولكر بأنه معلمه.
  • ألبرتو موسالم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس: وهو مستثمر سابق في صناديق التحوط.
  • جيفري شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي: هو مصرفي من نبراسكا، وتولى إدارة بنك كانساس سيتي الفيدرالي في عام 2023، وكان دعا إلى دعم الاقتصاد الزراعي وإلى اهتمام متشدد بكبح التضخم.

وبالتالي، فإن حلفاء ترمب هما بومان ووالر، حيث صوّتا لصالح خفض سعر الفائدة في اجتماع يوليو الماضي. كما أن وجود المرشح الجديد ستيفن ميران يعزز هذا التيار المطالب بخفض أوسع. وفي ظل غياب أغلبية واضحة لفرض تغييرات جذرية، قد يكون تأثير ميران الأكبر هو من خلال تصريحاته العلنية، التي تهدف إلى إثارة النقاش حول السياسة النقدية، وفتح الباب أمام تغييرات أكبر في المستقبل.

متداول يراقب شاشة تداول الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

أما المعتدلون والمحافظون فهم: باول الذي يعي حساسية موقفه بصفته رئيساً عينته إدارتان مختلفتان، والذي يواجه تحدي تحقيق التوازن، كما أن أعضاء مثل فيليب جيفرسون وجون ويليامز، هم أقرب إلى نهج باول الحذر، بينما يمثل رؤساء الفروع الإقليمية مثل جيفري شميد نهجاً متشدداً يخشى التضخم.

وفي هذا الإطار، نقلت «رويترز» عن ديريك تانغ من مؤسسة «إل إتش ماير» للأبحاث الاقتصادية، قوله إنه «من المحتمل أن ينظر الناس إلى محافظي المجلس من منظور من قام بتعيينهم، بدلاً من أن يتوقعوا منهم اتخاذ قرارات محايدة بناء على البيانات الاقتصادية»، وهو ما وصفه بأنه «تحول كبير بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، الذي لطالما نأى بنفسه عن السياسة».

وبغض النظر عن هذه التطورات، ينصب تركيز الاحتياطي الفيدرالي على جانب آخر - على اقتصاد يشهد سوق عمل أكثر هشاشة مما بدت عليه الحال عندما اجتمع صانعو السياسات آخر مرة في أواخر يوليو، بينما يستمر التضخم في الارتفاع فوق هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة، ويعود ذلك إلى حد كبير إلى الرسوم الجمركية الصارمة التي فرضها ترمب على الواردات.

ماذا ينبغي على الاحتياطي الفيدرالي فعله؟ في المجمل، بينما يُثير ضعف سوق العمل القلق، فإنّ حالة عدم اليقين بشأن التضخم لا تُبرّر إجراء تخفيف كبير هذا الأسبوع، بحسب محللين الذين يرون أن خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس يبدو خطوة معقولة.

وهكذا، لن يكون قرار الغد مجرد إعلان عن سعر فائدة جديد، بل سيكون أول اختبار حقيقي لاستقلالية الاحتياطي الفيدرالي في مواجهة رغبات رئيس البيت الأبيض. فهل سيتمكن باول وزملاؤه من الحفاظ على سيادة أهم مؤسسة نقدية في العالم، أم أننا نشهد بداية عهد جديد يكون فيه الاحتياطي الفيدرالي مجرد امتداد للسياسة؟


مقالات ذات صلة

الذهب مستقر مع تحول التركيز إلى البيانات الأميركية

الاقتصاد عرض رقائق الذهب في «غاليري 24» وهو متجر بيع بالتجزئة للذهب مملوك للدولة في سورابايا. جاوة الشرقية (أ.ف.ب)

الذهب مستقر مع تحول التركيز إلى البيانات الأميركية

ارتفعت أسعار الذهب قليلاً يوم الاثنين مع ترقب المستثمرين لسلسلة من البيانات الاقتصادية الأميركية هذا الأسبوع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعمال التجديد في مبنى مجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

وسط تصاعد نفوذ «الصقور» في «الفيدرالي»... الرهان يتجه نحو تثبيت الفائدة

أعادت مجموعة من صانعي السياسة النقدية في «الاحتياطي الفيدرالي» التأكيد على مخاوفها المستمرة بشأن التضخم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد أدريانا كوغلر تتحدث إلى النادي الاقتصادي في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

