الهند في مأزق بسبب النفط الروسي... ترمب يهدّد والخيارات أمام مودي صعبة

TT

الهند في مأزق بسبب النفط الروسي... ترمب يهدّد والخيارات أمام مودي صعبة

صورة مركبة للرئيسين ترمب وبوتين ورئيس الوزراء الهندي (أ.ف.ب)
صورة مركبة للرئيسين ترمب وبوتين ورئيس الوزراء الهندي (أ.ف.ب)

طالب الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، الهند بوقف شراء النفط الروسي أو مواجهة رسوم جمركية عقابية. وهو ما حصل، حيث فرض عليها رسوماً إضافية بنسبة 25 في المائة.

لكن المشكلة بالنسبة لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي هي أن وقف شراء بلاده النفط الروسي قد لا يكون أمراً سهلاً، وفق ما ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز».

تشتري الهند نحو 90 في المائة من نفطها الخام من الخارج، وكانت أكبر سوق للنفط الروسي المنقول بحراً منذ عام 2023، وفقاً لبيانات تتبع السفن التي جمعتها شركة «كبلر». وتستورد الهند نحو 5 ملايين برميل من النفط يومياً، يأتي مليونان منها من روسيا.

يقول سوميت ريتوليا، المحلل الرئيسي في شركة «كبلر»: «أين ستجد الهند مليونَي برميل يومياً من النفط الخام بهذه السهولة؟ يمكنها التحول أكثر نحو البراميل غير الروسية. لكنني لا أعتقد أننا سنرى يوماً تتوقف فيه الهند عن شراء النفط الروسي».

شحنات أميركية غير كافية

في فبراير (شباط)، اتفق ترمب ورئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، الذي وصفه الرئيس الأميركي بأنه «صديقه العظيم»، على زيادة صادرات الطاقة الأميركية إلى الهند. ومع ذلك، فإن المسافة بين البلدين - مقارنة بمسارات الشحن الأقصر بكثير بين روسيا والشرق الأوسط - والتحدي التقني لمصافي التكرير الهندية في التبديل بين أنواع مختلفة من النفط الخام قد حدّت من هذا الخيار.

وأعلن ترمب، يوم الأربعاء، رسوماً جمركية إضافية بنسبة 25 في المائة على الواردات من الهند؛ بسبب مشتريات نيودلهي من النفط الروسي، ليرتفع بذلك إجمالي الرسوم المفروضة على خامس أكبر اقتصاد في العالم إلى 50 في المائة. وقال: «أقرر أنه من الضروري والمناسب فرض رسم إضافي على أساس القيمة على واردات السلع الهندية، التي تستورد بشكل مباشر أو غير مباشر النفط الروسي».

خيارات صعبة أمام مودي

أصبحت أمام مودي مجموعة صعبة من الخيارات: إما أن يتقبل الرسوم الأميركية، أو يتحول من النفط الروسي إلى موردين آخرين، أو يحاول إيجاد حل وسط مع ترمب، حيث تحد الهند من مشترياتها من النفط الروسي دون وقفها بالكامل.

في مذكرة للعملاء، شكَّك شيلان شاه من «كابيتال إيكونوميكس» في أن تبذل الهند «جهداً صادقاً للتخلص من النفط الروسي» لأن مودي سيكون متردداً في قلب العلاقات الودية مع موسكو أو مواجهة انتقادات داخلية؛ بسبب الاستسلام لترمب.

كما تضررت صورة رئيس الوزراء القوية محلياً بسبب ادعاء ترمب، الذي رفضته نيودلهي، بأنه قام بالوساطة في وقف إطلاق النار خلال صراع قصير بين الهند وباكستان في مايو (أيار).

ووصف الكرملين المطالب الأميركية للهند بأنها «تهديدات». وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف للصحافيين، يوم الثلاثاء: «محاولات الضغط على الدول لقطع العلاقات التجارية مع روسيا... نحن لا نعدّ مثل هذه التصريحات شرعية».

أسباب استمرار الهند في شراء النفط الروسي

يمثل غضب ترمب تحولاً عن إدارة بايدن، التي سمحت للهند بالتجارة النفطية مع روسيا، ما دامت تحت سقف سعر 60 دولاراً للبرميل الذي وضعته مجموعة السبع. كان الهدف من ذلك هو الحفاظ على استقرار الأسعار العالمية، مع الحد من إيرادات النفط الروسية.

