قال مسؤول رئاسي كبير يوم الثلاثاء، إن مفاوضات كوريا الجنوبية لإتمام اتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة متوقفة بسبب مشكلات في سعر الصرف، وإن سيول طلبت من واشنطن المساعدة في إيجاد طريقة للحد من أي تأثير على السوق من حزمة استثمارية بقيمة 350 مليار دولار.
ويأتي التأخير في التوصل إلى اتفاق نهائي بعد أن وقَّع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأسبوع الماضي أمراً تنفيذياً لتنفيذ اتفاقية التجارة مع اليابان، والتي تتضمن حزمة استثمارية بقيمة 550 مليار دولار.
ولم تتوصل كوريا الجنوبية بعد إلى اتفاق مكتوب بشأن اتفاقها مع أميركا المُبرم في يوليو (تموز) الماضي، والذي يتضمن حزمة بقيمة 350 مليار دولار تُستثمر في الولايات المتحدة.
وصرَّح وزير السياسة الرئاسية كيم يونغ بوم، بأن اليابان وكوريا الجنوبية في وضع مختلف، مُؤكداً تصريحات سابقة لوزير الصناعة ووزير الخارجية يوم الاثنين، مفادها أن سيول لا تستطيع الموافقة على شروط مماثلة مُبينة في اتفاق اليابان بشأن حزمة الاستثمار.
وقال كيم في منتدى نقاش مباشر: «في حين لا يوجد فرق كبير في الفوائض التجارية، فإن حجم الاقتصاد، والأهم من ذلك ظروف سوق الصرف الأجنبي، مختلفة تماماً».
وأضاف كيم أن أهم مسألة تجب معالجتها لكي تُوقِّع كوريا الجنوبية أي اتفاق بشأن حزمة الاستثمار هي تأثيرها على سوق صرف الدولار المحلي مقابل الوون.
وأضاف أن كوريا الجنوبية في وضع مختلف عن اليابان؛ لأن الين عملة دولية، بينما تمتلك اليابان أيضاً برنامجاً لمبادلة العملات واحتياطيات من النقد الأجنبي أكبر بثلاث مرات من احتياطيات كوريا الجنوبية، مما سيساعد في الحد من تأثير استثمارها البالغ 550 مليار دولار في الولايات المتحدة.
ضغوط متوقعة
ومنذ الإعلان عن الصفقة في أواخر يوليو، ازدادت التوقعات بين المشاركين في السوق بأن الاستثمار البالغ 350 مليار دولار سيزيد من الضغط الهبوطي على الوون، على المدى الطويل.
وأضاف كيم أن مبلغ الـ350 مليار دولار يُقارن بالحد الأقصى الذي يُمكن للبنوك الحكومية الحصول عليه سنوياً، والذي يتراوح بين 20 و30 مليار دولار. كما يُقارن أيضاً باستثمارات صندوق التقاعد الوطني الخارجية التي تتراوح بين 2 و3 مليارات دولار شهرياً، وهو عامل أشار إليه المشاركون في السوق بالفعل بوصفه عاملاً كبيراً يُثقل كاهل الوون.
والعملة الكورية التي يجري تداولها حالياً عند نحو 1390 ووناً مقابل الدولار، ارتفعت بنسبة 6 في المائة حتى الآن هذا العام، بعد أن تراجعت أربع سنوات متتالية لتصل إلى أدنى مستوى لها في 15 عاماً في عام 2024، دون الحد النفسي البالغ 1400 وون للدولار.
واتفقت كوريا الجنوبية مع الولايات المتحدة في جولتهما الافتتاحية من محادثات التجارة في أواخر أبريل (نيسان) على وضع سياسة العملة على جدول الأعمال، ومنذ ذلك الحين تُجري مشاورات على مستوى العمل.
وصرح وزير المالية كو يون تشيول، يوم الاثنين، بأن هذه المسألة ستُدرَج عند إعلان البلدين عن اتفاق نهائي بعد انتهاء مفاوضات التجارة.
أزمة العمال المحتجزين
وفي نقطة منفصلة، ولكنها ذات صلة بالعلاقات الكورية الأميركية، صرَّح متحدث باسم «الخطوط الجوية الكورية» يوم الثلاثاء، بأن كوريا الجنوبية سترسل طائرة مستأجرة إلى مدينة أتلانتا الأميركية يوم الأربعاء، لإعادة عمال محتجزين في مداهمة ضخمة لدائرة الهجرة الأسبوع الماضي على مصنع لبطاريات السيارات، في ولاية جورجيا الأميركية.
وقال الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ، إن سيول ستتفاوض مع واشنطن للتوصل إلى حل معقول للوضع القائم على روح تحالفهما، مضيفاً في اجتماع لمجلس الوزراء أنه يشعر «بمسؤولية جسيمة» تجاه المواطنين المحتجزين.
وستُقلع طائرة «بوينغ 747-8i» تابعة لشركة «الخطوط الجوية الكورية»، تتسع لـ368 مقعداً، من مطار إنتشون في كوريا الجنوبية إلى أتلانتا، وفقاً للمتحدث الرسمي.
وخلال مداهمة دائرة الهجرة الأميركية، أُلقي القبض على نحو 300 كوري جنوبي، إلى جانب 175 آخرين، في موقع مشروع «هيونداي موتور» و«إل جي إنرجي سوليوشن» الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، لإنتاج بطاريات السيارات الكهربائية.
ويزور وزير الخارجية الكوري الجنوبي تشو هيون واشنطن، للتفاوض على نقاط مثل السعي للحصول على ضمانات بالسماح للكوريين العائدين إلى ديارهم بالعودة إلى الولايات المتحدة.
وقد أثارت المداهمة -وهي أكبر عملية إنفاذ في موقع واحد في تاريخ عمليات التحقيق التي أجرتها وزارة الأمن الداخلي- موجة من الصدمة في كوريا الجنوبية، حليفة الولايات المتحدة التي تحاول إبرام اتفاقية تجارية مع واشنطن في يوليو.
وأظهر استطلاع رأي أجرته شركة «ريالميتر»، ونُشر يوم الثلاثاء، أن ما يقرب من 60 في المائة من الكوريين الجنوبيين شعروا بخيبة أمل إزاء ما اعتبروه إجراءً مفرطاً من جانب السلطات الأميركية في المداهمة، بينما اعتبر نحو 30 في المائة هذا الإجراء أمراً لا مفر منه.
ولم تُفصح السلطات أو الشركات المعنية عن تفاصيل حول كيفية انتهاك قواعد الهجرة الأميركية، ولكن المشرعين الكوريين الجنوبيين يقولون إن البعض ربما تجاوز حدود برنامج الإعفاء من التأشيرة مدة 90 يوماً أو تأشيرة العمل المؤقتة (B-1).
وقال وزير الخارجية تشو إنه سيناقش مع واشنطن إصدار تصريح عمل خاص للمهنيين الكوريين. واشتكت الشركات الكورية مما تعتبره قيوداً أميركية صارمة على تأشيرات العمال الأجانب المهرة، مما يُصعِّب عليها الإشراف على بناء المصانع أو تدريب القوى العاملة المحلية.
ووفقاً للعمال والمسؤولين والمحامين، أُرسل كثير من العمال الكوريين الجنوبيين إلى الولايات المتحدة بوثائق مشكوك فيها، على الرغم من تحفظاتهم وتحذيراتهم من تشديد إجراءات الهجرة الأميركية.