ما السر وراء استقالة أدريانا كوغلر المفاجئة من مجلس «الفيدرالي»؟

كشف مكتب الأخلاقيات الأميركي، عن أن أدريانا كوغلر، التي استقالت فجأة من منصبها في مجلس محافظي «الاحتياطي الفيدرالي»، انتهكت قواعد التداول.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداول ينظر إلى شاشات تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (أ.ب)

بعد انتهاء الإغلاق... غياب البيانات يربك «الفيدرالي» ويخيف الأسواق

انتهى الإغلاق الحكومي الأميركي، لكن أثره لا يزال مستمراً للمستثمرين الذين يشعرون بالقلق من أن الثغرات في البيانات الاقتصادية قد تؤخر أو حتى تعرقل تخفيض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )
تحليل إخباري مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

تحليل إخباري تعيينات قادة بنوك «الاحتياطي الفيدرالي» تضعه تحت المجهر

باتت العملية الدورية لإعادة تعيين رؤساء البنوك الإقليمية الـ12 التابعة لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، التي تُجرى عادة بهدوء كل بضع سنوات، محورَ اهتمام مزداد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الدولار يتماسك في انتظار تقرير الوظائف الأميركية

شخصٌ يقف مع دولارات أميركية تُصوّر صورة الرئيس الأميركي خلال مسيرة المناخ العالمية في بيليم (إ.ب.أ)
شخصٌ يقف مع دولارات أميركية تُصوّر صورة الرئيس الأميركي خلال مسيرة المناخ العالمية في بيليم (إ.ب.أ)
TT

الدولار يتماسك في انتظار تقرير الوظائف الأميركية

شخصٌ يقف مع دولارات أميركية تُصوّر صورة الرئيس الأميركي خلال مسيرة المناخ العالمية في بيليم (إ.ب.أ)
شخصٌ يقف مع دولارات أميركية تُصوّر صورة الرئيس الأميركي خلال مسيرة المناخ العالمية في بيليم (إ.ب.أ)

بدأت أسواق العملات العالمية الأسبوع بحذر، حيث سجل الدولار ارتفاعاً طفيفاً مقابل اليورو والين والجنيه الإسترليني، بينما يعيد المتداولون ضبط مراكزهم قبيل ما قد يكون أسبوعاً حافلاً بعودة البيانات الاقتصادية الأميركية التي طال انتظارها.

جاء رد فعل السوق فاتراً إزاء تراجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن قرار فرض رسوم جمركية على أكثر من 200 منتج غذائي، حيث قال بعض المحللين إن هذه الخطوة لم تكن مفاجئة نظراً لقضايا تكلفة المعيشة التي سببتها الرسوم.

سينصب التركيز هذا الأسبوع على إصدارات البيانات الأميركية المختلفة بحثاً عن دلائل حول صحة أكبر اقتصاد في العالم، لا سيما تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر (أيلول)، والذي سيصدر يوم الخميس ويحظى بمتابعة وثيقة.

توقعات خفض الفائدة تتراجع

على الرغم من ظهور علامات على مزيد من الضعف في الاقتصاد الأميركي من خلال البيانات الأخيرة للقطاع الخاص، قلص المستثمرون توقعاتهم لخفض مجلس الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة الشهر المقبل، مراهنين على أن الفجوات في البيانات الاقتصادية ستؤدي إلى تأخير أو حتى عرقلة المزيد من التيسير النقدي.

تُسعِّر الأسواق الآن احتمالاً لخفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في ديسمبر يزيد قليلاً عن 40 في المائة، انخفاضاً من أكثر من 60 في المائة في وقت سابق من هذا الشهر.

وحذر محللو العملات في «غولدمان ساكس» في مذكرتهم الأسبوعية من أنه على الرغم من أن هذا الأسبوع يقدم بعض البيانات، فإنها لن تكون الأكثر فائدة. وأشاروا إلى أنه «حتى بعد انتهاء الإغلاق الحكومي (السابق)، سيستغرق الأمر بعض الوقت بطبيعة الحال حتى تصبح البيانات ذات صلة مرة أخرى. على سبيل المثال، سيكون تقرير الوظائف (يوم الخميس) لقطة من شهرين مضيا، وبالتالي من غير المرجح أن يحسم أي نقاشات حول التوقعات».

ومع ذلك، يعتقد المحللون على المدى المتوسط أن البيانات الواردة «ستظهر ما يكفي من مخاطر سلبية لسوق العمل لحسم الجدل الدائر داخل لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية». ويرون أن هذه العملية ستكون سلبية على الدولار.