بعد 6 أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا، دافع وزير الخارجية الهندي، إس جايشانكار، عن مشتريات بلاده من النفط الروسي، قائلاً إن من «واجبه الأخلاقي» تأمين «أفضل صفقة» للمواطنين الهنود.

وقال شخص مطلع على قطاع النفط في الهند لـ«فاينانشال تايمز»، إن مصافي التكرير في البلاد تعمل وفقاً للقوانين، وإن النفط الروسي لم يكن أبداً موضوعاً للعقوبات المباشرة، على عكس النفط الإيراني والفنزويلي. وأضاف الشخص: «الهند كانت الفاعل الدولي الأكثر مسؤولية في سلسلة الأحداث هذه. نحن لا نشتري النفط الخاضع للعقوبات». وأضاف: «سبب استمرار الهند في الشراء هو أنه لا يوجد خيار آخر. إذا لم تشترِ الهند من ثالث أكبر مورد للنفط في العالم، الذي ينتج 10 في المائة من الإنتاج العالمي، فمن أين ستأتي البراميل البديلة؟».

قطار ينقل ناقلات نفط في أجمن بالهند (أ.ف.ب)

تأثيرات اقتصادية محتملة

على الرغم من أن الخصومات الكبيرة التي شوهدت بعد بدء الحرب الأوكرانية قد تقلصت، فإن المحللين قالوا إن الجوانب الاقتصادية للنفط الروسي لا تزال مقنعة. وقد وفر ذلك هامشاً للحكومة الهندية للسيطرة على التضخم، وكبح التكلفة المالية لإعانات الوقود، والحفاظ على ربحية مصافي التكرير.

قد يؤثر الوقف المفاجئ للمشتريات الهندية من النفط الروسي على الأسواق العالمية. وقال بريمشيش داس، رئيس قسم تحليل أسواق النفط في آسيا لدى «إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس»: «إذا تحولت الهند فجأة إلى موردين آخرين، فسيؤدي ذلك إلى ضيق كبير في السوق»، مما قد يدفع سعر النفط الخام إلى أكثر من 80 دولاراً للبرميل، من المستويات الحالية البالغة نحو 67 دولاراً.

وقال ريتوليا: «بينما يظل الانفصال الكامل عن النفط الروسي غير مرجح على المدى القريب، فإن الهند مستعدة للتنويع التدريجي، بشرط وجود توجيهات سياسية من الحكومة، وإشارات السوق، والمخاطر المتطورة».

تنويع تدريجي

تُصدّر الهند أيضاً نحو 1.4 مليون برميل من النفط المكرر يومياً - يحتوي بعضه على نفط روسي أرخص - إلى وجهات تشمل أوروبا.

وبينما يتم إنتاج جزء كبير من هذا النفط من قبل شركات هندية خاصة، بما في ذلك «ريلاينس»، فإن محللين قالوا إن نيودلهي يمكن أن تأمرها بالتحول إلى أنواع خام أخرى وتقييد استخدام النفط الروسي للاستهلاك المحلي، مما من شأنه أن يحمي الأسعار المحلية ويخفف مخاوف بعض الحكومات بشأن شراء منتجات تحتوي على النفط الروسي. ويبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الخطوة الجزئية ستقبلها مصافي التكرير الهندية الخاصة، وما إذا كانت ستكون كافية لإقناع ترمب.

وقد بدأت مشتريات الهند من النفط الروسي بالفعل في الانخفاض. تُظهر بيانات «كبلر» أن أحجام النفط الروسي التي استوردتها مصافي التكرير الهندية في يوليو (تموز)، انخفضت بأكثر من 500 ألف برميل يومياً عن يونيو (حزيران)، لتصل إلى أدنى مستوى لها في 5 أشهر عند 1.58 مليون برميل يومياً.

وأشار المحللون إلى أن شحنات يوليو كانت قد طُلبت قبل تهديدات ترمب، وتتماشى مع ضعف الطلب الموسمي خلال الرياح الموسمية في جنوب آسيا.

في حين أن الانخفاض أكثر وضوحاً بين مصافي التكرير الهندية التي تديرها الدولة، فقد بدأ المشغلون الخاصون، الذين يمثلون أكثر من 50 في المائة من واردات النفط الروسي، في تقليل تعرضهم، مما يدل على أن بعض التنويع جارٍ، وفقاً للمحللين.