الين يستقبل الانكماش بهدوء

كانت تحركات السوق قبل صدور البيانات هادئة نسبياً. إذ انخفض اليورو بنسبة 0.2 في المائة مقابل الدولار ليصل إلى 1.5977 دولار. بينما كان الجنيه الإسترليني أضعف قليلاً عند 1.3168 دولار. أما الين الياباني، فتراجع بشكل طفيف عند 154.73 مقابل العملة الأميركية.

لم يتفاعل الين تقريباً مع البيانات الصادرة يوم الاثنين التي أظهرت انكماش الاقتصاد الياباني بنسبة 1.8 في المائة على أساس سنوي في الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر، نتيجة لانخفاض الصادرات في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية، مسجلاً أول انكماش له في ستة فصول.

ومع ذلك، لا يزال الين بالقرب من أدنى مستوى له في تسعة أشهر مقابل الدولار، مما يبقي المتداولين في حالة تأهب لتهديد التدخل من قبل السلطات اليابانية لكبح تراجع العملة.

الإسترليني ينتظر الموازنة

بينما كان الجنيه الإسترليني أكثر استقراراً يوم الاثنين، غير أنه ظل في صدارة اهتمامات متداولي العملات بعد الجلسة العاصفة التي شهدتها الأصول البريطانية يوم الجمعة، مع تزايد التكهنات حول الموازنة البريطانية المرتقبة للغاية والمقرر إعلانها في 26 نوفمبر (تشرين الثاني).

من المرجح أن تستمر هذه التكهنات، على الرغم من أن الجنيه سيتأثر أيضاً بالبيانات الاقتصادية البريطانية هذا الأسبوع، وأبرزها بيانات التضخم الشهرية. وكان تسجيل التضخم لأرقام أبرد من المتوقع لشهر سبتمبر قد أثار تحولاً في تسعير بنك إنجلترا، وأدى إلى انخفاض الجنيه عند صدوره الشهر الماضي.

في سياق آخر، تراجعت عملة الملاذ الآمن الفرنك السويسري عن أعلى مستوى لها في شهر واحد، وسجلت آخر مرة 0.7954 مقابل الدولار، بعد أن وجدت دعماً الأسبوع الماضي من التوترات حول عمليات بيع واسعة في أسواق الأسهم العالمية.


حذر المستثمرين يدفع أسواق الصين للتراجع

رجل يمر أمام متجر لبيع الإلكترونيات بمدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)
رجل يمر أمام متجر لبيع الإلكترونيات بمدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)
TT

حذر المستثمرين يدفع أسواق الصين للتراجع

رجل يمر أمام متجر لبيع الإلكترونيات بمدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)
رجل يمر أمام متجر لبيع الإلكترونيات بمدينة شنغهاي الصينية (إ.ب.أ)

تراجعت أسهم الصين وهونغ كونغ، الاثنين، مع توخّي المستثمرين الحذر إزاء تصاعد التوترات بين بكين وطوكيو خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتفضيلهم جني الأرباح عقب الارتفاع الأخير.

وانخفض مؤشر «سي إس آي300» للأسهم القيادية في الصين بنسبة 0.7 في المائة بحلول منتصف النهار، بينما خسر مؤشر «شنغهاي المركب» 0.4 في المائة. وانخفض مؤشر «هانغ سينغ» القياسي في هونغ كونغ بنحو واحد في المائة. وحتى الآن هذا العام، ارتفع مؤشر «هانغ سينغ» بنسبة 30 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 17 في المائة.

واندلع الخلاف الصيني - الياباني بعد أن أخبرت رئيسة الوزراء اليابانية، ساناي تاكايتشي، المشرعين اليابانيين بأن أي هجوم صيني على تايوان قد يهدد بقاء اليابان، وقد يؤدي إلى رد عسكري، وهو أمرٌ لطالما تجنب المسؤولون الإفصاح عنه علناً خوفاً من استفزاز بكين، التي تدّعي السيادة على الجزيرة المتمتعة بالحكم الذاتي. وكان من المرتقب أن يتوجه دبلوماسي ياباني رفيع المستوى إلى الصين يوم الاثنين، وفقاً لوسائل إعلام يابانية، في إطار سعي طوكيو لتهدئة الخلاف الدبلوماسي المتصاعد بشأن تايوان، الذي يُفاقم التوتر في العلاقات بين الجارتين في شرق آسيا.