كما زاد استهلاك الهند من النفط الخام الأميركي إلى 225 ألف برميل يومياً منذ مايو، أي نحو الضعف، ومع وجود مساحة لإضافة 100 ألف برميل أخرى يومياً على المدى القريب، وفقاً لـ «كبلر».

وقال شخص مطلع إن شركة «ريلاينس»، أكبر مصفاة نفط خام في الهند والمشتري الكبير للنفط الروسي منذ عام 2022، ستنتظر توجيهات من الحكومة الهندية، لأنها «مسألة جيوسياسية».

وحذَّر دي. إل. إن. ساستري، مدير تكرير وتسويق النفط في اتحاد صناعة النفط الهندي، من أن «إجبار» الهند على وقف استيراد النفط الروسي في ظل غياب حظر عالمي رسمي سيزيد من المنافسة على مستوى العالم. وقال: «النفط سيكون متاحاً إذا دفعت الثمن»، لكن تقييد إمدادات الهند «سيؤثر على الأرباح».


مقالات ذات صلة

الهند تتخطى اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد عالمي وتتطلع إلى إزاحة ألمانيا

الاقتصاد رجل يمشي على الواجهة البحرية فيما تظهر بعض الغيوم المتفرقة في أفق مومباي (رويترز)

الهند تتخطى اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد عالمي وتتطلع إلى إزاحة ألمانيا

تجاوزت الهند اليابان لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، ويأمل المسؤولون الهنود في تجاوز ألمانيا خلال ثلاث سنوات.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد علم الولايات المتحدة، ونموذج طلب تأشيرة "إتش - 1بي"، وشعارات شركات معروضة في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

القضاء يرفض الطعن ضد رسم ترمب 100 ألف دولار على تأشيرات «إتش- 1 بي»

رفضت قاضية المحكمة الجزئية الأميركية، بيريل هاول، في واشنطن العاصمة، حجج غرفة التجارة الأميركية التي قالت إن الرسم يتعارض مع قانون الهجرة الاتحادي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد سفينة شحن في ميناء كيلونغ بتايوان (رويترز)

بفضل «الذكاء الاصطناعي».. صادرات تايوان تسجل أسرع نمو في 5 سنوات

شهدت طلبات التصدير التايوانية في نوفمبر (تشرين الثاني) أسرع وتيرة نمو منذ نحو خمس سنوات، مدفوعة بالطلب المتزايد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد تسير شاحنة بجانب أكوام الحاويات في ميناء تانجونغ بريوك بمدينة جاكرتا (رويترز)

إندونيسيا وأميركا تتجهان نحو اتفاقية جمركية ولقاء رئاسي نهاية يناير

تتطلّع إندونيسيا إلى توقيع اتفاقية رسوم جمركية مع الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني)، بعد أن توصلت الدولتان إلى تسوية جميع القضايا الجوهرية.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
الاقتصاد لافتة شارع «وول ستريت» أمام «بورصة نيويورك» (رويترز)

بنوك «وول ستريت» تحافظ على هيمنتها في السوق الأوروبية رغم «الرسوم»

عززت بنوك «وول ستريت» ريادتها في سوق الخدمات المصرفية الاستثمارية الأوروبية خلال عام 2025، حيث حافظ العملاء على ولائهم رغم اضطرابات السوق العالمية والرسوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)

شدّد مارك وينترهوف، الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» للسيارات بالإنابة، على أن السعودية باتت في قلب استراتيجية الشركة للنمو والتوسع عالمياً، عادَّاً أن افتتاح صالة عرض جديدة في المنطقة الشرقية «خطوة مهمة» لتعزيز حضور «لوسد» في سوق السيارات الكهربائية التي تشهد نمواً متسارعاً في السعودية.

وقال وينترهوف في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة، التي بدأت حضورها من الرياض ثم جدة، «لم تكن قد غطّت بعدُ المنطقة الشرقية»، مضيفاً: «سمعنا كثيراً من المستخدمين يقولون إن هناك مناطق في المملكة لسنا موجودين فيها بعد، سواء من حيث صالات البيع أو خدمات ما بعد البيع، وافتتاح هذه الصالة في الشرقية هو خطوة إضافية على طريق النمو في المملكة والمنطقة وفي مسيرة (لوسد) نفسها».