وفي الأسواق، انخفضت أسهم شركة البرمجيات الصينية «لينكيدج»، التي تستمد معظم مبيعاتها من اليابان، بنسبة تصل إلى 4 في المائة، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ 24 يوليو (تموز) الماضي. وبلغ مؤشر «سي إس آي للعناصر الأرضية النادرة» مستوى شبه مستقر، حتى بعد تصريحات وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، التي بُثت يوم الأحد، والتي أشار فيها إلى أن صفقة العناصر الأرضية النادرة بين واشنطن وبكين «مؤمل» أن تُبرم بحلول عيد الشكر.

وخالفت أسهم شركات الذكاء الاصطناعي المحلية التوقعات، فقد ارتفعت بنسبة 0.5 في المائة، بينما ارتفعت أسهم شركات المركبات العاملة بالطاقة الجديدة بنسبة 1.2 في المائة.

واستقرت الأسهم الصينية هذا الشهر في نطاق ضيق بعد أن ارتفعت المؤشرات الرئيسية بنحو 20 في المائة هذا العام. وقال محللو «مورغان ستانلي» في مذكرة: «نتوقع أن يكون عام 2026 عام استقرار بعد العوائد المرتفعة التي حققناها في عام 2025». وأضافوا أن «الاتجاه الصعودي للمؤشر متواضع، مع نمو معتدل في ربحية السهم، واستقرار التقييم عند مستوى أعلى، مع استعادة الصين مكانتها في سباق التكنولوجيا العالمي وانحسار التوترات التجارية».

وبينما ارتفع مؤشر «سي إس آي للأسهم الدفاعية» بنسبة 1.2 في المائة، انخفضت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى المتداولة في «هونغ كونغ» بنسبة 1.2 في المائة.

* اليوان يتراجع

من جانبه، انخفض اليوان الصيني مقابل الدولار يوم الاثنين، مع إحجام المستثمرين عن اتخاذ مراكز استثمارية نشطة قبل صدور بيانات اقتصادية أميركية متراكمة، من المرجح أن تعطي مؤشرات على توقيت تخفيف سياسات «الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي)». وستبدأ البيانات، التي تأخر صدورها بسبب إغلاق الحكومة الأميركية، في الظهور هذا الأسبوع، مع صدور تقرير الوظائف غير الزراعية لشهر سبتمبر (أيلول) الماضي، الذي يحظى بمتابعة وثيقة، يوم الخميس.

وقال محللون في شركة «هواتاي فيوتشرز» للأوراق المالية في مذكرة: «على الرغم من انتهاء إغلاق الحكومة الأميركية، فإن بيانات الوظائف والتضخم المهمة قد تظل غير متاحة بشكل دائم أو متأخرة بشدة؛ مما يُشوّش أساس تسعير الدولار».

وسيُحلل مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي» البيانات الاقتصادية، خصوصاً أرقام سوق العمل، بعناية لتحديد ما إذا كان الاقتصاد بحاجة إلى مزيد من الدعم. وتُقدّر الأسواق الآن احتمالية خفض سعر الفائدة الفيدرالي بمقدار 25 نقطة أساس الشهر المقبل بنسبة تزيد قليلاً على 40 في المائة، بانخفاض عن أكثر من 60 في المائة خلال وقت سابق من هذا الشهر.

وبحلول الساعة الـ03:58 بتوقيت غرينيتش، انخفض اليوان المحلي بنسبة 0.09 في المائة ليصل إلى 7.1060 للدولار، بينما انخفض نظيره الخارجي بنحو 0.07 في المائة في التعاملات الآسيوية ليصل إلى 7.1072 يوان للدولار. ولم يُبدِ اليوان أي رد فعل يُذكر تجاه تصاعد الخلاف الدبلوماسي مع اليابان بشأن تايوان، حيث استقر سعر صرف اليوان مقابل الين إلى حد كبير يوم الاثنين. كما تجاهل المتداولون التوجيهات الرسمية القوية لليوان، حيث واصل «البنك المركزي» الاتجاه السائد منذ مايو (أيار) الماضي بتحديد «نقاط منتصف» أعلى من المتوقع. وقبل افتتاح السوق، حدد «بنك الشعب الصيني (المركزي)» سعر «النقطة الوسطى» عند 7.0816 للدولار، وهو أقوى سعر له منذ 14 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وأعلى بـ140 نقطة من تقديرات «رويترز» البالغة 7.0956.