السعودية قاعدة محورية

وأشار إلى أن أهمية هذه الخطوة لا تتعلق بالمبيعات فقط، بل بتأكيد التزام الشركة بتحويل السعودية قاعدةً محورية لعملياتها الصناعية والتقنية، موضحاً: «مهمتنا في المملكة ليست مجرد بيع السيارات، بل أيضاً تصنيعها، وجلب أنشطة البحث والتطوير إلى هنا حيثما أمكن، حتى تكون السعودية شريكاً في صناعة مستقبل التنقل الكهربائي».

وفي هذا السياق، تطرق وينترهوف إلى خطط «لوسد» لتعزيز أعمال البحث والتطوير في المملكة، وقال إن المركز المزمع إنشاؤه سيركّز على «المحاكاة المتقدمة والمواد، إلى جانب تقنيات القيادة الذاتية»، مع تعاون وثيق مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إلى جانب جهات أخرى في السعودية»، مضيفاً: «لا نريد فقط الاستفادة من البنية التحتية هنا، بل أيضاً رد الجميل عبر الإسهام في تعليم الكفاءات المحلية، ومنح الباحثين وطلبة الجامعات موضوعات عملية للعمل عليها، بما يخدم (لوسد) والسعودية في آن واحد».

مارك وينترهوف الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» بالإنابة (الشرق الأوسط)

مضاعفة الإنتاج

وحول أداء الشركة وخططها الإنتاجية، أوضح وينترهوف أن «لوسد» تستهدف هذا العام إنتاجاً يتراوح بين 18 و20 ألف سيارة، أي «نحو ضِعف ما تم إنتاجه في العام الماضي تقريباً»، مضيفاً أن الشركة حدّثت توجيهاتها مؤخراً باتجاه الحد الأدنى من هذا النطاق «في ظل التغيّرات الاقتصادية العالمية»، لكنه شدّد على أن «هذا المستوى من الإنتاج ليس سوى خطوة على الطريق»، وقال: «نواصل زيادة إنتاج طراز (لوسد غرافِتي Lucid Gravity) عالمياً، وكذلك في المملكة، ونتوقع نمواً إضافياً في العام المقبل، لا نعتزم التوقف عند 18 ألف سيارة؛ فهناك ما هو أكبر بكثير في الخطة».

وكشف الرئيس التنفيذي بالإنابة، عن أن الخطة الكبرى تتمثل في بدء إنتاج المنصة المتوسطة الجديدة للشركة نهاية العام المقبل من السعودية، موضحاً: «نخطط لبدء إنتاج منصتنا المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مع أحجام أكبر بكثير، على أن تُصدّر السيارات من هنا إلى أسواق أخرى حول العالم؛ ما يعزز مكانة المملكة مركزاً للتصدير والصناعة في قطاع السيارات الكهربائية».

سيارة «لوسد» من إنتاج مصنعها في السعودية (الشرق الأوسط)

شركة سيارات كهربائية

وشدد وينترهوف على أن «لوسد» متمسكة بهويتها بصفتها شركة سيارات كهربائية بالكامل، قائلاً رداً على سؤال حول أي خطط لتطوير محركات تقليدية أو هجينة: «نحن شركة كهربائية 100 في المائة، وسنبقى كذلك 100 في المائة».

توطين التصنيع التجميعي

من جانبه، عدّ فيصل سلطان، رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط، أن افتتاح صالة العرض الجديدة في المنطقة الشرقية «خطوة تأخرت»، لكنها ضرورية لاستكمال انتشار الشركة في «كل ركن من أركان السعودية»، على حد تعبيره.

وتطرّق سلطان إلى جهود «لوسد» في تعميق مسار التوطين داخل السعودية، مشيراً إلى أن الشركة «أنهت بالفعل مرحلة توطين التصنيع التجميعي» لطرازات «لوسد إير Lucid Air» و«لوسد غرافِتي Lucid Gravity» في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية قرب جدة، ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.

وأضاف أن الخطوة التالية «الطبيعية» كانت تأسيس قدرات بحث وتطوير داخل المملكة؛ «لأن الظروف المحلية مختلفة من حيث الطقس والرطوبة والجفاف وحالة الطرق، وكل ذلك يستدعي حلولاً هندسية خاصة».

وقال إن الشراكة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تمنح «لوسد» القدرة على تنفيذ جزء كبير من الأبحاث والاختبارات داخل المملكة، «مع إتاحة الفرصة للكوادر الوطنية للتعلم والمشاركة»، لافتاً إلى أن هذه البنية البحثية الجديدة تختصر الوقت والتكلفة؛ إذ «لم نعد مضطرين إلى شحن القطع إلى الولايات المتحدة وانتظار النتائج، بل نستطيع إنجاز الكثير هنا والحصول على نتائج أسرع».

فيصل سلطان رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط

وأكد سلطان أن أثر هذا المركز لن يقتصر على السوق السعودية فقط، بل سيمتد إلى المنطقة والعالم، موضحاً: «الهدف الأساسي هو تلبية احتياجات السعودية بطبيعة الحال، لكن الكثير من الدروس يمكن تعميمها عالمياً، سواء في الحرارة الشديدة أو ظروف التشغيل المختلفة، ما يجعل المملكة مختبراً حقيقياً لحلول السيارات الكهربائية».

خطط التصنيع

وفيما يتعلق بخطط التصنيع، جدد سلطان التأكيد على أن «لوسد» ستبدأ نهاية العام المقبل تصنيع وحدات مكتملة (CBU) من منصتها المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية «بأكثر من تصميم (Top Hats) للتلبية شرائح مختلفة من المستهلكين»، على أن تكون هذه السيارات «مُعدّة للاستهلاك العالمي وليست مخصصة للسعودية فقط».

وفي جانب البنية التحتية، رأى سلطان أن انتشار محطات الشحن يعد «أحد أهم الممكّنات» لنمو سوق السيارات الكهربائية، مشيراً إلى أن «لوسد» تدعم عملاءها بتوفير شواحن منزلية وتركيبها مجاناً في منازلهم، بالتوازي مع عملها «بشكل وثيق» مع شركة البنية التحتية للمركبات الكهربائية (EVIQ) وعدد من الشركات والمشغّلين، مثل «إلكترومن» و«ترنينغ بوينت» و«الدريس» و«ساسكو»، بالإضافة إلى سلاسل الفنادق والوجهات السياحية مثل «هيلتون» و«آي إيه جي» و«فور سيزونز».

تركيب شواحن

وأردف: «نقوم بتركيب شواحن تيار متناوب بقدرة 22 كيلوواط في الفنادق والمجمعات التجارية والمنتجعات وبعض مجمعات المكاتب، وهذه الشواحن مفتوحة ليس فقط لمستخدمي (لوسد)، بل لكل مستخدمي السيارات الكهربائية، بحيث يشحن العميل سيارته أثناء استمتاعه بيومه على الشاطئ أو في الفندق أو المركز التجاري».

وكشف سلطان عن توسع متسارع في شبكة الخدمة، موضحاً أن الشركة وسّعت قدراتها في الرياض بصالة خدمة أكبر، ووقّعت شراكات خدمة في الإمارات، إلى جانب الاستثمار في الخدمة المتنقلة «التي تمكّننا من إنجاز 70 إلى 80 في المائة من أعمال الصيانة في موقع العميل، سواء في مكتبه أو في مرآب منزله».

وحول الخطط الجغرافية المقبلة، قال سلطان إن «لوسد» تدرس التوسع في مناطق الجنوب والشمال داخل السعودية، إلى جانب تعزيز حضورها في الرياض بوصفها أكبر أسواقها في المملكة، مع التوسع في المدن التي تشهد نمواً في أعداد سيارات «لوسد» من خلال صالات عرض إضافية ونقاط خدمة أو صالات مؤقتة.

كما أكد أن العام المقبل سيشهد دخول الشركة إلى «دول خليجية جديدة قريبة من السعودية»، إلى جانب حضورها الحالي في الإمارات.

مركز ابتكار للسيارات الكهربائية الذي أقيم بالشراكة بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية «كاكست» ومجموعة «لوسد» (الشرق الأوسط)

مركز ثقل

وأكد رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط على أن التوسع الصناعي والبحثي والتجاري لـ«لوسد» في السعودية «ليس مجرد استثمار تجاري قصير الأجل، بل رهان طويل الأمد على سوق تشهد تحولاً سريعاً نحو التنقل الكهربائي»، مضيفاً: «نقدّر كثيراً ثقة القيادة السعودية ودعمها، ونعمل في المقابل على تقديم منتج عالمي المستوى، وفرص عمل وتدريب، واستثمارات في البنية التحتية، بما يجعل من السعودية مركز ثقل لصناعة السيارات الكهربائية في المنطقة والعالم».


ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
TT

ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)

انخفضت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر خطوط الأنابيب، ​44 في المائة، خلال عام 2025، إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف السبعينات، وفق ما أظهرت حسابات «رويترز» الثلاثاء، وذلك بعد إغلاق طريق العبور الأوكراني ومع إلغاء الاتحاد الأوروبي تدريجياً لواردات الوقود الأحفوري من روسيا.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيتوقف عن استيراد الغاز الروسي بحلول نهاية عام 2027، ‌في إطار ‌جهوده لإنهاء اعتماده على ‌الطاقة الروسية، ⁠ومن ​أجل ‌حرمان روسيا من الأموال التي يمكن استخدامها في حربها بأوكرانيا.

وفي السابق، كانت أوروبا أكبر مصدر لإيرادات الميزانية الروسية عن طريق مبيعات النفط والغاز، معتمدة على خطوط الأنابيب التي بناها الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا ⁠الغربية في الستينيات والسبعينيات.

وبلغت صادرات الغاز الروسي عبر ‌خطوط الأنابيب إلى أوروبا ذروتها عندما تجاوزت 175-‍180 مليار متر مكعب سنوياً في عاميْ 2018 و2019، وقادت لضخ عشرات المليارات لشركة غازبروم والدولة الروسية التي تمتلك حصة مسيطِرة فيها.

ووفقاً لحسابات ​«رويترز» التي تستند إلى بيانات مجموعة نقل الغاز الأوروبية «إنتسوج»، بلغت إمدادات «غازبروم» 18 مليار متر مكعب فقط، هذا العام، وجرى ضخها عبر خط أنابيب ترك ستريم البحري، مسجلة أدنى مستوى منذ أوائل السبعينات.

وخط ترك ستريم هو طريق عبور الغاز الروسي الوحيد المتبقي إلى أوروبا، بعد أن اختارت أوكرانيا عدم تمديد اتفاق عبور مدته خمس سنوات مع موسكو، وانتهى أجل ‌العمل به في أول يناير (كانون الثاني).


روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

أعلن البنك المركزي الروسي، يوم الثلاثاء، تخفيف متطلبات الاحتياطي المفروضة على القروض المعاد هيكلتها، في خطوة تهدف إلى مساعدة الشركات المثقلة بالديون، وفي مقدمتها شركة السكك الحديدية الروسية، على تخفيف أعباء التمويل.

وتواجه شركة السكك الحديدية الروسية، أكبر جهة توظيف في البلاد، ضغوطاً متزايدة نتيجة تراجع أحجام الشحن وارتفاع أسعار الفائدة، ما دفعها إلى الدخول في محادثات مع البنوك والحكومة، لإعادة هيكلة ديونها التي تبلغ نحو 4 تريليونات روبل (51.22 مليار دولار).

وقال أندريه كوستين، الرئيس التنفيذي لبنك «في تي بي» -الدائن الرئيسي للشركة- في مقابلة مع «رويترز»، إن البنوك مستعدة لتأجيل سداد القروض، شريطة ألا يفرض البنك المركزي متطلبات احتياطي أعلى على هذه التسهيلات.

وأوضح البنك المركزي أنه مدّد توصياته إلى البنوك بإعادة هيكلة قروض الشركات ورواد الأعمال الأفراد الذين يواجهون صعوبات مؤقتة، لتشمل النصف الأول من عام 2026، مشيراً إلى أنه خفّف متطلبات الاحتياطي بهدف تشجيع المصارف على الالتزام بهذه التوصيات.

وأضاف أن هذه الإجراءات تنطبق على الشركات ذات الأعباء التمويلية المعتدلة، التي واظبت على سداد التزاماتها خلال الأشهر الستة الماضية، وقدمت «خطط أعمال واقعية» للسنوات الثلاث المقبلة. وأكد أن على البنوك متابعة التزام المقترضين بهذه الخطط بشكل منتظم، وتكوين مخصصات إضافية في حال الإخفاق في تحقيق الأهداف.