ويسمح «بنك الشعب الصيني» لليوان الفوري بالتداول بنسبة اثنين في المائة فوق نقطة المنتصف الثابتة يومياً. واستناداً إلى تثبيت سعر الصرف يوم الاثنين، انخفضت قيمة اليوان مقابل سلة من العملات، وفقاً لمؤشر «سي إف إي تي إس» لليوان، إلى أدنى مستوى لها في أسبوعين عند 97.8 نقطة، وانخفضت بنسبة 3.62 في المائة منذ بداية العام. ومع ذلك، ارتفع سعر الصرف الفوري بنحو 2.73 في المائة خلال الفترة نفسها. وقال محللون في «مورغان ستانلي» ضمن مذكرة للعملاء: «من المرجح أن يعود اليوان (المرجح تجارياً) إلى مسار ارتفاع متواضع، مدعوماً باستمرار الطلب الخارجي المرن، إلى جانب تحسن تدفقات المحافظ الاستثمارية وسط خطاب أقوى بشأن الابتكار التكنولوجي الصيني وإعادة التوازن الاقتصادي». ويتوقعون أن يرتفع اليوان «المرجح تجارياً» بنسبة اثنين في المائة عام 2026، و2.5 في المائة أخرى عام 2027.

وفي سياق منفصل، أشار محللون إلى سلسلة من البيانات الاقتصادية الصينية الصادرة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بما في ذلك انكماش الصادرات وتباطؤ إضافي في مبيعات التجزئة، تشير إلى أن الربع الأخير من هذا العام سيكون أكبر صعوبة. وقال محللو «باركليز» في مذكرة: «نظراً إلى بدء الخطة الخمسية الـ15 العام المقبل، فإننا نتوقع أن تُعزز الحكومة جهودها في مجال البنية التحتية». وأضافوا: «في الأشهر المقبلة، سنترقب حدثين رئيسيين: مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بحثاً عن مؤشرات على اتجاه السياسات المالية والنقدية، واجتماع المجلس الوطني لنواب الشعب في مارس (آذار) المقبل لمناقشة هدف النمو الحكومي والميزانية المالية».


«الحفر» السعودية تُجدّد 4 عقود بـ533 مليون دولار وسِجل أعمالها يصل لأعلى مستوى

إحدى المنصات التابعة لـ«الحفر العربية» (موقع الشركة الإلكتروني)
إحدى المنصات التابعة لـ«الحفر العربية» (موقع الشركة الإلكتروني)
TT

«الحفر» السعودية تُجدّد 4 عقود بـ533 مليون دولار وسِجل أعمالها يصل لأعلى مستوى

إحدى المنصات التابعة لـ«الحفر العربية» (موقع الشركة الإلكتروني)
إحدى المنصات التابعة لـ«الحفر العربية» (موقع الشركة الإلكتروني)

وقّعت شركة «الحفر العربية» السعودية أربعة عقود تجديد لحفّاراتها بقيمة تتجاوز ملياريْ ريال (533 مليون دولار)، بما يضيف 30 سنة تشغيلية جديدة إلى سِجلّ أعمالها المستقبلي، ليرتفع إلى 12.2 مليار ريال (3.2 مليار دولار)، بحلول نهاية العام الحالي، وهو أعلى مستوى تاريخي للشركة.

وقالت الشركة، في بيان نُشر على موقع سوق الأسهم السعودية «تداول»، الاثنين، إن هذه التجديدات تستكمل جميع عقود الحفّارات، المقرّر انتهاء صلاحيتها في عام 2025، مشيرة إلى أن عقدين من العقود الأربعة يخصّان حفّارات تنتهي عقودها خلال عام 2026.

وأوضحت أن ثلاثة من العقود الأربعة تعود لمنصّات حفر ضمن عمليات استئناف التشغيل التي أُعلن عنها مؤخراً، متوقعةً أن يظهر الأثر المالي لهذه العقود عند بدء التشغيل، خلال الربع الأول من عام 2026.

وأضافت الشركة، التي تُعد الأكبر في مجال الحفر من حيث حجم الأسطول، أن مدة العقود تتراوح بين خمس وعشر سنوات، مؤكدة أن هذه الخطوة تعكس مكانتها الريادية في قطاع الحفر السعودي، وتُجسّد التزامها بتقديم خدمات عالية الجودة وموثوقة.